The surprising world of animal penises and what they reveal about humans
(بقلم: ميشيل سبير، بروفسورة في التشريح، جامعة بريستول – Michelle Spear)
في عالم الحيوان، قد يكون العضو الذكري على شكل قضيب، أو له رأسان، أو ملتوي الشكل أو لولبي الشكل. يعد العضو الذكري من أكثر الأعضاء تنوعًا في علم الأحياء. أما العضو الذكري البشري، فهو متجانس لدرجة أنه يُعدّ حالةً شاذةً من الناحية التشريحية. معرفة لماذا تطور العضو الذكري، ولماذا تختلف الأعضاء الذكرية بين حيوان وآخر بشكل كبير، يُساعد أيضًا في تفسير لماذا للإنسان عضو ذكري من الأصل.

تطور العضو الذكري في البداية كحلٍّ لمشكلة بسيطة: وهي لتحقيق الإخصاب الداخلي (التقاء الحويمن بالبويضة).
عاشت الحيوانات الأولى في البحار قبل أن تبدأ بالعيش على اليابسة(1) منذ نصف مليار سنة. واليوم، ما يزال الكثير من الحيوانات المائية تفرز حويمناتها وبويضاتها في الماء (ليحدث الإخصاب خارج الجسم)(2). ولكن مع انتقالها من الماء إلى اليابسة، برزت الحاجة إلى آلية جديدة لنقل الحيومنات إلى داخل جسم الأنثى، وهنا يأتي دور العضو الذكري.
لكن المفارقة هنا: ليس لجميع الحيوانات البرية عضو ذكري. فنحو 97% من أنواع الطيور لا تمتلك هذا العضو على الإطلاق. ولكنها تتكاثر عن طريق “تلامس مذرقي الذكر والأنثى(3)“. وهو عبارة عن تلامس لفترة وجيزة جدًا بين مذرق (فتحة) كل منهما، هذه الفتحة تستخدم للتبول (أن وجد) والتغوط والتناسل، ويتم من خلالها نقل الحويمنات من الذكر إلى الأنثى.
التماس بين المذرقين يتطلب مهارة فائقة. فبالنسبة لمعظم الطيور، يعتمد نجاح التزاوج على مغازلة (تودد) متقنة وعلى توقيت دقيق جدًا يستمر جزءً من الثانية ليتم هذا التلامس التام بين فتحتي المذرقين بنجاح(4)، وبعدها يحدث الأخصاب داخل جسم الأنثى. أما الحيوانات التي لها عضو ذكري، فلديها اتصال مباشر لإيصال الحيومنات إلى داخل جسم الأنثى، حتى لو كانت مدة التزاوج قصيرة أو غير متقنة (أي لا تتطلب هذه العملية تلامس تام بين المذرقين).
إذن، العضو الذكري ليس سوى أحد الحلول من بين حلول كثيرة. ولكن بمجرد أن استقر التطور على وجود عضو ذكري، تضاعفت الإمكانات من حيث الأشكال. وهو يعتبر مثالًا بارزًا على التطور التقاربي(5)، حيث طورت حيوانات مختلفة وغير مرتبطة سمات متشابهة استجابةً لمشكلات متشابهة.

في بعض الأنواع، يتحدد حجم العضو الذكري بالقيود البيئية وإمكانية الوصول إلى شريكة الحياة. البرنقيل (محار يعيش في المياه المالحة)، وهو حيوان قشري ملتصق بالصخور طوال حياته، له أطول عضو ذكري نسبةً إلى طول جسمه بين جميع الحيوانات المعروفة (يصل طوله إلى ثمانية أضعاف طول جسمه)(6). وهذا يسمح له بـ”صيد” شريكة حياته في المياه المحيطة والتزاوج معها. ولمن قد يتساءل، فإن أطول عضو ذكري على الإطلاق، يتراوح طوله بين 2.5 و3 أمتار، يعود إلى الحوت الأزرق (قائمة بأطوال اعضاءالأعضاء الذكريةَفي الثدييات)(7).

يعد البزاق الموزي حيوانًا ثنائي الجنس(8) (ابطأ كائن حي على الأرض)، وله عضو ذكري سميك بطول جسمه، تطوّر خصيصًا لوضع الحيوانات المنوية عميقًا في شريك حياته لزيادة فرص الإخصاب. أحيانًا يعلق العضو أثناء انسحاب الذكر بعد التزاوج، فيقوم شريك حياته بقضمه. لكن عادةً ما يتعافى البزاق وينجو.
غالبًا ما تتكيف بنية العضو الذكري مع تنافس الحيوانات المنوية على الإخصاب، حين تتزاوج عدة ذكور مع نفس الأنثى، وتتنافس حيومناتها داخليًا على الإخصاب. في هذه الأنواع، يصبح العضو الذكري أداةً تنافسية.
في بق الفراش(9)، تذهب الذكور إلى أبعد من ذلك. فهي تستخدم عضوًا ذكريًا يشبه الخنجر لاختراق جدار البطن وإيداع حويمناته مباشرة في تجويف الجسم. يمنح هذا “التلقيح المؤلم” الذكر مسارًا بديلًا، لكن بتكلفة باهظة على الأنثى. عملية التزاوج هذه ليست قاتلة في العادة، لكن الجرح يأخذ وقتًا للتعافي.
هذه الصراعات التطورية تتجلى بوضوح أكثر في البط. تمتلك بعض أنواع ذكور البط عضوًا ذكريًا حلزوني الشكل(10) يمكن أن ينتصب في أقل من نصف ثانية. هذا التطور يأتي استجابةً لتطور مهابل إناث البط شديدة الالتواء ذات التراكيب المهبلية المعقدة وجيوب مسدودة وحلزونات ملتوية في الاتجاه المعاكس. هذا مثال نموذجي على التطور الجنسي المشترك التنافسي أو المتضاد جنسياً(11)، حيث تُقابٓل سمات الذكور التي تزيد من معدلات الإخصاب بسمات الإناث التي تحد من سيطرة الذكور [وهذه العملية عبارة عن عملية تطورية تتطور فيها سمات أحد الجنسين لزيادة نجاحه التناسلي على حساب الجنس الآخر، فيقوم الجنس الآخر برد فعل وتطوير عملية تكيفية مضادة. وهذا التنافس أو التضاد في هذه السمات مستمر بين الذكور والإناث].

في الكثير من الزواحف، استطاع التطور حل مشكلة وضعية التزاوج، أي الوضعية الجسدية وتناسب الجسمين أثناء عملية التزاوج (السفاد)، وذلك بامتلاك أعضاء تناسلية محددة لكل من الذكر والأنثى. تمتلك الثعابين والسحالي زوجا من الأعضاء التناسلية يُطلق عليهما اسم (hemipenes) – وهما عضوان تناسليان أنبوبيان يبقيان مقلوبين داخل جسم الذكر، حتى يحين وقت التزاوج، فقط واحد من هذين العضوين يستخدم في كل عملية تزاوج (سفاد). ربما هذا الاحتياطي قد تطور بهدف التمتع بالمرونة، ما من شأنه أن يسمح بالتزاوج من كلا جانبي الذكر، وقد يكون هذا التكيف لتعظيم فرص نجاح التزاوج في مدة سريعة وعابرة.
في الثدييات، العضو الذكري مقوى بعظمة تّعرف بعظمة العضو الذكري(12، 13). هذه العظمة موجودة في أنواع، مثل الكلاب والشمبانزي والفقمات، وتساعد على الاختراق دون الاعتماد في الانتصاب على ضغط الدم. هذه العظمة مفيدة في الأنواع التي تطول فيها فترة التزاوج، أو التي تتطلب اثارة ميكانيكية أثناء السفاد للحث على الإباضة، وفي حالات التزاوج غير المريح أو المطوّل كما هو الحال في الفقمات، وعندما تفضل بنية الأنثى أو سلوكها إطالة مدة عملية السفاد.
ماذا تخبرنا هذه الأعضاء الذكرية عن البشر؟
بالمقارنة مع هذا التنوع المذهل في الحيوانات، يبدو أن العضو الذكري البشري بسيطًا إلى حد كبير. لكن هذه البساطة مضللة(14).
بالرغم من بساطته الظاهرية إلا أنه ينطوي على تعقيدات، عكس الكثير من الثدييات الأخرى، يفتقر العضو الذكري البشري إلى عظمة العضو الذكري، إذ يعتمد الانتصاب على تدفق الدم. قد تعكس هذه الآلية تحولًا من التزاوج (السفاد) القصير والعابر والمتكرر، الذي يميز الثدييات التي تنطوي على تنافس شديد بين الحويمنات على الإخصاب إلى علاقات أطول وأكثر ارتباطًا من الناحية الحميمية بين الزوجين البشريين. في هذا النوع من العلاقات، لا يخدم الانتصاب الظاهر الناجم عن تدفق الدم وظيفة تناسلية فحسب، بل يعمل أيضًا بمثابة علامة على الإثارة الجنسية والصحة.
قد يعكس شكل العضو الذكري البشري تكيفات مع التنافس بين الحيومنات على الإخصاب. يعتقد الباحثون أن التمدد الطفيف للحشفة عند الحافة التي يصلها بالقضيب، ويشكل ما يشبه شكل الفطر. وتتمثل وظيفة الحشفة في ازاحة الحيومنات المتنافسة أثناء التزاوج. وهذا ليس غير مألوف بين الثدييات، ولكنه قد يكون ذا أهمية خاصة لدى البشر لأن عملية التزاوج والإباضة غالبًا غير متزامنين بشكل دقيق، مما يمنح مجالًا أوسع لمنافسة الحويمنات على الإخصاب. تتمكن الحبومنات البشرية من البقاء حية في جهاز الأنثى التناسلي لمدة تصل إلى خمسة أيام.
تحتوي الحشفة واللجام السفلي الحساس (لجام قلفة العضو الذكري هو عبارة عن2 شريط رفيع مرن من الأنسجة أسفل الحشفة وعنق القضيب) على تركيز عالٍ من النهايات العصبية الحساسة، ما يجعلها شديدة الحساسية للمس. يُعتقد أن هذه الحساسية المفرطة لا توفر المتعة فحسب، بل توفر أيضًا استجابة مباشرة. فهي تمكن العضو الذكري من الاستجابة للتغيرات الطفيفة في الحركة والضغط وتفاعل شريكة الحياة. وقد يكون لهذه الاستجابة دور في تعزيز العلاقة الجنسية المتبادلة بين الشريكين.
كشفت دراسة جينية(15) نُشرت عام 2011 في مجلة (Nature) أن البشر فقدوا تسلسلات محددة من الحمض النووي (DNA) تتحكم في نمو الأشواك القضيبية – وهي نتوءات صغيرة متقرنة على القضيب، تُساعد الشمبانزي وقردة المكاو على زيادة الاحتكاك واثارة الأنثى أثناء التزاوج. وربما كانت هذه الأشواك تزيد من الإثارة وتُقصٍّر من مدة التزاوج. عدم وجودها على العضو الذكري البشري قد يعكس تحولًا وانتقالًا من التنافس بين الذكور على الإخصاب إلى التعاون بين شريكي الحياة على تربية الأبناء.
يرتبط هذا بجانب حاسم آخر من جوانب التطور التناسلي البشري: الإباضة الخفية. بخلاف الكثير من الثدييات، لا تظهر على الإناث تغيرات جسدية واضحة تدل على الإباضة مع أنها تحدث لبضعة أيام إلّا أنه يصعب ملاحظاتها ظاهريًا. واستجابةً لذلك، طوّر الذكور استراتيجية قائمة على التزاوج المتكرر حيث لا يمكن للذكور الاعتماد على توقيت الاباضة وحده، والترابط العاطفي، والشعور بعلاقة زوجية مبنية على المودة والرحمة.
العضو الذكري البشري ليس مجرد عضو تناسلي، يقتصر دوره على عملية التكاثر الميكانيكية فحسب، بل هو جانب من نظام سلوكي أوسع مرتبط بالثقة والحميمية والشراكة طويلة الأمد المتبادلة بين الزوجين. إذ بل يتجلى ضمن منظومة أوسع من السلوك البشري.
الهوامش:
1- https://www.ox.ac.uk/news/2023-06-28-new-oxford-study-sheds-light-origin-animals
2- https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S0093691X14005081
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/مذرق
4- https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC7661451/
5- https://www.sciencedirect.com/topics/earth-and-planetary-sciences/convergent-evolution
6- https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC2600913/
7- https://www.cambridge.org/core/books/abs/mammalian-sexuality/penile-lengths-in-mammals/83592DFCCD1283C86F7A29412F80CA9E
8 https://ar.wikipedia.org/wiki/خنثى
9- https://ar.wikipedia.org/wiki/بق_الفراش
10- https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC2871948/
11- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK97294/
12- https://ar.wikipedia.org/wiki/عظمة_القضيب
13- https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/24372607/
14- https://journals.sagepub.com/doi/full/10.1177/147470490400200105
15- https://www.nature.com/articles/nature09774
المصدر الرئيس:
https://theconversation.com/the-surprising-world-of-animal-penises-and-what-they-reveal-about-humans-261690

علوم القطيف مقالات علمية في شتى المجالات العلمية