علماء طوروا نوعًا من “الخرسانة الحية” التي تعالج شقوقها بنفسها – ترجمة* محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

Scientists Developed a Kind of ‘Living Concrete’ That Heals Its Own Cracks
(Michelle Starr – بقلم: ميشيل ستار)

الخرسانة مادة ممتازة ومتعددة الاستخدامات، لكنها ليست خالية من القيود. وإحدى أكبر المشاكل التي يسعى علماء المواد جاهدين لإيجاد حل لها هي هشاشتها. ولا تتمتع الخرسانة بقوة شد عالية على الإطلاق، مما يعني أنها عرضة للتشقق تحت الضغط.

وتتمثل إحدى طرق حل هذه المشكلة في تطوير خرسانة قادرة على ملء شقوقها بنفسها، وقد تكون طريقة جديدة هي الحل الأمثل. وقد طور فريق بقيادة المهندس الميكانيكي البروفيسور كونغروي غريس جين من جامعة “تكساس أيه أند إم” خرسانة قادرة على إصلاح نفسها بتسخير قوة الأشنة[1] الاصطناعية.

مصدر الصورة: سيمون ماغيل / مومنت / صور غيتي

ويقول الباحثون إن هذه الطريقة تُحسّن المحاولات السابقة لإنتاج خرسانة “حية” ذاتية المعالجة مصنوعة باستخدام البكتيريا، من خلال كونها مستدامة ذاتيًا بالكامل.

ويوضح البروفيسور جين: “لقد خضعت الخرسانة ذاتية المعالجة التي تعتمد على الميكروبات لدراسات مكثفة لأكثر من ثلاثة عقود، لكنها لا تزال تعاني من قيد مهم واحد – لا تتمتع أي من طرق العلاج الذاتي الحالية بالاستقلالية الكاملة، لأنها تتطلب مصدرًا خارجيًا من العناصر الغذائية لعوامل المعالجة لإنتاج مواد الإصلاح باستمرار”.

فعلى سبيل المثال، قد تتطلب الأساليب التي تستخدم البكتيريا رشّ المغذيات يدويًا لتشجيع الكائنات الحية على العمل لإصلاح الخرسانة التالفة. وفي ورقة بحثية ألّفتها أولا طالبة مرحلة الدكتوراه نيشا روكايا من جامعة نبراسكا-لينكولن [أقدم جامعة في ولاية نبراسكا ويقع حرمها في مدينة لينكولن]، يأخذ البروفيسور جين وزملاؤه هذا النهج خطوةً أبعد.
شاهد هذا الفيديو حول الأشنة:

وليست الأشنات كائنات حية منفردة، بل هي أمثلة على التكافل الإلزامي، وهو شراكة تكافلية بين الفطريات والبكتيريا الزرقاء أو الطحالب. وقد قام الباحثون بتصميم أشنة خاصة باستخدام البكتيريا الزرقاء التي تعمل على تثبيت ثاني أكسيد الكربون والنيتروجين من الغلاف الجوي، وفطر خيطي يجذب الكالسيوم المتأين ويعزز ترسب كميات كبيرة من كربونات الكالسيوم – المادة التي تصنع منها قشور البيض، وأصداف البحر، والمرجان، والطباشير.

وفي الاختبارات المعملية، كانت هذه الأشنات متمكنة من التئام الشقوق في الخرسانة عن طريق ترسيب كميات كبيرة من كربونات الكالسيوم، وإعادة لصق الشقوق معًا ومنعه من الانتشار أكثر. وفي الواقع، لا يختلف هذا عن الخرسانة الرومانية القديمة ذاتية الشفاء التي تستخدم تفاعلات كيميائية لإنتاج كربونات الكالسيوم لإصلاح الخرسانة.

وعلى عكس البكتيريا، لا تحتاج الأشنة إلى تغذية: فهي ببساطة تبقى موجودة (تعلق تتسكع)، وتقوم بعملها، ولا تحتاج إلى رعاية من البشر. ويحتاج الأمر إلى مزيد من البحث – يخطط الباحثون لاحقًا لمعرفة كيفية تعامل الأشنة مع الشقوق الموجودة مسبقًا – ولكن قد يُقدم هذا طريقة لتحسين عمر مادة أصبحت حيوية لأسلوب حياة البشرية.

ويكتب الباحثون: “أظهرت النتائج إمكانية إنشاء نظام مستقر ضوئي التغذية – غيري التغذية لإصلاح الخرسانة ذاتيًا، باستخدام قدرات نوعين في آن واحد، مما يلغي الحاجة إلى إمدادات غذائية خارجية”.

*تمت الترجمة بتصرف
المصدر:

https://www.sciencealert.com/scientists-developed-a-kind-of-living-concrete-that-heals-its-own-cracks
الهوامش:
[1] الأشنة (lichen) مستعمرة هجينة من الطحالب أو البكتيريا الزرقاء، تعيش تكافليًا بين خيوط أنواع متعددة من الفطريات، إلى جانب الخمائر والبكتيريا المضمنة في القشرة أو “الجلد”، في علاقة تكافلية. وهي شكل الحياة الذي أدخل مصطلح التكافل (Symbiotismus) إلى السياق البيولوجي. ومنذ ذلك الحين، عُرفت الأشنة كعناصر فاعلة مهمة في دورة المغذيات، وكمنتجة تتغذى عليها العديد من الكائنات ذات التغذية العالية، مثل الرنة، والبطنيات، والديدان الخيطية، والسوس، وذيل الربيع. وتتميز الأشنة بخصائص مختلفة عن خصائص الكائنات الحية المكونة لها. فهي تأتي بألوان وأحجام وأشكال متعددة، وأحيانًا تكون شبيهة بالنباتات، ولكنها ليست نباتات. وقد يكون لها فروع صغيرة بلا أوراق (فروتيكوز)؛ أو هياكل مسطحة تشبه الأوراق (فوليوز)؛ أو تنمو بشكل قشرة، ملتصقة بإحكام بالسطح (الركيزة) مثل طبقة سميكة من الطلاء (قشرة)؛ أو يكون لها مظهر يشبه المسحوق (لبروز)؛ أو أشكال نمو أخرى. المصدر: ويكيبيديا

المهندس محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *