[رحلة حنين الى قلعة القطيف: المشهد التاسع]
“وحين يمضي أحدهم… تصمت القلعة وتصغي”
وفي ذات الأزقة…
يمرّ موكب آخر، بلا زينة، بلا أغاني،
لكن القلوب فيه أكثر امتلاءً،
إنه موكب الوداع…
حين يرحل أحد رجال القلعة،
أو أمّ من أمهاتها،
أو شابٌ لم يكتمل بعد عوده من البحر.
الناس لا يُنادَون… بل يأتون وحدهم.
كل من سمع، حضر،
والأبواب تُفتح من غير طَرق،
والعزاء يُقدَّم قبل السلام.
يمرّ النعش من بين البيوت،
والعيون لا تبكي فقط،
بل تستذكر…
كم مرّ الراحل من هنا؟
كم سلّم على الجيران؟
كم غرس نخلة، أو علّم طفلًا، أو سقى وردةً في طريقه؟
الصمت في الجنازة ليس غيابًا… بل امتلاء.
والقلعة لا تنسى،
تحتفظ بأسماء أهلها في جدرانها،
وفي ظلال النخيل التي كانت تفرشها على رؤوسهم في الصيف.
وحين يُوضع الجسد في التراب،
يبدأ موسم الذكرى.
وفي كل مساء، يمرّ أحدهم من ذات الزاوية…
فيتنهد، ويهمس:
“فلان كان يجلس هنا… والآن يجلس في قلبنا”…
