ومضات معرفية من كتاب: فخ الذكاء [لماذا يرتكب الأشخاص الأذكياء أخطاء غبية؟] – ترجمة* عبدالله سلمان العوامي

إسم الكتاب:
فخ الذكاء: لماذا يرتكب الأشخاص الأذكياء أخطاء غبية؟
The Intelligence Trap: Why Smart People Make Dumb Mistakes

مؤلف الكتاب:
السيد ديفيد روبسون (David Robson) مقيم في مدينة لندن بالمملكة المتحدة، وهو متخصص في علم النفس وعلم الأعصاب. وهو كاتب وصحفي علمي متميز. أمضى خمس سنوات كمحرر في مجلة نيوساينتست (New Scientist)، وكان أحد كبار الصحفيين في هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي فيوتشر (BBC Future)، وقد ظهرت أعماله في صحيفة الجارديان (Guardian)، وصحيفة الأتلانتيك (Atlantic)، والعديد من الصحف والمجلات الأخرى. وقد حصل على جوائز لكتاباته عن المعلومات المضللة والتواصل بشأن المخاطر خلال جائحة كوفيد-١٩، كما فاز كتابه “تأثير التوقعات (Expectation Effect)” بجائزة كتاب جمعية علم النفس البريطانية.

منصة الوميض** (Blinkist) قامت بتلخيص الكتاب في “ومضتين” معرفية ، وهي كالتالي:

مقدمة – ما الفائدة من هذا الكتاب بالنسبة لي؟ من أجل اكتشاف لماذا لا يُترجم الذكاء العالي دائمًا إلى مصدر للأحكام السليمة:
هل سبق لك أن قابلت شخصًا ذكيًا حقًا ومع ذلك قال أشياء غبية حقًا؟ خذ بعين الاعتبار العالم السيد كاري موليس (Kary Mullis)، الذي حصل على جائزة نوبل في الكيمياء. إن هذا الانجاز يضعه إلى جانب العلماء المؤثرين والمشهورين، مثل: ماري كوري (Marie Curie)، وألبرت أينشتاين (Albert Einstein)، وفرانسيس كريك (Francis Crick). ومع ذلك، كان السيد موليس أيضًا مؤمنًا وبقوة بعلم التنجيم والسفر النجمي، ونفى أن يكون مرض الإيدز ناجمًا عن فيروس نقص المناعة البشرية. مع العلم ان المجتمع العلمي قد دحض هذه الادعاءات على مستوى العالم، فلماذا لا يفعل موليس ذلك؟

ومن المرجح أن يكون السيد موليس ضحية “فخ الذكاء” ــ وهي المفارقة التي يصبح فيها الأفراد الأذكياء أكثر عرضة لارتكاب أخطاء معرفية معينة مقارنة بالأشخاص ذوي الذكاء الأكثر تواضعا. وذلك لأن هؤلاء الأشخاص غالبًا ما يكافحون للتعلم من الأخطاء، ويقاومون النصائح، ويميلون إلى التمسك بآرائهم الخاصة بسهولة أكبر من معظم الأشخاص.

ولحسن الحظ، هناك طريقة للتغلب على هذا الفخ. الحكمة المبنية على الأدلة هي مجال جديد يركز على صفات مثل التفكير المعرفي، والتواضع الفكري، والذكاء العاطفي. تعتبر هذه المهارات ضرورية لاتخاذ القرار الحكيم، ويمكن تطويرها بغض النظر عن معدل ذكاء الفرد. وفي هذه الومضات المعرفية القصيرة، سنبدأ في استكشاف الأفكار الأساسية وراء فخ الذكاء وكيفية التخلص منه.

ومضة معرفية رقم ١ – الفخ:

في ١٧ يونيو ١٩٢٢م، وعلى شواطئ مدينة أتلانتيك سيتي (Atlantic City) في ولاية نيوجيرسي (New Jersey) الامريكية، حدث ما يبدو خارقًا للطبيعة، حيث تم هناك اختبار صداقة الساحر السيد هاري هوديني (Harry Houdini) والمؤلف السيد آرثر كونان دويل (Arthur Conan Doyle).

كانت السيدة جين، زوجة المؤلف السيد دويل، مؤمنة بشدة بالروحانيات، وكانت تأمل في الاتصال بوالدة الساحر السيد هوديني المتوفاة من خلال جلسة تحضير الأرواح. على الرغم من أن السيد هوديني كان متشككًا، إلا أنه كان لا يزال منفتحًا بما يكفي للموافقة على جلسة تحضير الأرواح.

وخلال الجلسة، كان السيد دويل مفتونًا بإصرار ورباطة جأش زوجته من خلال الطريقة التي كانت تضرب بها الطاولة بشراسة وتخربش على الأوراق. ومع ذلك، كان السيد هوديني أقل إعجابًا، وأشار إلى العديد من التناقضات، ومنها: لماذا أعلنت “والدته” أنها مسيحية بينما كانت في الواقع يهودية؟ وكيف تمكنت والدته من الكتابة باللغة الإنجليزية بطلاقة، رغم أنها لم تتعلم اللغة قط؟

توضح نتائج هذه الجلسة مفهوم خلل العقلانية، الذي يصف كيف يمكن للأفراد وحتى ذوي الذكاء العالي أن يقعوا فريسة لمعتقدات غير عقلانية. يتجلى هذا المفهوم في إيمان السيد دويل الثابت والذي لا يتزعزع بالروحانيات، على الرغم من براعته المنطقية كمبدع ومبتكر لشخصية السيد شيرلوك هولمز (Sherlock Holmes) فائقة العقلانية.

قد يفسر خلل العقلانية قابلية الأشخاص الأذكياء للمعتقدات الخارقة ونظريات المؤامرة. وعادة ما تكون هذه الاتجاهات غير ضارة إلى حد ما. ومع ذلك، يمكن أن يصبح خلل العقلانية خطيرًا عندما يستخدم الناس ذكائهم لتبرير معتقدات موجودة مسبقًا مع تجاهل الحقيقة الموضوعية. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما يكون لدى الأشخاص الأذكياء “نقطة تحيز عمياء” أكبر قليلاً من الأشخاص الأقل ذكاء. أي أنهم يدركون قدراتهم المعرفية ويعتقدون أنهم غير متحيزين، مما قد يؤدي بهم إلى تبرير آراء متحيزة أو تبرير العلاقات السامة.

قد يكون خلل العقلانية أيضًا وراء الاستقطاب في القضايا السياسية. ويستخدم الأشخاص الأذكياء من كلا الجانبين معرفتهم لجمع الأدلة التي تدعم مواقفهم، بدلاً من وزنها بشكل موضوعي. إن الكبرياء الفكري والاعتزاز بالهوية يزيدان من ترسيخ التحيزات. وعلى هذا النحو، فإن الذكاء والخبرة لا يضمنان الحكم العقلاني والفعل الصحيح.

ومضة رقم ٢ – الحلول:

لبدء سعينا لتجنب فخ الذكاء، دعونا نلقي نظرة على ثلاثة مفاهيم رئيسية: الانعكاس المعرفي، والتواضع الفكري، والذكاء العاطفي.

فيما يتعلق بالتفكير المعرفي، من المهم بمكان محاولة تطبيق تقنية تسمى “الجبر الأخلاقي، أو الرياضيات الاخلاقية” على المواقف التي نتخذها. وهذا يعني أنه عند تقييم قرار رئيسي، من المهم إنشاء ورقة تدرج فيها الإيجابيات والسلبيات.

بعد ذلك، فكر جيدًا في كل عنصر في القائمة وقم بتعيين قيمة رقمية له بناءً على أهميته. بعد مراجعة قائمتك، ما عليك سوى شطب أي عنصرين متساويين في القيمة الرقمية ثم الكشف عن القيمة الرقمية النهائية والتوصل إلى قرار. من خلال التحليل الموضوعي للقرار من جميع الزوايا، يمكنك فصل العقل عن العاطفة ببطء وحذر.

يمكن لمناهج وأساليب مثل هذه، وتقنيات مثل تلك التي تحمل عنوان “اعتبار العامل المضاد”، أن تساعد في تخفيف أخطاء الاستدلال. كلاهما ينطوي على تحدي نفسك بشكل فعال للتفكير في سبب يكون فيه حكمك الأولي خاطئًا.

يقاس الانعكاس المعرفي بالقدرة على التشكيك في إجابات بديهية ولكنها غير صحيحة للمشاكل البسيطة. الأشخاص الذين يتمتعون بمهارات انعكاس معرفي عالية هم أقل عرضة للاعتقاد بنظريات المؤامرة، وأكثر مقاومة للمعلومات الخاطئة والمضللة، وهم أفضل في التعرف على صدق عناوين الأخبار.

عند محاولة تقييم “صدقية” معلومة ما، تأكد من طرح أسئلة انتقادية حول المصدر، والدوافع، وكيفية تم تقديم الادعاءات. من الذي يقدم هذا الادعاء، ولماذا قد يريدون منك أن تعتقد أنه صحيح؟ ما هي افتراضاتك الأولية حول هذا الادعاء، وكيف يمكن أن تكون معيبة؟ هل يتم تقديم الادعاءات بطريقة تحاول جعلها تبدو “حقيقية”؟ في نهاية المطاف، تتعلق مكافحة المعلومات الخاطئة والمضللة بكيفية تعاملنا مع المعلومات. يعد تطوير مهارات التفكير النقدي والتفكير المعرفي أمرًا أساسيًا في عالم مليء بالمعلومات المعقدة والمضللة في كثير من الأحيان.

بعد ذلك، دعونا ننظر إلى التواضع الفكري. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك هو ما حدث خلال رحلة بحثية إلى اليابان قام بها طالب الدراسات العليا بجامعة ميشيغان (University of Michigan)، السيد جيمس ستيجلر (James Stigler). وهناك، شاهد درسًا في الصف الرابع تحدى بشدة تصوره للتعلم.

في أحد الأيام، كان الطلاب يتعلمون كيفية رسم مكعبات ثلاثية الأبعاد. كانت رسومات أحد الطلاب غير متقنة بشكل واضح – ولكنه كان هو الشخص الذي اختاره المعلم للذهاب إلى السبورة وإظهار أسلوبه للجميع. كان السيد ستيجلر في حيرة من أمره – فقد بدا ذلك بمثابة عقوبة مهينة أكثر من كونه درسًا.

على الرغم من أن هذا النهج قاسيا بالمعايير الغربية، إلا أنه يعكس فلسفة تعليمية مختلفة سائدة في أنظمة التعليم في شرق آسيا. هناك، لا تعتبر أنك تتعلم إذا لم تكن تعاني قليلاً، ويتم التركيز على تعزيز المهارات مثل التواضع الفكري والتفكير المستقل. ونتيجة لذلك، فإن طلاب شرق آسيا يتفوقون في كثير من الأحيان على نظرائهم الغربيين في تقييمات التعليم العالمية.

على عكس المعتقدات الغربية الشائعة حول التعليم، تظهر الدراسات أن الارتباك والنضال جزء لا يتجزأ من التعلم. ويدعم هذا المفهوم الذي وضعه عالما الأعصاب روبرت وإليزابيث بيورك (Robert and Elizabeth Bjork) حول “الصعوبات المرغوبة”. إن تنفيذ تحديات التعلم، مثل الاختبار المسبق – مطالبة الطلاب بحل المسائل قبل أن يتعلموا عنها فعليًا – قد يؤدي إلى إضعاف الأداء في البداية. ولكن على المدى الطويل، فإنها تؤدي إلى فهم أعمق وتذكر أفضل.

إن تنفيذ هذه الأفكار في التعليم الغربي يمكن أن يؤدي إلى عملية تحويلية لطريقة تعلم الطلاب. إن مجرد تمديد أوقات الانتظار بعد طرح السؤال يمكن أن يشجع الطلاب على التفكير بشكل أعمق. إن تقديم الأمور الغامضة، مثل إظهار طرق متعددة لحل مسألة رياضية، يعزز التفكير المنفتح. كما أن تشجيع الطلاب على تخيل مقالة تاريخية من وجهات نظر مختلفة أو التفكير في حقائق مضادة يعزز التفكير التأملي المعقد. ومن خلال دمج هذه المبادئ، يمكن للتعليم الغربي أن يتطور، مما يؤدي إلى تنمية جيل من المتعلمين الذين تغلبوا على فخ الذكاء.

وأخيراً، دعونا نلقي نظرة على الذكاء العاطفي وأهمية “الذكاء الجماعي” في مجموعات وفرق الشركات. وجدت الباحثة أنيتا ويليامز وولي (Anita Williams Woolley) أن نجاح الفريق في مهمة عملية كان مرتبطًا بشكل متواضع فقط بمتوسط معدل الذكاء للأعضاء. ووجدت أن المؤشر الأقوى والأكثر ثباتًا للنجاح هو الحساسية الاجتماعية الشاملة للفريق. تميل الفرق التي يتناغم فيها الأعضاء مع مشاعر بعضهم البعض ويشاركون على قدم المساواة إلى تحقيق أداء أفضل بكثير من الفرق التي يهيمن عليها شخص أو شخصان. لذا، إذا كنت تحاول تعيين فريق ذكي، فيجب أن يكون توظيف الأشخاص ذوي المهارات الاجتماعية أولوية قصوى لديك.

تلعب القيادة أيضًا دورًا محوريًا في تسخير الذكاء الجماعي للفريق. إن القادة الذين يجسدون التواضع، ويشجعون التواصل المفتوح، ويقدرون مساهمة كل عضو في الفريق، يمكنهم تعزيز أداء الفريق بشكل كبير. إن القادة الذين يعملون كخدم، وليس كشخصيات استبدادية، يساهمون في تعزيز بيئة أكثر إنتاجية وتعاونية.

الملخص النهائي:

الذكاء العالي لا يمنح الحصانة تلقائيا للتفكير غير العقلاني أو اتخاذ القرارات السيئة – في الواقع، يمكن أن يكون هو السبب في بعض الأحيان. ولحسن الحظ، فإن تبني التواضع الفكري، واستكشاف وجهات نظر مختلفة، والتعرف على تحيزاتنا، يمكن أن يحسن بشكل كبير قدرتنا على التفكير بحكمة واتخاذ قرارات مستنيرة. وهذا أمر بالغ الأهمية في عالم يعاني من المعلومات المضللة والخدع، وهو أمر حيوي لتحسين نظام التعليم الغربي الذي لا يهيئ الطلاب للنجاح قدر المستطاع.

*تمت الترجمة بتصرف.

**المصدر: منصة الوميض (Blinkist) وهي منصة تقوم بتلخيص الكتب ، ومكتبتها تحتوي على آلاف الكتب ويشترك في هذه المنصة الملايين من القراء.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *