من هم السكان الأوائل للقطيف القديمة في حقبة ما قبل التاريخ ومن أين أتو..!! – بقلم صادق علي القطري

إن تحديد من هم السكان الأوائل الذين سكنوا القطيف القديمة ومن أين أتو، سؤال يصعب الإجابة عليه وذلك لعدم وجود سجلات تاريخية واثرية يمكن الرجوع والاستدلال عليها بصفة مؤكدة.

من المعروف ان القطيف تقع في شرق الجزيرة العربية وتمتد من جنوب البصرة من العراق حاليا الى عمان جنوبا ومن الساحل الشرقي للجزيرة العربي بكل جزره (شرق المملكة العربية السعودية) الى الاحساء غربا، حيث ان المنطقة تتمتع بتاريخ غني يعود تاريخه إلى مئات الآلاف من السنين.

بالإضافة الى ذلك، من المعروف ان هذه المنطقة الشاسعة كانت مأهولة بالسكان الأوائل منذ عصور ما قبل التاريخ حيث شهدت هذه المنطقة تواجد العديد من الحضارات القديمة، بما في ذلك حضارة دلمون التي ازدهرت في المنطقة خلال العصر البرونزي وكان هؤلاء السكان جزءًا من السياق الثقافي والتاريخي الأوسع لشبه الجزيرة العربية.

خرائط فرنسية للخليج يعود تاريخها إلى ما بين القرنين السادس عشر والثامن عشر، معروضة في المتحف العماني الفرنسي ومتحف بيت الزبير في مسقط.

وبالرغم من شح المعلومات حول السكان الأوائل في القطيف القديمة ومن اين اتو للفترة الزمنية المحددة (فترة ما قبل التاريخ), فان الحفريات والأبحاث الاثرية الحديثة قد تسلط بعض الضوء على هذا التاريخ القديم للمنطقة وقد توفر الاكتشافات الجديدة مزيدًا من المعلومات حول السكان الأصليين الأوائل للقطيف في حقبة ما قبل التاريخ.

وقبل الشروع في الإجابة على هذا السؤال الشائك، يجب علينا البحث ودراسة تاريخ الهجرات القديمة في المنطقة والجو العام في ضوء الاكتشافات والدراسات الاثارية الحديثة الي أجريت وكشفت الكثير من الاسرار حيث سنتطرق الى عنصرين وعاملين مهمين الا وهما:

        • الهجرات الانسانية القديمة (في حقبة ما قبل التاريخ) للمنطقة.
        • طبيعة وادي الخليج والجو العام لهذه المنطقة.

اما عن العنصر الأول والذي يتطرق الى الهجرات الإنسانية القديمة في حقبة ما قبل التاريخ، فهناك الكثير من الجدل حول متى خرج الإنسان الحديث المبكر من أفريقيا، فهناك فرضيتان قديمة وحديثة. وقبل الشروع في شرح الفرضيتين يجب التنويه ان شرق الجزيرة العربية يتمتع بتاريخ أثري غني يدل على استيطان الإنسان في المنطقة منذ عصور ما قبل التاريخ حيث تشير الأدلة الأثرية إلى أن هذه المنطقة كانت مأهولة بالسكان الأوائل منذ العصر الحجري القديم، والذي يعود تاريخه إلى ما يقارب حوالي 2.6 مليون سنة مضت كما ذكرتها وقذرتها بعض المصادر.

من المعروف ان حضارة دلمون كانت من ابرز الحضارات التي ازدهرت خلال العصر البرونزي التي كانت موجودة منذ حوالي 3000 قبل الميلاد إلى 600 قبل الميلاد، وامتد تأثيرها عبر الجزء الشرقي من شبه الجزيرة العربية، بما في ذلك ما يعرف الآن بالمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية.

وحضارة دلمون اشتهرت بشبكاتها التجارية المتقدمة وأنشطتها البحرية التي كانت بمثابة مركز مهم للتجارة بين بلاد ما بين النهرين، وحضارة وادي السند، والحضارات الأخرى التي عشعشت وقامت على طول ساحل الخليج العربي حيث جعلها موقعها مركزًا حيويًا لتبادل البضائع، بما في ذلك المعادن الثمينة والنحاس واللؤلؤ والمنسوجات.

وفرت الاكتشافات والحفريات الاثرية الحديثة في شرق الجزيرة العربية نظرة ثاقبة للمجتمع والاقتصاد والممارسات الثقافية لهذه الحضارة القديمة من القطع الاثرية ومواقع الدفن والهياكل المرتبطة بحضارة دلمون. كذلك، اكتشاف الكثير من بقايا المستوطنات القديمة والمعابد والمقابر والمراكز التجارية، والتي تعرض الإنجازات المعمارية والتكنولوجية لحضارة دلمون.

بالإضافة الى وجود الحضارات والثقافات القديمة الأخرى عبر التاريخ حيث شملت حضارات البابليين والآشوريين والفرس القدماء، الذين مارسوا نفوذهم على المنطقة من خلال الغزو والتجارة، هذه النتائج توفر رؤى قيمة حول الماضي القديم للمنطقة والتي تساهم في فهمنا للتطورات التاريخية والثقافية الأوسع في شبه الجزيرة العربية.

على مر التاريخ، انطلق البشر في رحلات رائعة، حيث قطعوا مسافات شاسعة واحتلوا مناطق جديدة وهدة الرحلات اتاحت لنا دراسة الهجرات البشرية القديمة وكشف أسرار ماضينا، وفهم أصول المجموعات السكانية المختلفة، وتتبع المسارات التي سلكها أسلافنا في بقاع المعمورة.

وبالرجوع الى العنصر الأول الا وهو الهجرات الإنسانية في حقبة ما قبل التاريخ، فقد كانت هناك فرضيتان احدهما قديمة والأخرى حديثة. لقد كان الاعتقاد الاول ان خروج الانسان الحديث من افريقيا كان قبل 60000 سنة مضت وهذا هو النموذج الأكثر قبولا حاليا، لكن في عام 2011م تم اكتشاف موقع أثري مهم يقع في دولة الإمارات العربية المتحدة (في الشارقة)، حيث كشف هدا الموقع (جبل الفايا-1) معلومات قيمة عن هذه الهجرات الانسانية القديمة وتقدم نتائجها الغنية لمحة عن حياة البشر الأوائل الذين غامروا خارج أفريقيا.

كذلك، تلقي الضوء على ممارساتهم الثقافية والتقدم التكنولوجي وطرق الهجرة المحتملة حيث استحوذ هدا الموقع على اهتمام علماء الآثار والباحثين بسبب اكتشافاته الأثرية الاستثنائية حيث كشف الموقع عن مجموعات من الأدوات من فترات مختلفة، بما في ذلك العصر الحجري القديم والعصر الحجري الحديث والعصر الحديدي والعصر البرونزي.

مجموعة المهاجرين (OOA)، الذين اتبعوا الطريق الشمالي «يمثله السهم الأزرق المتقطع» و/أو الطريق الجنوبي «يمثله السهم الأحمر المتقطع»، تباعدوا في مجموعتين. مصدر الصورة: https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/34480555

يتحدى هذا الاكتشاف فكرة أن البشر الأوائل ظلوا محصورين في القارة الأفريقية خلال تلك الحقبة وكشف عن مجموعات من الأدوات من فترات مختلفة، بما في ذلك العصر الحجري القديم، والعصر الحجري الحديث، والعصر الحديدي، والعصر البرونزي ويرجع تاريخه الى ما يقرب من 125000 سنة مضت أي انه أقدم تجمع سكاني تم اكتشافه خارج القارة الافريقية، ويجعله واحد من أقدم المستوطنات المعروفة للبشر المعاصرين تشريحيًا خارج هدة القارة في وقت اكتشافه.

تم اكتشاف هذا الموقع من قبل عالم الاثار جيفري روز في جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة حيث علق على هدا الاكتشاف روبرت كارتر من جامعة أكسفورد بروكس في المملكة المتحدة لـ (Live Science): “أعتقد أن نظرية جيف جريئة ومبتكرة، ونأمل أن تغير الأمور”. “سيعيد هذا الأمر إعادة كتابة فهمنا للهجرة خارج أفريقيا بشكل كامل”.

حيث انه لم يتم إثبات ذلك بعد، لكن جيف وآخرين سيعملون على تطوير برامج بحثية لاختبار هدة الفرضية من النظرية حيث قد أثارت النتائج نقاشًا بين الباحثين، بما في ذلك كارتر وسيرني، اللذين سُمح لهما بتقديم تعليقات ضمن الورقة البحثية، حول هوية البشر الذين احتلوا حوض الخليج العربي. وعلق روز لموقع (Live Science): “بالنظر إلى وجود مجتمعات إنسان النياندرتال في المجاري العليا لنهر دجلة والفرات، وكذلك في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، فقد تكون هذه منطقة الاتصال بين الإنسان الحديث وإنسان النياندرتال”.

وفي الواقع، تشير الأدلة الحديثة المستمدة من تسلسل جينوم إنسان النياندرتال إلى حدوث تزاوج بين البشر، مما يعني أننا جزء من إنسان الكهف حيث وصف فيكتور سيرني، من مختبر علم الوراثة الأثري بمعهد علم الآثار في براغ، اكتشاف روز بأنه “نظرية ممتازة”، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى (Live Science)، على الرغم من أنه أشار أيضًا إلى الحاجة إلى مزيد من الأبحاث لتأكيدها.

بالإضافة الى ذلك، اكتشاف ثلاث مستوطنات مختلفة من العصر الحجري القديم حدثت منذ حوالي 125000 إلى 25000 سنة مضت من قبل عالم الاثار الالماني هانز بيتر أويربمان من جامعة توبنغن والتي علق عليها جيفري روز بقوله إن هذه المواقع وغيرها من المواقع الأثرية تشير إلى “أن المجموعات البشرية المبكرة كانت تعيش حول حوض الخليج طوال العصر البليستوسيني المتأخر”.

ولتقديم حجة قوية لمثل هذا الاحتلال البشري خلال العصر الحجري القديم، أو العصر الحجري المبكر، للكتلة الأرضية المغمورة بالمياه الآن، قال روز “إن العلماء سيحتاجون إلى العثور على أي دليل على وجود أدوات حجرية منتشرة تحت الخليج”. وقال روز ايضا: “بالنسبة للعصر الحجري الحديث، سيكون من الرائع العثور على بعض الأدلة على الهياكل التي بناها الإنسان” والتي يعود تاريخها إلى تلك الفترة الزمنية في الخليج.

وعلق كارتر ” إنه من أجل التوصل إلى حالة قوية، “سنحتاج إلى العثور على موقع مغمور، وحفره تحت الماء ومن المرجح أن يحدث هذا فقط كتتويج لسنوات من المسح في مناطق مختارة بعناية”. وقال سيرني “إنه يمكن صنع علبة محكمة الغلق باستخدام بعض الحفريات الحديثة من الناحية التشريحية”.

كذلك، فان الأدلة تشير الى ان البشر الأوائل قد سكنوا أجزاء مختلفة من العالم خلال العصر الحجري القديم، بما في ذلك شبه الجزيرة العربية حيث كان المناخ ملائما، مع توفر مصادر المياه والنظم البيئية المتنوعة التي اجتذبت هذه المجموعات البشرية المبكرة.

تشير الأدلة الاثرية المكتشفة في شرق الجزيرة العربية مثل الأدوات الحجرية المصنوعة من مواد مصنعة محليا، مثل الصوان، إلى أن هؤلاء السكان الأوائل كانوا من الصيادين وجامعي الثمار الذين اعتمدوا على الموارد الطبيعية في بيئتهم للحصول على قوتهم والتي كانت تستخدم لأغراض مختلفة، مثل الصيد وذبح الحيوانات ومعالجة المواد النباتية.

مع مرور الوقت، تقدمت هدة المجتمعات البشرية وتطورت ثقافيا وتكنولوجيا وبفضل هدا التطور انتقلت من العصر الحجري القديم إلى العصر الحجري الحديث والذي اعتبر بمثابة تحول كبير في تطور الحضارة الإنسانية، اتسم بظهور الزراعة، وتدجين الحيوانات، وإنشاء مجتمعات مستقرة.

من الأدلة على وجود هدة المستوطنات التي تعود الى العصر الحجري الحديث كشف بعض المواقع الاثرية في المنطقة الشرقية للمملكة العربية السعودية والتي تشمل القرى القديمة مثل موقعي هيلي-8 وتاروت، والتي تعطي نظرة ثاقبة للحياة اليومية للبشر والهياكل الاجتماعية والتقدم التكنولوجي للأشخاص الذين عاشوا فيها.

بالإضافة إلى العصر الحجري القديم والعصر الحجري الحديث، شهدت شرق الجزيرة العربية صعود وسقوط العديد من الحضارات والثقافات القديمة من أبرزها حضارة دلمون التي ازدهرت خلال العصر البرونزي.

ومع استمرار البحث العلمي والاثري والاكتشافات والتفسيرات الجديدة والتي تساهم في تشكيل فهما افضل لحقبة ما قبل التاريخ للمنطقة ومع التقدم في التقنيات العلمية والتكنولوجيا وعمل العلماء, سمح لنا باكتشاف وتحليل القطع الأثرية والهياكل وغيرها من البقايا لتشكيل قصة السكن البشري في شرق الجزيرة العربية على مدى آلاف السنين واكتسبنا رؤى قيمة حول أنماط الحياة والتقنيات والممارسات الثقافية للسكان الأوائل في هدة المنطقة والتي تساعدنا هذه في المعرفة على فهم الأنماط الأوسع للهجرة البشرية والتكيف والتنمية في شبه الجزيرة العربية وخارجها بشكل أفضل.

اما موقع هيلي-8: فهو موقع أثري يقع في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية. كشفت الحفريات في هيلي-8 عن أدلة على وجود مستوطنة من العصر الحجري الحديث يعود تاريخها إلى حوالي 6000 إلى 5000 قبل الميلاد. يتكون الموقع من سلسلة من الهياكل الحجرية الدائرية، والتي يعتقد أنها استخدمت كمساكن أو مرافق للتخزين. واكتشف علماء الآثار أيضًا قطعًا أثرية مختلفة في الموقع نفسه، بما في ذلك الفخار والأدوات الحجرية وعظام الحيوانات حيث وفرت هذه النتائج نظرة ثاقبة للأنشطة اليومية واستراتيجيات العيش والثقافة المادية للأشخاص الذين سكنوا في هدا الموقع.

واما موقع جزيرة تاروت: فهو من المواقع الاثرية المهمة في المنطقة الشرقية والذي يقع في جزيرة تاروت في الخليج العربي. كشفت الحفريات في موقع تاروت عن أدلة على وجود الإنسان في المنطقة على مدى عدة فترات، بما في ذلك العصر الحجري الحديث. ويحتوي الموقع على بقايا قرى قديمة ومواقع دفن ومباني أخرى.

كذلك، اكتشف علماء الآثار قطعًا أثرية مثل الفخار والأدوات الحجرية والمجوهرات، والتي توفر نظرة ثاقبة للجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للأشخاص الذين عاشوا هناك. لقد ساهمت الاكتشافات في موقعي “هيلي- 8 وتاروت”، إلى جانب مواقع العصر الحجري الحديث الأخرى في المنطقة الشرقية، في فهمنا لفترة العصر الحجري الحديث في المنطقة حيث قدمت هدة المواقع معلومات قيمة حول استراتيجيات العيش، وشبكات التجارة، والتنظيم الاجتماعي، والتقدم التكنولوجي لمجتمعات العصر الحجري الحديث في المنطقة.

ومن مذكرات عالم الاثار جيفري بيبي التي نشرها في طبعة يناير / فبراير من عام 1970م لمجلة عالم أرامكو السعودية, والتي كشف فيها أن هناك في شرق الجزيرة العربية حجم كبير وكمية هائلة من الاثار المتناثرة والموجودة على طول سواحل وتلال وصحاري شرق الجزيرة العربية, حيث أشار ان فيها ألاف من المواقع والمدافن المتناثرة في كل مكان والتي يجب ان تستدعي السلطات الرسمية ان تنظر اليها بعين الجدية ونفض الغبار عنها وحفظها من العابثين وسراق الاثار وتحويلها الى معالم ومتاحف مفتوحة وتعريف العالم بان هذه المنطقة تحتوي على اثار تعود الى ما قبل التاريخ وما قبل الحضارات القديمة “حضارات ما بين النهرين ووادي الرافدين والحضارة الفينيقية.

وخلاصة ما تقدم، ان فرضية الهجرات الإنسانية القديمة في حقبة ما قبل التاريخ الأولى من افريقيا ليست كما كان معتقدا , قبل 60000 سنة مضت, بل كانت قبل 125000 سنة كما كشف عنها الباحث وعالم الاثار جيفري روز بعد اكتشاف موقع جبل الفايا-1 الواقع في الشارقة.

حيث يعتقد ان البشر انتقلوا من افريقيا حول باب المندب والذي كان ممرا جافا في حقبة العصر البليستوسيني المتأخر وانتقل البشر بموازات الممرات الساحلية اليمنية والعمانية والإماراتية وصولا الى حوض الخليج في الفترة الزمنية ما بين 75000 الى 100000 سنة مضت حيث كان حوض الخليج منطقة خصبة بمساحة بريطانيا العظمى وكانت مصب وامتداد لأربعة انهار وهي نهر الفرات ودجلة والكارون ووادي باتون حيث تتوفر المياه العذبة التي كانت بمثابة الملاذ المثالي من قسوة الصحاري المحيطة به خلال هدة الفترة الزمنية عندما كانت الظروف في أشد حالاتها جفافًا وفي المقابل، كان هذا الحوض في أحسن حالاته مما شجع موجة من الهجرات الاستيطانية البشرية القديمة خارج قارة أفريقيا.

اما العنصر الثاني والدي يتطرق الى حوض الخليج العربي، حيث يعتقد انه حوض داخلي ضحل مكشوف منذ حوالي 75000 عام حتى 8000 عام، فقد كان واحة خضراء وامتدادا للهلال الخصيب من الجهة الجنوبية. بالإضافة الى ذلك، فانه كان ملاذاً مثالياً من الصحاري القاسية المحيطة به، حيث توفر المياه العذبة من أنهار دجلة والفرات والكارون ووادي باتون، فضلاً عن الينابيع المتدفقة عندما كانت الظروف في أشد حالاتها جفافًا، خلال العصر الجليدي الأخير، حيث كان هذا الحوض في أفضل حالاته وفقًا للسجلات التاريخية لمستوى سطح البحر.

خريطة تجسد منطقة وادي الخليج العربي من نهر وبحيرات حلوة الى منطقة مغمورة. تجميع الخرائط من عمل صادق علي القطري.

يرى العالم جيفري روز، أنه خلال الجزء الأخير من العصر الجليدي الأخير والذي بدا في عام 8000 سنة مضت، كانت هناك حضارة مزدهرة فيما يعرف بحوض الخليج العربي. ومع ارتفاع منسوب مياه البحر واندفاع المياه عبر مضيق هرمز لملء الخليج العربي، خرج الناس من قلب واحة الخليج وشكلوا مستوطنات على طول الخط الساحلي المرتفع.

وفي السنوات الأخيرة، اكتشف علماء الآثار أدلة على وجود موجة من المستوطنات البشرية على طول شواطئ الخليج يعود تاريخها إلى حوالي 7500 سنة مضت حيث علق الباحث وعالم الاثار جيفري روز وقال: “حيث لم يكن هناك من قبل سوى عدد قليل من معسكرات الصيد المتناثرة، فجأة، ظهر أكثر من 60 موقعًا أثريًا جديدًا بين عشية وضحاها”.

وعلق أيضا بقولة: “تفتخر هذه المستوطنات ببيوت حجرية دائمة جيدة البناء، وشبكات تجارية لمسافات طويلة، وفخار مزخرف بشكل متقن، وحيوانات مستأنسة، وحتى أدلة على واحدة من أقدم القوارب في العالم”. وبناء على هدة المعطيات يعتقد ان سكان القطيف القدماء ربما قد نزحوا من داخل واحة الخليج وكونوا مستوطنتهم على الساحل قبل ما يقرب 7500 سنة مضت.

تمثل الخرائط أماكن البؤر السكانية الاستيطانية عبر العصور قبل وبعد الطوفان. مصدر الصورة https://www.world-archaeology.com:

في الختام،،،

تشير مراجعة جديدة للأبحاث لحوض الخليج العربي إلى أنها مساحة من الأرض كانت خصبة وكانت ملاذاً أّمنا ومثالياً ،،،

وكان محاطا بالصحاري القاسية وبالطقس القاسي الذي كان يسود المنطقة اثناء العصر الجليدي الاخير، وكانت المياه العذبة متوفرة من أنهار وادي الرافدين مثل نهر دجلة والفرات والكارون ووادي باتون، فضلاً عن الينابيع الطبيعية المتدفقة. وعندما كانت الظروف في أشد حالاتها جفافًا،  كان هذا الحوض في أفضل حالاته خصوبة وفقًا للسجلات التاريخية حيث نسب له بعض الباحثين “بانه جنة عدن التي دكرت في الكتب المقدسة ومهد الحضارات القديمة التي تولدت منه لاحقا حضارات وادي الرافدين”.

لهدة الخصائص شهد هدا الحوض اقدم الهجرات البشرية الاولى خارج القارة الافريقية منذ حوالي 75000 إلى 100000 سنة مضت. بعد انتهاء العصر الجليدي قبل 8000 سنة مضت، والذي غطى 90% من اليابسة، بدأ الجليد بالذوبان وارتفع منسوب مياه البحار والمحيطات التي غطت مساحات واسعة من اليابسة, من ضمنها واحة الخليج العربي التي تحولت الى خليج.

في هدة الفترة الزمنية، بدا سكان المستوطنات السكانية التي كانت تسكن قلب الواحة الخضراء، داخل حوض الخليج، والذين شردهم ارتفاع منسوب المياه الذي أدى إلى إغراق الأراضي الخصبة تحت مياه المحيط الهندي وتكوين مستعمراتهم قبل 7500 سنة مضت ومن ضمنها سكان القطيف القدماء.

المهنس صادق علي القطري

المصادر:

  1.  https://www.sciencedaily.com/releases/2010/12/101208151609.htm
  2.  https://www.journals.uchicago.edu/doi/abs/10.1086/657397
  3. • https://www.qatifscience.com/?p=22191
  4. • https://www.qatifscience.com/?p=22024
  5. • https://www.qatifscience.com/?p=21916
    • https://www.qatifscience.com/?p=19137
  6. • https://www.qatifscience.com/?p=19168
  7. • https://www.qatifscience.com/?p=19174
  8. • https://www.qatifscience.com/?p=19312
  9. • https://jehat.net/?act=artc&id=104266
  10. • https://jehat.net/?act=artc&id=103264
  11. • https://reasons.org/explore/publications/articles/lost-civilization-beneath-the-persian-gulf-confirms-genesis-history-of-humanity
  12. • https://www.livescience.com/10340-lost-civilization-existed-beneath-persian-gulf.html
  13. • https://gizmodo.com/a-75-000-year-old-human-settlement-may-lurk-beneath-the-5710957
  14. • https://archaeologymysteries.com/2019/02/11/sea-level-rise-and-its-impact-on-human-civilization

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *