أنواع التمارين الرياضية والذهنية التي تحد من مستوى التيقظ الفسيولوجي تعتبر وسائل مجدية لإدارة الغضب – ترجمة عدنان أحمد الحاجي

Breathe, don’t vent: Turning down the heat is key to managing anger
[بقلم: أميلي كالدول (جامعة ولاية أوهايو) – Emily Caldwell]

وجدت دراسة أن الأساليب المستخدمة غالبًا لمعالجة الإجهاد / التوتر النفسي(1)، بما في ذلك اليوغا، هي أكثر فعالية في الحد من الشعور بالغضب(2) والعدوان(3) من ممارسة الأنشطة التي تزيد من التيقظ(4، 5).

تشير دراسة جديدة(6) إلى أن ممارسة التنفيس عن الغضب قد يكون تصرفًا جيداً في تلك اللحظة، لكنه ليس فعالاً في الحد من سورة الغضب. [المترجم: أحد أساليب التنفيس عن الغضب هو أن يذهب الغاضب إلى أحد الأشخاص، كصديقه، مثلًا، في محاولة للتعبير عن حالة غضبه ومنها رفع الصوت، ز، التصرف بضرب أشياء أو تهشيمها]، 

وجدت دراسة أن التيقظ الفسيولوجي المتصاعد وقود لـ سورة الغضب

 وبدلا من ذلك،  هناك ممارسات تستخدم غالبًا لمعالجة التوتر – مثل التنفس العميق، وممارسة رياضة التأمل (meditation) [وهي رياضة تنطوي على التركيز على الأحداث الراهنة في دخل الجسم  وخارجه(5، 7) واليوغا(8)، أو حتى العد إلى العدد 10 – أثبتت أنها أكثر فعالية في الحد من الغضب والعدوان.

قام الباحثون بتحليل أكثر من 150 دراسة شملت أكثر من 10 آلاف مشارك، ووجدوا أن ما ينفع بالفعل في الحد من الغضب هو الحد من مستوى التيقظ(4، 5)– وبعبارة أخرى، خفض مستوى التيقظ. لم يكن للأنشطة التي ترفع من  درجة التيقظ بشكل عام أي تأثير في الحد من الغضب، بل إن بعض الأنشطة جعلته أسوأ – وخاصة ممارسة رياضة الجري.

التنفيس عن الغضب(8)

وقال كبير الباحثين براد بوشمان (Brad Bushman)، بروفسور التواصل في جامعة ولاية أوهايو: “أعتقد أنه من المهم جدًا دحض الأسطورة القائلة بأنه إذا شعرت بالغضب، نفسْ عن غضبك وروح عن نفسك”. “قد يبدو التنفيس عن الغضب فكرة جيدة، ولكن ليس هناك أي دليل علمي يدعم نظرية التنفيس (نظرية التطهير](8، 9).

“للحد من الغضب، من الأفضل المشاركة في الأنشطة التي تقلل من مستويات التيقظ” ، كما قال بوشمان. “على الرغم مما قد توحي به الحكمة الشعبية (العرف)، فإن مجرد ممارسة رياضة الجري ليس استراتيجية فعالة لأنه يزيد من مستويات التيقظ ويؤدي في النهاية إلى نتائج عكسية”.

قادت الدراسة(6) المؤلف الأول صوفي كيارفيك (Sophie Kjærvik)، التي أكملت مراجعة أطروحتها في جامعة ولاية أوهايو. ونشرت نتائجها  في 11 مارس 2024 في مجلة (Clinical Psychology Review).  وقالت كيارفيك، وهي الآن زميل ما بعد الدكتوراه في جامعة فرجينيا كومنولث،  هذه الدراسة مستوحاة جزئيًا من الشعبية المتزايدة لغرف التنفيس عن الغضب التي تروج لتحطيم أشياء  (مثل الزجاج والأطباق والإلكترونيات) لإدارة مشاعر الغضب والتعامل معها(10).  وقالت: “أردت أن أكشف زيف كامل نظرية التعبير عن الغضب كوسيلة لإدارته”. “أردنا أن نظهر أن الحد من التيقظ، وفي الواقع الجانب الفسيولوجي له، يعتبر أمرًا مهمًا جدًا”.

واحدة من غرف التنفيس عن الغضب(10)

استندت المراجعة التحليلية إلى 154 دراسة شملت 10189 مشاركًا من مختلف الأجناس والأعراق والأعمار والثقافات. اختيار الباحثين لهذه  الدراسة وتحليلها تم بالاسترشاد بنظرية شاختر – سينغر ذات العامل المزدوج(11، 12)، والتي تفترض أن جميع الانفعالات (المشاعر)، بما في ذلك الغضب، تتكون من تيقظ فسيولوجي ومن تفسير عقلي (تفسير معرفي). للتخلص من الغضب، بإمكانك العمل على أي واحد منهما.

وقد ركزت العديد من المراجعات التحليلية السابقة على تغيير المعاني العقلية (التفسير المعرفي) باستخدام العلاج السلوكي المعرفي(13)، والذي كان ناجحًا. ومع ذلك، قالت كيارفيك وبوشمان إن المراجعة التحليلية حول دور التيقظ من شأنها أن تسد فجوة مهمة في فهم طريقة حلحلة مشكلة الغضب. ركز تحليلهم على دراسة كل من الأنشطة التي تزيد من مستويات التيقظ (مثل تسديد لكمات إلى  كيس ملاكمة ورياضة الجري وركوب الدراجات والسباحة) والأنشطة التي تقلل من مستويات التيقظ (مثل التنفس العميق وتمارين التأمل واليوغا).

بينت النتائج أن الأنشطة التي تقلل من مستويات التيقظ كانت فعالة في درء الغضب في داخل المختبرات والتجارب الميدانية، باستخدام المنصات الرقمية أو التعليم الحضوري (بحيث يتواجد المدرب / المعالج مع الشخص في مكان واحد] وفي جلسات جماعية وفردية تضم مجموعات متعددة: طلاب الجامعات وغير طلاب الجامعات،  وأشخاص لهم تاريخ إجرامي وغيرهم ممن ليس لديهم تاريخ إجرامي وذوي إعاقة ذهنية وسليمين منها.

“كان من المثير للاهتمام جدًا أن نرى أن استرخاء العضلات التدريجي(14) والاسترخاء بشكل عام قد يكون فعالاً كفاعلية أساليب مثل التمارين الذهنية، ومنها التأمل” ، حسبما قالت كيارفيك. “واليوغا، التي يمكن أن تكون أكثر  اثارة من تمارين التأمل، ما زالت وسيلة التهدئة والتركيز على الأنفاس لها تأثير مماثل في الحد من الغضب.

“من الواضح أننا في مجتمع اليوم نواجه جميعًا الكثير من أسباب التوتر النفسي، ولذا نحتاج إلى أساليب للتعامل مع تلك التوترات وإدارتها أيضًا.  إثبات أن نفس الاستراتيجيات التي تنفع في الحد من التوتر تنفع أيضًا في الحد من الغضب يعتبر أمرًا مفيد.

في المقابل، الأنشطة التي تزيد من التيقظ هي أنشطة غير فعالة بشكل عام، بل تسفر أيضًا عن طيف معقد من النتائج. رياضة الجري كانت الأكثر احتمالًا للرفع من مستوى الغضب، على الرغم من أن مادة التربية البدنية ولعب رياضات الكرة [كرة القدم والطائرة والسلة، على سبيل المثال لا الحصر] كان لها تأثير في الحد من مستوى التيقظ، مما يشي للباحثين بأن إدخال عنصر اللعب في النشاط البدني قد يزيد على الأقل من المشاعر الإيجابية أو يقاوم المشاعر السلبية.

اكتشاف أن مستويات التيقظ المتصاعدة لم تكن الحل لمشكلة الغضب مقارنة بنتائج الدراسة السابقة(15) التي قادها بوشمان والذي ربط التنفيس عن الغضب بالعدوان المستمر [المترجم: وذلك عبر اجترار وتذكر الأسباب التي كانت وراء الشعور بالغضب(16)].

“قد تكون بعض الأنشطة البدنية التي تزيد من التيقظ نافعة للقلب، لكنها بالتأكيد ليست أفضل طريقة للحد من الغضب”. “بل هي معركة بالفعل لأن الغاضبين يريدون التنفيس عن غضبهم، لكن دراستنا أثبتت أن أي شعور جيد نشعر به من ممارسة التنفيس عن الغضب يرفع  في الواقع من مستوى العدوان” [وذلك لأنه يساعد على اجترار أسباب الغضب]. 

وفي هذه الحالة، لاحظ المؤلفون أن العديد من التدخلات التي تحد من التيقظ والتي أثبتت أنها تحد من سَوَرة الغضب متوفرة مجانًا أو غير مكلفة ويسهل استخدامها.  “لا تحتاج بالضرورة إلى حجز موعد مع معالج سلوكي معرفي لعلاج الغضب. هناك تطبيقات هاتف مجانية، أو مقاطع فيديو على الـ يوتيوب (YouTube) إذا كنت بحاجة إلى إرشادات.

مصادر من داخل وخارج النص:
1- https://ar.wikipedia.org/wiki/توتر_(علم_نفس)
2-  https://ar.wikipedia.org/wiki/غضب
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/عدوان
4- “التيقظ physiological arousal” يشير إلى حالة من النشاط المتزايد داخل الجهاز العصبي اللاإرادي. المستويات العالية من التيقظ تؤذي إلى ما يسمى ردة فعل “الكر أو الفر”، وهي ردة فعل على تهديد وشيك وتوتر. قد يمر الرياضيون بحالة التيقظ وذلك بإفراز هرمون الأدرينالين، وزيادة تدفق الدم إلى العضلات وزيادة معدل ضربات القلب وسرعة التنفس، وما إلى ذلك.  ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان: https://www.sciencedirect.com/topics/social-sciences/physiological-arousal
5- https://ar.wikipedia.org/wiki/تيقظ
6- https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0272735824000357
7- https://ar.wikipedia.org/wiki/يقظة_كاملة
8- https://ar.wikipedia.org/wiki/يوجا
9- https://ar.wikipedia.org/wiki/تطهير_(أرسطو)
10- https://en.wikipedia.org/wiki/Rage_room
11-  https://link.springer.com/referenceworkentry/10.1007/978-1-4419-1428-6_573
12- نظرية شاختر – سينغر (Schachter-Singer)، والتي تسمى غالبًا نظرية العامل المزدوج للإنفعالات (للمشاعر)، تقترح أن تركيبة من التيقظ الفسيولوجي والتفسير المعرفي(13) يفرض نوع  المشاعر التي يعبر عنها الفرد في شكل تصرفات.  عالما النفس ستانلي شاشتر وجيروم سينغر طورا هذه النظرية في الستينيات. وفيما يلي تفصيل للنظرية: 1) التيقظ الفسيولوجي: في البداية، يؤدي أي حدث خارجي (يسمى منبه أو محفز أو مثير stimuli)  إلى التيقظ فسيولوجي. وهذا ما يعتبر استجابة الجسم الفورية لهذا الحدث (المثير الخارجي)، والتي يمكن أن تتمثل في ردود الفعل هذه،  مثل زيادة دقات القلب والتعرق وتوتر العضلات. 2) التفسير المعرفي (التفسير العقلي)(13): بعد التيقظ الفسيولوجي، سيقوم الشخص بإجراء تفسير معرفي أو تقييم للموقف أو للحالة لتحديد نوع المشاعر التي يشعر بها. هذا يعني أن الشخص سوف يبحث في بيئته عن إشارات لتصنيف وتفسير عوامل التيقظ هذه.  ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان: https://www.simplypsychology.org/schachter-singer-theory.html
13- التفسير المعرفي (التفسير العقلي) (cognitive interptation) يشير إلى العملية التي تؤثر أفكار الفرد وتصوراته عن الحالة في المشاعر التي يعبر عنها او تظهر عليه. كيفية احساسنا وتفسيرنا للأحداث أو المثيرات تحدد ردود أفعالنا الانفعالية.  ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان: https://library.fiveable.me/key-terms/cognitive-interpretation/65536a27b15962124ebb33d8#
14- https://altibbi.com/مصطلحات-طبية/علم-النفس/معالجة-معرفية
15- https://ar.wikipedia.org/wiki/استرخاء_العضلات_التدريجي
16- https://journals.sagepub.com/doi/10.1177/0146167202289002
17- “التنفيس عن الغضب (anger venting) كلما تحدثنا وفكرنا ونظرنا إلى أشياء تجعلنا نستشيط غضبًا ، كلما جعلنا ذلك نشعر بالغضب أكثر. التنفيس هو في الأساس إعادة صياغة لغضبنا وإحباطنا، وبالتالي فمن المنطقي أن التنفيس عن الغضب بالصراخ، مثلًا،  لن يؤدي إلا إلى تفاقم غضبنا أكثر” ، ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:
https://www.cnet.com/health/5-healthier-ways-to-deal-with-anger-instead-of-venting/

المصدر الرئيس:
https://news.osu.edu/breathe-dont-vent-turning-down-the-heat-is-key-to-managing-anger/

الأستاذ عدنان أحمد الحاجي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *