مصدر الصورة: newsbulletin247.com

هذه الخلايا السرطانية تستيقظ عندما ينام الناس – ترجمة* محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

These cancer cells wake up when people sleep
(Freda Kreier -بقلم: فريدا كريير)

ملخص المقالة:

يكون السرطان أشد فتكًا عندما تنتقل خلايا الورم إلى مجرى الدم وتنتقل إلى مكان جديد في الجسم – من المرجح حدوث هذا في الليل أكثر من النهار – لتتسبب في نمو ورم ثانوي لورم خبيث. ويكشف هذا عن بعض الفسيولوجيا البشرية الأساسية التي يمكن أن تؤدي إلى طرق أفضل لتتبع تطور السرطان وعلاجه. وتؤثر الساعة اليومية للشخص، التي تتحكم فيها جينات مختلفة تعبر عن جزيئات معينة في جدول زمني مدته 24 ساعة، في العديد من العمليات في الجسم، بما في ذلك التمثيل الغذائي والنوم. لكن النوم ليس عدوا للمصابين بالسرطان.

( المقالة )

 توصل الباحثون إلى اكتشاف “مذهل” أن خلايا سرطان الثدي تزداد احتمالية أن تقفز إلى الدم عندما يستريح الناس.

تنتقل الخلايا السرطانية المتفشية (نمو ثانوي لورم خبيث) من مكان في الجسم إلى مكان آخر لتنمو كورم جديد. المصدر: مكتبة صور العلوم

يكون السرطان في أشد حالاته فتكًا عندما تنتقل خلايا الورم إلى مجرى الدم وتنتقل إلى مكان جديد في الجسم لتأسيس متجر – وهي عملية تسمى نمو ورم ثانوي لورم  خبيث. والآن، وجدت دراسة أنه بالنسبة للأشخاص المصابين بسرطان الثدي، فإن هذه الخلايا المارقة – التي تسمى الخلايا السرطانية المنتشرة (Circulating Tumor Cells – CTCs) – من المرجح أن تقفز إلى الدم في الليل أكثر من النهار.

ويظهر هذا الاكتشاف عن بعض الفسيولوجيا البشرية الأساسية التي لا يمكن كشفها (طارت تحت الرادار) ويمكن أن تؤدي إلى طرق أفضل لتتبع تطور السرطان، كما يقول البروفيسور تشينغ جون مينغ، عالم الأحياء الزمنية في جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة.

وظل مجتمع البحث على مدى عقود يناقش كيف يؤثر إيقاع الساعة البيولوجية في الجسم على السرطان. ومن خلال هذه الدراسة، أصبح من الواضح أن “الأورام تستيقظ عندما ينام المرضى”، كما يقول المؤلف المشارك البروفيسور نيكولا أسيتو، استاذ مشارك، عالم بيولوجيا السرطان في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ، سويسرا. ويقول إنها “خطوة إلى الأمام” في فهم نمو ورم ثانوي لورم خبيث”. ويضيف: “والخطوات إلى الأمام شيء جيد للمرضى على المدى الطويل”. وقد نُشر البحث في 22 يونيو في مجلة “الطبيعة” (Nature).

السرطان على مدار الساعة

في عام 2007، أدرجت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان الإيقاع اليومي المضطرب على أنه مادة مسرطنة “محتملة” بعد أن خلصت دراسات طويلة المدى إلى أن الأشخاص الذين يعملون لساعات فردية – مثل مضيفات الطيران وممرضات النوبة الليلية – كانوا أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي. وبقي [لماذا يحدث هذا] سؤالا مفتوحا.

وتؤثر الساعة اليومية للشخص، التي تتحكم فيها جينات مختلفة تعبر عن جزيئات معينة في جدول زمني مدته 24 ساعة، في العديد من العمليات في الجسم، بما في ذلك التمثيل الغذائي والنوم. ويقول الروفيسور أسيتو إن معظم الباحثين اعتقدوا في البداية أن الخلايا السرطانية “معطلة للغاية ومتحورة للغاية” لدرجة أنها لن تتوافق مع مثل هذا الجدول الزمني.

وبالنسبة للورم الخبيث، جاء أول تلميح إلى أن هذا قد لا يكون صحيحًا تمامًا عندما لاحظ البروفيسور أسيتو وزملاؤه أن مستويات الخلايا السرطانية في الفئران المصابة بأورام تختلف باختلاف الوقت من اليوم الذي تم فيه سحب عينات من دمهم. وأدت هذه الملاحظة إلى قيام البروفيسور أسيتو بجمع الدم في المستشفى من 30 امرأة مصابات بسرطان الثدي، مرة واحدة في الساعة 4 صباحًا ومرة ​​أخرى في الساعة 10 صباحًا.

وقد وجد الباحثون أن الجزء الأكبر من الخلايا السرطانية المنتشرة التي اكتشفوها في عينات الدم – ما يقرب من 80 ٪ – ظهر في الجزء الذي تم جمعه في الساعة 4 صباحًا، عندما كان المرضى لا يزالون مستريحين. ويقول البروفيسور أسيتو – في البداية – “لقد فوجئت لأن المعتقد هو أن الأورام ترسل الخلايا المنتشرة طوال الوقت”. ويتابع: “لكن البيانات كانت واضحة للغاية. لذلك، بعد فترة وجيزة من اندهاشنا، بدأنا نتحمس للغاية”.

وكانت الخطوة التالية للباحثين هي تأكيد ما إذا كان هذا صحيحًا خارج نطاق هؤلاء الأشخاص القلائل. وللقيام بذلك، قام الفريق بتطعيم أورام سرطان الثدي في الفئران واختبر مستويات الخلايا السرطانية المنتشرة للحيوانات على مدار اليوم. وبالمقارنة مع البشر، الفئران لديها إيقاع يومي معكوس ، مما يعني أنها تكون أكثر نشاطًا في الليل وتميل إلى الراحة أثناء النهار. وقد وجد الفريق أن مستويات الخلايا السرطانية المنتشرة للحيوانات بلغت ذروتها خلال النهار – في بعض الأحيان بتركيز يصل إلى 88 مرة أعلى من خط الأساس – عندما كانت الحيوانات في حالة الراحة.

وعلاوة على ذلك، جمع الباحثون الخلايا السرطانية المنتشرة من الفئران، سواء أثناء استراحة الحيوانات أو أثناء نشاطها. وأضافوا علامات فلورية مختلفة إلى مجموعتي الخلايا، ثم أعادوها إلى الفئران. وكانت معظم الخلايا التي نمت لتصبح أورامًا جديدة هي تلك الخلايا التي تم جمعها عندما كانت الفئران مسترخية، مما يشير إلى أن هذه الخلايا السرطانية المنتشرة تكون أفضل بطريقة ما في الانتشار.

ويقول البروفيسور تشي فان دانغ، استاذ مساعد، عالِم بيولوجيا السرطان في معهد لودفيج لأبحاث السرطان في مدينة نيويورك، إن هذا الكشف “مذهل”. ويقيس الأطباء مستويات الخلايا السرطانية المنتشرة في الدم – نوع من الخزعة السائلة – للمساعدة في معرفة مدى تقدم مرضى السرطان، لذلك “الدرس الأول بالنسبة لي هو أن الوقت من اليوم الذي تأخذ فيه عينة الدم يمكن أن يعطيك معلومات مضللة”، يقول البروفيسور دانغ. ويضيف أن هذا يعني أن الأطباء قد يرغبون في إعادة التفكير عندما يتتبعون السرطان.

مصدر الصورة: mattressadvisor.com

النوم ليس هو العدو

يقول البروفيسور أسيتو إن سبب كون خلايا سرطان الثدي لدى البشر أكثر نشاطًا في الليل يعتمد على الأرجح على العديد من العوامل التي لا تزال بحاجة إلى التحقيق. وقد تلعب الهرمونات، وهي إحدى الأدوات التي يستخدمها الجسم للإشارة إلى أن وقت الاستيقاظ أو النوم، دورًا. وقد وجد الفريق أن علاج الفئران بهرمونات مثل التستوستيرون أو الأنسولين كان له تأثير على مستويات الخلايا السرطانية المنتشرة – خفضها أو رفعها، اعتمادًا على وقت إعطاء الهرمونات.

ويقول البروفيسور دانغ إن فهم كيفية عمل هذه العملية يمكن أن يؤدي يومًا ما إلى علاجات أفضل للسرطان، لكن هذا الواقع ربما لا يزال بعيد المنال. ويضيف أن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات أولاً، لفك تشابك الشبكة المعقدة التي تربط إيقاعات الساعة البيولوجية والسرطانات.

في غضون ذلك، يحذر البروفيسور منغ من التفكير في النوم على أنه عدو للأشخاص المصابين بسرطان الثدي. فقد أظهرت بعض الدراسات أن الأشخاص المصابين بالسرطان والذين عادة ما ينامون أقل من سبع ساعات كل ليلة هم أكثر عرضة للوفاة، كما أن العبث بإيقاعات الساعة البيولوجية لدى الفئران يمكن أن يجعل السرطان يتحرك بشكل أسرع. ولا تشير النتائج إلى أنك “لست بحاجة إلى النوم، أو أنك بحاجة إلى قسط أقل من النوم”، على حد قوله. وأردف: “هذا يعني ببساطة أن هذه الخلايا تفضل مرحلة معينة من دورة الـ 24 ساعة لتنتقل إلى مجرى الدم”.

*تمت الترجمة بتصرف

المصدر:

https://doi.org/10.1038/d41586-022-01724-w

المراجع:

  1. ديامانتوبولو ز. وآخرون، Naturehttps://doi.org/10.1038/s41586-022-04875-y (2022)
  2. ايرين تي سي وآخرون، Naturehttps://doi.org/10.1038/s41586-022-04875-y (2022)
  3. كابوشيو ف. ب. وآخرون، Sleep 33, 585-92 (2010)
  4. لوثر أ. ج. وآخرون، Sleep33, 585-92 (2010)
المهندس محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *