الزواج يعزز الصحة النفسية والبدنية، بخلاف العزوبية – ترجمة عدنان أحمد الحاجي

Marriage linked to better health, happiness
(جامعة ميشيجن – University of Michigan)

تتناول المقالة دراسةً وجدت أن هناك علاقةً إيجابيةً بين الزواج، والصحة النفسية، والبدنية، والسعادة. فقد أفاد المتزوجون عن المستوى المرتفع من الدعم العاطفي من الأسرة (أسرتي الزوجين) الذي يتلقوه وعن انخفاض في ضغط الأسرة الذي من شأنهم أن يخضعوا له لو لم يتزوجوا، مقارنةً بأقرانهم من العزاب.

علاوةً على ذلك، كشفت الدراسة أن التأثير في الهناء النفسي الناتج من الدعم الأسري الذي يتلقاه المتزوج ومن ضغط الأسرة الذي يتعرض له الأعزب والخلافات الأسرية الناجمة من هذا الضغط يختلف باختلاف الخلفية الثقافية للمجتمع.

هل تعتقد أن حياة العزوبية أسهل؟ هذا الدراسة الجديدة تفيد بأن الزواج قد يُحسّن من مستويات الصحة والسعادة بشكلٍ مُذهل.


أجرى باحثون من جامعة ميشيغان وجامعة سنغافورة للإدارة دراسةً على ما يقرب من 5000 راشد من الولايات المتحدة واليابان لمعرفة كيف يؤثر الزواج أو العزوبية في الهناء النفسي [المتمثل في الرضا النفسي والرضا عن الحياة والرضا الوظيفي والعلاقات الاجتماعية(1)]. أما العزاب في كلا البلدين فقد عانوا من انخفاض في مستوى رضاهم عن الحياة والصحة النفسية والبدنية مقارنةً بالمتزوجين. وبينت الدراسة أن الأمريكيين المتزوجين أفادوا بحصولهم على أكبر قدر من الدعم من أسرهم، مما ساهم في تعزيز هناءهم النفسي.

من ناحية أخرى، أفاد كلٌّ من الأمريكيين واليابانيين العزاب عن معاناتهم من ضغوط تمارسه العائلة عليهم للزواج. ومع ذلك، ارتبط هذا الضغط العائلي بانخفاض في مستوى السعادة لدى العزاب الأمريكيين فقط، وليس لدى العزاب اليابانيين.

وبشكل عام، يختلف تأثير الزواج ودعم الأسرة ومدى الضغط الأسري الذي تعرضوا له في الهناء النفسي وفقًا لثقافة المجتمع، بحسب ما ذكره روبن إدلشتاين (Robin Edelstein)، المؤلف المشارك في الدراسة وأستاذ علم النفس بجامعة ميشيغان.

تُبرز النتائج أن العلاقات – وكيفية إدراك الناس لها وإدارتهم لها – تلعب دورًا رئيسًا في الصحة النفسية والبدنية. بالرغم من أن العزوبية قد تبدو أسهل، إلا أن الدراسة تُشير إلى أن الدعم الاجتماعي والعاطفي الذي غالبًا ما ينتج عن الزواج يمكن أن يكون له فوائد جمة، ولكن ذلك يعتمد على الخلفية الثقافية للمجتمع.

ما تزال العزوبية تحمل وصمة اجتماعية(2) وتتعرض لضغط كبير من العائلة، مما قد يُسهم في تدهور الصحة النفسية والبدنية وتضعف من مستوى الهناء النفسي، المتمثل في الرضا عن الحياة، بغض النظر عن الثقافة أو الدولة.

في الوقت نفسه، لطالما اعتُبر الزواج حجر زاوية في البنية المجتمعية وتحقيق الذات [حالة من الرضا النفسي والسعادة المتأتية عن تحقيق الأهداف الشخصية(3)] في أنحاء كثيرة من العالم.

دمج الباحثون بيانات من عيّنتين واسعتي النطاق، مُمَثِّلتين على المستوى الوطني في أمريكا واليابان، من راشدين في منتصف العمر ومن كبار سن في الولايات المتحدة واليابان. تتضمن البيانات تقييمات للعوامل النفسية والاجتماعية المرتبطة بالصحة والهناء النفسي على مدى عقدين تقريبًا.

شملت الدراسة مشاركين متزوجين أو لم يسبق لهم الزواج، وضمت العينتان 3505 أمريكي متزوج و308 أمريكي عازب، و710 ياباني متزوج و164 يابانيًا أعزبًا. ووفقًا للنتائج، أفاد العازبون في كلا الثقافتين بتدهور صحتهم البدنية وانخفاض رضاهم عن حياتهم مقارنةً بنظرائهم المتزوجين.

وأوضح إيدلشتاين أن هذا التفاوت يُعزى جزئيًا إلى الدعم أو الضغوط الأسرية التي يتعرض لها الشخص، إلا أن التأثير تفاوت باختلاف الثقافات: فبينما كان للضغوط الأسرية تأثير سلبي في الهناء النفسي في العينة الأمريكية، لم يكن لها تأثير كبير في العينة اليابانية.

وبالمثل، ارتبط الدعم الأسري ارتباطًا إيجابيًا بالهناء النفسي في الولايات المتحدة، لكن تأثيراته كانت أضعف وغير متسقة في اليابان. وتشير الدراسة إلى أن ازدياد التواصل مع العائلة لم يُترجم دائمًا إلى علاقات داعمة من الناحية العاطفية. فبالرغم من أن المشاركين اليابانيين في الدراسة قضوا وقتًا أطول مع العائلة أو تواصلوا بشكل متكرر معها، إلا أن هذا لم يترجم بالضرورة إلى علاقات وثيقة أو داعمة من الناحية العاطفية.

“بالرغم من أن العُزّاب قد يكونون أكثر انخراطًا في الحياة اليومية لعائلاتهم، إلا أنهم لا يشعرون دائمًا بالدعم العاطفي، وقد يواجهون المزيد من النقد أو الضغط بشأن الارتباط بعلاقات من شأنها أن تؤدي إلى البحث عن زوج أو زوجة أو خطط مستقبلية تتعلق بمستقبل حياتهم، مثل العمل والزواج وتكوين عائلة)” ، كما قال إيدلشتاين. لذا، بدلًا من حصولهم على الدعم العائلي الذي يتوقعوه، فقد يشعر العزاب بأنهم يتعرضون للانتقاد على تقصيرهم أو يُجبرون على اتخاذ خيارات معينة تتعلق بحياتهم الشخصية.

من غير المستغرب أن يشعر الأمريكيون العزاب في الغالب بالعزلة وعدم وجود من يلجأون إليه في عوائلهم للحصول على الدعم العاطفي حين يحتاجون إلى من يسمع إليهم ويفهمهم ويعتني بهم. وقد يستمر الضغط من عائلاتهم أيضًا طالبين منهم الزواج، مما قد يخلق توترًا أو خلافات مع الأسرة.

بالرغم من أن العزاب اليابانيون قد أفادوا بوجود ضغوط عائلية كبيرة، إلا أن تأثيرها في هنائهم النفسي كان بشكل مدهش تأثيرًا ضعيفًا.

قال المؤلف الرئيس ليستر سيم (Lester Sim)، الأستاذ المساعد في علم النفس بجامعة سنغافورة للإدارة: “قد يعكس هذا آليات تكيفية طورها العزاب اليابانيون، مثل الابتعاد عن ضغوط الأسرة أو البحث عن أشكال بديلة من الدعم العاطفي (على سبيل المثال، البحث عن الدعم من مصادر أخرى، سواء من الأصدقاء أو غيرهم). والتي من شأنها أن تخفف من التبعات الطويلة الأمد للضغوط التي تمارسها عوائلهم عليهم”.

تثبت الدراسة أن كون الزواج في اليابان من الأمور الطبيعية المتعارفة التي جرت عليها العادة (مما يعني العزوف عنه يعد أمرًا شاذًا عما تعود عليه اليابانيون) من شأنه أن يُضعف حساسية الشباب تجاه مطالبات الأسرة لهم بالزواج [مما يعني أن العازب لا ينزعج في العادة لو طلبت عائلته منه الزواج]، وهذا من شأنه أن يحافظ على انسجام العزاب مع الأسرة رغم عدم رضاهم عن ذلك على المستوى الشخصي.

قال إيدلشتاين: “قد يكون للضغوط العائلية تأثير تراكمي في الهناء النفسي للعزاب، حيث يكبر ويتعاظم تأثيرها على الأمد الطويل. وقد يضرّ هذا التأثير تدريجيًا بسلامة الشخص الأعزب النفسية والبدنية، خاصةً بالنسبة للأعزب الذي يعتمد بشكل كبير على دعم الأسرة.، وقد يؤدي إلى شعوره بالندم على ما حدث له (ربما تمنى لو أنه لبى طلب عائلته أو تعامل معهم بأسلوب آخر) ، أو قد يؤدي إلى شعوره بالوحدة والانفصال عن عائلته أو المجتمع في مراحل لاحقة من حياته، مما يؤثر في النهاية في صحته البدنية ورضاه عن الحياة”. نشرت النتائج في مجلة العلاقات الشخصية(5).

الهوامش:
1- https://eduj.uowasit.edu.iq/index.php/eduj/article/download/3630/2585/8835
2- https://ar.wikipedia.org/wiki/وصمة
3- https://en.wikipedia.org/wiki/Self-fulfillment
4- https://onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1111/pere.70027

المصدر الرئيس:
https://news.umich.edu/marriage-linked-to-better-health-happiness/

الأستاذ عدنان أحمد الحاجي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *