[ مقدمة ]
تعتبر العين نافذة الإنسان على العالم، وصحتها مرآة لجودة الحياة. وفي قلب هذه المنظومة الدقيقة تكمن “الطبقة الدمعية” (Tear Film)، وهي طبقة رقيقة ومعقدة من السوائل تغطي سطح العين، لا لترطيبها فحسب، بل لتغذيتها وحمايتها من الملوثات وتوفير سطح بصري أملس وواضح للرؤية. ولكن، ماذا يحدث عندما يضطرب هذا النظام الحيوي؟
هنا يظهر “مرض جفاف العين” (Dry Eye Disease)، وهي حالة شائعة ومزعجة يعاني منها الملايين حول العالم، وتزداد انتشاراً في بيئاتنا الحديثة. إن قضاء ساعات طويلة أمام الشاشات الرقمية، والتعرض المستمر لمكيفات الهواء الباردة أو التدفئة الجافة، والتقدم في العمر، وارتداء العدسات اللاصقة، بالإضافة إلى بعض الحالات الطبية والأدوية، كلها عوامل تساهم في تبخر الدموع بسرعة أو نقص إنتاجها.
لا يقتصر الأمر على الشعور المزعج بالحرقة أو وجود ما يشبه “الرمل” في العين، بل يمكن أن يتطور جفاف العين المهمل إلى التهابات مزمنة، وتلف في سطح القرنية، وتدهور في جودة الرؤية، مما يؤثر سلباً على قدرة الشخص على أداء مهامه اليومية.

فسيولوجيا ترطيب العين: رحلة في عالم الدموع
لفهم كيفية عمل قطرات جفاف العين وأهميتها، يجب أولاً أن نغوص في عالم فسيولوجيا الترطيب الطبيعي للعين، وهي عملية معقدة ومتكاملة تشمل عدة أجزاء تشريحية ووظائف حيوية:
الجهاز الدمعي: المصنع الطبيعي للترطيب
يتكون الجهاز الدمعي (Lacrimal Apparatus) من مكونات رئيسية تعمل بتناغم لإنتاج وتوزيع وتصريف الدموع:
الغدة الدمعية الرئيسية (Main Lacrimal Gland): تقع في الجزء العلوي الخارجي من محجر العين، وهي المسؤولة عن إنتاج الجزء الأكبر من الطبقة المائية للدموع. تفرز هذه الغدة الدموع بشكل مستمر للحفاظ على رطوبة العين، وتزيد من إفرازها استجابة للمحفزات العاطفية (البكاء) أو الفيزيائية (دخول جسم غريب).
الغدد الدمعية الإضافية (Accessory Lacrimal Glands): توجد في الملتحمة والجفون، وتساهم في الإفراز الأساسي للدموع للحفاظ على الترطيب اليومي.
غدد ميبوميوس (Meibomian Glands): تقع في حواف الجفون العلوية والسفلية، وتفرز الزيوت (الليبيدات) التي تشكل الطبقة الدهنية الخارجية للدموع، والتي تمنع التبخر السريع للطبقة المائية.
الخلايا الكأسية (Goblet Cells): توجد في الملتحمة، وتفرز المخاط (الميوسين) الذي يشكل الطبقة المخاطية الداخلية التي تساعد على التصاق الدموع بسطح العين.

الطبقة الدمعية
الطبقة الدمعية ليست مجرد ماء، بل هي تركيبة معقدة من ثلاث طبقات متداخلة، يبلغ سمكها الإجمالي حوالي 3-7 ميكرومتر فقط، ولكنها تؤدي وظائف حيوية متعددة:
1. الطبقة المخاطية الداخلية (Mucin Layer): تفرزها الخلايا الكأسية في الملتحمة، وهي طبقة لزجة تلتصق مباشرة بسطح القرنية والملتحمة. وظيفتها الأساسية هي تحويل سطح العين من سطح كاره للماء (Hydrophobic) إلى سطح محب للماء (Hydrophilic)، مما يسمح بتوزيع الطبقة المائية بشكل متساوٍ ومنع تكون بقع جافة.
2. الطبقة المائية الوسطى (Aqueous Layer): تشكل حوالي 90% من سمك الطبقة الدمعية، وتفرزها الغدة الدمعية الرئيسية والغدد الإضافية. تتكون من الماء والأملاح (الصوديوم، البوتاسيوم) والبروتينات (مثل الليزوزايم والإيمونوجلوبيولين) والإنزيمات. وظائفها متعددة: ترطيب وتغذية القرنية (التي لا تحتوي على أوعية دموية)، غسل الأجسام الغريبة والبكتيريا، وتوفير وسط بصري شفاف.
3. الطبقة الدهنية الخارجية (Lipid Layer): تفرزها غدد ميبوميوس، وهي طبقة زيتية رقيقة جداً (حوالي 0.1 ميكرومتر) تغطي السطح الخارجي للطبقة المائية. وظيفتها الحاسمة هي منع التبخر السريع للطبقة المائية، وتقليل التوتر السطحي للدموع، وتوفير سطح أملس للرؤية الواضحة.


دورة حياة الدموع: من الإنتاج إلى التصريف
تُنتج الدموع بشكل مستمر بمعدل حوالي 1-2 ميكرولتر في الدقيقة. عند كل رمشة (نرمش حوالي 15-20 مرة في الدقيقة)، تنتشر الدموع بالتساوي على سطح العين بواسطة حركة الجفون. بعد ذلك، تُصرّف الدموع الزائدة عبر نقطتين صغيرتين في الزاوية الداخلية للجفنين (Puncta)، ثم تمر عبر القنوات الدمعية (Canaliculi) إلى الكيس الدمعي (Lacrimal Sac)، وأخيراً إلى القناة الأنفية الدمعية (Nasolacrimal Duct) لتصب في الأنف. هذا يفسر لماذا نشعر بطعم القطرات في الحلق أحياناً، ولماذا يسيل أنفنا عند البكاء.
ماذا يحصل عند حدوث خلل؟
يحدث جفاف العين عندما يختل هذا التوازن الدقيق. يمكن أن ينتج الخلل عن:
• نقص إنتاج الطبقة المائية (Aqueous Deficient Dry Eye): بسبب ضعف وظيفة الغدة الدمعية، كما في متلازمة شوغرن أو مع التقدم في العمر.
• زيادة التبخر (Evaporative Dry Eye): بسبب خلل في غدد ميبوميوس (Meibomian Gland Dysfunction)، مما يؤدي إلى نقص الطبقة الدهنية وتبخر الدموع بسرعة.
• خلل في الطبقة المخاطية: بسبب نقص الخلايا الكأسية أو التهاب الملتحمة المزمن.
قطرات العين: كيف تعمل؟
بعد فهم فسيولوجيا الترطيب الطبيعي، يصبح من السهل فهم كيفية عمل قطرات العين المختلفة، حيث صُممت كل منها لتعويض خلل معين في هذا النظام المعقد:
1. الدموع الاصطناعية: محاكاة للطبيعة
تعمل معظم قطرات الدموع الاصطناعية كبديل أو معزز للطبقة الدمعية الطبيعية، وتختلف مكوناتها باختلاف الهدف:
عوامل الترطيب واللزوجة (Humectants & Viscosity Agents): مواد مثل حمض الهيالورونيك (Hyaluronic Acid) تعمل كـ “مغناطيس للرطوبة”، حيث تجذب الماء وتحتفظ به على سطح العين لفترة طويلة. بينما مواد أخرى مثل كاربوكسي ميثيل السليلوز (CMC) وهيدروكسي بروبيل ميثيل سلولوز (HPMC) تزيد من لزوجة القطرة، مما يجعلها تبقى على العين لفترة أطول وتبطئ من عملية التبخر.
عوامل التزليق (Lubricants): مكونات مثل بولي إيثيلين جلايكول وبروبيلين جلايكول تعمل كطبقة انزلاقية ناعمة تقلل الاحتكاك بين الجفن وسطح العين عند الرمش، مما يوفر شعوراً فورياً بالراحة.
معززات الطبقة الدهنية (Lipid Enhancers): القطرات التي تحتوي على زيوت معدنية أو مستحلبات دهنية تعمل على تعزيز واستقرار الطبقة الدهنية، مما يقلل بشكل كبير من تبخر الدموع، وهي مفيدة خاصة في حالات خلل غدد ميبوميوس.
2. الأدوية الموصوفة: استهداف الالتهاب
في الحالات المزمنة، يكون جفاف العين مرتبطاً بحلقة مفرغة من الالتهاب. هذه الأدوية لا تهدف فقط إلى الترطيب، بل إلى كسر هذه الحلقة:
Lifitegrast (Xiidra): يعمل هذا الدواء كـ “حارس بوابة” جزيئي. يمنع التصاق خلايا مناعية معينة (الخلايا التائية) بسطح العين عن طريق حجب بروتين يسمى (LFA-1). بمنع هذا الالتصاق، يقلل (Xiidra) من إطلاق المواد الالتهابية (السيتوكينات)، مما يسمح لسطح العين بالبدء في الشفاء وتقليل الأعراض. يتميز ببدء مفعوله السريع نسبياً، حيث أظهرت الدراسات تحسناً في الأعراض لدى بعض المرضى في غضون أسبوعين من بدء الاستخدام المنتظم مرتين يومياً.
Cyclosporine (Restasis, Cequa): يعمل هذا الدواء كـ “منظم” للجهاز المناعي. يقوم بتثبيط نشاط الخلايا التائية المسؤولة عن الالتهاب الذي يهاجم الغدد الدمعية ويقلل من إنتاجها للدموع. بمرور الوقت، ومع انخفاض الالتهاب، تستعيد الغدد الدمعية قدرتها على إنتاج المزيد من الدموع الطبيعية. يتطلب استخدامه بانتظام لعدة أشهر (3-6 أشهر) لملاحظة التأثير الكامل.
3. العلاجات البيولوجية: قوة الشفاء الذاتي
تمثل هذه العلاجات قمة التطور في علاج جفاف العين، حيث تستخدم مكونات الجسم نفسه لتجديد سطح العين:
المصل الذاتي (Autologous Serum) والبلازما الغنية بالصفائح (PRP): يتم تحضير هذه القطرات من دم المريض. الفكرة هنا هي توفير “كوكتيل علاجي” طبيعي 100%. هذا الكوكتيل غني جداً بعوامل النمو (مثل EGF, PDGF, TGF-β)، والفيتامينات (A, E, K)، والأجسام المضادة، والبروتينات التي لا توجد في أي قطرة مصنعة.
هذه المكونات لا ترطب فقط، بل تعمل بنشاط على إصلاح الخلايا التالفة، وتقليل الالتهاب، وتعزيز تجدد الأنسجة على سطح القرنية والملتحمة، مما يوفر حلاً علاجياً وليس مجرد حل مؤقت للأعراض.
تُستخدم هذه العلاجات في الحالات الشديدة والمستعصية مثل متلازمة شوغرن، والعيوب الظهارية المستمرة، وما بعد عمليات زراعة القرنية.

أبرز القطرات في السوق السعودي
للمساعدة في التعرف على المنتجات المختلفة، نستعرض هنا مجموعة من أبرز قطرات العين المرطبة والأدوية الموصوفة المتوفرة في الصيدليات السعودية والمسجلة لدى هيئة الغذاء والدواء:
عائلة سيستان (Systane)


عائلة ريفريش (Refresh)



قوة حمض الهيالورونيك: ترطيب عميق وطويل الأمد




عائلة أرتيلاك (Artelac)


الأدوية الموصوفة: علاج من جذور المشكلة


صلاحية قطرات ترطيب العين بعد الفتح:
أولاً: قطرات الترطيب متعددة الاستخدامات (التي تحتوي على مواد حافظة):
تحتوي هذه القطرات على مواد حافظة تمنع نمو البكتيريا والفطريات داخل العبوة بعد فتحها. ومع ذلك، فإن فعالية هذه المواد الحافظة تتراجع تدريجياً مع مرور الوقت والاستخدام المتكرر. لذلك، يجب التخلص من العبوة بعد 28 إلى 90 يوماً من الفتح (حسب تعليمات الشركة المصنعة)، حتى لو كانت لا تزال تحتوي على كمية كبيرة من السائل. من المهم جداً كتابة تاريخ الفتح على العبوة لتجنب استخدامها بعد انتهاء صلاحيتها، حيث إن استخدام قطرات منتهية الصلاحية قد يؤدي إلى تهيج العين أو عدوى خطيرة.
ثانياً: قطرات الترطيب ذات الاستخدام الواحد (الخالية من المواد الحافظة):
تأتي هذه القطرات في أمبولات صغيرة معقمة مصممة للاستخدام الفوري والوحيد فقط. نظراً لعدم احتوائها على مواد حافظة، فإنها تصبح عرضة للتلوث الجرثومي فور فتحها وتعرضها للهواء. يجب استخدام محتوى الأمبولة كاملاً في نفس الجلسة والتخلص من أي كمية متبقية فوراً. لا تحاول أبداً إعادة غلق الأمبولة أو حفظها لاستخدامها لاحقاً، فهذا يعرض عينيك لخطر العدوى الشديدة التي قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة.
نصيحة ذهبية:
إذا لاحظت أي تغير في لون القطرة، أو ظهور عكارة، أو رائحة غريبة، أو إذا شعرت بحرقة غير معتادة عند استخدامها، توقف فوراً عن استخدامها وتخلص منها. صحة عينيك لا تقدر بثمن، والالتزام بتعليمات الصلاحية هو أبسط وأهم خطوة للحفاظ عليها.

نصائح عملية لعناية متكاملة
ثمة قاعدة مهمة في علاجات جفاف العين هي: لا يوجد علاج واحد يناسب الجميع. فجفاف العين ليس مرضاً واحداً، بل هو مجموعة من الحالات التي تختلف في أسبابها وشدتها. القطرة التي تأتي بنتائج ممتازة مع شخص قد لا تكون فعالة مع شخص آخر. من هنا، تبرز الأهمية القصوى لـ استشارة طبيب العيون.
إن الطبيب المختص هو الوحيد القادر على تشخيص نوع جفاف العين الذي تعاني منه بدقة – هل هو ناتج عن نقص في إنتاج الدموع (Aqueous Deficient) أم زيادة في تبخرها (Evaporative) أم مزيج من الاثنين؟ – وبناءً على هذا التشخيص، يمكنه وضع خطة علاجية مخصصة لك. يستخدم الأطباء اختبارات متعددة مثل اختبار شيرمر (Schirmer Test) لقياس إنتاج الدموع، واختبار وقت تفكك الطبقة الدمعية (Tear Break-Up Time)، وفحص غدد ميبوميوس، لتحديد السبب الدقيق.
وإلى جانب الالتزام بالعلاج الذي يصفه الطبيب، هناك عادات يومية بسيطة يمكن أن تحدث فرقاً كبيراً في إدارة جفاف العين والوقاية منه:
قاعدة 20-20-20: عند استخدام الشاشات الرقمية، خذ استراحة كل 20 دقيقة، وانظر إلى شيء يبعد عنك 20 قدماً (حوالي 6 أمتار)، لمدة 20 ثانية. هذا يريح عضلات العين ويحفز الرمش الطبيعي الذي يقل بنسبة تصل إلى 60% عند التركيز في الشاشات.
تذكر أن ترمش بشكل كامل: عند التركيز في الشاشات أو القراءة، يقل معدل الرمش بشكل كبير، وغالباً ما يكون الرمش غير مكتمل. حاول أن ترمش بشكل كامل وبطيء من وقت لآخر لتوزيع الدموع على سطح العين وتحفيز إفراز الزيوت من غدد ميبوميوس.
حسن بيئتك: استخدم جهاز ترطيب الهواء (Humidifier) في المنزل والمكتب، خاصة في فصل الشتاء أو في البيئات الجافة. تجنب توجيه مراوح الهواء أو مكيفات السيارة مباشرة إلى وجهك. ارتدِ نظارات شمسية ملتفة (Wraparound) في الخارج لحماية عينيك من الرياح والغبار.
نظافة الجفون وتدليكها: اهتم بنظافة جفونك بانتظام باستخدام مناديل مخصصة أو كمادات دافئة، خاصة إذا كنت تعاني من التهاب الجفون (Blepharitis) أو خلل في غدد ميبوميوس. ضع كمادات دافئة على الجفون المغلقة لمدة 5-10 دقائق يومياً، ثم قم بتدليك الجفون بلطف لتحفيز إفراز الزيوت من الغدد.
الترطيب من الداخل والتغذية السليمة: اشرب كمية كافية من الماء على مدار اليوم (8-10 أكواب). كما تشير بعض الدراسات إلى أن الأطعمة الغنية بأحماض أوميغا-3 الدهنية (مثل السلمون، السردين، بذور الكتان، والجوز) قد تساعد في تحسين جودة الطبقة الدهنية للدموع وتقليل الالتهاب.
نصائح عملية لاختيار واستخدام قطرات ترطيب العين
1. استشارة الطبيب أو الصيدلي: أفضل طريقة لاختيار القطرة المناسبة هي استشارة طبيب العيون أو الصيدلي، خاصة إذا كانت الأعراض شديدة أو مستمرة.
2. تحديد شدة الجفاف: – جفاف خفيف: قطرات مائية بسيطة تكفي. – جفاف متوسط: قطرات معززة بمرطبات إضافية. – جفاف شديد: قطرات معززة + جل ليلي، أو استشارة الطبيب للقطرات الموصوفة.
3. تكرار الاستخدام: – استخدام أقل من 4 مرات يومياً: قطرات مع مواد حافظة مقبولة. – استخدام أكثر من 4 مرات يومياً: قطرات خالية من المواد الحافظة.
4. طريقة الاستخدام الصحيحة: – اغسل يديك جيداً قبل الاستخدام. – أمِل رأسك للخلف وانظر للأعلى. – اسحب الجفن السفلي برفق لتكوين جيب صغير. – ضع القطرة في الجيب (وليس مباشرة على القرنية). – أغلق عينك برفق لمدة 1-2 دقيقة دون الضغط. – لا تلمس طرف القطارة بأي سطح.
5. التخزين: – احفظ القطرة في درجة حرارة الغرفة (ما لم يُذكر خلاف ذلك). – أغلق العبوة بإحكام بعد كل استخدام. – تخلص من القطرة بعد انتهاء صلاحيتها أو بعد المدة المحددة من الفتح.
[بعد الفراغ من قطرات ترطيب العين، أجد من المناسب التطرق لمحاليل العدسات اللاصقة لإثراء المقال]
أنواع محاليل العدسات اللاصقة
تعتبر العدسات اللاصقة من الوسائل الشائعة لتصحيح النظر، حيث يعتمد عليها ملايين الأشخاص في حياتهم اليومية. ومع تزايد استخدام العدسات اللاصقة، تبرز أهمية العناية بها بشكل صحيح للحفاظ على صحة العين وسلامتها. تلعب محاليل حفظ العدسات اللاصقة دوراً حيوياً في هذه العملية، حيث تقوم بتنظيف العدسات وتطهيرها وترطيبها، مما يمنع تراكم الرواسب والميكروبات التي قد تسبب مضاعفات خطيرة للعين.
تتنوع محاليل العدسات اللاصقة المتوفرة في السوق بناءً على تركيبتها الكيميائية ووظيفتها. يمكن تقسيمها إلى الأنواع الرئيسية التالية:

المحاليل متعددة الاستخدامات (Multi-Purpose Solutions – MPS):
تعتبر هذه المحاليل الخيار الأكثر شيوعاً وانتشاراً بين مستخدمي العدسات اللاصقة، وذلك لسهولة استخدامها وقدرتها على أداء عدة وظائف في منتج واحد، حيث تقوم بالتنظيف، والتطهير، والشطف، والتخزين. تحتوي هذه المحاليل على مواد مرطبة تزيد من راحة العين أثناء ارتداء العدسات.
المحاليل المالحة (Saline Solutions):
تتكون هذه المحاليل بشكل أساسي من ماء مالح معقم، وهي مصممة لتكون لطيفة على العين ومتوافقة مع سوائلها الطبيعية. تستخدم المحاليل الملحية بشكل أساسي لشطف العدسات قبل وضعها في العين، ولكنها لا تحتوي على مواد مطهرة أو منظفة، وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليها وحدها لحفظ العدسات.
محاليل بيروكسيد الهيدروجين (Hydrogen Peroxide Solutions):
توفر هذه المحاليل تنظيفاً وتطهيراً عميقاً للعدسات، وهي خيار ممتاز للأشخاص ذوي العيون الحساسة أو الذين يعانون من حساسية تجاه المواد الحافظة الموجودة في المحاليل متعددة الاستخدامات. تتطلب هذه المحاليل عملية “تحييد” خاصة باستخدام قرص محفز أو علبة خاصة لتحويل بيروكسيد الهيدروجين إلى ماء وأكسجين قبل أن تصبح العدسات آمنة للارتداء. تستغرق هذه العملية عادة حوالي 6 ساعات.
المنظفات الإنزيمية (Enzymatic Cleaners):
تستخدم هذه المنظفات لإزالة رواسب البروتين التي تتراكم على سطح العدسات اللاصقة مع مرور الوقت، خاصة مع العدسات طويلة الاستخدام. تأتي عادة على شكل أقراص تضاف إلى محلول الحفظ بشكل أسبوعي أو دوري، وتعمل على تفكيك البروتينات والحفاظ على شفافية العدسة.
المكونات الكيميائية لمحاليل العدسات
تتكون محاليل العدسات اللاصقة من مزيج معقد من المواد الكيميائية التي تعمل معاً لتوفير بيئة آمنة وصحية للعدسات. تشمل المكونات الرئيسية ما يلي:

معايير اختيار محلول العدسات المناسب
يعتمد اختيار المحلول المناسب على عدة عوامل شخصية وطبية، وينصح دائماً باستشارة طبيب العيون أو أخصائي البصريات قبل اتخاذ القرار. تشمل أهم المعايير ما يلي:
- نوع العدسات اللاصقة: تختلف متطلبات العدسات اللينة عن العدسات الصلبة، والعدسات اليومية عن العدسات طويلة الاستخدام.
- حساسية العين: الأشخاص ذوو العيون الحساسة قد يحتاجون إلى محاليل خالية من المواد الحافظة مثل محاليل بيروكسيد الهيدروجين.
- نمط الحياة: المحاليل متعددة الاستخدامات تعتبر خياراً عملياً للأشخاص كثيري التنقل والسفر.

إرشادات الاستخدام الآمن
لضمان الاستخدام الآمن لمحاليل العدسات اللاصقة وتجنب المضاعفات، يجب اتباع الإرشادات التالية بدقة:
• غسل اليدين جيداً بالماء والصابون وتجفيفهما قبل لمس العدسات.
• فرك العدسة بلطف بالمحلول لتنظيفها من الرواسب.
• شطف العدسة جيداً بالمحلول قبل وضعها في علبة الحفظ.
• استخدام محلول جديد في كل مرة يتم فيها تخزين العدسات، وعدم إعادة استخدام المحلول القديم.
• تنظيف علبة العدسات بالمحلول وتركها لتجف في الهواء.
• استبدال علبة العدسات بشكل دوري (كل 1-3 أشهر).
• عدم استخدام الماء العادي أو المقطر أو اللعاب لتنظيف أو تخزين العدسات.
• الالتزام بتاريخ صلاحية المحلول والتخلص منه بعد انتهاء المدة المحددة.

في الختام، إن العناية بصحة عينيك هي استثمار في جودة حياتك بأكملها. بالمعرفة الصحيحة، والاستشارة الطبية المتخصصة، وتبني عادات يومية صحية، يمكنك السيطرة على أعراض جفاف العين والحفاظ على نافذتك على العالم صافية وبراقة. تذكر دائماً أن عينيك أمانة، وأن الوقاية خير من العلاج، وأن الكشف المبكر والعلاج المناسب يمكن أن يمنع تطور المشكلة إلى مضاعفات أكثر خطورة.

علوم القطيف مقالات علمية في شتى المجالات العلمية