Alzheimer’s And Cancer May Soon Be Treated With Sounds We Can’t Hear
(Richard J. Price, The Conversation – بقلم: ريتشارد ج. برايس[1]، مجلة “ذا كونفرسيشن)
تُستخدم الموجات الصوتية بترددات أعلى من قدرة السمع البشري بشكل روتيني في الرعاية الطبية. وتُعرف هذه الموجات أيضًا بالموجات فوق الصوتية، وهي تُساعد الأطباء في تشخيص الأمراض ومراقبتها، كما تُتيح التعرف على ملامح المولود القادم من أفراد عائلتك.
والآن، المرضى الذين يعانون من حالات تتراوح من السرطان إلى الأمراض العصبية التنكسية مثل الزهايمر قد يستفيدون قريبًا من التطورات الحديثة في هذه التقنية.

أنا مهندس طب حيوي أدرس كيفية ضبط الموجات فوق الصوتية المركزة – تركيز طاقة الصوت في حجم معين – لعلاج حالات مختلفة.
وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، شهدت هذه التقنية نموًا واستخدامًا كبيرين في العيادات. ويواصل الباحثون اكتشاف طرق جديدة لاستخدام الموجات فوق الصوتية المركزة لعلاج الأمراض.
تاريخ موجز للموجات فوق الصوتية المركزة
تُولّد الموجات فوق الصوتية باستخدام مسبار يحتوي على مادة تُحوّل التيار الكهربائي إلى اهتزازات، والعكس صحيح. وعندما تمر الموجات فوق الصوتية عبر الجسم، تنعكس عن حدود أنواع مختلفة من الأنسجة. ويكتشف المسبار هذه الانعكاسات ويُحوّلها مرة أخرى إلى إشارات كهربائية يمكن لأجهزة الكمبيوتر استخدامها لإنشاء صور لتلك الأنسجة.
وقبل أكثر من 80 عامًا، اكتشف العلماء أن تركيز هذه الموجات فوق الصوتية في حجم حبة أرز تقريبًا يمكن أن يُسخّن أنسجة الدماغ ويُدمّرها. ويُشبه هذا التأثير تركيز ضوء الشمس باستخدام عدسة مكبرة لإشعال ورقة شجر جافة.
وقد بدأ الباحثون الأوائل باختبار كيفية استخدام الموجات فوق الصوتية المُركّزة في علاج الاضطرابات العصبية والألم، وحتى السرطان.

ومع ذلك، ورغم هذه النتائج الأولية، واجه تطبيق الموجات فوق الصوتية المركزة في العيادات عقبات تقنية. فعلى سبيل المثال، نظرًا لامتصاص الجمجمة لطاقة الموجات فوق الصوتية، فقد ثبت صعوبة إرسال حزم تركيز عالية الطاقة بما يكفي للوصول إلى أنسجة الدماغ التالفة.
وفي نهاية المطاف، تغلب الباحثون على هذه المشكلة من خلال دمج مجموعات كبيرة من محولات الموجات فوق الصوتية – وهي المجسات التي تحوّل الإشارات الكهربائية والاهتزازات – مع معلومات مبنية على الصور حول شكل الجمجمة وكثافتها. وقد سمح هذا التغيير للباحثين بضبط الحزم بدقة أكبر على أهدافها.
ولم يتحقق وعد الموجات فوق الصوتية في العيادات إلا بعد أن أحرز العلماء تقدمًا كبيرًا في تقنية التصوير والفيزياء الصوتية في السنوات الأخيرة. وقد أُنجزت مئات التجارب السريرية التي تهدف إلى علاج عشرات الحالات، أو لا تزال جارية.
وحقق الباحثون نجاحًا ملحوظًا في حالة تُسمى الرعشة الأساسية، والتي تؤدي إلى ارتعاش لا إرادي، عادةً في اليدين. وتُجرى الآن علاجات الموجات فوق الصوتية المركزة للرعشة الأساسية بشكل روتيني في العديد من المواقع حول العالم.
وأعتقد أن بعض التطبيقات الأكثر إثارةً للموجات فوق الصوتية المركزة تشمل تحسين توصيل الأدوية إلى الدماغ، وتحفيز الاستجابات المناعية ضد السرطان، وعلاج الأمراض النادرة في الجهاز العصبي المركزي.
توصيل الأدوية إلى الدماغ
يُعدّ الحاجز الدموي الدماغي الحل الأمثل الذي توصل إليه التطور لإبعاد المواد الضارة عن هذا العضو الحيوي. ويتكون الحاجز الدموي الدماغي من خلايا مترابطة بإحكام تُبطّن الأوعية الدموية من الداخل.
ويسمح الحاجز الدموي الدماغي فقط لأنواع معينة من الجزيئات بدخول الدماغ، مما يحميه من مسببات الأمراض والسموم. ومع ذلك، يُمثل الحاجز الدموي الدماغي مشكلةً في علاج الأمراض لأنه يمنع العلاجات من الوصول إلى هدفها المقصود.
وقبل أكثر من 20 عامًا، أثبتت دراسات رائدة أن إرسال نبضات منخفضة الكثافة من الموجات فوق الصوتية المركزة يمكن أن يفتح الحاجز الدموي الدماغي مؤقتًا عن طريق التسبب في تذبذب فقاعات دقيقة في الأوعية الدموية.
ويدفع هذا التذبذب ويسحب جدران الأوعية المحيطة، مما يفتح مسامًا صغيرة لفترة وجيزة تسمح للأدوية في مجرى الدم باختراق الدماغ. والأمر الحاسم هنا هو أن حاجز الدم في الدماغ ينفتح فقط في المكان الذي يتم فيه تطبيق الموجات فوق الصوتية المركزة.
شاهد الموجات فوق الصوتية المركزة تُمكّن الأدوية من الوصول إلى مناطق مُستهدفة من الدماغ:
![]()
وبعد سنوات عديدة من اختبار سلامة هذه التقنية وتحسين التحكم في طاقة الموجات فوق الصوتية، طوّر الباحثون عدة أجهزة تستخدم الموجات فوق الصوتية المركزة لفتح الحاجز الدموي الدماغي للعلاج.
وتُجرى حاليًا تجارب سريرية لاختبار قدرة هذه الأجهزة على إيصال الأدوية إلى الدماغ لعلاج حالات مثل الورم الأرومي الدبقي (النوع الأكثر عدوانية والأكثر شيوعًا من السرطان الذي ينشأ في المخ، وله تشخيص ضعيف جدًا للبقاء على قيد الحياة. المصدر: ويكيبيديا)، ونقائل الدماغ، ومرض الزهايمر.
وفي موازاة ذلك، أُحرز تقدم كبير في تطوير علاجات جينية للعديد من أمراض الدماغ. ويتضمن العلاج الجيني إصلاح أو استبدال المادة الوراثية المعيبة لعلاج مرض محدد.
ويُمثّل تطبيق العلاج الجيني على الدماغ تحديًا خاصًا لأن هذه العلاجات لا تعبر عادةً الحاجز الدموي الدماغي.
وقد أظهرت الدراسات على الحيوانات أن استخدام الموجات فوق الصوتية المركزة لفتح الحاجز الدموي الدماغي يُمكن أن يُسهّل إيصال العلاجات الجينية إلى أهدافها المقصودة في الدماغ، مما يفتح الباب أمام اختبار هذه التقنية على البشر.
تحفيز الاستجابات المناعية ضد السرطان
يُوجّه العلاج المناعي للسرطان جهاز المناعة لدى المريض لمُكافحة المرض. ومع ذلك، يُعاني العديد من المرضى – وخاصةً مرضى سرطان الثدي وسرطان البنكرياس والورم الأرومي الدبقي – من أورام “باردة” مناعيًا، أي أنها لا تستجيب للعلاجات المناعية التقليدية.
وقد اكتشف الباحثون أن الموجات فوق الصوتية المُركزة يُمكنها تدمير الأورام الصلبة بطرق تُمكّن الجهاز المناعي من التعرّف على الخلايا السرطانية وتدميرها بشكل أفضل.
وإحدى طرق تحقيق الموجات فوق الصوتية المُركزة ذلك هي تحويل الأورام إلى حطام يتدفق حرفيًا إلى العقد الليمفاوية. وبمجرد أن تواجه الخلايا المناعية في العقد الليمفاوية هذه الحطام، يمكنها بدء استجابة مناعية خاصة ضد السرطان.
و مستوحاة من هذه الاختراقات، أنشأت جامعة فرجينيا في عام 2022 أول مركز عالمي لعلاج الأورام المناعية بالموجات فوق الصوتية المُركزة لدعم الأبحاث في هذا المجال ودفع أكثر الأساليب الواعدة إلى العيادات.
وعلى سبيل المثال، يُجري زملائي تجربة سريرية في المركز لاختبار استخدام الموجات فوق الصوتية المُركزة والعلاج المناعي لعلاج مرضى سرطان الجلد المُتقدم.
علاج الأمراض النادرة بالموجات فوق الصوتية المركزة
ركزت أبحاث الموجات فوق الصوتية المركزة بشكل أساسي على أكثر الأمراض انتشارًا وتدميرًا، مثل السرطان ومرض الزهايمر. ومع ذلك، أعتقد أن التطورات الإضافية في مجال الموجات فوق الصوتية المركزة، وزيادة استخدامها في العيادات، ستعود بالنفع في نهاية المطاف على مرضى الأمراض النادرة.
ومن الأمراض النادرة التي تثير اهتمامي بشكل خاص التشوهات الكهفية الدماغية[2] (Cerebral Cavernous Malformation – CCM). والتشوهات الكهفية الدماغية هي آفات في الدماغ تحدث عندما تنمو الخلايا المكونة للأوعية الدموية بشكل غير منضبط. وعلى الرغم من ندرتها، إلا أنها عندما تنمو وتنزف، يمكن أن تسبب أعراضًا عصبية منهكة.
ويُعد الاستئصال الجراحي لآفات الدماغ هو العلاج الأكثر شيوعًا للتشوهات الكهفية الدماغية؛ ومع ذلك، تقع بعض التشوهات الكهفية الدماغية في مناطق من الدماغ يصعب الوصول إليها، مما يزيد من خطر حدوث آثار جانبية. ويُعد الإشعاع خيارًا علاجيًا آخر، ولكنه أيضًا يمكن أن يؤدي إلى آثار جانبية خطيرة.
وقد وجدنا أن استخدام الموجات فوق الصوتية المركزة لفتح الحاجز الدموي الدماغي يمكن أن يُحسّن من توصيل الدواء إلى التشوهات الكهفية الدماغية. بالإضافة إلى ذلك، لاحظنا أيضًا أن العلاج بالموجات فوق الصوتية المركزة بحد ذاته يمكن أن يوقف نمو التشوهات الكهفية الدماغية لدى الفئران، حتى بدون إعطاء دواء.
وفي حين أننا لا نفهم بعد كيف تُسهم الموجات فوق الصوتية المركزة في استقرار التشوهات الكهفية الدماغية، إلا أن الأبحاث الوفيرة حول سلامة استخدام هذه التقنية لدى المرضى الذين يُعالجون من حالات أخرى سمحت لجراحي الأعصاب بالبدء في تصميم تجارب سريرية لاختبار استخدام هذه التقنية على الأشخاص المصابين بالتشوهات الكهفية الدماغية.
ومع المزيد من الأبحاث والتطورات، يحدوني الأمل في أن تُصبح الموجات فوق الصوتية المركزة خيارًا علاجيًا فعالًا للعديد من الأمراض النادرة الخطيرة.
*تمت الترجمة بتصرف
المصدر:
https://www.sciencealert.com/alzheimers-and-cancer-may-soon-be-treated-with-sounds-we-cant-hear
الهوامش:
[1] البروفيسور ريتشارد ج برايس، أستاذ الهندسة الطبية الحيوية، جامعة فيرجينيا.
[2] التشوهات الكهفية الدماغية (CCMs) هي آفات وعائية مرتبطة بنوبات ونزيف واختلالات عصبية. ويُشكل الشكل العائلي من التشوهات الكهفية الدماغية ما يقارب 20% من الحالات، ويظهر بآفات متعددة البؤر في الدماغ والحبل الشوكي، بينما يتضمن الشكل المتفرق الأكثر شيوعًا آفة واحدة. تشمل علاجات التشوهات الكهفية الدماغية الاستئصال الجراحي والجراحة الإشعاعية التجسيمية، بالإضافة إلى إدارة الأعراض (مثل النوبات). يتطلب الاستئصال الجراحي أو الإشعاعي للآفات في المناطق البليغة دراسة متأنية نظرًا لاحتمالية الاعتلال والوفاة، ولا يُنصح بهذه العلاجات للآفات غير المصحوبة بأعراض. تهدف هذه المراجعة السردية إلى وصف الوضع الحالي لعلاجات التشوهات الكهفية الدماغية، مع التركيز على العلاجات الدوائية المحتملة ذات الصلة سريريًا والتي تهدف إلى استهداف الإشارات الجزيئية الشاذة المرتبطة بالتشوهات الكهفية الدماغية. المصدر: Current and Future Treatment Options for Cerebral Cavernous Malformations | Stroke: Vascular and Interventional Neurology

علوم القطيف مقالات علمية في شتى المجالات العلمية