الفساد القانوني: القاتل الصامت – بقلم المهندس سعيد المبارك*

Legal Corruption: A Silent Killer
{الفساد القانوني: القاتل الصامت}
[تمت الترجمة الى العربية بمساعدة الذكاء الاصطناعي وبتصرف من قبل الكاتب]

قد تغرق سفينة بسبب خرق متعمد في هيكلها. الخرق أمر واضح، مرئي، وغالبًا ما يكون إجرامي. ويمكن القبض على فاعله، إيقافه، ومحاسبته. لكن هناك تهديدًا أخطر بكثير: حين يكون قبطان السفينة نفسه لا يعرف كيف يقودها، ومع ذلك لا يزال مسؤلا عن دفة القيادة، مُعيّن رسميًا، ومُمجّد إعلاميًا، ومحمي من قِبل من يدّعون أنهم يعملون لمصلحة السفينة وركابها. عندها فقط تصبح السفينة وجميع من على متنها في خطر حقيقي.

هذا هو شكل الفساد القانوني. وجه نظيف. يوقّع الأوراق. يترأس الاجتماعات. ويظهر في البيانات الصحفية. لكن خلف هذا المظهر الرسمي، لا توجد كفاءة حقيقية في القيادة، ولا خبرة عميقة، ولا قدرة على توقع العاصفة، فضلًا عن اجتيازها.

عندما يتم تعيين أشخاص في مواقع القيادة، ليس لكفاءتهم، بل بسبب المحسوبية، والتمييز، والمجاملات، فإن المؤسسة لا تُقاد، بل تُضلّل.

الجهل، حين يكون محميًا ومُلمّعًا بالألقاب، يصبح أصعب في كشفه من الفساد الواضح. لا يُطلق صافرات الإنذار، ولا يترك بصمات، لكنه يترك آثارًا مدمّرة وبهدوء. المشاريع تتباطأ، الأفكار تموت، والناس يفقدون الأمل.

أصحاب الكفاءة إما يُكمّمون أو يُقصَون، لا لأنهم مخطئون، بل لأن وجودهم يزعج غير الأكفّاء ويفضحهم. وبدلاً من البناء نحو الأفضل، يبدأ الجميع في الدوران في حلقات مفرغة، ويسمون ذلك “تقدّمًا.

ما يجعل الأمر أسوأ هو أن هذا الوضع يصبح طبيعيًا مع الزمن، يتكيّف الناس معه، ويتوقفون عن التساؤل. يقولون لأنفسهم: “ليس من شأني”، أو “لا يستحق العناء”. يبدأون بخفض سقف التوقعات والمطالبات، تدريجيًا، إلى أن يصبح العبث مقبولًا. “وهكذا تسير الأمور” ويصبح لكل ما يسوء مبرر.

وفي الخلفية، يتحوّل أصحاب الكفاءة الحقيقيون إلى مجرد متفرجين، يشاهدون مسرحية يؤديها ممثلون لا يعرفون أدوارهم ولا يجيدون التمثيل أصلا.

وحتى عندما تُعلن مثل هذه القيادات عن تغييرات، فإنها غالبًا لا تتعدى كونها استعراضًا سطحيًا. بعض الألقاب الجديدة، شرائح عرض ملوّنة، وأهداف مبالغ فيها… لكن الثقافة تبقى على حالها، والأنظمة تظل معطّلة، والممثلون أنفسهم باقون. لا شيء يتغير فعليًا، باستثناء المفردات التي تُستخدم لتزيين الفشل وتضخيم الأكاذيب.

ولهذا فإن الفساد القانوني أخطر من السرقة، لأنه متنكّر في هيئة نظام. من الصعب مقاومته لأنه لا يبدو كجريمة، لكنه يشلّ المؤسسات ببطء. يكافئ الرداءة، ويحمي الجهل، ويعاقب كل من يجرؤ على الاهتمام بصدق.

ما نحتاجه ليس فقط نزاهة على الورق، بل شجاعة على أرض الواقع. الشجاعة لرفض القيادة الاستعراضية، والتشكيك في من يبدون جيدين لكنهم فارغون، ومواجهة الأنظمة التي تخلط بين الامتثال والكفاءة.

لأننا إن لم نفعل، سنجد أنفسنا ركّابًا على سفينة طاقمها مُعيّن رسميًا لكنه غير مؤهل تمامًا، تُبحر بنا نحو الكارثة بابتسامة واثقة وبوصلة مكسورة.

هل سبق وشهدت فسادًا قانونيًا، كيف ستكون ردة فعلك؟

المهندس سعيد المبارك

*المهندس سعيد المبارك – مهندس بترول ومستشار في الحقول الذكية و التحول الرقمي ورئيس قسم الطاقة الرقمية بجمعية مهندسي البترول العالمية ، فاز بجائزة جمعية مهندسي البترول للخدمة المتميزة. ألقى محاضرات كثيرة في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وجامعة الملك سعود بالرياض وفي محافل كثيرة أخرى. مؤلف كتاب “أي نسخة من التاريخ ليست إلاّ رواية”.

رابط المقال الأصلي باللغة الإنجليزية:

https://www.linkedin.com/feed/update/urn:li:share:7335021082258608129/

تعليق واحد

  1. موضوع مهم وجميل. لكن مصطلح “فساد قانوني” غريب نوعًا ما، ولو ان مقصده ربما يكون مفهوم بالإيحاء، وهو فساد مغلف بالقانون كتعيين رئيس بالمحسوبية وباستغلال صلاحية المسئول الذي عينه.

    مثل هذه الأمور تحدث مع الأسف، وأخطرها عندما تكون هناك سلاسل من المناصب يديرها اناس غير أكفاء، وتكون متوازية في اكثر من ادارة في كيان المؤسسة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *