شش

مجرد التعرض لأشياء جديدة يجعل الناس مستعدين للتعلم – ترجمة عدنان أحمد الحاجي

“Just being exposed to new things makes people “ready to learn
(جامعة ولاية أوهايو – The Ohio State University)

قبل وقت طويل من دخولهم الصف الأول ابتدائي، يتعلم الناس التعرف على الأشياء المألوفة كـ “الكلب” و “الكرسي” فقط من خلال مشاهدتها في حياتهم اليومية، من غير قصد بمعرفتها.

دراسة جديدة هي واحدة من أولى الدراسات التي قدمت دليلًا تجريبيًا على أن الراشدين يتعلمون من التعرض العرَضي  لأشياء [أي حين يلاحظون، يواجهون أو يلتقون بشيء ما بالصدفة] لا يعرفون عنها شيئًا ولا يحاولون حتى فهم طبيعتها.

قال فلاديمير سلوتسكي (Vladimir Sloutsky) ، المؤلف المشارك للدراسة وبرفسور علم النفس في جامعة ولاية أوهايو، إن التعرض لأشياء جديدة يجعل الناس “مستعدين للتعلم”.

“غالبًا ما نلاحظ أشياء جديدة في العالم الحقيقي دون أن يكون هدفنا التعرف عليها” ، كما قال سلوتسكي.  “لكننا وجدنا أن مجرد التعرض لها يترك انطباعًا في أذهاننا ويقودنا إلى الاستعداد للتعرف عليها لاحقًا”. أجرى سلوتسكي البحث مع ليلى أونغر (Layla Unger) ، باحثة ما بعد الدكتوراه في علم النفس في جامعة ولاية أوهايو والمؤلفة الرئيسة للدراسة. نُشرت الدراسة في 26 مايو 2022 في مجلة العلوم السيكلوجية (Psychological Science1). اشتملت الدراسة على خمس تجارب مختلفة على 438 راشدًا، وأظهرت جميع التجارب نتائج متشابهة.

في هذه التجارب، شارك المشاركون أولاً في “مرحلة التعرض” حيث لعبوا لعبة كمبيوتر بسيطة أثناء مشاهدة صور ملونة لمخلوقات غير مألوفة.  لم تقدم اللعبة أي معلومات عن هذه المخلوقات ، ولكن بالنسبة لبعض المشاركين، كانت المخلوقات المجهولة تنتمي في الواقع إلى فئتين – الفئة أ والفئة ب.

الصورة: جانب من المخلوقات المستعملة في التجربة

على غرار مخلوقات العالم الحقيقي كالكلاب والقطط، مخلوقات فئة أ وفئة ب أجزاء جسم تبدو مختلفة نوعًا ما، كذيول وأيادي مختلفة الألوان.  عُرض على المشاركين في مجموعة التحكم صور لمخلوقات أخرى غير مألوفة.

في وقت لاحق من التجربة، تعرض المشاركون لـ “التعلم الصريح (المقصود2)”، وهي عملية تعلموا فيها أن هذه المخلوقات تنتمي إلى فئتين وتعلموا تعيين انتساب كل مخلوق إلى أي فئة.

قام الباحثون بقياس المدة التي استغرقها المشاركون لمعرفة الفرق بين الفئة (أ) والفئة (ب) في مرحلة التعلم الصريح هذه.

قالت أونغر: “وجدنا أن التعلم بالنسبة لأولئك الذين عرض عليهم كلا الصنفين من المخلوقات في وقت سابق كان أسرع بشكل كبير من التعلم لدى مجموعة التحكم”.

“المشاركون الذين عرض عليهم كلا الصنفين من المخلوقات (أ و ب) قد يكونوا على دراية بتوزيعات خصائصها المختلفة، مثلًا، تلك المخلوقات ذات الذيل الأزرق تميل إلى أن يكون لها أيدٍ بنية، والمخلوقات ذات الذيل البرتقالي تميل إلى أن يكون لها أيدٍ خضراء. ثم عندما جاء دور التعلم الصريح2، كانت تسمية تلك التوزيعات وتشكيل الفئات أمرًا سهلًا عليهم”.

في تجربة أخرى في الدراسة، لعبة كمبيوتر بسيطة لعبها المشاركون في مرحلة التعرض انطوت على سماع أصوات أثناء رؤية صور مخلوقات.  نقر المشاركون على مفتاح في لوحة كومبيوتر كلما سمعوا الصوت نفسه يتكرر مرتين على التوالي.

“قُرنت الصور بالأصوات بشكل عشوائي ، حتى لا يتمكنوا من مساعدة المشاركين على تعلم الأصوات” ، كما قال سلوتسكي.  “في الواقع، بإمكان المشاركين تجاهل الصور تمامًا ولن يؤثر ذلك في مدى أدائهم في التعلم”.  رغم ذلك، فإن المشاركين الذين عُرضت عليهم صور المخلوقات من الفئتين (أ) و (ب) تعلموا لاحقًا الاختلافات بينها بشكل أسرع خلال مرحلة التعلم الصريح مقارنة بالمشاركين الذين عُرضت عليهم صور أخرى غير ذات صلة.  قال سلوتسكي: “كان ذلك بسبب محض تعرضهم [مشاهدتهم / ملاحظتهم المسبقة لصور] المخلوقات هو الذي ساعدهم على التعلم بشكل أسرع لاحقًا”.

ولكن هل كان من الممكن أن يكونوا قد تعلموا بالفعل الفرق بين كائنات الفئة (أ) والفئة (ب) أثناء تعرضهم المبكر للصور، دون الحاجة إلى التعلم الصريح [التعلم المقصود2]؟ الجواب لا، كما تقول أنغر (Unger).

في بعض الدراسات، لعبة الكمبيوتر البسيطة في مرحلة المشاهدة انطوت أولًا على رؤية مخلوق في وسط شاشة. ثم طُلب من المشاركين النقر على أحد مفاتيح لوحة الكومبيوتر في أسرع وقت ممكن لو قفز المخلوق إلى الجانب الأيسر من الشاشة والنقر على مفتاح آخر لو قفز إلى يمين الشاشة.

لم يُخبر المشاركون بهذه المعلومة من قبل، لكن إحدى فئتي هذه المخلوقات كانت دائمًا تقفز إلى اليسار والأخرى تقفز دائمًا إلى اليمين. لو تعلموا الفرق بين فئتي المخلوقات ، لتمكنوا من الاستجابة (النقر) بشكل أسرع.

ولكن النتائج لم تبين أن المشاركين استجابوا بشكل أسرع، مما يشير إلى أنهم لم يتعلموا الفرق بين فئة أ وفئة ب في مرحلة المشاهدة من التجربة.

غير أنهم  تعلموا الفرق بين الفئتين بسرعة أكبر في جزء التعلم الصريح (من التجربة) من أولئك المشاركين الذين تعرضوا لصور كائنات أخرى خلال مرحلة التعرض السابقة.

“مشاهدة / ملاحظة المخلوقات الأولى تركت المشاركين ومعهم بعض المعرفة الكامنة [في بنائهم المعرفي]، لكنهم لم يكونوا مستعدين بعد لمعرفة الفرق بين الفئتين. قالت أونغر: “لم يتعلموا بعد ، لكنهم كانوا مستعدين للتعلم”.

قال سلوتسكي إن هذه واحدة من الدراسات القليلة التي أعطت دليلاً على التعلم الكامن3، 4.

“من الصعب جدًا تشخيص متى يحدث التعلم الكامن”.  “لكن هذا الدراسة استطاعت التمييز بين التعلم الكامن وما يتعلمه الناس أثناء التدريس الصريح2” (المقصود، كالتدريس في المدارس وغيرها).

الخلاصة:

التعلم الكامن يقع دون الحاجة إلى أي تعليم صريح، [المترجم: ويساعد على التعلم الصريح بشكل أسرع].

مصادر من داخل وخارج النص:
1- https://journals.sagepub.com/doi/full/10.1177/09567976211061470
2- “التعلم الصريح هو عبارة عن الوعي بالتعلم، ويسمح هذا النموذج للمتعلم بالحصول على مجموعة من المعلومات غير المعروفة من قبل،  وفي التعلم الصريح يكون فيه الطالب عبارة عن متلقٍ مدركٍ لمجموعة المعلومات، ويكون على استعداد تام للتعلم، ويولي كل اهتمامه من أجل اكتساب المعرفة”.
https://e3arabi.com/العلوم-التربوية/نموذج-التعلم-الضمني-والصريح/
3- “التعلم الكامن أحد أشكال التعلم4 لا يظهر بصورة فورية في استجابة مباشرة؛ ولكنه يحدث دون أي تعزيز للسلوك أو أي مصاحبات مكتسبة.  وقد برز الاهتمام بالتعلم الكامن بصورة كبيرة حين بدت الظاهرة متعارضة مع الرأي القائل بأن التعزيز ضروري لحدوث عملية التعلم” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/تعلم_كامن
4- “التَّعَلُّم هو عملية تغير شبه دائم في سلوك الفرد لا يلاحظ بشكل مباشر لكن يستدل عليه من تطور السلوك نتيجة للممارسة، كما يظهر في تغير الأداء لدى الكائن الحي.  ويعرف أيضا على أنه عملية تذكر وتدريب للعقل وتعديل في السلوك.  والتعلم هو عملية تلقي المعرفة، والقيم والمهارات من خلال الدراسة أو الخبرات أو التعليم مما قد يؤدي إلى تغير دائم في السلوك، ويعد تغيرًا قابلًا للقياس وانتقائيًا بحيث يعيد توجيه الفرد وتشكيل بنية تفكيره العقلية. باعتبار مصطلح التعلم مرتبط بالتربية، فهو كل فعل يمارسه الشخص بذاته يقصد من ورائه اكتساب معارف ومهارات وقيم جديدة تساعده علي تنمية قدراته علي الاستيعاب والتحليل والاستنباط” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/تعلم

المصدر الرئيس:
https://news.osu.edu/just-being-exposed-to-new-things-makes-people-ready-to-learn/

الأستاذ عدنان أحمد الحاجي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *