مصدر الصورة: technologynetworks.com - Credit: Michael Dziedzic/ Unsplash

علماء يطورون مادة خفيفة الوزن أقوى بأربع مرات من الفولاذ – ترجمة* محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

Scientists Develop Incredibly Lightweight Material 4 Times Stronger Than Steel
(BROOKHAVEN NATIONAL LABORATORY – بواسطة: مختبر بروكهافن الوطني)

ملخص المقالة:

تمكن علماء في جامعة كولومبيا وجامعة كونيتيكت ومختبر بروكهافن الوطني التابع لوزارة الطاقة الأمريكية من تصنيع شكل نقي من الزجاج وتغطية قطع متخصصة من الحمض النووي به لإنشاء مادة أقوى من الفولاذ، وخفيفة الوزن بشكل لا يصدق. ويمكن أن يؤدي إجراء المزيد من الأبحاث حول هذه المادة إلى تطبيقات هندسية جديدة.

( المقالة )

طور باحثون مادة خفيفة وقوية من خلال الجمع بين مكونين غير متوقعين: الحمض النووي والزجاج

ابتكر باحثون مادة جديدة عن طريق طلاء الحمض النووي بشكل نقي من الزجاج، مما أدى إلى مادة أخف وأقوى من الفولاذ. هذا الاكتشاف الرائد، الذي يستخدم البنية النانوية للزجاج والخصائص الفريدة للحمض النووي، يحمل إمكانات لتطبيقات متنوعة في الهندسة والدفاع. (مفهوم فنان).

إن العمل على مقياس النانو يوفر للعلماء فهمًا عميقًا ودقة في صياغة المواد وتحليلها. وفي الإنتاج على نطاق واسع، وحتى في البيئات الطبيعية، تكون العديد من المواد عرضة للعيوب والملوثات التي يمكن أن تؤثر على بنيتها المعقدة. ويمكن أن تؤدي نقاط الضعف هذه إلى كسرها تحت الضغط. ويتجلى هذا بشكل خاص في معظم أنواع الزجاج، مما يؤدي إلى سمعته كمادة هشة.

وقد تمكن علماء في جامعة كولومبيا، وجامعة كونيتيكت، ومختبر بروكهافن الوطني التابع لوزارة الطاقة الأمريكية من تصنيع شكل نقي من الزجاج وتغطية قطع متخصصة من الحمض النووي به لإنشاء مادة ليست أقوى فقط من الفولاذ، ولكن خفيفة الوزن بشكل لا يصدق. والمواد التي تمتلك هاتين الصفتين غير شائعة، ويمكن أن يؤدي إجراء المزيد من الأبحاث إلى تطبيقات هندسية ودفاعية جديدة. وقد نشرت النتائج في مجلة “تقارير الخلية العلوم الفيزيائية” (Cell Reports Physical Science).

الحمض النووي – اللبنات الأساسية للحياة وأكثر

في الكائنات الحية، يحمل الحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين، المعروف أكثر باسم الحمض النووي (DNA)، معلومات بيولوجية ترشد خلايا الكائنات الحية حول كيفية التشكل والنمو والتكاثر. وتُعرف المادة التي يتكون منها الحمض النووي بالبوليمر، وهي فئة من المواد الصلبة والمرنة التي تشمل البلاستيك والمطاط.

وأثارت مرونتها وبساطتها اهتمام علماء المواد وألهمت العديد من التجارب المثيرة للاهتمام. وقد قام البروفيسور أوليغ غانغ، عالم المواد في مركز المواد النانوية الوظيفية (Center for Functional Nanomaterials (CFN)) ، مرفق المستخدم للعلوم التابع لوزارة الطاقة في مختبر بروكهافن، والأستاذ بجامعة كولومبيا، بالاستفادة من الخصائص الفريدة للحمض النووي في تصنيع المواد لسنوات، مما أدى إلى اكتشافات عديدة. . وألهمت هذه التقنية الجديدة مجموعة من التطبيقات المبتكرة، بدءًا من توصيل الأدوية وحتى الإلكترونيات.

يستخدم البروفيسور أوليغ غانغ، في الصورة بالخلف، والدكتور آرون ميشيلسون (عالم في مختبر بروكهافن الوطني) الموارد المتخصصة في مركز المواد النانوية الوظيفية لقياس القوة المدهشة لهذا الهيكل المادي الجديد. المصدر: مختبر بروكهافن الوطني.

وكان البروفيسور غانغ قد عمل سابقًا مع المؤلف الرئيسي للورقة البحثية، باحث ما بعد الدكتوراه في مختبر بروكهافن، آرون ميشيلسون، في تجربة تستخدم هياكل الحمض النووي لبناء إطار قوي للمواد الجديدة.

وتتصرف جزيئات الحمض النووي بطريقة مثيرة للاهتمام. وتحدد النيوكليوتيدات الفردية، وهي الوحدات الأساسية للأحماض النووية مثل الحمض النووي والحمض النووي الريبي (RNA)، الترابط بين التسلسلات التكميلية. وتسمح الطريقة الدقيقة التي ترتبط بعضها البعض للعلماء بتطوير طرق لهندسة طي الحمض النووي إلى أشكال محددة يشار إليها باسم “أوريغامي”، والتي سميت على اسم الفن الياباني لطي الورق.

وأشكال الحمض النووي هذه عبارة عن وحدات بناء نانوية يمكن برمجتها باستخدام روابط الحمض النووي القابلة للتوجيه من أجل “التجميع الذاتي”. وهذا يعني أن الهياكل المحددة جيدًا ذات النمط المتكرر يمكن أن تتشكل تلقائيًا من كتل الحمض النووي الورقية هذه.

ثم تلتصق هذه الكتل معًا لتشكل شبكة أكبر، وهي بنية ذات نمط متكرر. وتتيح هذه العملية للعلماء بناء مواد نانوية مرتبة ثلاثية الأبعاد من الحمض النووي ودمج الجسيمات النانوية غير العضوية والبروتينات، كما أظهرت الدراسات السابقة للمجموعة.

وبعد اكتساب الفهم والتحكم في عملية التجميع الفريدة هذه، تمكن البروفيسور غانغ والدكتور ميشيلسون وفريقهم من استكشاف ما يمكن تحقيقه عند استخدام تلك السقالات الجزيئية الحيوية لإنشاء هياكل السيليكا التي تحافظ على بنية السقالة.

وقال الدكتور ميشيلسون: “ركزنا على استخدام الحمض النووي كمادة نانوية قابلة للبرمجة لتشكيل سقالة ثلاثية الأبعاد معقدة، وأردنا استكشاف كيفية أداء هذه السقالة ميكانيكيًا عند نقلها إلى مواد صلبة أكثر استقرارًا. استكشفنا وجود هذه المادة ذاتية التجميع المصبوبة في السيليكا، المكون الرئيسي في الزجاج، وإمكاناتها”.

وعمل الدكتور ميشيلسون في هذا المجال أكسبه جائزة روبرت سيمون التذكارية في جامعة كولومبيا. وقد استكشفت أبحاثه في أطر الحمض النووي مجموعة من الخصائص والتطبيقات، بدءًا من الخواص الميكانيكية وحتى الموصلية الفائقة. ومثل الكثير من الهياكل التي بني عليها، يستمر عمل الدكتور ميشيلسون في النمو والبناء لأنه يأخذ طبقات جديدة من المعلومات من هذه التجارب المثيرة.

نظرة خاطفة مجهرية لكيفية تشكيل خيوط الحمض النووي هذه لأشكال مدمجة في هياكل شبكية أكبر مغلفة بالسيليكا. مركز المواد النانوية الوظيفية، مجهر جيول-1400 الإلكتروني ناقل الحركة[1] (JEOL-1400 TEM)، ومجهر هيتاشي اس-4800 [2] للمسح الإلكتروني عالي الدقة (Hitachi-4800 SEM). المصدر: مختبر بروكهافن الوطني.
والجزء التالي من عملية التصنيع كان مستوحى من التمعدن الحيوي، وهي الطريقة التي تنتج بها الأنسجة الحية المعادن لتصبح أكثر صلابة، مثل العظام.

وقال البروفيسور غانغ: “كنا مهتمين للغاية باستكشاف كيف يمكننا تعزيز الخواص الميكانيكية للمواد العادية، مثل الزجاج، ولكن مع هيكلتها على المستوى النانوي”.

واستخدم العلماء طبقة رقيقة جدًا من زجاج السيليكا، يبلغ سمكها حوالي 5 نانومتر فقط أو بضع مئات من الذرات، لتغطية إطارات الحمض النووي، مما يترك المساحات الداخلية مفتوحة ويضمن أن تكون المادة الناتجة خفيفة للغاية. وعلى هذا النطاق الصغير، يكون الزجاج غير حساس للفشل أو العيوب، مما يوفر قوة لا يمكن رؤيتها في قطع الزجاج الكبيرة حيث تتطور الشقوق وتتسبب في تحطمها. وأراد الفريق أن يعرف بالضبط مدى قوة هذه المادة، والتي تتطلب، على هذا النطاق، بعض المعدات المتخصصة للغاية.

القوة تحت الضغط

هناك طرق بسيطة للتحقق مما إذا كان هناك شيء قوي. وغالبًا ما يوفر الوخز والدفع والاتكاء على الأسطح ومراقبة سلوكهم معلومات مفيدة. هل ينحني، أو يحدث صريرا يصرخ، أو يلتوي (ينبعج)، أو يقف بثبات تحت الضغط؟ هذه طريقة بسيطة ولكنها فعالة لفهم قوة الجسم، حتى بدون أدوات لقياسه بدقة. كيف يمكن للمرء أن يضغط على جسم صغير جدًا بحيث لا يمكن رؤيته؟

وأوضح الدكتور ميشيلسون: “لقياس قوة هذه الهياكل الصغيرة، استخدمنا تقنية تسمى الإزاحة النانوية [3]“. وأضاف: “المسافة البادئة النانوية (الثقب النانوي) عبارة عن اختبار ميكانيكي على نطاق صغير جدًا يتم إجراؤه باستخدام أداة دقيقة يمكنها تطبيق وقياس قوى المقاومة.

تبلغ سماكة عيناتنا بضعة ميكرونات فقط، أي حوالي جزء من الألف من المليمتر، لذلك من المستحيل قياس هذه المواد بالوسائل التقليدية. باستخدام المجهر الإلكتروني والثقب النانوي معًا، يمكننا قياس السلوك الميكانيكي ومراقبة عملية الانضغاط في نفس الوقت”.

رسم بياني يقارن الشبكة النانوية في هذه التجربة بالقوة النسبية للمواد المختلفة. المصدر: مختبر بروكهافن الوطني.

وعندما يقوم الجهاز الصغير بضغط العينة أو إزاحتها، يمكن للباحثين أخذ القياسات ومراقبة الخصائص الميكانيكية. ويمكنهم بعد ذلك رؤية ما يحدث للمادة عند رفع الانضغاط وعودة العينة إلى حالتها الأصلية. وإذا كانت هناك أي شقوق تتشكل أو إذا فشل الهيكل في أي نقطة، فيمكن تسجيل هذه البيانات القيمة.

وعند تعريضها للاختبار، تبين أن شبكة الحمض النووي المغلفة بالزجاج أقوى بأربع مرات من الفولاذ! والأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن كثافتها كانت أقل بنحو خمس مرات. وفي حين أن هناك مواد قوية وتعتبر خفيفة الوزن إلى حد ما، إلا أنه لم يتم الوصول إلى هذه الدرجة من قبل.

ومع ذلك، لم تكن هذه التقنية متاحة دائمًا بسهولة في مركز المواد النانوية الوظيفية.

وقال البروفيسور غانغ: “لقد تعاونا مع البروفيسور سيوك-وو لي، الأستاذ المشارك في جامعة كونيتيكت، والذي يتمتع بخبرة في الخواص الميكانيكية للمواد”. وتابع: “لقد كان أحد مستخدمي مركز المواد النانوية الوظيفية الذي استفاد من بعض قدراتنا ومواردنا، مثل المجاهر الإلكترونية، وهذه هي الطريقة التي طورنا بها العلاقة معه.

لم تكن لدينا في البداية القدرة على استخدام تقنية النانو، لكنه قادنا إلى الأدوات المناسبة ووضعنا على المسار الصحيح. وهذا مثال آخر على كيفية استفادة العلماء من الأوساط الأكاديمية والمختبرات الوطنية من العمل معًا. لدينا الآن هذه الأدوات والخبرة اللازمة للارتقاء بمثل هذه الدراسات إلى مستوى أبعد”.

بناء شيء جديد ومثير

في حين أنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به قبل التوسع والتفكير في عدد لا يحصى من التطبيقات لمثل هذه المواد، لا تزال هناك أسباب تجعل علماء المواد متحمسين لما يعنيه هذا للمضي قدمًا. ويخطط الفريق للنظر في مواد أخرى، مثل سيراميك الكربيد، التي هي أقوى من الزجاج لمعرفة كيفية عملها وسلوكها. وهذا يمكن أن يؤدي إلى مواد أقوى وخفيفة الوزن في المستقبل.

وفي حين أن حياته المهنية لا تزال في مراحلها الأولى، فقد حقق الدكتور ميشيلسون الكثير بالفعل وهو حريص بالفعل على البدء في المراحل التالية من بحثه.

ويتذكر الدكتور ميشيلسون قائلاً: “إنها فرصة رائعة أن تكون باحثًا في مرحلة ما بعد الدكتوراه في مختبر بروكهافن، خاصة بعد أن كنت طالبًا في جامعة كولومبيا يعمل في مركز المواد النانوية الوظيفية في كثير من الأحيان”. ويتابع: “وهذا ما دفعني إلى الاستمرار هناك كباحث ما بعد الدكتوراه. إن القدرات التي لدينا في مركز المواد النانوية الوظيفية، وخاصة فيما يتعلق بالتصوير، ساعدت حقًا في دفع عملي”.

*تمت الترجمة بتصرف

المرجع: “High-strength, lightweight nano-architected silica” by Aaron Michelson, Tyler J. Flanagan, Seok-Woo Lee and Oleg Gang, 27 June 2023, Cell Reports Physical Science. DOI: 10.1016/j.xcrp.2023.101475

المصدر:

https://scitechdaily.com/scientists-develop-incredibly-lightweight-material-4-times-stronger-than-steel/

الهوامش:

[1] مجهر جيول 1400 الإلكتروني ناقل الحركة هو مجهر إلكتروني تحليلي عالي الدقة بقوة 120 كيلو فولت مزود بحامل جانبي واسع النطاق من غاتان اوريوس (Gatan Orius) وكاميرات سي سي دي (CCD) مثبتة على الجزء السفلي بالموجات فوق الصوتية 2K  لتصوير العينة بتكبير 50مرة إلى 2,000,000 مرة.

المصدر:  https://health.usf.edu/medicine/corefacilities/microscopy/joel-1400. كاميرا سي سي دي عبارة عن جهاز كهربائي ذو حالة صلبة قادر على تحويل مدخلات الضوء إلى إشارة إلكترونية.

[2] يتميز مجهر المسح الإلكتروني هيتاشي S-4800 عالي الدقة بأنه ناسح ضوئي لانبعاث المجال البارد مع العديد من الميزات المتقدمة تشمل: دقة مضمونة تبلغ 2.0 نانومتر عند 1 كيلو فولت لتطبيقات الجهد المنخفض، تصميم عدسة موضوعية بتقنية “سوبر إي اكس بي فلتر”، ومرحلة عينة لتطبيقات العينات الكبيرة. المصدر:   https://www.utoledo.edu/engineering/cmsc/instruments/s4800.html

[3] الازاحة النانونية (Nanoindentation) هي تقنية متينة لتحديد الخواص الميكانيكية. ويمكن قياس نطاق واسع من الخواص الميكانيكية من خلال الجمع بين تطبيق الأحمال المنخفضة، وقياس الإزاحة الناتجة، وتحديد منطقة الاتصال بين طرف المزيح والعينة. في اختبار الازاحة، يتم ضغط الطرف الصلب الذي تكون خواصه الميكانيكية معروفة (كثيرًا ما يكون مصنوعًا من مادة صلبة جدًا مثل الماس) في عينة ذات خصائص غير معروفة. يتم زيادة الحمل الموضوع على طرف المزيح حيث يخترق الطرف المزيد من العينة ويصل قريبًا إلى قيمة محددة من قبل المستخدم. عند هذه النقطة، يمكن الاحتفاظ بالحمل ثابتًا لفترة أو إزالته. يتم قياس مساحة الازاحة المتبقية في العينة ويتم تعريف الصلابة على أنها الحمولة القصوى مقسومة على مساحة الازاحة المتبقية. ويكيبيديا.

المهندس محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *