كيف تفهم أدمغتنا أفعال وتصرفات الأخرين – ترجمة عدنان احمد الحاجي

How Our Brain Understands Human Actions
(بقلم: كارولين ستورمر – Karoline Stürmer)

كيف نتعرف على أفعال الآخرين وتصرفاتهم ونفسرها – سواء أكانوا يحييون صديقًا، أو يرحبون به، أو يعدون وجبة غذائية معًا، أو يمارسون لعبة رياضية؟ في الحياة اليومية، نواجه باستمرار الحاجة إلى تفسير تصرفات الآخرين، على سبيل المثال، حين نمارس الرياضة معًا، أو حين نتحدث مع بعضنا، أو في طريقنا مع بعض إلى العمل.

العمليات العقلية التي تُمكّننا من تمييز وتفسير وتصنيف أفعال الآخرين في الحياة اليومية.

تناولت دراسة جديدة(1) أجراها أندريه بوكس (André Bockes)، طالب الدكتوراه في قسم علم الأعصاب الإدراكي، واالبريفسور أنجليكا لينغناو (Angelika Lingnau)، بالتعاون مع البرفيسور مارتن هيبارت (Martin Hebart) من جامعة يوستوس ليبيش في غيسن الألمانية، هذا السؤال، وذلك بتصميم نموذج حوسبي لكيف ندرك ذهنيًا أفعال وتصرفات الآخرين، ونصنفها. هدف الفريق كان لاكتشاف البنية الأساسية للمجال المفاهيمي للأفعال – أي كيف تُصنّف أدمغتنا الأنشطة اليومية التي يمارسها الناس ومدى العلاقة بينها.

أنواع من الأفعال البشرية
باستخدام مجموعة مختارة بعناية من 768 مقطع فيديو قصيرًا تغطي 256 نوعًا من الأفعال البشرية، قام أكثر من 6 آلاف مشارك بتقييم مدى تشابه هذه الأفعال كما تبدو لهم. بناءً على هذه التقييمات، صمم الباحثون نموذجًا حوسبيًا متعدد الأبعاد يوضح مدى علاقة الأنشطة المختلفة ببعضها في أذهاننا.

تحليل الباحثين لبيانات هذه المقاطع كشف عن 28 بُعدًا مفيدًا، وهو بمثابة “خريطة” للأفعال البشرية في مساحتنا العقلية، مثل التفاعل الاجتماعي أو الحرف اليدوية أو وجود عدة أشخاص في مشهد ما – والتي غطت الطرق الأساسية التي ندرك بها الأفعال البشرية ونصنفها في الذهن.

أنواع من الأفعال البشرية

يقدم هذا الإطار رؤى جديدة حول كيف تصنف أدمغتنا تصرفات متنوعة وغنية بالمعلومات، التي نلاحظها كل يوم. تقول البروفيسور أنجليكا لينغناو: “الأبعاد التي حددناها في هذه الدراسة مكّنتنا من معرفة مدى التشابه كميَا بين مختلف الأفعال والتصرفات، حيث يشغل كل نوع من الأفعال موقعًا في هذه المساحة الذهنية. فكلما اقترب فعلان، بدا التشابه بينهما في الذهن أكبر.

تلعب التمثيلات الذهنية دورًا محوريًا في كشف كيف يقوم الدماغ بترميز وتخزين ومقارنة وتنظيم وتصنيف وتفسير الأفعال المرصودة المختلفة، وليس التركيز على السمات الظاهريّة (مثل الحركة أو أجزاء الجسم)، كما سعى الباحثون إلى تحديد الأبعاد الرئيسة التي تُمثل الأفعال من خلالها في الدماغ (الصور الذهنية للفعل).

وبنمذجة هذه التمثيلات الذهنية، تمكن الباحثون من تحديد أوجه التشابه بين الأفعال المختلفة (مثل “الجري” مقابل “المشي” مقابل “الرمي”). والتنبؤ بالاستجابات السلوكية والعصبية للأفعال الجديدة غير المرئية بناءً على هذه الأبعاد.

وبعبارة أخرى، تُشكّل التمثيلات الذهنية حلقة وصل بين ما نراه (الأفعال البشرية الديناميكية) وما نفهمه (معناها، أو غايتها، أو تصنيفها). وتتمثل المساهمة الرئيسة للدراسة في جعل أبعاد التمثيلات (الصور الذهنية) الخفية هذه قابلة للقياس وواضحة.

وكشفت الدراسة أن فهمنا لأفعال الآخرين ليس عشوائيًا أو أحادي البُعد، بل هو مُنظّم في أبعاد مُتعددة ومفيدة، تعكس الجوانب الاجتماعية والوظيفية والإدراكية للحياة البشرية.

هذا النموذج الحوسبي ربط بين علم السلوك وعلم الأعصاب، مما وفر أساسًا للدراسات المستقبلية لوضع تنبؤات دقيقة لها، التي قد تستكشف، باستخدام التجارب السلوكية وتقنيات تصوير الدماغ (التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، وتخطيط كهربية الدماغ)، سلوك الناس وكيفية عمل أدمغتهم عند ملاحظة وتفسير وفهم تصرفات الآخرين في السياقات الاجتماعية المختلفة واستنتاج أفكارهم ومشاعرهم، وذلك من أجل التفاعل معهم بشكل لائق.

كما يرجو الباحثون من خلالها أن يتمكنوا من معرفة كيف تؤثر العوامل الثقافية أو التنموية في إدراك الأفعال، بالإضافة إلى كيف يُمكن للاضطرابات العصبية (مثل التوحد) أن تؤثر في التفاعل الاجتماعي.

الهوامش:
1- https://www.nature.com/articles/s44271-025-00338-y

المصدر الرئيس:
https://www.uni-regensburg.de/en/university/news-events/news/news/28-10-2025_how-our-brain-understands-human-actions

الأستاذ عدنان أحمد الحاجي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *