الصين تنفق أموالاً على رقائق الدماغ التي تعطي المصابين بالشلل تحكما أكثر – ترجمة* محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

China pours money into brain chips that give paralysed people more control
(Smriti Mallapaty – بقلم: سمريتي مالاباتي)

واجهات الدماغ – الحاسوب التي تجرب في الصين تعطي بعض المزايا مقارنة بشركة “نيورالينك” وغيرها من الأجهزة الرائدة في الولايات المتحدة.

يعد جهاز الدماغ العميق الذي يسمح لرجل بلا أطراف بلعب ألعاب الكمبيوتر واحد من عدد متزايد من واجهات الدماغ والحاسوب (BCIs) التي يتم تجربتها على الأشخاص في الصين.

يُشبه نظام واجهة الدماغ والحاسوب، الذي طورته شركة التقنية الطبية “ستيرميد” (StairMed) في شنغهاي، الصين، الغرسات التي تُجرّبها شركة “نيورالينك”، التي يملكها إيلون ماسك، ومقرها مدينة فريمونت بولاية كاليفورنيا، على البشر. ويحتوي جهاز “ستيرميد” على مجسات أقل من جهاز “نيورالينك”، ولكنه أصغر حجمًا وأقل تداخلاً [جراحيًا].

تمتلك الصين بنية تحتية طبية وكثافة سكانية عالية لاختبار فعالية غرسات الدماغ. حقوق الصورة: تشن تشونغهاو/شينخوا/ألامي

مقارنةً بالولايات المتحدة، لا تتمتع الصين بتاريخ طويل في هذا المجال، والعديد من الأجهزة التي تُجرّب هناك هي نسخ مبسطة من تلك التي طورتها شركات أمريكية، كما يقول الباحثون. لكن يقول البروفيسور تشنغوو ليو، مهندس كهربائي في جامعة هونغ كونغ: “إن أبحاث واجهات الدماغ والحاسوب في الصين تتطور بسرعة كبيرة”.

ويقول البروفيسور كريستيان هيرف، مهندس أعصاب في جامعة ماستريخت في هولندا، والذي شارك في تنظيم اجتماع حول واجهة الدماغ والحاسوب في شنغهاي العام الماضي [2024]، إن الباحثين في الصين يطورون هذا المجال على عدة جبهات، مثل تحسين الخوارزميات المستخدمة لفك تشفير البيانات العصبية وأجهزة الزرع.

وقد حددت الحكومة الصينية أنظمة الدماغ والحاسوب كمجال ذي أولوية للابتكار، وتضخ وكالات التمويل الأموال في هذا المجال. ويقول البروفيسور يوانينغ لي، عالم الأعصاب الحاسوبي في جامعة شنغهاي للتقنية: “يشارك الكثير من العلماء الشباب في هذه الموجة الجديدة من واجهة الدماغ والحاسوب” في الصين ولديهم علاقات مع الصناعة.

ويقول البروفيسور لي أيضًا إن البلاد لديها البنية التحتية الطبية والسكان لاختبار التقنيات والتحقق من صحتها. ويضيف: “يمكن أن يفيد التقدم المحرز هنا المرضى والباحثين في جميع أنحاء العالم”. وقد أعلنت العديد من الفرق عن النتائج الأولية للتجارب في المراحل المبكرة، ولكن لم تتم مراجعة أي منها من قبل الأقران.

على السطح
أحد أجهزة الدماغ والحاسوب التي تُجرَّب على البشر هو جهاز لاسلكي قليل التدخل يُسمى “نيو” (NEO)، يُمكنه استعادة حركة اليد لدى شخص مصاب بالشلل باستخدام قفاز هوائي. وتُوضع ثمانية مجسات على المادة الجافية، الغشاء الخارجي المحيط بالدماغ(2).

ويقول البروفيسورهونغ بو، مهندس الطب الحيوي في جامعة تسينغهوا في بكين، والمشارك في قيادة التجربة، إن أول شخص حصل على الجهاز، في أكتوبر 2023، تمكن من تقوية وتسريع قبضته، والآن، بعد أن عاش مع الجهاز لمدة 20 شهرًا، يُمكنه استخدامه لتناول الطعام والشراب. ويضيف البروفيسور هونغ أنه حتى الآن، تلقى 20 شخصًا جهاز “نيو” المزروع.

ولأن هذه التقنية تجمع معلومات حول مجموعة كبيرة من الخلايا، فإن دقة إشارتها ليست بنفس قوة المجسات الأعمق التي تسجل نشاط الخلايا العصبية الفردية، كما يقول البروفيسور تشنغتو تشاو، مهندس الأعصاب في معهد علوم الأعصاب التابع للأكاديمية الصينية للعلوم في شنغهاي. ويضيف أن هذا يجعل هذا النهج أكثر ملاءمة للتحكم في الحركات البسيطة. ولكن البروفيسور هونغ يقول إن الفارق في الأداء يكمن في أن الجهاز قليل التدخل ويمكنه العمل لفترة طويلة. لكن البروفيسور هونغ يقول إن المقايضة في الأداء هي أن الجهاز أقل تداخلاً ويمكن أن يعمل لفترة طويلة.

وقد تعاون فريق “نيو” مع البروفيسور ليو وزميله البروفيسور جيانشي تانغ، مهندس الكهرباء في جامعة تسينغهوا. وفي ورقة بحثية نُشرت في مجلة “الطبيعة للالكترونيات” (Nature Electronics) في الأول من فبراير [2025]، وصفوا استخدام رقائق عصبية فعّالة، بدلاً من رقائق السيليكون التقليدية، لمحاكاة كيفية فك الدماغ لإشاراته. وسيسمح لهم ذلك بدمج الشريحة في المسبار نفسه، مما يجعل الجهاز أصغر حجمًا وأقل استهلاكًا للطاقة وأسرع في معالجة المعلومات.

التحدث بلغة الماندرين
أجرى فريق آخر أبحاثًا معمقة في الدماغ. في يوليو 2024، زرع جراحو أعصاب في شنغهاي جهازًا مزودًا بـ 256 مسبارًا فوق القشرة العصبية لامرأة مصابة بالصرع. وبعد أسبوعين من التدريب، تمكنت من استخدام الجهاز، الذي صممته شركة “نيروكسس” (NeuroXess)، المتخصصة في واجهات الدماغ والحاسوب ومقرها مدينة شنغهاي، لاستخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي والتحكم في كرسي متحرك.

وفي ديسمبر الماضي [2024]، زرع الفريق جراحيًا مسبارات في امرأة مصابة بالصرع تعاني من ورم في جزء من دماغها مسؤول عن معالجة اللغة. وقد استخدمت المتلقية الجهاز للتواصل بلغة الماندرين بمعدل 50 كلمة في الدقيقة بتأخير 100 ميلي ثانية – وهي المرة الأولى التي تُستخدم فيها تقنية واجهات الدماغ والحاسوب لفك شفرة الماندرين [اللغة الصينية الماندرينية القياسية، هي مجموعة متنوعة من اللغة الصينية التي يتحدث بها سكان شمال وجنوب غرب الصين، وهي أيضًا اللغة الرسمية للصين وتايوان] في الوقت الفعلي، كما يقول تايجر تاو، المؤسس المشارك وكبير العلماء في شركة “نيروكسس”. ويضيف أن الشخص العادي يستطيع التحدث بمعدل 150 كلمة في الدقيقة، لذا “لا يزال هناك مجال كبير للتحسين”.

وفي يونيو [2025]، استخدم فريقٌ أمريكيٌّ نظامَ واجهة الدماغ والحاسوب لتمكين رجلٍ من التحدث، بل وحتى الغناء، مباشرةً، بتأخيرٍ قدره 10 ميلي ثانية(3). وقد التقط الجهاز نبرة صوت الرجل ودرجة صوته.

الدماغ العميق
يُعدّ مسبار الدماغ العميق، الذي طورته شركة “ستيرميد”، أول تجربة سريرية تداخلية لواجهة الدماغ والحاسوب في الصين، وفقًا للبروفيسور تشاو، مؤسس الشركة الناشئة.
ويتضمن الجهاز زرع 64 مستشعرًا دقيقًا – يبلغ عرضها جزءًا من مائة من شعرة الإنسان، وفقًا لـ”ستيرميد”. وتخترق هذه المستشعرات القشرة العصبية، وتُربط بجهاز صغير يُمكن شحنه ونقل المعلومات لاسلكيًا. واستخدم أول مشارك ذكر نظام واجهة الدماغ والحاسوب للعب الشطرنج ولعبة سباق على جهاز كمبيوتر.

ويقول البروفيسور تشاو إن هذه التقنية لا تزال في مراحلها الأولى، ولكن حتى الآن، منحت الغرسة مستخدميها تحكمًا جيدًا في الجهاز الإلكتروني. وعلى المدى الطويل، يأمل البروفيسور تشاو في دمج تقنيات واجهة الدماغ والحاسوب مع أنظمة أكثر ذكاءً، بحيث لا يستخدمها الأفراد للتحكم في مؤشر الكمبيوتر فحسب، بل أيضًا في الكراسي المتحركة الذكية والروبوتات المتقدمة – وهو مجال قد تتفوق فيه الصين على الولايات المتحدة نظرًا لكثرة شركاتها العاملة في هذا المجال، كما يقول.

*تمت الترجمة بتصرف
المصدر:

https://www.nature.com/articles/d41586-025-02098-5
المراجع:
1. Liu, Z. et al. Nature Electron. 8, 362–372 (2025).
2. Liu, D. et al. Preprint at medRxiv (2025).
3. Littlejohn, K. T. et al. Nature Neurosci. 28, 902–912 (2025).

المهندس محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *