حقن بروتينات حساسة للضوء يعيد البصر لرجل أعمى – ترجمة عدنان أحمد الحاجي

Injection of light-sensitive proteins restores blind man’s vision
(سارة ريردن – Sara Reardon)

أول اختبار سريري ناجح لتقنية تسمى علم البصريات الوراثي سمحت للشخص بالرؤية لأول مرة منذ عقود، بمساعدة نظارات تحسن الصورة.

بعد 40 سنة من العمى، تمكن رجل يبلغ من العمر 58 عامًا أن يرى صورًا وأشياء متحركة مرة أخرى، وذلك بفضل حقن بروتينات حساسة للضوء في شبكية عينه.

الدراسة، التي نُشرت في 24 مايو في مجلة نتشر للطب (Nature Medicine) (انظر 1)، هي أول تطبيق سريري ناجح لعلم البصريات الوراثي (2)، حيث تُستخدم ومضات من الضوء للتحكم في التعبير الجيني [التعبير الجيني: عملية تستخدم من خلالها المعلومات الجينية لتخليق منتجات وظيفية، بحسب 3] وفعل جهد ( firing) الخلايا العصبية. تستخدم هذه التقنية على نطاق واسع في المختبرات لاستكشاف الشبكة العصبونية (4) ويتم دراستها كعلاج محتمل للألم والعمى واضطرابات الدماغ.

Experimental setup for studying behavioral responses and brain activity.

مهمة استشعار بصري من الدراسة. يُطلب من الرجل تحديد وجود أو عدم وجود كوب أسود على الطاولة البيضاء

التجربة السريرية، التي تديرها شركة جينسايت بايلوجيكس (GenSight Biologics)، ومقرها باريس، تعالج الأشخاص المصابين بالتهاب الشبكية الصباغي (RP) (انظر 5): وهو مرض تنكسي يقتل خلايا العين المستقبلة للضوء، وهي الخطوة الأولى في المسار البصري. في شبكية العين السليمة، تستشعر المستقبلات الضوئية الضوء وترسل إشارات كهربائية إلى الخلايا الشبكية العقدية (RGCs) (انظر 6) ، والتي تنقل الإشارة بعد ذلك إلى الدماغ. العلاج الوراثي البصري من شركة جينسايت (GenSight) يتخطى الخلايا التالفة المستقبلة للضوء تمامًا وذلك باستخدام فيروس لتوصيل بروتينات بكتيرية (7) حساسة للضوء إلى الخلايا الشبكية العقدية، مما يسمح لها باستشعار الصور مباشرة.

حقن الباحثون الفيروس في عين رجل مصاب بالتهاب الشبكية الصباغي (RP)، ثم انتظروا أربعة أشهر حتى يستقر إنتاج البروتين من قبل الخلايا الشبكية العقدية (RGCs) قبل فحص بصر الرجل. يقول خوسيه-ألاين ساهل (José-Alain Sahel)، اخصائي طب عيون في المركز الطبي بجامعة بيتسبرغ في بنسلفانيا وقائد الدراسة، إن أحد التحديات كان تنظيم كمية ونوع الضوء الذي يدخل العين، لأن الشبكية السليمة تستخدم مجموعة متنوعة من الخلايا وبروتينات حساسة للضوء لرؤية طيف واسع من موجات الضوء. “لا يوجد بروتين يمكنه استنساخ ما يمكن أن يستنسخه جهاز البصر”. لذلك صمم الباحثون مجموعة من النظارات التي تلتقط المعلومات المرئية (البصرية) في محيط الرجل وتعززها إلى الحد الأمثل لتستشعرها البروتينات البكتيرية.

باستخدام الكاميرا، تقوم النظارات بتحليل التغييرات في التباين (contrast) والسطوع (brightness) وتحويلها في الوقت الحقيقي إلى ما يصفه الباحث ساهل ب “سماء مرصعة بالنجوم” متكونة من نقاط لونها كهرماني. عندما يأتي الضوء من هذه النقاط ويدخل إلى عين الشخص، فإنه ينشط البروتينات ويؤدي إلى إرسال إشارة إلى الدماغ ، والذي يختزل هذه الأنماط إلى صورة.

كان على المشارك في التجربة أن يتدرب على استخدام النظارات لعدة أشهر قبل أن يتكيف دماغه معها لتفسير النقاط بشكل صحيح. “لقد كنت بمثابة باحث تجريبي [يعني يجرب على نفسه] يحاول فهم ما يراه ويتعقله” ، كما قال ساهل (Sahel). في النهاية ، تمكن من أن يرى صورًا عالية التباين (contrast)، بما في ذلك أشياء موجودة على الطاولة وخطوط بيضاء في ممر المشاة. عندما سجل الباحثون نشاط دماغه، وجدوا أن قشرته البصرية تتفاعل مع الصورة بنفس الطريقة التي كان سيتفاعل بها لو كان لديه رؤية طبيعية.

الرجل لا يزال لا يستطيع أن يرى بدون نظارات، لكن ساهل يقول إنه يرتديها لعدة ساعات في اليوم وأن بصره استمر في التحسن في فترة العامين منذ أن تم حقنه. تم حقن ستة أشخاص آخرين بنفس البروتينات الحساسة للضوء العام الماضي ، لكن جائحة كوفيد-19 أخرت تدريبهم على استخدام النظارات. يتوقع ساهل الحصول على نتائج هؤلاء الستة في غضون عام تقريبًا.

العملية آمنة ودائمة

“إنها خطوة كبيرة في هذا المجال” كما يقول جون فلانيري، باحث في علم الأعصاب من جامعة كاليفورنيا – بيركلي.  “الشيء الأكثر أهمية هو أن التقنية تبدو آمنةً ودائمةً، وهو أمر مشجع بالفعل”. نظرًا لأن شبكية العين تحتوي على مستقبلات ضوئية أكثر بحوالي 100 مرة من تلك الموجودة في الخلايا الشبكية العقدية (RGCs) ، فإن دقة الصور التي تستشعرها الخلايا الشبكية العقدية (RGCs) لن تكون أبدًا بنفس جودة الرؤية الطبيعية. لكن فلانيري يقول إنه من المثير للاهتمام أن يتمكن الدماغ من تفسير الصور بدقة.

يقول باحثون آخرون أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث. تقول شيلا نيرنبرغ (Sheila Nirenberg)، باحثة في علم الأعصاب في كلية طب وايل كورنيل (Weill Cornell) في مدينة نيويورك: “إنها تجربة مثيرة للاهتمام ، لكنها تجربة سريرية تتمحور حول مريض واحد (دراسة حالة فردية، بحسب 8)” ، وتقول إنها تتطلع إلى معرفة ما إذا كان الأشخاص الآخرون في التجربة، بما في ذلك بعض الذين تم حقنهم بجرعات أعلى من البروتين ، قد حققوا نتائج مماثلة.

الجينات والخلايا العصبية المتحكم بها بالضوء مستعدة للتجارب السريرية

شركة (GenSight) هي واحدة من عدة شركات تقوم بتطوير علم البصريات الوراثي كعلاج لالتهاب الشبكية الصباغي (RP) واضطرابات أخرى في شبكية العين. في مارس 2021، أعلنت شركة بايونيك سايت (Bionic Sight) التابعة ل شيلا نيربيرغ (Nirenberg) أن أربعة من الأشخاص الخمسة المصابين بالتهاب الشبكية الصباغي الذين عولجوا باستخدام علاج جيني ضوئي مماثل وجهاز الواقع الافتراضي الذي يوضع على الرأس قد استعادوا مستوى معينًا من البصر، على الرغم من أن نتائج التجربة الكاملة لم تنشر بعد. شركة نوڤارتيس (Novartis) السويسرية العملاقة للأدوية تقوم بتطوير علاج يعتمد على بروتين مختلف حساس للضوء لدرجة أنه قد لا تكون هناك حاجة إلى نظارات واقية. هذا العلاج لم يدخل بعد في التجارب السريرية.

يقول كارل ديسيروث (Karl Deisseroth)، باحث علم الأعصاب في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا الذي شارك في تطوير علم البصريات الوراثي كطريقة تستخدم في المختبر، إن الدراسة مهمة لأنها المرة الأولى التي تظهر فيها تأثيرات التقنية على الناس. “سيكون من المثير للاهتمام تجربة هذه التقنية على  المزيد من الأوبسين (opsins) (بروتين في شبكة العين) الحساسة للضوء” التي قد لا تتطلب نظارات. لكنه يتوقع أن يكون علم البصريات الوراثي مفيدًا للغاية كأداة بحث تؤدي إلى علاجات ، بدلاً من ان تكون العلاج نفسه. يقول: “ما نأمل أن نرى المزيد منه هو الدراسات البشرية والسريرية الموجهة بعلم البصريات الوراثي”.

مصادر من داخل وخارج النص:

1- https://www.nature.com/articles/d41586-021-01421-0

2 – “علم البصريات الوراثي (Optogenetics) إحدى تقنيات علم الأعصاب التي تسمح بالتحكم بخلايا الدماغ الحية باستخدام كابلات الألياف الضوئية، حيث تعتبر طريقة لتعديل العمليات العصبية باستخدام مزيجا من التقنيات البصرية و الوراثية ويتم ذلك من خلال مراقبة ورصد أنشطة الخلايا العصبية (الفردية) داخل الأنسجة الحية، ومن ثم تعديلها بالشكل المناسب للحد من المرض” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:   https://ar.wikipedia.org/wiki/علم_البصريات_الوراثي

3- https://ar.wikipedia.org/wiki/تعبير_جيني

4- https://ar.wikipedia.org/wiki/شبكة_عصبونية_حيوية

5- https://ar.wikipedia.org/wiki/التهاب_الشبكية_الصباغي

6- https://www.marefa.org/خلية_عقدية_شبكية

7- https://ar.wikipedia.org/wiki/تصنيف:بروتينات_بكتيرية

8-  https://en.wikipedia.org/wiki/N_of_1_trial

المصدر:

https://www.nature.com/articles/d41586-021-01421-0?utm_source=Nature+Briefing&utm_campaign=cb18b1c8d3-briefing-dy-20210525&utm_medium=email&utm_term=0_c9dfd39373-cb18b1c8d3-43731365

الأستاذ عدنان أحمد الحاجي

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *