ارتفاع ضغط الدم، القاتل الصامت، يضاعف خطر السكتة الدماغية والخرف.. وما هي سبل الوقاية منه؟ – ترجمة* عبدالله سلمان العوامي

The silent killer increases your risk of stroke and dementia. Here’s how to control it
(بقلم: أليسون أوبري – Allison Aubrey)

تنصّل:
هذه الترجمات لا تعبّر بالضرورة عن تأييدٍ أو معارضةٍ للأفكار والآراء الواردة في النصوص الأصلية، وإنما تهدف إلى إثراء المحتوى العربي بتقديم معارف ووجهات نظر متنوعة من مصادر متعددة، مع الحرص على نقل المعنى والسياق بدقة قدر الإمكان. وقد تتضمن هذه المواد رؤى أو معلومات لا تتوافق مع بعض القناعات الشخصية؛ غير أنّ نشرها يأتي بوصفه جسرًا للتواصل الثقافي والفكري، وفتحًا لباب النقاش الموضوعي في مجالات كالصحة والتقنية والاقتصاد وغيرها. ونأمل أن تُسهم هذه الترجمات في توسيع آفاق القارئ العربي وتعزيز الحوار البنّاء حول مختلف القضايا، مع التأكيد على حق كل قارئ في انتقاء الأفكار أو نقدها بوعيٍ واحترام.

( الدراسة المترجمة )

بحلول سن الأربعين، يعاني أكثر من نصف الأمريكيين من ارتفاع ضغط الدم، لكن كثيرين لا يدركون ذلك. لطالما عُرف ارتفاع ضغط الدم باسم القاتل الصامت، لأنه عندما يُترك دون علاج قد يكون قاتلًا، ويُعتبر تهديدًا خفيًا نظرًا لأن معظم الناس لا تظهر عليهم أعراض المرض. فلا يمكنك أن تشعر بزيادة الضغط في أوعيتك الدموية.

التوصيات الجديدة الصادرة عن جمعية القلب الأمريكية (American Heart Association) تهدف إلى بدء العلاج المبكر، بما في ذلك تغييرات في نمط الحياة واستخدام الأدوية، بمجرد أن يرتفع ضغط الدم الانقباضي فوق 130/80 ملم زئبقي (mm Hg)، وهي وحدة قياس الضغط. ويقول الخبراء إنه من الواضح أن كلما أسرعت باتخاذ الإجراءات، زادت قدرتك على حماية نفسك.


يُعد ارتفاع ضغط الدم أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بأمراض القلب، والتي تُعتبر السبب الأول للوفاة لدى الرجال والنساء في الولايات المتحدة. كما يزيد ارتفاع ضغط الدم من خطر الإصابة بأمراض الكلى والخرف. وتُظهر الأبحاث أن فرط ضغط الدم يمكن أن يؤدي إلى تلف الأوعية الدموية الصغيرة في الدماغ، وهو ما يرتبط بالتدهور المعرفي.

تقول الدكتورة جوردانا كوهين (Dr. Jordana Cohen)، وهي طبيبة أخصائية في أمراض الكلى ومتخصصة في ارتفاع ضغط الدم في جامعة بنسلفانيا (University of Pennsylvania): “هناك فرصة هائلة للوقاية الصحية من خلال علاج ارتفاع ضغط الدم في وقت مبكر”. وتضيف أن ملايين البالغين في الولايات المتحدة يمكن أن يستفيدوا من الأدوية وتغييرات نمط الحياة لمعالجة هذه المشكلة.

تقول الدكتورة كوهين: “إذا اكتشفت الحالة مبكرًا وعالجتها مبكرًا، يمكنك أن تحصل على سنوات إضافية من العمر الصحي”، مشيرةً إلى انخفاض خطر الإصابة بالنوبات القلبية، والسكتات الدماغية، وتلف الكلى، والخرف.

وتشير الإرشادات الجديدة إلى نصائح قديمة تعود لعقود حول فوائد النظام الغذائي منخفض الصوديوم. لكن اتباعه قد يكون تحديًا، خاصة وأن أكثر من نصف السعرات الحرارية المستهلكة في الولايات المتحدة تأتي من الأطعمة فائقة المعالجة (Ultra-processed foods)، والتي غالبًا ما تحتوي على نسب عالية من الملح.

تؤكد الإرشادات الجديدة أيضًا على استراتيجيات نمط الحياة، بما في ذلك:
1. ممارسة التمارين الرياضية.
2. الحد من استهلاك الكحول.
3. تقليل التوتر عبر التأمل (Meditation)، أو اليوغا (Yoga)، أو تمارين التنفس العميق.
4. وبالنسبة للأشخاص الذين يكون ضغط دمهم الانقباضي (الرقم العلوي) في حدود 130 ملم زئبقي، فإن التوصية هي البدء بهذه التغييرات في النظام الغذائي ونمط الحياة، ثم الانتقال إلى الأدوية إذا لم يتحسن ضغط الدم.
5. أما بالنسبة للأشخاص الذين يصل ضغط دمهم الانقباضي إلى 140 ملم زئبقي أو أكثر، وهو ما يُعتبر المرحلة الثانية من ارتفاع ضغط الدم (Stage 2 Hypertension)، فإن الأدلة تُظهر أن البدء بأدوية ضغط الدم المرتفع يُعد مفيدًا.

يقول الدكتور دان جونز (Dan Jones)، رئيس لجنة صياغة الإرشادات في جمعية القلب الأمريكية (Heart Association)، في تصريح لـ (NPR):
• “لكل الأشخاص الذين يزيد ضغط دمهم عن 140/90 ملم زئبقي، نوصي بالبدء باستخدام دوائين”.
• ويضيف أن الأبحاث تُظهر أن دواءً واحدًا غالبًا لا يكون كافيًا لخفض ضغط الدم إلى النطاق الأمثل.

ويشير الدكتور جونز إلى أنه حتى عندما يكون الناس على دراية بأن لديهم ارتفاعًا في ضغط الدم، فإن أكثر من نصفهم لا يتمكنون من خفضه إلى النطاق الطبيعي وهو 120/80 ملم زئبقي أو أقل. وتشمل بعض التحديات الآثار الجانبية للأدوية، والاختلافات الفردية في مدى فعالية الدواء، إضافة إلى عدم رغبة بعض الأشخاص في تناول الأدوية.

كما يواجه آخرون صعوبة في تجاوز العقبات اليومية المتعلقة بتغيير نمط الحياة. ويُوضح الدكتور جونز أن مقدمي الرعاية الصحية يستخدمون أيضًا حاسبة مخاطر (Risk Calculator) لتقدير الخطر الفردي للإصابة بأمراض القلب كجزء من خطة العلاج.

عندما أُبلغ السيد جورج سولومون (George Solomon) بمخاطر ارتفاع ضغط الدم، كان مترددًا في تناول الأدوية. وقال: “كنت أشعر أنني بخير”. لكن في سن الـ 63، أُصيب بسكتة دماغية.

كان السيد جورج سولومون قد تقاعد من عمله في مجال إنفاذ القانون وبدأ في تبني روتين جديد، يخصص فيه وقتًا لممارسة التمارين الرياضية والهوايات مثل تقطيع الخشب في مزرعته. وفي أحد أيام ربيع عام 2023، بدأ يشعر بوعكة وإن حالته ليست على ما يرام.

يقول السيد جورج سولومون: “صعدتُ إلى الطابق العلوي لمشاهدة التلفاز، وعندما جلستُ على الكرسي لم أستطع النهوض مجددًا. شعرت بإحساس غريب يمتد عبر ظهري”. ثم فقد الإحساس في ذراعه وساقه. وقد نقلته سيارة إسعاف إلى مستشفى جامعة ديوك (Duke University Hospital) بالقرب من منزله، حيث خضع للعلاج وإعادة التأهيل من السكتة الدماغية.

ويقدّر السيد جورج سولومون أنه تعافى الآن بنسبة تقارب 80%، وعاد لممارسة التمارين والعمل في مزرعته. وهو يدرك اليوم أنه بحاجة إلى عادات صحية منتظمة بالإضافة إلى الأدوية للوقاية من سكتة دماغية أخرى.

يقول السيد جورج سولومون: “أشعر أنني على الطريق الصحيح”. لقد فقد بعض الوزن، وأصبح يمارس المزيد من تمارين الكارديو (القلب) وتقوية العضلات. وهو يشارك قصته على أمل أن تشجع الآخرين على اتخاذ خطوات وقائية.

ما هي الأدية المتاحة الآن، وما الذي سيأتي لاحقًا:
هناك عدة أنواع من الأدوية تُستخدم لعلاج ارتفاع ضغط الدم (Hypertension)، ومنها:
• مدرات البول (Diuretics): تساعد الجسم على التخلص من الأملاح والسوائل الزائدة.
• مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE Inhibitors): تعمل على منع إنتاج هرمون يُسمى الأنجيوتنسين II (Angiotensin II)، ما يساعد على ارتخاء الأوعية الدموية.
• حاصرات قنوات الكالسيوم (Calcium Channel Blockers): تُبطئ انتقال الكالسيوم إلى داخل الخلايا، مما يساهم في خفض ضغط الدم.

لكن العديد من المصابين بارتفاع ضغط الدم لا يحصلون على انخفاض كافٍ باستخدام الأدوية الحالية. وتقول الدكتورة جوردانا كوهين (Jordana Cohen) من جامعة بنسلفانيا (University of Pennsylvania) إن هناك اهتمامًا متزايدًا بفئة جديدة من الأدوية تستهدف هرمون الألدوستيرون (Aldosterone)، وهو هرمون يساعد على تنظيم السوائل والصوديوم في الجسم.

إن زيادة هذا الهرمون تُعد أحد أسباب ارتفاع ضغط الدم. هذا الدواء لم يُطرح بعد في الأسواق، لكن نتائج الدراسات الجديدة قد تمهّد الطريق ليصبح خيارًا علاجيًا جديدًا في المستقبل.

تقول الدكتورة كوهين: “في علاج ارتفاع ضغط الدم، لم نشهد أي شيء جديد وفعّال منذ التسعينيات”. ولذلك، فإن إضافة أداة جديدة إلى مجموعة خيارات العلاج قد يكون أمرًا مفيدًا.

وقد أظهرت دراسة نُشرت في مجلة نيو إنجلاند الطبية (New England Journal of Medicine) أن الدواء المثبط لهرمون الألدوستيرون المعروف باسم باكسدروستات (Baxdrostat) كان فعّالًا في خفض ضغط الدم لدى العديد من الأشخاص الذين يجدون صعوبة في السيطرة على ارتفاع ضغط الدم لديهم.

شملت الدراسة حوالي 800 شخص ممن لم يتمكنوا، رغم تناولهم دواءين أو ثلاثة أدوية، من خفض ضغط دمهم إلى النطاق الطبيعي. وقالت الدكتورة جينيفر براون (Jennifer Brown)، وهي طبيبة قلب في مستشفى بريغهام للنساء (Brigham and Women’s Hospital) وأحد الباحثين المشاركين في الدراسة، في تصريح لـ (NPR):
“ما لاحظناه هو أنه بعد 12 أسبوعًا من العلاج، كان هناك تحسن يقارب 10 نقاط في ضغط الدم لدى المرضى الذين عولجوا بدواء باكسدروستات (Baxdrostat) مقارنة بتأثير الدواء الوهمي”.

ويُرتبط انخفاض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 10 نقاط بانخفاض يقارب 20% في خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، إلى جانب انخفاض خطر الإصابة بالخرف. وقد تم رعاية الدراسة من قبل شركة الأدوية أسترازينيكا (AstraZeneca)، التي تخطط لمشاركة بياناتها مع السلطات التنظيمية بحلول نهاية العام.

المصدر: (National Public Radio – NPR):
https://www.npr.org/sections/shots-health-news/2025/09/07/nx-s1-5532108/the-silent-killer-increases-your-risk-of-stroke-and-dementia-heres-how-to-control-it

الأستاذ عبدالله سلمان العوامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *