عقولنا لا تزال قادرة على التفوق على الذكاء الاصطناعي باستخدام حيلة ذكية واحدة – ترجمة* محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

Our Brains Can Still Outsmart AI Using One Clever Trick
(David Nield – بقلم: ديفيد نيلد)

على الرغم من التطورات السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الأخيرة، لا يزال الدماغ البشري، على الرغم من بساطته، متفوقًا على أجهزة الكمبيوتر في قدرته على نقل المهارات والتعلم بين المهام المختلفة. وتكشف دراسة جديدة كيف نفعل ذلك على الأرجح.

مصدر الصورة: اكينبوستانسي / صور غيتي

ولم يُجرِ الباحثون، بقيادة فريق من جامعة برينستون، تجارب على البشر، بل استخدموا حيوانات قريبة جدًا منا من حيث البيولوجيا ووظائف الدماغ: قرود المكاك الريسوسي (مكاكا مولاتا Macaca mulatta).

وقد طُلب من هذه القرود تحديد الأشكال والألوان على شاشة، والنظر في اتجاهات محددة للإجابة. وأثناء ذلك، استُخدمت فحوصات الدماغ للتحقق من وجود أنماط متداخلة ومناطق نشاط مشتركة في أدمغة الحيوانات.

وأظهرت هذه الفحوصات أن أدمغة القرود تستخدم مجموعات مختلفة من الخلايا العصبية – أو ما يُشبه “مكعبات الليغو المعرفية”، كما وصفها الباحثون – في مختلف المهام. ويمكن إعادة استخدام هذه المجموعات وإعادة دمجها في مهام جديدة، مما يُظهر مرونة عصبية لا تستطيع حتى أفضل نماذج الذكاء الاصطناعي منافستها.

يقول عالم الأعصاب تيم بوشمان، من جامعة برينستون: “تستطيع نماذج الذكاء الاصطناعي المتطورة الوصول إلى مستوى الأداء البشري، أو حتى الانسان الخارق، في المهام الفردية”. ويتابع: “لكنها تواجه صعوبة في تعلم وأداء العديد من المهام المختلفة”.

ويضيف: “وجدنا أن الدماغ يتمتع بمرونة عالية لأنه قادر على إعادة استخدام مكونات الإدراك في العديد من المهام المختلفة. ومن خلال تجميع ‘مكعبات الليغو المعرفية‘ هذه، يستطيع الدماغ بناء مهام جديدة”.

كما ترون في الفيديو أدناه، كان على الحيوانات التمييز بين الأشكال والألوان في ثلاث مهام منفصلة ولكنها مترابطة، مما تطلب منها التعلم المستمر وتطبيق ما تعلمته من مهمة إلى أخرى.

شاهد: مقتطف من فيديو مهمة التمييز بين اللون والشكل من دراسة تفازولي وآخرون (2025) المنشورة في مجلة “نيتشر”:

وتركزت وحدات مكعبات الليغو المعرفية التي حددها الباحثون في قشرة الفص الجبهي للدماغ. وترتبط هذه المنطقة بالوظائف الإدراكية العليا – كحل المشكلات والتخطيط واتخاذ القرارات – ويبدو أنها تلعب دورًا هامًا في المرونة المعرفية.

كما وجد الباحثون أنه عندما لا تكون بعض وحدات البناء المعرفية ضرورية، ينخفض نشاطها، مما يشير إلى أن الدماغ قادر على تخزين المعلومات العصبية غير الضرورية للتركيز بشكل أفضل على المهمة الحالية.

ويقول بوشمان: “أشبه وحدة البناء المعرفية بوظيفة في برنامج حاسوبي”. ويضيف: “تميز مجموعة من الخلايا العصبية الألوان، ويمكن ربط مخرجاتها بوظيفة أخرى تحفز فعلًا ما. ويسمح هذا التنظيم للدماغ بأداء مهمة ما من خلال تنفيذ كل مكون من مكوناتها بالتتابع”.

ويفسر هذا كيف يمكن للقرود، وربما البشر، التكيف مع التحديات والمهام غير المألوفة، واستخدام المعرفة الموجودة للتغلب عليها – وهو أمر يواجه الذكاء الاصطناعي في شكله الحالي صعوبة فيه.
وفي المستقبل، يقترح الباحثون أن نتائجهم قد تُسهم في تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي لتكون أكثر قدرة على التكيف مع المهام الجديدة. كما قد يُفيد عملهم في تطوير علاجات للاضطرابات العصبية والنفسية التي يُعاني فيها الأفراد من صعوبة تطبيق مهاراتهم في بيئات جديدة.

وفي الوقت الراهن، تُظهر هذه النماذج المعرفية، على المستوى الأساسي، كيف أن أدمغتنا أكثر مرونة وقدرة على التكيف من نماذج الذكاء الاصطناعي، التي تُظهر ما يُسمى بالنسيان الكارثي: وهو ضعف يعني أن الشبكات العصبية لا تستطيع تعلم مهام متتالية دون نسيان كيفية أداء المهمة الأخيرة التي تدربت عليها.

ومع أن تبديل المهام ليس مثاليًا لأدمغتنا، إلا أن تطبيق ما نعرفه من مهمة إلى أخرى قد يكون اختصارًا مفيدًا.

ويخلص الباحثون إلى القول: “إذا كان الدماغ، كما تُشير نتائجنا، قادرًا على إعادة استخدام التمثيلات والحسابات عبر المهام، فإن هذا قد يُتيح التكيف السريع مع التغيرات في البيئة، إما عن طريق تعلم تمثيل المهمة المناسب من خلال التغذية الراجعة التحفيزية أو عن طريق استرجاعه من الذاكرة طويلة المدى”.

*تمت الترجمة بتصرف
المصدر:

https://www.sciencealert.com/our-brains-can-still-outsmart-ai-using-one-clever-trick

المهندس محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *