خبراء العلاقات الأسرية يحذرون من أن الصور النمطية السلبية عن دور الآباء في التربية تضر بملايين العوائل – ترجمة عدنان أحمد الحاجي

Stereotypes About Dads are Harming Millions, Family Relationship Expert Warns
(موقع taylorandfrancisgroup الإلكتروني)

هل سمعت عن مدى ما يفتقر الأب إلى التقمص الوجداني(1)؟ أو كيف لا يقوم الزوج بواجبه في تربية أطفاله؟ إذا كنت متهمًا،  فلست وحدك.

المفاهيم الخاطئة والصور النمطية عن دور الأب في الحياة الأسرية ليست شائعة فحسب، بل إنها هي مهيئِّة لفشل الزوج كأب ، وفقًا لخبيرة العلاقات الأسرية، التي زعمت أن ملايين العائلات تتضرر نتيجة لتلك المزاعم عن دور الأب.

هذه هي الدعوى التي قدمتها ليندا نيلسن (Linda Nielsen)، برفسور التربية في جامعة وَيك فورست (Wake Forest)، في كتابها الجديد أساطير وأكاذيب حول الآباء: كيف تضر بنا جميعً(2).  توضح نيلسن: “أن هذه الأساطير المسيئة والصور النمطية المُهينة لها تبعات مباشرة وبعيدة الأمد على الأزواج والزوجات وأطفالهم(2)“.

كتاب نيلسون الجديد –  أساطير وأكاذيب حول الآباء: كيف تضرنا جميعًا. Myths and Lies about Dads: How They Hurt Us All.

الانطلاق من موقع دفاعي

نيلسن هي برفسور التربية في جامعة ويك فورست في مدينة وينستون سالم (Winston-Salem)، نورث كارولاينا وخبيرة دولية في علاقات الأب بابنته. حصلت على جائز (2022 Lifetime Achievement) من المنظمة الوطنية للوالدية (التربوية).

استخدمت نيلسن الأبحاث الحديثة لتحليل أكثر من 100 معتقد سائد عن الأب وهذه المعتقدات، كما تشير، تضع الأب مباشرة في وضع غير مؤات.

تركز دراسات نيلسن على ديناميكيات العلاقات بين الوالدين، وتزعم بأن هذه الأساطير لها تبعات وخيمة على هذه العائلات – بما فيها تثبيط الأزواج عن أخذ إجازة أبوة (3)، على الرغم من فوائدها الممكنة لهم ولزوجاتهم وأطفالهم.

وتشرح قائلة: “حقيقة أن الكثير من الأمريكيين سجناء هذه المعتقدات التي لا أساس لها من الصحة تساعد في تفسير سبب عدم أخذ الكثير من هؤلاء الآباء إجازة أبوة على الرغم من أنها متاحة لهم من قبل شركاتهم”. يقول هؤلاء الآباء إنهم قلقون من أنهم لو أخذوا إجازة فإن عوائلهم ستدفع الثمن في المستقبل. على الرغم من أن الشركات قد يكون لديها سياسة إجازة أبوة رسمية ، إلَّا أن العديد من الأزواج الرجال قلقون بشأن الشعور الحقيقي لرؤسائهم أو لزملائهم في العمل بشأن أخذ هذه إجازة”.

تقول نيلسن إن هذه المخاوف يمكن إرجاعها إلى أساطير مجتمعية: على سبيل المثال، تقتصر الوظيفة الرئيسة التي يمكن أن يقدمها الأب لأطفاله على الجانب المالي وأن الأطفال لا يحتاجون إلى آبائهم بقدر ما يحتاجون إلى أمهاتهم ، خاصةً الرضع والأطفال الصغار الدارجين [الذين بدأوا في الدرج].

تثبت الدراسات أنه عندما يأخذ الآباء إجازة ، يصبح كلا الوالدين أقل إجهادًا وتوترًا من الناحية النفسية ، وأقل إرهاقًا من الناحية البدنية، وأقل احتمالًا للإصابة بالاكتئاب السريري(4) في السنة الأولى من حياة طفلهما.

بالإضافة إلى ذلك ، خلصت نتائج تحليل نيلسون إلى أن الزوجين قد يكونان أكثر احتمالًا للبقاء على علاقاتهما الزوجية بعد خمس سنوات من ولادة طفلهما وأن الرابطة بين الأب والطفل قد تكون أقوى.

أسطورة غريزة الأمومة التربوية

تزعم نيلسن بأن الآباء لا يتضررون فقط من هذه الأساطير، بل حتى الأمهات تتضرر أيضًا. فكرة أن الأم تمتلك غريزة أمومة تربوية لأطفالها [المترجم: المؤلفة ربما تعنى بذلك أن تربية الأطفال لدى الأم ليست غريزة فطرية بل مكتسبة كما سنرى لاحقًا]، التي يفتقر إليها الرجل ، على سبيل المثال ، هي فكرة خاطئة ومضرة.

تقول الدكتورة نيلسن: “لا يوجد شيء اسمه غريزة تربوية لدى الأم لأطفالها”. “النساء اللاتي أصبحن أمهات لأول مرة لا يعرفن غريزيًا (فطريًا) كيف يعتنين بأطفالهن الرضع – ولهذا يلجأن إلى الإنترنت والكتب والأقارب والمربيات للتدرب على الحضانة والتربية. مهارات الأمومة التربوية والرعوية مكتسبة وليست فطرية”.

“تشعر الكثير من الأمهات الجديدات بالذنب (التقصير) والإحراج والاكتئاب لأنهن لا يستطعن الارتقاء إلى مستوى أسطورة غريزة الأمومة التربوية” كما تقول نيلسون. “لو اعتقد أي من الوالدين أن لدى الأم غريزة تربوية يفتقر إليها الأب، فمن المرجح أن لا يشعر الأب بالثقة ولا بالجدارة ولا بضرورة دوره في التربية.

“هذه الأساطير لا تفيد أحداً لا الأم ولا الأب ولا الطفل. تحتاج الأم إلى الأب كشريك كامل في تربية الطفل ، لا  إلى رفيق يفتقر الى الثقة بنفسه. والطفل يحتاج إلى أب ملتزم بالكامل بدوره كأب يثق  بنفسه”.

تقول الدكتور نيلسن إن الأسطورة القائلة بأن الآباء يفتقرون إلى التقمص الوجداني وإلى القدرة على الاحساس بمشاعر أطفالهم وإلى عدم الارتياح عند الكلام عن أي شيء شخصي أو يلامس المشاعر ، قد دحضتها أيضًا هذه الدراسات.

في كتابها أساطير وأكاذيب عن الآباء، أوردت نيلسن أكثر من 50 عامًا من الدراسات لإثبات أن الرجال ليسوا أقل تقمصًا وجدانيًا أو شفقة أو رأفةً أو قلقًا بشأن ما يشعر به الآخرون من النساء.

ماذا بالإمكان أن نفعل؟

تختتم نيلسن كتابها “أساطير وأكاذيب حول الآباء” بعشرات من الاقتراحات العملية والمعينة لمواجهة هذه الأوضاع – وهي اقتراحات تفيد الأطفال بشكل مباشر وذلك بتقوية عرى روابطهم مع آبائهم.

تتضمن هذه الاقتراحات تغييرًا في سياسات وقوانين الشركات وحضانات الأطفال، وحظر الإعلانات التي تتضمن أشياء مخلة بالحياء كما فعلت المملكة المتحدة ودول أخرى ، وتوعية مخرجي الأفلام ومقدمي الرعاية الصحية والعاملين في مجال الصحة العقلية ومؤلفي كتب الأطفال وصانعي الألعاب والمعلمين للقيام بدورهم في دحض المعتقدات السلبية عن الآباء.

كما يوضح الكتاب للأمهات كيفية دعم دور الأب التربوي بشكل فعال بطرق تزيد من حرية المرأة وخياراتها في الموازنة بين متطلبات العمل والأسرة.

كما تقول نيلسن: “كمجتمع وفي  داخل عوائلنا، نحن بحاجة إلى بذل قصارى جهودنا لدحض الأساطير والصور النمطية السلبية التي تمنع الرجال من إعطاء أطفالهم وأم أطفالهم أفضل ما يمكنهم تقديمه لهم”.

مصادر من داخل وخارج النص:
1- https://ar.wikipedia.org/wiki/تقمص_وجداني
2- https://www.routledge.com/Myths-and-Lies-about-Dads-How-They-Hurt-Us-All/Nielsen/p/book/9781032348230
3- “إجازة الأبوة، أو الإجازة العائلية هي استحقاق للموظفين ومتاحة في جميع البلدان تقريباً.  قد يتضمن مصطلح «إجازة الأبوة» إجازة الأمومة والأبوة؛ وقد يستخدم مصطلح «إجازة الأمومة» أو «إجازة الأبوة» لوصف إجازة عائلية منفصلة يأخذها أي من الوالدين لرعاية طفلهما” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/إجازة_الأبوة
4- https://www.webteb.com/articles/الاكتئاب-السريري_31271

المصدر الرئيس:
https://newsroom.taylorandfrancisgroup.com/stereotypes-about-dads-are-harming-millions-family-relationship-expert-warns

الأستاذ عدنان أحمد الحاجي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *