شاهدت مؤخراً عدة مقاطع فيديو متداولة في وسائل التواصل، يتحدث فيها أشخاص عن فوائد وأهمية مزج فيتامين (D3) مع فيتامين (K2) ، من أجل الاستفادة المثلى من فيتامين (D3) وتجنب المضاعفات المحتملة من فيتامين (D3) جراء ترسب الكالسيوم في أماكن غير مرغوب بها في الجسم الى آخر هذه الدعاوى، وقد سألني بعض الأصدقاء عن مدى مصداقية هذه الدعوى، سأحاول في هذا المقال الإجابة على هذا السؤال.
يحتل فيتامين (D) مكانة بارزة بين العناصر الغذائية الأساسية، نظرًا لدوره الحيوي في تنظيم مستويات الكالسيوم وتعزيز صحة العظام والمناعة. حتى أن بعض الخبراء يطالب باعتباره هرموناً وليس فيتامين ؛ نظراً لإمكانية تصنيعه داخل الجسم وقيامه بأدوار حساسة ومحورية في العمليات البيولوجية داخل الجسم.
ومع ذلك، تشير بعض الدراسات الحديثة، إلى أن فعاليته المثلى تتحقق عند مزجه مع فيتامين (K2)، الذي يلعب دورًا مكملًا في توجيه الكالسيوم إلى الأماكن الصحيحة داخل الجسم.
بداية، سأعطي نبذة مختصرة عن كل فيتامين على حدة، ثم أناقش فكرة المزج بينها وماذا تقول الدراسات حول ذلك:
فيتامين (D) يتوافر في شكلين رئيسيين:
فيتامين (D2) (إرغوكالسيفيرول):
مصدره الأساسي نباتي، ويدخل في تركيب بعض المكملات الغذائية، ولكنه أقل فاعلية في رفع مستويات [25(OH)D] في الدم مقارنة بفيتامين (D3).
فيتامين (D3) (كوليكالسيفيرول):
مشتق من مصادر حيوانية مثل زيت كبد السمك وصفار البيض. يتمتع بفعالية أعلى وقدرة أفضل على رفع مستويات فيتامين (D) في الجسم، لذلك يُعد الخيار المفضل في معظم المكملات.
فيتامين (D₂): المصادر الطبيعية: الفطريات (مثل عش الغراب) والخمائر عند تعرضها للأشعة فوق البنفسجية. مصدر نباتي بالكامل، لذلك يُستخدم في المنتجات النباتية.
فيتامين D₃: المصادر الطبيعية: جلد الإنسان (ينتج عند تعرضه للشمس)، زيت كبد السمك، البيض، ومنتجات الألبان. معظم فيتامين D₃ المتوافر تجاريًا يُشتق من اللانولين (دهون صوف الأغنام).
أما فيتامين (K) فينقسم إلى نوعين رئيسيين، لكل منهما خصائص فريدة:
فيتامين (K1) (فيتوميناديون):
يوجد أساسًا في الخضراوات الورقية الخضراء مثل السبانخ والبروكلي. دوره الأساسي هو المساعدة في عملية تخثر الدم.
فيتامين K2 (ميناكينون):
يتميز بخصائص تتعلق بتنشيط بروتينات تنظم توزيع الكالسيوم في الجسم، ما يجعله شريكًا مثاليًا لفيتامين (D).
ينقسم فيتامين (K2) إلى عدة أنواع فرعية تعرف باسم الميناكينونات (MKs)، وأهمها:
(MK-4): يوجد في اللحوم ومنتجات الألبان، سريع الامتصاص وعمره النصفي قصير.
(MK-7): المصدر الأساسي له هو الأطعمة المخمرة مثل الناتو الياباني، ويتمتع بعمر نصف طويل يجعله أكثر فاعلية.
(MK-8) و(MK-9): توجد في بعض أنواع الجبن المخمر ولها خصائص مشابهة.
أنواع فيتامين (K) في الطبيعة هما فيتامين (K1) و فيتامين (K2) ويوجد فيتامين (k2) على عدة أشكال اهمها (mk4) و (mk7) والأخير هو أفضل شكل لفيتامين (k2).
المصادر الغذائية لفيتامين (K). يعرض الجانب الأيسر من الهرم تدرج محتوى (K1) في المصادر الغذائية لفيتامين (K1). تشمل الخضر الورقية السبانخ واللفت والشظم السويسرية. الجانب الأيمن يدرج محتوى (K2). مع كون الناتو هو المصدر الأكثر أهمية. تشمل الأجبان المختلفة الأجبان الصلبة والناعمة مع اعتماد محتوى (K2) على مستوى التخمير.
وظائف فيتامين (D):
1/ امتصاص الكالسيوم والفوسفور:
فيتامين (D) يزيد امتصاص الكالسيوم بنسبة تصل إلى 35% في الأمعاء الدقيقة وامتصاص الفوسفور بنسبة 80%.
دراسة نشرت في [Journal of Clinical Endocrinology (2011)] أظهرت أن مكملات فيتامين (D3) بجرعة 2000 وحدة دولية يوميًا رفعت مستويات الكالسيوم في الدم بنسبة 10% خلال 8 أسابيع.
2/ دعم صحة العظام:
فيتامين (D) ضروري لمنع هشاشة العظام، حيث يرتبط نقصه بزيادة معدل الكسور بنسبة تتراوح بين 30% و60% خاصة في كبار السن.
أظهرت دراسة (Bischoff-Ferrari et al., 2009) أن تناول فيتامين (D3) بجرعة 700–1000 وحدة دولية يوميًا قلل من خطر السقوط بنسبة 19%.

3 / المناعة والوقاية من الأمراض المعدية:
أشارت دراسة (Martineau et al., 2017) إلى أن تناول مكملات فيتامين (D) يقلل خطر الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي بنسبة 12% في التحليل الشامل لأكثر من 10,000 شخص.
4/ الحماية من الأمراض المزمنة:
فيتامين (D) يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 20%، وتقليل احتمالية تطور مرض السكري من النوع الثاني، حسب مراجعات متعددة.
وظائف فيتامين (K2):
1/ تنشيط بروتينات تنظيم الكالسيوم:
فيتامين (K2) ينشّط بروتين (Osteocalcin) الذي يساهم في ترسيب الكالسيوم في العظام.
2/ ينشّط أيضًا [Matrix Gla Protein (MGP)] الذي يمنع تكلس الأوعية الدموية:
أظهرت دراسة (Schurgers et al., 2007) أن الأشخاص الذين تناولوا K2 بجرعة 180 ميكروغرام يوميًا انخفض لديهم معدل تكلس الأوعية الدموية بنسبة 12% خلال 3 سنوات.
3/ صحة القلب:
أظهرت دراسة روتردام (2004) أن الأشخاص الذين تناولوا كميات مرتفعة من فيتامين (K2) انخفض لديهم خطر الوفاة بأمراض القلب بنسبة 50% مقارنة بغيرهم.

4/ دعم صحة العظام:
في اليابان، يستخدم (MK-4) بجرعة علاجية 45 ملغم يوميًا لعلاج هشاشة العظام، وقد بينت الدراسات أن هذه الجرعة تقلل من معدل كسور العمود الفقري بنسبة 60%.
دراسة (Knapen et al., 2013) على 244 امرأة بعد سن اليأس أثبتت أن (MK-7) يحسّن من كثافة العظام بنسبة 25% بعد 3 سنوات من الاستخدام.
أهمية المزج:
المزج بين فيتامين (D3) و(K2) يضمن أن الكالسيوم الذي يُمتص بكفاءة بفضل فيتامين (D) يُوجّه بشكل صحيح إلى العظام بواسطة فيتامين (K2)، ما يقلل بشكل كبير من خطر تكلس الشرايين.
دراسات مزدوجة (مثل Knapen et al., 2017) أكدت أن المزج يقلل من فقدان كثافة العظام بشكل ملحوظ مقارنة باستخدام فيتامين (D) وحده.
الآلية التكميلية بين فيتاميني (D3) و(K2)
فيتامين (D3) يزيد من امتصاص الكالسيوم من الأمعاء، بينما يقوم فيتامين (K2) بتنشيط بروتينات مثل (osteocalcin) و(MGP)، ما يضمن استخدام الكالسيوم في العظام والأسنان ويمنع ترسبه في الشرايين.
دراسات وإحصائيات داعمة
“Knapen” وآخرون (2013):
على 244 امرأة بعد سن اليأس تناولن (MK-7) مع فيتامين (D)، أظهرت النتائج انخفاض فقدان العظام بنسبة 25% وتحسن كبير في كثافة العظام.
Geleijnse et al.] (2004)]:
تابعت الدراسة 4807 أشخاص فوق 55 عامًا وأظهرت انخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 50% مع تناول كميات عالية من (K2).
Nutrients” (2017)”:
مراجعة تؤكد التأثير الوقائي المزدوج للمزج على صحة العظام والأوعية الدموية.
WHO:
تؤكد أن 1 مليار شخص عالميًا يعانون من نقص فيتامين (D)، مما يزيد من أهمية دمج مكملات فعالة.
الجرعات الموصى بها
فيتامين (D3): 1000–4000 وحدة دولية يوميًا.
فيتامين [K2 (MK-7)]: 100–200 ميكروغرام يوميًا.
ملاحظة: استشارة الطبيب ضرورية عند تناول مضادات التخثر (الوارفارين).
أثبتت الدراسات الرصدية، أن المزج بين فيتامين (D3) و(K2) يعزز صحة العظام ويقلل من مخاطر تكلس الأوعية الدموية بفضل آليتهما التكميلية. الأنواع المختلفة من (K)، خاصة (MK-7)، أثبتت فعالية كبيرة على المدى الطويل.
تظهر الأدلة أن المزج بين فيتامين (D) و(K2) لا يقتصر فقط على تحسين صحة العظام، بل يمتد ليشمل حماية القلب والأوعية الدموية. بينما يعمل فيتامين (D) على رفع مستويات الكالسيوم، يضمن فيتامين (K2) توجيهه الصحيح. الأرقام والدراسات تعزز ضرورة النظر في هذا المزج كنهج متكامل لتعزيز الصحة، رغم أن التوصيات الرسمية ما تزال في انتظار مزيد من الأدلة السريرية واسعة النطاق.
[بعد ثبوت الفائدة من مزج الفيتامينين، يبرز سؤال: لماذا لا توجد توصيات رسمية حتى الآن؟]
رغم الأدلة العلمية المتزايدة، تظل المنظمات الصحية الكبرى (مثل WHO وNIH) حذرة في إصدار توصيات رسمية بهذا الشأن. الأسباب المحتملة لذلك تشمل:
1/ نقص التجارب السريرية واسعة النطاق: معظم الدراسات الحالية صغيرة أو رصدية وليست تجارب عشوائية صارمة.
2/ التركيز على فيتامين (D) وحده: باعتباره مشكلة صحية عامة أكثر وضوحًا عالميًا.
3/ تفاوت احتياجات الفئات المختلفة: حيث لم تُثبت الفوائد في جميع الفئات بشكل شامل.
4/ القلق من التداخلات الدوائية: خاصة مع أدوية التخثر.
5/ تباين السياسات الصحية عالميًا: ما يعرقل إصدار توصيات موحدة.
الخلاصة، أن غياب توصية رسمية لا يعني عدم فاعلية المزج، بل يعكس الحذر التنظيمي في انتظار تراكم أدلة أقوى تؤكد السلامة والفعالية على نطاق أوسع. ويبقى الخيار متاحاً لمن يرغب في تناول الفيتامينين عن طريق المكملات، باعتباره خياراً شخصياً بعد استشارة الطبيب المعالج.
