مصدر الصورة: labmanager.com

اكتشف باحثو جامعة شيكاغو مادة مرنة كالبلاستيك وموصلة للكهرباء كالمعدن – ترجمة عدنان أحمد الحاجي 

University of Chicago scientists discover material that can be made like a plastic but conducts like metal
(جامعة شيكاغو – University of Chicago)

“المادة المكتشفة تشبه معجون الـ بلَي – دو  (Play-Doh) الموصل للكهرباء”: يمكن لهذا الاختراق العلمي أن يكون نقطة انطلاق لتصنيع فئة جديدة من المواد للأجهزة إلكترونية، والأجهزة الأخرى. [معجون بلي-دو هو معجون لتشكيل قوالب يستخدمه الأطفال الصغار لتعلم الفنون التشكيلية وتشكيل الدمى في البيت والمدرسة(1)]. 

مجموعة باحثين من جامعة شيكاغو اكتشفت طريقة لتصنيع مادة مكوناتها الجزيئية مخلوطة بشكل مبعثر وغير منتظم، إلَّا أنها مع ذلك موصلة للكهرباء بشكل ممتاز. وهذه ظاهرة تتعارض مع جميع القوانين التي نعرفها عن التوصيلية الكهربائي. الصورة أعلاه هي عبارة عن تصور فنان للشبكة الجزيئية.

اكتشف باحثون من جامعة شيكاغو طريقة لتصنيع مادة شبيهة بالبلاستيك، ولكنها موصلة للكهرباء كالمعدن.

البحث، الذي نُشر في 26 أكتوبر 2022 في دورية نتشر[Nature(2)] ، وصف طريقة تصنيع نوع من مادة جزيئياتها مخلوطة بشكل غير منتظم، إلَّا أنها مع ذلك موصلة للكهرباء بشكل ممتاز.

هذا يتعارض مع جميع القوانين التي نعرفها عن التوصيلية الكهربية – بالنسبة لباحث علمي ، هذا الاكتشاف هو عبارة عن نوع من مشاهدة سيارة تسير على سطح ماء بسرعة 70 ميلاً في الساعة [المترجم: لعل هذه العبارة تشير إلى غرابة الاكتشاف وعدم قابليته للتحقق في الوقت المنظور]. لكن هذا الاكتشاف قد يكون مفيدًا جدًا؛ إذا أردت أن تبتكر شيئًا غير مسبوق، فغالبًا ما تبدأ العملية باكتشاف مادة جديدة وغير مسبوقة.

“هذا الاكتشاف يفتح الباب على مصراعيه لتصميم صنف جديد من المواد الموصلة للكهرباء ومطاوعة يمكن تشكيلها حسب الرغبة وقوية جدا تحت الظروف القاسية، على حد قول جون أندرسون، الأستاذ المشارك في الكيمياء بجامعة شيكاغو وكبير مؤلفي الدراسة.

في الأساس، هذا الاكتشاف يوحي بإمكانيات جديدة بالغة الأهمية لمجموعة من المواد التكنولوجية ، كما قال جيازي شيه (Jiaze Xie) المؤلف الأول للورقة العلمية وللخريج للتو بدرجة الدكتوراه من الجامعة (عام 2022 ).

“لا توجد نظرية رصينة تفسر هذا الاكتشاف”

المواد الموصلة للكهرباء ضرورية جدًا إذا أردت أن تصنع أي نوع من الأجهزة الإلكترونية، سواء أكان جهاز آيفون (iPhone) أو لوحة خلايا شمسية أو تلفزيونًا. معادن النحاس والذهب والألمنيوم تعتبر أقدم وأكثر الموصلات الكهربية شيوعُا.  ثم تمكن الباحثون منذ حوالي 50 سنة من تصنيع  موصلات من مواد عضوية، باستخدام معالجة كيميائية تُعرف باسم “الإشابة / التطعيم doping(3)“، والتي تنثر ذرات أو إلكترونات مختلفة داخل المادة.  هذه المواد مفيدة لأنها أكثر مرونة وأسهل في التصنيع من المعادن التقليدية، لكن المشكلة هي أنها غير ثابتة بشكل جيد من ناحية توصيلها للكهرباء؛ إذ يمكن أن تفقد موصليتها للكهرباء لو تعرضت للرطوبة أو لو ارتفعت درجة حرارة المحيط بشكل كبير.

لكن في الأساس، كل من هذه الموصلات المعدنية والموصلات العضوية التقليدية لهما خاصية مشتركة.  وهي تتكون من صفوف مستقيمة ومتراصة بشكل وثيق من الذرات أو الجزيئات.  هذا يعني أن الإلكترونات يمكن أن تتدفق بسهولة عبر المادة ، كما تسير السيارات بسرعة على الطريق السريع.  في الواقع، اعتقد الباحثون أن المادة لابد أن تحتوي على ذرات وجزيئات في صفوف مستقيمة ومنظمة ومرتبة بشكل وثيق حتى تتمكن من توصيل الكهرباء بكفاءة.

رسم توضيحي لهيكل المادة.  ذرات النيكل ظاهرة باللون الأخضر ، وذرات الكربون باللون  الرمادي ، وذرات الكبريت باللون الأصفر.

ثم بدأ شيه (Xie) في تجربة بعض المواد المكتشفة سابقُا، ولكن أُغفلت بشكل كبير ولم يلتفت اليها.  قام بشك ذرات النيكل، كما تُشك حبيبات اللؤلؤ،  في سلسلة من حبيبات جزيئية مصنوعة من الكربون والكبريت، وبدأ اختبارها.

ولدهشة الباحثين، المادة وصّلت الكهرباء بسهولة وبقوة.  علاوة على ذلك، كانت خاصية توصيلها للكهرباء ثابتة جدًا.  “لقد قمنا بتسخينها وكذلك تبريدها الى درجة التجمد وتعريضها للهواء والرطوبة ، بل وقمنا بصب قطرات من مادة حمضية ومادة قلوية عليها، ولم يحدث شيء”.  يعتبر هذا مفيد جدًا لتصنيع جهاز يعمل في العالم الحقيقي.

لكن بالنسبة للباحثين، كان الشيء الأكثر إثارة للدهشة هو أن التركيب الجزيئي للمادة كان غير منتظم. “من ناحية الصورة الأساس، لا يمكن أن تكون هذه المادة معدنًا”.  “لا توجد نظرية رصينة لتفسير ظاهرة توصيلها الكهربي” ، على حد قول أندرسون.

رقائق اللازانيا

عمل شيه (Xie) و أندرسون وأعضاء مختبرهم مع باحثين آخرين في غير تخصص في الجامعة لمحاولة فهم كيف يمكن للمادة توصيل الكهرباء.  بعد الاختبارات والمحاكاة والعمل النظري، يعتقد هؤلاء الباحثون أن المادة شكلت طبقات، على شكل رقائق اللازانيا.  حتى لو تغيرت زواية اتجاه الرقائق، ولم تعد رقائق اللازانيا مصفوفة على بعضها بشكل منتظم، إلّا أن  الإلكترونات بقيت تتحرك أفقيًا أو رأسيًا.

مادة الـ بلي – دو play – do

النتيجة النهائية كانت انتاج مادة موصلة للكهرباء لم يسبق لها مثيل. “هذه المادة تشبه تقريبًا معجون بلَي – ودو (Play-Doh) الموصل للكهرباء – حتي لو تغير شكلها تبقى موصلة للكهرباء”.

الباحثون متحمسون لأن الاكتشاف يوحي بمبدأ تصميم جديد غير مسبوق لتكنولوجيا الأجهزة الإلكترونية.  وأوضح الباحثون أن الموصلات مهمة جدًا لدرجة أن أي تطور جديد تقريبًا فيها يفتح الباب واسعًا لظهور مجالات تكنولوجية جديدة.

إحدى الخصائص الجذابة لهذه المادة هي خيارات تصنيع جديدة. على سبيل المثال، لا بد من تمييع المعادن عادةً من أجل تشكيلها لتناسب إحدى الشرائح الاكترونية أو أحد الأجهزة، مما يحد مما يمكن للمرء أن يصنعه منها، نظرًا لأن المكونات الأخرى للأجهزة لابد أن تكون قادرة على تحمل الحرارة اللازمة لتشكيل هذا المعدن.

المادة الجديدة هذه ليس لها هذا القيد لأنه يمكن تشكيلها في درجات حرارة الغرفة.  ويمكن استخدامها أيضًا في الأماكن التي تكون فيها الحاجة إلى جهاز أو أجزاء من جهاز تتحمل حرارة أو مواد حمضية أو قلوية أو رطوبة، كانت في السابق عوامل تحد من خيارات المهندسين لتطوير تقنية جديدة.

جانب من مختبر أندرسون

يعمل الفريق أيضًا على استكشاف الأشكال والوظائف المختلفة التي قد يُستفاد منها بهذه المادة الجديدة.  قال شيه (Xie): “نعتقد أنه يمكننا أن نصنعها ثنائية الأبعاد أو ثلاثية الأبعاد، أو جعلها مسامية، أو حتى تضمين وظائف أخرى فيها وذلك بإضافة موصلات أو عقد مختلفة”.

مصادر من داخل وخارج النص:
1- https://ar.wikipedia.org/wiki/بلي-دو
2- https://www.nature.com/articles/s41586-022-05261-4
3- “الإشابة أو التطعيم (doping) في الاكترونيات هي عملية مصنعية لتحويل أشباه الموصلات من كونها أشباه موصلات ذاتية لتصبح أشباه موصلات مشابة (مطعّمة)، وذلك بإضافة كمية قليلة من مادة غنية بالإلكترونات أو بإضافة مادة ناقصة الإلكترونات وتسمى تلك الأخيرة فجوة الكترونية” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:  https://ar.wikipedia.org/wiki/إشابة

المصدر الرئيس:
https://news.uchicago.edu/story/university-chicago-scientists-discover-material-can-be-made-plastic-conducts-metal

الأستاذ عدنان أحمد الحاجي

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *