شهدت سوق الأحجار الكريمة في منطقة القطيف، تنقلات متعددة من موقع إلى آخر، ومع كل انتقال كان يشهد تطورًا وزيادة في عدد باعة الأحجار الكريمة والباعة المتجولون الذين يعرضون بضائعهم على مفارش في الأرض أو طاولات صغيرة، إضافة إلى ازدياد اهتمام هواة ومحبي الأحجار الكريمة.
ومع مرور الوقت، بدأ السوق يأخذ طابعًا أكثر تنظيمًا وتنوعًا أوسع في معروضاته، التي شملت مختلف أنواع الأحجار الكريمة وشبة الكريمة سواء أكانت طبيعية أو صناعية او معالجة أو مقلدة بالإضافة إلى “الخواتيم” الفضية المركب عليها الكهرمان والعقيق والمرجان الأحمر، إلى أن استقر أخيرًا في سوق واقف، والبعض يسميه سوق ” الحراج ” الذي يقع في داخل سوق الخميس، وهو موقع واسع ومناسب لجميع الباعة والزبائن في مكان واحد، مما ساهم في تعزيز نشاطه وجذب المزيد من الزوار والمهتمين من داخل المنطقة وخارجها.


ومن أبرز الأماكن التي شهدت فيها بيع الأحجار الكريمة في القطيف “وهي كالتالي”:
• سوق مياس
تعتبر سوق مياس من الأسواق العريقة في مدينة القطيف، التي كانت تعج من الصباح الباكر حتى المساء بالناس، نظرًا لتنوع المنتجات والبضائع المختلفة فيها، ومن هذا السوق انطلقت أولى بسطات بيع الأحجار الكريمة في القطيف بجانب مسجد الإمام زين العابدين (ع)، حين بدأها بائعان فقط في بداياتها، وهما:
– المرحوم الحاج محمد علي آل ربيع (من أهالي العوامية)
– السيد حسين السيد جعفر علوي العماري (من أهالي مياس)
ثم بعد مدة انضم إليهم:
– المرحوم الحاج منصور الامرد (من أهالي الخويلدية)
وقد شكّلت هذه البداية النواة الأولى في بيع الأحجار الكريمة في منطقة القطيف(1).



• سوق الخضار المركزي
سوق الخضار في القطيف يُعد من الأسواق المركزية الحيوية في المحافظة، ويقع في حي الشريعة في قلب المدينة مما يجعله وجهة مفضلة للمتسوقين من مختلف المناطق. يتميز السوق بتوفيره تشكيلة واسعة من الخضروات والفواكه الطازجة، سواء كانت محلية من مزارع القطيف أو مستوردة من الخارج. كما يضم منتجات موسمية يعرضها المزارعون مباشرة.
وهذا السوق يُعد المحطة الثانية لباعة الأحجار الكريمة بعد انتقالهم من سوق مياس، حيث تواجدوا بجوار سوق الخضار لمدة تقارب العامين، قبل أن ينتقلوا إلى مواقع أخرى.




• سوق اللحوم المركزي
يعتبر سوق اللحوم المركزي في محافظة القطيف من الأسواق القديمة، ويقع في حي الشريعة بشارع الملك عبد العزيز، بالقرب من تقاطع دوار مجسّم السفينة. وقد شهد السوق في إحدى فتراته في المرحلة الثالثة من انتقال باعة الأحجار الكريمة إلى جواره، حيث استقروا فيه لمدة عام واحد فقط، قبل أن ينتقلوا إلى مواقع أخرى.



• حي المدارس
يُعدّ حي المدارس من الأحياء الحيوية في مدينة القطيف، لموقعه القريب من مركز المدينة، واحتوائه على العديد من المحلات التجارية. وقد شهد هذا الحي مرحلتين في انتقال باعة الأحجار الكريمة إليه:
المرحلة الأولى: بدأ باعة الأحجار الكريمة مع الباعة المتجولين بالتجمّع عند دوار مجسم السفينة الواقع بشارع الملك عبد العزيز مع تقاطع شارع الخليفة عمر، واستقروا هناك لمدة ثلاث سنوات تقريبًا.

المرحلة الثانية: انتقل باعة الأحجار الكريمة مع عدد كبير من الباعة المتجولين من أبرزهم: المرحوم الحاج علي عبد الله آل نويس من أهالي الدبابية، والمرحوم الحاج حبيب معتوق السنان من أهالي الأوجام ،والحاج عبدالكريم آل غزوي من أهالي التوبي ، والحاج سلمان كحليني من أهل حلة محيش ، والحاج علي بن جعفر القديحي من أهالي الدبابية، والحاج خالد النمر من أهالي سيهات، والحاج أحمد خليل آل إبراهيم من أهالي الجراري، والحاج علي أحمد الأمرد من أهالي الخويلدية، والحاج مكي خليفة الشاخور من أهالي سيهات وغيرهم من الباعة المعروفين الذين ساهموا في إثراء نشاط سوق الأحجار الكريمة في مختلف مواقعه المتعددة ، إلى ساحة ترابية (أرض فضاء) في شارع الإمام الصادق (ع) مجاورة لبنك الأهلي والمقابلة لمجمع الخنيزي من جهة الجنوب ومقابلة قهوة الغراب من جهة الشرق.
واستمر نشاط باعة الأحجار الكريمة في هاتين الساحتين: الساحة المجاورة لبنك الأهلي، وساحة دوّار مجسم السفينة، لعدة سنوات، مما جعلهما محطتين بارزتين لبيع الأحجار الكريمة في تلك الفترة، ومركزًا يستقطب الهواة والمهتمين من مختلف مناطق القطيف.




• سوق الخميس
يُعدّ سوق الخميس الشعبي في محافظة القطيف من أبرز وأقدم الأسواق الشعبية في المنطقة، ويقصده الزوار من داخل المحافظة وخارجها. لما يتميز به من طابع تراثي وبضائع متنوعة.

وفي أوائل عام (1403هـ/1982م)، تم نقل سوق الخميس من موقعه القديم في حي ميّاس إلى موقعه الجديد في حي السطر بشارع الملك فيصل، ضمن خطة تنظيم السوق وتوسعة مساحته لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الباعة والمتسوقين.
وقد انتقل باعة الأحجار الكريمة مع الباعة المتجولين القدامى وابرزهم: المرحوم الحاج عبدالله عبد ربه (السيهاتي) ، والمرحوم الحاج حبيب معتوق السنان من أهل الأوجام ، والحاج علي منصور الجشي ، والحاج علي بن جعفر القديحي ، والحاج مكي خليفة الشاخور وغيرهم من الباعة المعروفين ، من الساحة الواقعة بجوار البنك الأهلي إلى الموقع الجديد “سوق الخميس الشعبي” حيث كانت تُستخدم المظلات، كأماكن لعرض البضائع من قِبل جميع أصحاب البسطات واستمر ذلك حتى أواخر عام (1409هـ/1989م) تقريبًا، حين بدأت أعمال إزالة تلك المظلات ضمن خطة تنظيم السوق وتحديثه. وقد نقل جميع أصحاب البسطات من الباعة إلى الساحة المقابلة لمنتزه القطيف العام.

• منتزه القطيف العام
شهد سوق الأحجار الكريمة انتقال الباعة من جانب سوق الخميس الشعبي بعد إزالة المظلات للباعة في عام (1409هـ – 1989م)، إلى الساحة الترابية المقابلة لمنتزه القطيف العام، والواقعة في الجهة الغربية منه، يفصل فقط بينهما شارع فرعي، وقد خصصت هذه الساحة في ذلك الوقت لجميع باعة سوق الخميس، بما فيهم باعة الأحجار الكريمة وأبرزهم: الحاج مكي خليفة الشاخور ، والصديق الحاج علي منصور الجشي ، والسيد هاشم البحراني ، والمرحوم الحاج منصور المطرود ، والمرحوم علي البدراني ، والحاج علي الأمرد ، والحاج احمد السلمان ، والحاج علي القديحي وغيرهم ، حيث استقروا فيها لمدة عامين ونصف، قبل أن يُنقل السوق لاحقًا إلى موقع جديد.

• سوق الخميس بحلة جديدة
في مطلع عام (1412هـ/1991م) تقريبًا، بعد الانتهاء من تطوير سوق الخميس وبناء المظلات الأسمنتية أصبح أكثر تنظيمًا وتهيئة للباعة، حيث تم تسليم هذه الأماكن الجديدة، إلى جميع الباعة في سوق الخميس الشعبي الواقع في حي السطر بشارع الملك فيصل. بما فيهم من كانوا في الساحة الترابية المقابلة لمنتزه القطيف العام، وانتقلوا بالكامل إلى سوق الخميس، مع باعة الأحجار الكريمة، الذين واصلوا نشاطهم في الموقع الجديد، مما ساهم في تنظيم حركة البيع والشراء في سوق الأحجار الكريمة. وكان نشاط باعة الأحجار الكريمة والباعة المتجولين، يتركز خلال الأيام العادية من الأسبوع في الفترة المسائية من العصر حتى أذان المغرب.

منذ ذلك الوقت، أصبح هذا الموقع محطة رئيسية لباعة الأحجار الكريمة والباعة المتجولين، حيث تنوعت المعروضات لتشمل أبرز وأشهر أنواع الأحجار الكريمة، وفي مقدمتها العقيق بأنواعه المختلفة، والفيروز، ودر النجف (البلور الشفاف)، والزمرد الأخضر، والياقوت الأحمر، والأماتيسيت “الجمشت“، والجزع، واللازورد، والزبرجد، والمالاكيت، واليشم، واليشب، والزفير، والتوباز، والتورمالين، والسترين، والكهرمان، والمرجان، ومسابح الكهرمان، ومسابح العقيق، والخواتيم الفضية المركبة عليها أحجار الكريمة وشبة الكريمة، وكان الباعة يعرضون بضائعهم على مفارش بسيطة على الأرض، ومع مرور السنوات ترسخ اسمه كمكان معروف يقصده الهواة والمهتمون من داخل القطيف وخارجها.

وقد عرف هذا السوق بوجود باعة يمتلكون خبرة طويلة في مجال الأحجار الكريمة والأحجار شبه الكريمة، وكان مقصدًا للهواة ومحبي الأحجار الكريمة، وعكست هذه البسطات المتنوعة جزءًا من ذاكرة وتراث القطيف.

ويعشق معظم الهواة ومحبي الأحجار الكريمة من أهالي منطقة القطيف حجر العقيق، وخاصة العقيق اليماني المعروف بلونه الكبدي العميق، الذي يتصدر قائمة اختياراتهم. يليه حجر الفيروز النيسابوري بلونه الأزرق المميز، ثم الزمرد بلونه الأخضر العشبي الجذاب. ويأتي بعده در النجف الشفاف، ثم العقيق الشجري، وحجر العقيق البقراني، كما يحرص بعض المهتمين على اقتناء مسابيح الكهرمان، خاصةً المكون من ” 99 حبة “، لما له من قيمة روحية وجمالية.















وأما سوق الأحجار الكريمة في سوق واقف الذي يقع في داخل سوق الخميس، فقد مر بعدة مراحل من التنقل: –
المرحلة الأولى: في مطلع عام (1412هـ/1991م). وبعد تطوير سوق الخميس الشعبي وبناء مظلات بمادة البناء المسلح، شهد السوق نقلة تنظيمية كبيرة، حيث تم تسليم المواقع الجديدة إلى جميع الباعة، بما فيهم باعة الأحجار الكريمة، الذين انتقلوا مجددًا إلى السوق في مواقع أكثر ترتيبًا وتنظيمًا.
المرحلة الثانية: في أواخر عام (1418هـ – 1997م)، انتقل باعة الأحجار الكريمة مع عدد من الباعة المتجولين، من سوق الخميس الشعبي إلى الساحة الغربية المجاورة لسوق الخميس الشعبي المعروفة بسوق واقف، والمجاورة أيضًا لسوق الطيور الذي تباع فيه الطيور بمختلف أنواعها، وفي هذا الموقع بدأ باعة الأحجار الكريمة بعرض تشكيلات متنوعة من الأحجار الكريمة وشبه الكريمة، مثل: العقيق، الفيروز، الياقوت، الزمرد، ودر النجف، والكوارتز، التوباز، والتورمالين، والأكورامارين، والأماتيسيت، والألكسندرايت ، بالإضافة إلى الخواتم والمسابيح اليدوية.
وقد تميز السوق آنذاك بوجود عدد من الباعة ذوي الخبرة والمعرفة في هذا المجال، واستمر تواجدهم ونشاطهم في هذا السوق حتى عام (1422هـ -2002م)، ثم رجعوا مرة أخرى إلى سوق الخميس في نفس الموقع بحي السطر في شارع الملك فيصل. مما جعل السوق محطة بارزة ومقصداً للهواة والمهتمين بهذا المجال.


وأنا من روّاد سوق واقف، بحكم اهتمامي وهوايتي في مجال الأحجار الكريمة. ولا زلت حتى اليوم أحرص على اقتناء الأحجار الكريمة وشبه الكريمة الطبيعية من معروضات هذا السوق المتنوعة، لما تحمله من جمالٍ وقيمة.








المرحلة الثالثة: في مطلع عام (1442هـ/2020م) انتقل باعة الأحجار الكريمة مع باعة المتجولين مؤقتًا إلى الساحة الواقعة شرق معرض أبو فارس للسيارات، حيث استقروا هناك لمدة عامين ونصف، وبعدها عادوا مجددًا إلى سوق الخميس الشعبي في نفس المكان، حيث لا يزال نشاطهم قائمًا فيه حتى اليوم.


كما يوجد عدد من المحلات المتخصصة في بيع الأحجار الكريمة في مدينة القطيف ومن أبرز أصحابها: الشيخ علي الخاطر، وهو من الأسماء البارزة في مجال الأحجار الكريمة (وقد أغلق محله لاحقًا)، والحاج سلمان السنان ، أحد الأسماء البارزة في هذا المجال، والحاج محمد سعيد المخرق (وكان محله معروفًا، قبل أن يغلق) ، والحاج محمد جواد احمد عيسى المعروف بـ ” أبو صادق ” (بحريني الجنسية)، بالإضافة إلى الحاج زكي علي الموسى ، صاحب فضيات الزهراء ، والحاج حسن المسباح ، صاحب ورشة شيرزاد الواقعة في حي أم الجزم بالدبابية ، والتي تُعد من الورش المتميزة في صياغة الفضة وتطعيمها بالأحجار الكريمة.

وقد أسهمت هذه المحلات إلى جانب باعة الأحجار الكريمة والباعة المتجولين، دورًا مهمًا في إبراز تجارة الأحجار الكريمة في سوق القطيف، مما جعل هذا السوق مقصدًا للهواة والمهتمين من داخل المنطقة وخارجها.
المصادر:
1-الحاج مكي خليفة الشاخور
2-الحاج علي بن جعفر القديحي
3-الحاج أحمد علي السلمان
4-الحاج باقر سعيد المخرق
5-الحاج علي حسن المخرق
وشكر خاص إلى أخينا العزيز مكي خليفة الشاخور “أبو علي”، لما قدّمه من دعم كبير عبر تزويدنا بالمعلومات والصور القيّمة التي أثرت هذا التوثيق. فجزاه الله خير الجزاء.
الهوامش:
* الأستاذ أحمد بن جواد السويكت اختصاصي في مجال الذهب والمجوهرات وحاصل على شهادات في مجال الذهب والمعادن الثمينة والأحجار الكريمة من الأكاديمية الدولية لعلوم المجوهرات (GIA) عام (1998م) وله مؤلفات عديدة في مجال الذهب والمجوهرات، كما كتب مقالات متخصصة نشرت في عدد من المجلات السعودية الرائدة مثل: القافلة، الفيصل، الاقتصاد، أهلا وسهلا.. ويمتلك خبرة عملية تمتد لأكثر من 34 عامًا في مجال الذهب والمجوهرات.
(1) بعض باعة الأحجار الكريمة هم في الأساس موظفون في أعمال ووظائف مختلفة، لكنهم يمارسون بيع وشراء الأحجار الكريمة كهواية ومصدر دخل إضافي. ويحرص هؤلاء على التواجد في سوق الخميس الشعبي خلال الفترة المسائية من العصر حتى أذان المغرب، بعد انتهاء دوامهم الرسمي.
(2) من أبناء بلدة الدبابية العاملين في مجال الأحجار الكريمة: المرحوم الحاجّ عبد المجيد منصور الماجد “أبو عبد الرزاق”، والمرحوم الحاج علي عبد الله رضي ال نويس “أبو عبد العزيز”. والحاجّ علي بن جعفر القديحي “أبو حسين” ، والحاج محمد سعيد المخرق “أبو سعيد”، وأخوه باقر “أبو جعفر”، وكذلك الحاج علي حسن المخرق “أبو حسن”، والسيد حسين السيد طالب آل إسماعيل، والمرحوم الحاج منصور إبراهيم البحارنه “أبو عدنان” ، بالإضافة إلى العبد الفقير إلى ربه أحمد بن جواد السويكت.

علوم القطيف مقالات علمية في شتى المجالات العلمية