جزيء تم اكتشافه حديثًا ينافس عقار أوزيمبيك في إنقاص الوزن [مع آثار جانبية أقل] – ترجمة* محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

Newly discovered molecule rivals Ozempic in weight loss – with fewer side effects
(Krista Conger – بقلم: كريستا كونغر)

باستخدام الذكاء الاصطناعي، تمكن الباحثون من تحديد جزيء طبيعي قادر على قمع الشهية وتسهيل فقدان الوزن لدى الفئران والخنازير.

تعرف باحثون في كلية الطب بجامعة ستانفورد على جزيء، يحدث (يتكون) بشكل طبيعي، ويبدو مشابها لجزيء السيماغلوتيد[1] – المعروف أيضا باسم أوزيمبيك – في قمع الشهية وتقليل وزن الجسم. والجدير بالذكر أن التجارب على الحيوانات أظهرت أيضًا فعاليته دون بعض الآثار الجانبية للدواء، مثل الغثيان والإمساك وفقدان كتلة العضلات بشكل ملحوظ.

يعمل ببتيد “بي آر بي” (BRP) المكون من 12 حمضًا أمينيًا (الكرات هي الذرات والعصي هي الروابط) على كبح الشهية وتقليل زيادة الوزن لدى الفئران والخنازير دون التسبب في الغثيان أو النفور من الطعام. | مصدر الصورة: البروفيسور كاترين سفينسون

يعمل الجزيء المُكتشف حديثًا، المسمى “بي آر بي” (BRP)[2]، من خلال مسار أيضي منفصل ولكنه مشابه، ويُنشّط خلايا عصبية مختلفة في الدماغ، مما يُقدم على ما يبدو نهجًا أكثر استهدافًا لخفض وزن الجسم.
وقالت البروفيسور كاترين سفينسون، الحاصلة على درجة الدكتوراه والأستاذة المساعدة في علم الأمراض: “توجد المستقبلات التي يستهدفها سيماغلوتايد في الدماغ، وكذلك في الأمعاء والبنكرياس وأنسجة أخرى. ولهذا السبب، يتمتع أوزيمبيك بتأثيرات واسعة النطاق، بما في ذلك إبطاء حركة الطعام عبر الجهاز الهضمي وخفض مستويات السكر في الدم. في المقابل، يبدو أن ’بي آر بي‘ يعمل بشكل مُحدد في منطقة ما تحت المهاد، التي تتحكم في الشهية والتمثيل الغذائي”.

وقد شاركت البروفيسور سفينسون في تأسيس شركة لإطلاق تجارب سريرية لهذا الجزيء على البشر في المستقبل القريب. وهي المؤلفة الرئيسية للبحث الذي نُشر في 5 مارس [2025] في مجلة “نيتشر”. والدكتورة ليتيشا كواسولو، الباحثة الرئيسية والحاصلة على درجة الدكتوراه، هي المؤلفة القائدة للدراسة.

ولم تكن هذه الدراسة ممكنة لولا استخدام الذكاء الاصطناعي لفرز عشرات البروتينات في فئة تُسمى الهرمونات الأولية (البروهرمونات)[3]، وهي جزيئات خاملة بيولوجيًا تنشط عندما تنشطر بواسطة بروتينات أخرى إلى أجزاء أصغر تُسمى الببتيدات؛ وتعمل بعض هذه الببتيدات بعد ذلك كهرمونات لتنظيم النتائج البيولوجية المعقدة، بما في ذلك استقلاب الطاقة، في الدماغ وأعضاء أخرى.

ويمكن تقسيم كل هرمون أولي بطرق متنوعة لإنشاء مجموعة كبيرة من سلالات الببتيد الوظيفية. ولكن باستخدام الطرق التقليدية لعزل البروتين، يصعب اختيار هرمونات الببتيد (وهي نادرة نسبيًا) من بين المكونات البيولوجية للنواتج الثانوية الطبيعية الأكثر عددًا لتحلل البروتين ومعالجته.

وقد ركز الباحثون على إنزيم “بروهورمون كونفيرتيز 1/3″، الذي يفصل الهورمونات الأولية عند تسلسلات أحماض أمينية محددة، والمعروف بتورطه في السمنة البشرية. وأحد منتجات الببتيد هو الببتيد-1 الشبيه بالغلوكاغون (GLP-1)، الذي ينظم الشهية ومستويات السكر في الدم؛ ويعمل سيماغلوتايد عن طريق محاكاة تأثير ببتيد-1 شبيه الغلوكاغون في الجسم. وقد لجأ الفريق إلى الذكاء الاصطناعي لمساعدتهم في تحديد الببتيدات الأخرى المشاركة في استقلاب الطاقة.

مُتنبئ الببتيد
بدلاً من عزل البروتينات والببتيدات يدويًا من الأنسجة واستخدام تقنيات مثل مطياف الكتلة لتحديد مئات الآلاف من الببتيدات، صمم الباحثون خوارزمية حاسوبية أطلقوا عليها اسم “مُتنبئ الببتيد” لتحديد مواقع انقسام إنزيم تحويل البروهرمون النموذجي في جميع الجينات المُشفرة للبروتين البشري والبالغ عددها 20000 جين. ثم ركزوا على الجينات المُشفرة للبروتينات التي تُفرز خارج الخلية – وهي سمة أساسية للهرمونات – والتي تحتوي على أربعة مواقع انقسام محتملة أو أكثر. وأدى ذلك إلى تضييق نطاق البحث إلى 373 هرمونا أوليا، وهو عدد معقول لفحص آثارها البيولوجية.

“لم يُضاهي أي شيء اختبرناه سابقًا قدرة سيماغلوتيد على تقليل الشهية ووزن الجسم. نحن متشوقون للغاية لمعرفة ما إذا كان آمنًا وفعالًا على البشر”، البروفيسور كاترين سفينسون (أستاذة مساعدة في علم الأمراض)

وقالت البروفيسور سفينسون: “كانت الخوارزمية أساسيةً للغاية في نتائجنا”. وقد توقعت أداة “توقع الببتيد” أن يُنتج إنزيم “تحويل البروهورمون 1/3” 2683 ببتيدًا فريدًا من 373 بروتينًا. وركزت الدكتورة كواسولو والبروفيسور سفينسون على تسلسلات يُحتمل أن تكون نشطة بيولوجيًا في الدماغ. وفحصتا 100 ببتيد، بما في ذلك الببتيد-1 الشبيه بالغلوكاغون، لمعرفة قدرتها على تنشيط الخلايا العصبية المزروعة في المختبر.

وكما هو متوقع، كان للببتيد-1 الشبيه بالغلوكاغون تأثير قوي على الخلايا العصبية، حيث زاد نشاطها ثلاثة أضعاف مقارنةً بخلايا المجموعة الضابطة. ولكن ببتيدًا صغيرًا مكونًا من 12 حمضًا أمينيًا فقط زاد نشاط الخلايا عشرة أضعاف مقارنةً بخلايا المجموعة الضابطة. وأطلق الباحثون على هذا الببتيد اسم “بي آر بي” استنادًا إلى الهورمون الأولي الأصلي، وهو “بي بي ام” (BPM)/حمض الريتينويك القابل للتحريض العصبي النوعي 2[4]، أو “برينب 2″ (BRINP2) (وهوالببتيد المرتبط بـ”برينب 2”).

وعندما اختبر الباحثون تأثير “بي آر بي” على الفئران النحيلة والخنازير الصغيرة (التي تحاكي بشكل أوثق عملية الأيض البشري وأنماط الأكل مقارنةً بالفئران)، وجد الباحثون أن الحقن العضلي لـ”بي آر بي” قبل التغذية قلل من تناول الطعام خلال الساعة التالية بنسبة تصل إلى 50% في كلا النموذجين الحيوانيين. وفقدت الفئران البدينة التي عولجت بحقن يومية من “بي آر بي” لمدة 14 يومًا ما معدله 3 غرامات – ويعود ذلك بشكل شبه كامل إلى فقدان الدهون – بينما اكتسبت الحيوانات الضابطة حوالي 3 غرامات خلال نفس الفترة. كما أظهرت الفئران تحسنًا في تحمل الجلوكوز والأنسولين.

ولم تجد الدراسات السلوكية للفئران والخنازير أي اختلافات في حركة الحيوانات المعالجة، أو تناولها للماء، أو سلوكها الشبيه بالقلق، أو إنتاج البراز. وأظهرت دراسات أخرى للنشاط الفسيولوجي والدماغي أن “بي آر بي” ينشط مسارات أيضية وعصبية منفصلة عن تلك التي ينشطها الببتيد-1 شبيه الغلوكاغون أو “سيماغلوتايد”.

ويأمل الباحثون في تحديد مستقبلات سطح الخلية التي ترتبط بـ “بي آر بي”، ومواصلة تحليل مسارات تأثيره. كما يبحثون في كيفية مساعدة تأثيرات الببتيد على الاستمرار لفترة أطول في الجسم للسماح بجدول جرعات أكثر ملاءمة إذا أثبت الببتيد فعاليته ليكون فعالاً في تنظيم وزن الجسم البشري.

وقالت البروفيسور سفينسون: “لطالما كان نقص الأدوية الفعالة لعلاج السمنة لدى البشر مشكلةً لعقود. لم يُضاهي أيٌّ من الأدوية التي اختبرناها سابقًا قدرة سيماغلوتايد على تقليل الشهية ووزن الجسم. نحن متشوقون للغاية لمعرفة مدى أمانه وفعاليته لدى البشر”.

*تمت الترجمة بتصرف
المصدر:

https://news.stanford.edu/stories/2025/03/ozempic-rival
معلومات اضافية:
ساهم باحثون من جامعة كاليفورنيا، بيركلي، وجامعة مينيسوتا، وجامعة كولومبيا البريطانية في هذا الدراسة التي مُوِّلت من قِبل المعاهد الوطنية للصحة (المنح R01DK125260، وP30DK116074، وK99AR081618، وGM113854)، وبرنامج سبارك (SPARK) للأبحاث التطبيقية في جامعة ستانفورد، ,و”ستانفورد باية اكس” (Stanford Bio-X)، ومعهد ستانفورد لأبحاث صحة الأم والطفل، وجمعية القلب الأمريكية، وجائزة زمالة عميد كلية الطب في ستانفورد، ومؤسسة كارلسبيرغ، وتحالف “وو تساي” للأداء البشري. البروفيسور سفينسون والدكتورة كواسولو هما مخترعتان حاصلتان على براءات اختراع تتعلق بببتيدات “بي آر بي” (BRP) لعلاج اضطرابات التمثيل الغذائي. وايضا، البروفيسور سفينسون هي أحد مؤسسي شركة “ميريفيلد ثيرابيوتيكس” (Merrifield Therapeutics). وقد نُشرت هذه المقالة في الأصل في مجلة “ستانفورد ميديسن” (Stanford Medicine).
الهوامش:
[1] سيماغلوتايد دواءٌ مضادٌّ للسكري يُستخدم لعلاج داء السكري من النوع الثاني، ودواءٌ مضادٌّ للسمنة يُستخدم لإدارة الوزن على المدى الطويل. وهو ببتيدٌ مشابهٌ لهرمون الببتيد-1 الشبيه بالغلوكاغون (glucagon-like peptide-1)، معدّلٌ بسلسلةٍ جانبية. ويُمكن إعطاؤه عن طريق الحقن تحت الجلد أو عن طريق الفم. المصدر: ويكيبيديا
[2] “بي آر بي” (BRP) هو ببتيد طبيعي اكتُشف في جامعة ستانفورد، وهو مشتق من بروتين “برينب2” (BRINP2)، المكون من 12 حمضًا أمينيًا.
[3] الهرمون الأولي (prohormone) هو بولي ببتيد غير نشط أكبر حجمًا يخضع للانقسام بواسطة البروتينات الداخلية لتكوين جزيء هرمون نشط أصغر حجمًا، مثل تحويل الأنسولين من بولي ببتيد طويل إلى شكله النشط عن طريق انقسام الببتيد سي (C-peptide). المصدر: https://www.sciencedirect.com/topics/chemistry/prohormone#
[4] يُتوقع أن يشارك في الاستجابة الخلوية لحمض الريتينويك وتمايز الخلايا العصبية في الجهاز العصبي المركزي والتنظيم السلبي لدورة الخلية الانقسامية؛ وأن يعمل قبل أو أثناء الحركة وتطور الجهاز العصبي؛ كما يُتوقع أن يكون موجودًا في المنطقة خارج الخلية؛ وأن يكون نشطًا في السيتوبلازم والتغصنات وجسم الخلية العصبية. ويُشتبه في ارتباطه بسرطان الخلايا الحرشفية الفموي [شرح مقدم من تحالف موارد الجينوم، مايو 2025]. المصدر: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/gene?Db=gene&Cmd=DetailsSearch&Term=57795

المهندس محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *