هل يجب عليكِ ممارسة تمارين “كارديو” أم تمارين الأثقال أولًا؟ أخيرًا، لدينا إجابة – ترجمة* محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

Should You Do Cardio or Weights First? We Finally Have an Answer
(Jack McNamara, The Conversation – بقلم: جاك ماكنمارا (مُحاضر أول في فسيولوجيا التمارين السريرية، جامعة شرق لندن)، مجلة “ذا كونفيرسايشن)

لطالما ناقش عشاق اللياقة البدنية السؤال: هل من الأفضل ممارسة تمارين “الكارديو”[1] قبل أم بعد رفع الأثقال؟
حتى وقت قريب، كان الجواب يعتمد بشكل كبير على التفضيلات – حيث كان البعض يستمتع بالركض للإحماء قبل رفع الأثقال، بينما يعتقد آخرون أن رفع الأثقال أولاً أفضل لحرق الدهون. ولكن ربما تكون دراسة جديدة قد أجابت أخيرًا على هذا السؤال الذي طال الجدل حوله.

مصدر الصورة: skynesher/Getty Images Signature/Canva

فوفقًا للدراسة، فإن ترتيب التمرين يؤثر بشكل كبير على كمية الدهون التي تفقدها. وقد فقد المشاركون الذين مارسوا تمارين الأثقال قبل تمارين “الكارديو” دهونًا أكثر بكثير وأصبحوا أكثر نشاطًا بدنيًا على مدار اليوم مقارنةً بمن مارسوا تمارين “الكارديو” أولاً.

وقد قام الباحثون بتجنيد 45 شابًا تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عامًا، والذين تم تصنيفهم على أنهم يعانون من السمنة. وقسّم الباحثون المشاركين إلى ثلاث مجموعات لمدة 12 أسبوعًا. وكانت إحدى المجموعات مجموعة ضابطة، أي أنهم التزموا بعادات نمط حياتهم المعتادة ولم يجروا أي تغييرات على نظامهم الرياضي.

ومارست المجموعتان الأخريان التمارين لمدة 60 دقيقة ثلاث مرات أسبوعيًا. كما مُنح المشاركون ساعات رياضية لتتبع حركتهم اليومية بشكل موضوعي. وقد ساعد هذا الباحثين على تجنب الاعتماد على التقارير الذاتية، والتي غالبًا ما تكون غير دقيقة.

واتّبعت كلتا المجموعتين برامج تدريبية متطابقة، تختلف فقط في تسلسل التمارين. وتضمّنت تمارين القوة رفع أثقال فعلية، حيث قام المشاركون بأداء تمارين مثل تمرين ضغط الدكة (Bench)، والرفعة المميتة (deadlift)، وثني العضلة ذات الرأسين (bicep curl)، والقرفصاء (squad). وتضمنت جلسات “الكارديو” 30 دقيقة من ركوب الدراجة الثابتة.

قد يُحدث رفع الأثقال أولًا فرقًا كبيرًا إذا كنت تحاول حرق الدهون. مصدر الصورة: ستيفان دال/كانفا

وشهد المشاركون في كلتا المجموعتين تحسنًا في لياقتهم القلبية الوعائية، وقوة عضلاتهم، وتكوين أجسامهم – وتحديدًا، فقدوا كتلة دهنية واكتسبوا كتلة عضلية نحيلة. ومن المثير للاهتمام، أن تحسنات اللياقة القلبية الوعائية كانت متشابهة بغض النظر عن التسلسل – مما يعكس النتائج الحديثة التي تفيد بأن ترتيب التمارين له تأثير محدود على تكيفات القلب والأوعية الدموية.

ولكن ظهرت الاختلافات الحقيقية عندما يتعلق الأمر بفقدان الدهون وأداء العضلات. فقد شهد المشاركون الذين رفعوا الأثقال أولاً انخفاضًا أكبر بكثير في إجمالي دهون الجسم والدهون الحشوية – وهو نوع الدهون الأكثر ارتباطًا بخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

كما زادوا عدد خطواتهم اليومية بحوالي 3500 خطوة مقارنة بـ 1600 خطوة فقط للمجموعة التي ركزت على تمارين القلب والأوعية الدموية. وبالإضافة إلى ذلك، عزز نهج رفع الأثقال أولاً القدرة على التحمل العضلي والقوة المتفجرة.

لماذا يُعدّ تسلسل التمارين أمرًا مهمًا؟
يرتبط السبب وراء هذه النتائج بكيفية استخدام جسمك للطاقة. وتستنزف تمارين المقاومة مخزون الغليكوجين في العضلات – وهو السكر المُخزّن في العضلات والذي يعمل كوقود سريع لجسمك. تخيّل الغليكوجين كوقود في خزان وقود سيارتك. فعندما ترفع الأثقال أولًا، فإنك تُفرغ خزان الوقود هذا فعليًا، مما يُجبر جسمك على تغيير مصادر الطاقة.

ومع انخفاض مخزون الغليكوجين بالفعل، عند الانتقال إلى تمارين “الكارديو”، يجب أن يعتمد جسمك بشكل أكبر على احتياطيات الدهون للحصول على الطاقة. ويُشبه الأمر سيارة هجينة تتحول إلى طاقة البطارية بمجرد نفاد الوقود. ويُساعد هذا التحول الأيضي في تفسير فقدان الدهون الأكبر الذي لوحظ في المجموعة التي تُركز على تمارين الأوزان أولًا.

وتتوافق نتائج هذه الدراسة الحديثة مع أبحاث أوسع نطاقًا. فقد وجدت مراجعة منهجية شاملة نُشرت عام 2022 أن تمارين المقاومة وحدها يُمكن أن تُقلل بشكل كبير من دهون الجسم والدهون الحشوية، وهي النوع المرتبط بالأمراض المزمنة. فالعضلات هي أنسجة نشطة أيضيًا، تحرق السعرات الحرارية باستمرار حتى في حالة الراحة، مما يُعزز هذه التأثيرات.

وعلى العكس من ذلك، قد يؤثر البدء بتمارين “الكارديو” سلبًا على فعالية تدريب القوة. فهي تستهلك مخزون الغليكوجين، مما يُؤدي إلى استنزاف العضلات جزئيًا حتى قبل رفع الأثقال. كما أنها تُسبب التعب وقد تُقلل من قدرة عضلاتك على إنتاج القوة والنشاط.

الجري قبل رفع الأثقال قد يستنزف طاقة عضلاتك اللازمة لحرق المزيد من الدهون. مصدر الصورة: runna.com

وتدعم مراجعة منهجية حديثة حول التدريب المتزامن (ممارسة الجمع بين تمارين المقاومة والتمارين الهوائية [ايروبيك] في نفس البرنامج) هذا الأمر، مُسلّطةً الضوء على أن مكاسب القوة الهائلة قد تتضاءل إذا تم تطبيق تمارين ايروبك وتمارين القوة في نفس الجلسة، خاصةً إذا تم تطبيق تمارين “الكارديو” أولاً.

وتتوافق هذه النتائج مع أبحاث أخرى حول التدريب المتزامن. فقد وجدت مراجعة منهجية وتحليل تلوي لتأثيرات تسلسل التمارين أن بروتوكولات المقاومة أولاً تُحقق تحسينات فائقة في القوة مقارنةً بتدريبات التحمل أولاً.

وقد أكّد بيان جمعية القلب الأمريكية لعام 2023 حول تدريب المقاومة أنها تُحسّن كتلة الجسم النحيلة وتُقلّل الدهون بشكل ملحوظ، خاصةً عند دمجها مع أنواع أخرى من التمارين. ومع ذلك، وُجد أن تدريب المقاومة وحده أقل فعالية في تحسين صحة القلب والأوعية الدموية. وهذا يُؤكد أهمية تضمين تمارين “الكارديو” في روتينك الرياضي.

ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى قيود الدراسة. فنظرًا لأنها شملت شبابًا يعانون من السمنة فقط، فهذا يعني أننا لا نعرف كيف ستُطبق النتائج على النساء أو كبار السن أو ذوي تركيبات الجسم المختلفة. وتشير مراجعة أجريت عام 2024 إلى أن التكيفات قد تختلف باختلاف الجنس، مما يشير إلى الحاجة إلى مزيد من البحث يشمل فئات سكانية متنوعة.

كما أن مدة الدراسة البالغة 12 أسبوعًا قد لا تعكس التغيرات طويلة المدى. وتنطبق النتائج تحديدًا فقط على التدريب المتزامن – أي أداء كلا التمرينين في الجلسة نفسها.

وعلاوة على ذلك، لم تأخذ الدراسة في الاعتبار المدخول الغذائي أو أنماط النوم أو مستويات التوتر، والتي يمكن أن تؤثر جميعها بشكل كبير على نتائج تركيب الجسم. وينبغي أن تتضمن الأبحاث المستقبلية هذه العوامل لتقديم إرشادات أكثر شمولًا.

تسلسل التمارين
سواءً كنت تفضل ممارسة تمارين “الكارديو” قبل أو بعد رفع الأثقال، فالرسالة واضحة: كلاهما يُحسّن صحتك العامة. والفرق الوحيد هو أن تدريب الأثقال قبل “الكارديو” يُوفر فوائد لفقدان الدهون، وتقليل دهون البطن، وزيادة النشاط البدني اليومي.

ومن المثير للاهتمام أن تمارين المقاومة تُعزز الثقة بالنفس ومستويات الطاقة، مما يُشجع بشكل طبيعي على المزيد من الحركة طوال اليوم، مما يُساعد على فقدان الدهون.

فإذا كانت لياقة القلب والأوعية الدموية هي هدفك الرئيسي، فإن تسلسل التمارين أقل أهمية، لأن كلا الطريقتين تُعززان اللياقة الهوائية بالتساوي. ومع ذلك، إذا كان فقدان الدهون وتحسين النشاط اليومي هما هدفك الرئيسي، فإن الأدلة تدعم بقوة إعطاء الأولوية لتمارين المقاومة.

*تمت الترجمة بتصرف
المصدر:

https://www.sciencealert.com/should-you-do-cardio-or-weights-first-we-finally-have-an-answer
الهوامش:
[1] هي تمارين هوائية (ايروبيك) تُحفّز القلب والرئتين وتُقوّيهما، كما جاء في الرابط: https://www.dictionary.com/browse/cardio . وعند البحث بواسطة محرك غوغل، يوجد هذا التعريف: تمارين القلب والأوعية الدموية، أو ما يُعرف بتمارين “الكارديو”، هي أي نشاط يرفع معدل ضربات القلب والتنفس، مما يُحسّن صحة القلب والرئتين. وتشمل مجموعة واسعة من الأنشطة، من المشي السريع والسباحة إلى خيارات أكثر كثافة كالجري وركوب الدراجات.

المهندس محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *