سكر الأريثريتول الصناعي شائع الاستخدام في المشروبات والمخبوزات قد يُلحق الضرر بالحاجز الدموي الدماغي بحسب دراسة حديثة – بقلم عدنان أحمد الحاجي

A popular sweetener could be damaging your brain’s defences, says recent study
(بقلم: هافوفي تشيتشغر، أستاذة العلوم الطبية الحيوية، جامعة أنجليا روسكين في المملكة المتحدة – Havovi Chichger)

لطالما اعتُبر الإريثريتول(1)، المضاف إلى كل أنواع المخبوزات والمشروبات، من ألواح البروتين (لوح شوكلاته غني بالبروتين) إلى مشروبات الطاقة، بديلاً آمنًا للسكر الطبيعي. لكن تشير دراسات جديدة إلى أن هذا المُحليّ واسع الاستخدام [والذي يرمز له بالرمز (E968). بينما رمز بديل السكر ستيفيا هو (E960)، والمعروف أنه بطبيعته خالٍ من الأريثريتول، لكن قد يخلط بـ الأريثريتول(2)] قد يضر بأحد أهم الحواجز الوقائية في الجسم بشكل تدريجي، مما قد يُسبب أضرارًا وخيمة على صحة القلب وإحتمال الاصابة بالسكتة الدماغية.

أفادت دراسة حديثة(3) من جامعة كولورادو إلى أن الإريثريتول قد يُلحق الضرر بخلايا الحاجز الدموي الدماغي(4)، وهو حاجز أمان في الدماغ يمنع دخول المواد الضارة ويسمح بدخول العناصر المغذية. تُضيف هذه النتائج تفاصيل جديدة ومُقلقة إلى الدراسات الرصدية السابقة(5) التي قرنت استهلاك الإريثريتول بزيادة معدلات الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.

محلي الأريثريتول

في تلك الدراسة الجديدة، عرّض الباحثون خلايا الحاجز الدموي الدماغي(6) لمستويات من الإريثريتول، وهي مستويات تُلاحظ عادةً بعد شرب مشروب غازي مُحلّى بهذا المحلّي، ولاحظوا سلسلة تفاعل تؤدي إلى تلف الخلايا، مما قد يجعل الدماغ أكثر عرضة لجلطات الدم، وهي سبب رئيس للسكتات الدماغية.

يؤدي الإريثريتول إلى ما يُطلق عليه الباحثون الإجهاد التأكسدي(7)، حيث تتعرض الخلايا إلى اجتياح جزيئات ضارة شديدة التفاعل، تُعرف بالجذور الحرة(8)، في نفس الوقت الذي تضعف فيه دفاعات الجسم الطبيعية المضادة للأكسدة. هذا الهجوم المزدوج يضر بقدرة الخلايا على القيام بوظائفها بشكل صحيح، وفي بعض الحالات يقضي عليها تمامًا.

ولكن ربما كان الأمر الأكثر إثارة للقلق هو تأثير الإريثريتول في قدرة الأوعية الدموية على تنظيم تدفق الدم. تعمل الأوعية الدموية السليمة كأجهزة تحكم في حركة الدم، حيث تتسع عندما تحتاج الأعضاء إلى زيادة في تدفق الدم – أثناء ممارسة التمارين الرياضية، على سبيل المثال – وتضيق عندما يقل مستوى الحاجة إلى الدم. وتحقق الأوعية هذا التوازن الدقيق من خلال جزيئين رئيسيين: أكسيد النيتريك، الذي يُوسع الأوعية الدموية، وإندوثيلين-1، الذي يُضيّقها(9).

وقد وجدت الدراسة أن الإريثريتول يُعطّل هذا النظام الحيوي، مما يُقلل من إنتاج أكسيد النيتريك ويزيد من إنتاج إندوثيلين-1. والنتيجة هي أن الأوعية الدموية تبقى ضيّقة بشكل خطير، مما قد يُحرم الدماغ من الأكسجين والمغذيات. ويُعدّ هذا الخلل علامة إنذار معروفة بحدوث سكتة دماغية إقفارية(10،11) – وهي النوع الذي تُسببه جلطات الدم التي تسد الأوعية الدموية في الدماغ.

الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الإريثريتول يبدو أنه يُضعف دفاعات الجسم الطبيعية ضد جلطات الدم. عادةً، عندما تتشكل الجلطات في الأوعية الدموية، تُفرز الخلايا مضاد (مذيب) للجلطات، يُعرف بمنشط يلازمينوجين النسيجي(12)، يُذيب الانسداد (الجلطة) قبل أن يتسبب في سكتة دماغية. لكن المُحليّ يعرقل هذه الآلية الوقائية، مما قد يمنح الجلطات فرصة لإحداث الضرر.

تتوافق نتائج المختبر مع أدلة مُقلقة من دراسات على البشر. فقد وجدت عدة دراسات رصدية على عينة كبيرة أن الذين يستهلكون الإريثريتول بانتظام يواجهون مستوى احتمال عالٍ للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بما في ذلك النوبات القلبية والسكتات الدماغية. ووجدت دراسة رئيسة(5) تتبعت آلاف المشاركين أن أولئك الذين لديهم مستويات عالية من الإريثريتول في الدم كانوا أكثر احتمالًا بمرتين تقريبًا للإصابة بنوبة قلبية خطيرة.

ومع ذلك، فإن البحث مقيد. فقد أُجريت التجارب على خلايا معزولة في أطباق مختبرية، ولم تستخدم أوعية دموية كاملة، مما يعني أن الخلايا قد لا يكون لها نفس السلوك تمامًا، كما لو كانت في جسم الإنسان. ويقر الباحثون بالحاجة إلى اختبارات أكثر تقدمًا – باستخدام أنظمة “أوعية دموية على شريحة [وهي عبارة عن جهاز موائع حزيئي (microfluidic device) يحاكي الوعاء الدموي(13)]” – لتأكيد حدوث هذه التأثيرات.

تُعد هذه النتائج بالغة الأهمية لأن الإريثريتول يحتل مكانة فريدة في عالم المُحليات الصناعية. فعلى عكس المُحليات الصناعية الأخرى، مثل الأسبارتام أو السكرالوز، يُعد الإريثريتول تقنيًا سكرًا كحوليًا(14) – وهو مُركب طبيعي يُنتجه الجسم بكميات بسيطة. وقد ساعد هذا التصنيف على عدم إدراجه في إرشادات منظمة الصحة العالمية الأخيرة التي أوصت بعدم استخدام المُحليات الصناعية في التخسيس(15).

اكتسب الإريثريتول شعبيةً واسعةً بين مُصنّعي الأغذية نظرًا لتشابهه مع السكر الطبيعي مقارنةً ببدائل السكر الأخرى. فالبرغم من أن المحلّي الصناعي السكرالوز(16) أحلى من السكر بـ 320 مرة، فإن الإريثريتول لا يبلغ سوى حوالي 80% من حلاوة السكر الطبيعي، مما يُسهُل استخدامه في وصفات المشروبات أو المخبوزات دون أن يُضفي عليها طعمًا غير مرغوب فيه يطغى على طعمها الطبيعي. وهو يُستخدم الآن في آلاف المنتجات الغذائية، وخاصةً في الكثير من الأطعمة “الخالية من السكر” و”المسموح بها في حمية الكيتو(17)“.

الإريثريتول يضاف إلى الكثير من المنتجات المسموح بها في أغذية الكيتو، مثل ألواح الشوكلاتة الغنية بالبروتين.

المقايضات
أقرّت الهيئات التنظيمية، بما في ذلك الوكالة الأوروبية لمعايير الأغذية وإدارة الغذاء والدواء الأمريكية، بأن الإريثريتول آمن للاستهلاك. لكن نتائج الدراسة الجديدة تُضاف إلى مجموعة متراكمة من الأدلة التي تُفيد بأنه حتى بدائل السكر “الطبيعية”. [كالعسل أو دبس التمر أو شراب القيقب]، قد تنطوي على مخاطر صحية غير معروفة أو غير متوقعة.

بالنسبة للمستهلكين، تُثير هذه النتائج تساؤلاتٍ مُلحّة حول المقايضات التي ينطوي عليها استبدال السكر ببدائل السكر الصناعية. يُمكن أن تكون المُحليات مثل الإريثريتول أدواتٍ قيّمة للتخسيس والوقاية من مرض السكري، حيث تُساعد الناس على الحد من استهلاك السعرات الحرارية والتحكم في ارتفاعات سكر الدم. ولكن إذا كان الاستهلاك المنتظم لها يضعف الحاجز الوقائي للدماغ ويزيد من احتمال الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، فإن الفوائد قد تكون لها تكلفة معتبرة على الصحة.

تسلّط نتائج الدراسة الضوء على تحديات واسعة النطاق ومشكلات معقدة تتطلب منظور أوسع لحلحلتها في مجال علم التغذية: ومن ذلك فهم التبعات طويلة الأمد للمُضافات الغذائية الحديثة نسبيًا، والتي أصبحت شائعة الاستخدام في المنتجات الغذائية الحديثة. بالرغم من أن الإريثريتول قد يُساعد المستهلكين على تجنّب الأضرار المباشرة من لإفراط في استهلاك السكر الطبيعي، إلا أن تأثيره على الحاجز الدموي الدماغي يُفيد بأن الاستخدام المُستمر له قد يُؤثّر سلبًا في حماية الدماغ بمرور الزمن.

مع استمرار الباحثين في دراسة هذه الاقتران المُقلق بين استخدام الإريثريتول وتضرر الحاجز الدموي الدماغي، قد يرغب المستهلكون في إعادة نظرهم في الاستمرار في استهلاك هذا النوع من المُحلّيات الذي كان يعتقد سابقًا بأنه آمن – وربما يبدأ التساؤل عما إذا كان هناك بالفعل أيّ مُضافات بديلة للسكر الطبيعي لا تنطوي على مخاطر على الصحة.

مصادر من داخل وخارج النص:
1- https://ar.wikipedia.org/wiki/إريثريتول
2- https://www.whatsugar.com/stevia
3- https://journals.physiology.org/doi/full/10.1152/japplphysiol.00276.2025
4- https://ar.wikipedia.org/wiki/حاجز_دموي_دماغي
5- https://www.nature.com/articles/s41591-023-02223-9
6- https://ar.wikipedia.org/wiki/تلف_الخلايا
7- https://ar.wikipedia.org/wiki/إجهاد_تأكسدي
8- https://ar.wikipedia.org/wiki/جذر_كيميائي
9- https://ar.wikipedia.org/wiki/إندوثيلين
10- https://molecularbrain.biomedcentral.com/articles/10.1186/s13041-016-0211-9
11- https://www.moh.gov.sa/HealthAwareness/EducationalContent/Diseases/NonCommunicable/Pages/010.aspx
12- https://ar.wikipedia.org/wiki/منشط_بلازمينوجين_النسيجي
13- https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC7846973/
14- https://ar.wikipedia.org/wiki/كحول_سكري
15- https://www.who.int/news/item/15-05-2023-who-advises-not-to-use-non-sugar-sweeteners-for-weight-control-in-newly-released-guideline
16- https://ar.wikipedia.org/wiki/سكرالوز
17- https://www.moh.gov.sa/HealthAwareness/EducationalContent/Food-and-Nutrition/Pages/004.aspx

المصدر الرئيس:
https://theconversation.com/a-popular-sweetener-could-be-damaging-your-brains-defences-says-recent-study-261500

الأستاذ عدنان أحمد الحاجي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *