خريجو اليوم، مهندسو الغد… على موعد مع التحديات وصناعة المستقبل – بقلم المهندس محمد ابوفور*

[خريجو اليوم، مهندسو الغد… على موعد مع التحديات وصناعة المستقبل]
إلى خريجي الهندسة من مختلف التخصصات،،،
أنتم اليوم تعيشون لحظة فارقة… لحظة الانتقال من قاعات الدراسة إلى ميادين العمل،
من المعادلات والرسومات إلى القرارات والمشاريع.
ورغم أن الطريق يبدو مشوّقًا، إلا أنه ليس خاليًا من التحديات – وربما أولها البحث عن وظيفة مناسبة.


بين الواقع والطموح
نعم، من الصعب في زمننا هذا أن يجد المهندس الجديد وظيفة مرموقة بسهولة.
فعدد الخريجين في ازدياد، وسوق العمل لا يرحم من لا يعرف ما يريد.

لكن الحقيقة التي لا يجب أن تغيب عنك:
الفرص ليست معدومة… بل مخفية خلف الاستعداد والتخطيط الجيد.
“لا تنتظر الفرص…، بل اصنعها بيديك”


المهندس الناجح هو من يخلق الفرص، لا من ينتظرها.
من يعرف سوقه، ويدرس التخصصات المطلوبة، ويستثمر وقته في تطوير مهاراته، سيصل ولو بعد حين.
من مقاعد الدراسة إلى ميادين العمل
المعرفة الأكاديمية هي القاعدة… لكنها وحدها لا تكفي.
النجاح المهني يبدأ حين تنزل إلى الميدان: إلى الورش، إلى المشاريع، إلى فرق العمل متعددة الخلفيات.

هناك تُصقل المهارات، وتُختبر الشخصية، وهناك يُبنى الفرق بين المهندس الجيد والمتميز.
لا تكتفِ بأن تكون حاضرًا… اصنع حضورك، وابنِ بصمتك.

الصبر والمثابرة… مفتاح تحقيق الهدف
قد تستغرق فترة البحث عن الوظيفة المناسبة وقتًا أطول مما كنت تتوقع، وهذا أمر طبيعي في سوق العمل التنافسي.
لكن لا تدع طول المدة يحبطك أو يُقلّل من عزيمتك وجهدك.

الهدف هو أن تحصل على وظيفة تؤمن بها، وتبني من خلالها حياتك المهنية بثقة واستقرار.
“كل تحدٍ هو فرصة مستترة”.
ما تراه عقبة اليوم، قد يكون سبب نجاحك غدًا.

خمس وصايا لمهندس الغد
1. اعرف سوقك
اسأل: ما التخصصات المطلوبة؟ ما المهارات التقنية والناعمة التي يبحث عنها أصحاب العمل؟
لا تنتظر أن تتضح الأمور بعد التخرج… كن استباقيًا من الآن.
2. استثمر في ذاتك
الشهادات الاحترافية، الدورات المعتمدة، القراءة المستمرة، العمل التطوعي… كلها أدوات لبناء ذاتك المهني.
3. خطط… ولو لعام واحد
اسأل نفسك: ماذا أريد أن أتعلم هذا العام؟ ما الخبرة التي أحتاجها؟ ما الفرصة التي أسعى إليها؟
العمل العشوائي لا يصنع مستقبلًا.
4. شارك في الفعاليات
لا تبقَ في دائرتك الضيقة. شارك في المؤتمرات، المنتديات، وورش العمل.
هناك تلتقي بالفرص، وتبني شبكة علاقات مهنية قيّمة.
5. اجعل الشغف وقودك
ما تعمل عليه بشغف… ستتفوق فيه.
ولا تخف من الفشل، فهو المعلم الأول للناجحين.
“الإخفاق ليس فشلًا، بل خطوة على طريق الإتقان”.
لا تخشَ الأخطاء، فهي أصدق معلم.

تغيير الوظيفة… خطوة نحو الأفضل ولكن بحذر ومسؤولية
قد لا تكون الوظيفة الأولى هي المثالية.
ومع مرور الوقت، قد تجد نفسك تفكر في التغيير، بحثًا عن بيئة أفضل أو فرصة أكبر.
لكن قبل اتخاذ القرار، توقف وفكر بعقلانية. فالتغيير في بداية المسيرة المهنية ليس مجرد خيار، بل منعطف مهم قد يرسم مستقبلك.
“ليس كل تغييرٍ تقدم… إلا إذا كان مدروسًا”.
اسأل نفسك:
• هل الدور الجديد سيضيف إلى سيرتك الذاتية؟
• هل الشركة الجديدة ذات سمعة قوية ومشاريع واعدة؟
• هل البيئة مشجعة على التطور؟
• وهل المكاسب المادية والمعنوية تستحق الانتقال؟
“التغيير الذكي لا يكون بدافع الملل أو الضغط، بل بدافع التطوير والنمو”.


الشركات تفضّل الطامحين لا العاطلين
الكثير من الشركات تفضّل توظيف من هم على رأس العمل.
لأنهم يُنظر إليهم على أنهم ملتزمون، نشطون، ومطّلعون على متغيرات السوق.

وجودك في وظيفة حالية – حتى وإن لم تكن مثالية – يمنحك قوة تفاوضية ويُظهرك كمرشح جاد.
لذلك، لا تتسرع في ترك عملك دون أن تؤمّن البديل.

التحديات ليست عوائق… بل منصات انطلاق
ستواجهك صعوبات، وربما تبدأ من وظيفة بسيطة أو مجال مختلف عن طموحك.
لكن لا يعني هذا أنك بعيد عن النجاح. بل يعني أنك في الطريق الصحيح.
لا تتردد في تطوير ذاتك أو تغيير المسار عند الحاجة.

أنتم ركيزة الرؤية… وسواعد البناء
المملكة اليوم تقود تحوّلًا غير مسبوق في مجالات الاقتصاد والمعرفة.
والهندسة مطلوبة في كل القطاعات: من الطاقة المتجددة إلى الذكاء الصناعي، ومن البنية التحتية إلى الصناعات المستقبلية.
وأنتم، خريجو اليوم، أنتم مهندسو الغد الذين ستُبنى المشاريع بأيديهم، وتُصاغ الرؤية بطموحاتهم.


في الختام…
قد تكون البداية صعبة، لكنها بداية الطريق الصحيح.
ابنِ نفسك بثقة، ولا تُقارن رحلتك بأحد.
لكل مهندس قصته… فاكتب قصتك أنت.
ابدأ اليوم، ولو بخطوة صغيرة.

وستنظر ذات يوم للخلف وتبتسم قائلًا:
“هنا بدأت… وهنا وصلت”.
إلى كل مهندس ومهندسة:
أنتم الشعلة… أنتم الأمل… وأنتم البناة الحقيقيون لمستقبل الوطن.
“ضع هدفًا واضحًا، وانهض كل يوم لتقترب منه خطوة”.
لا تقلق من “مدى” سرعة التقدم، فالأهم هو الاستمرارية.

مع خالص التحية،
م. محمد أبوفور
من قلب التجربة… وإلى قلب الطموح…

*المهندس محمد عبد الله أبو فور مستشار متخصص في مجال الفحوصات اللاإتلافية، وله باع طويل في تطوير تقنيات التفتيش الهندسي في قطاع النفط والغاز. كما له مساهمات كبيرة في دعم برنامج الفحوصات اللاإتلافية في معهد إتقان وكلية الجبيل الصناعية.

يشغل حاليًا منصب المدير الإقليمي للجمعية الأمريكية للاختبارات اللاإتلافية لمنطقة 19، التي تضم المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، الهند، الكويت، عُمان، والعراق. وهو أيضًا عضو مؤسس في الجمعية الأمريكية للفحوصات اللاإتلافية – قسم المملكة العربية السعودية. حصل المهندس محمد على العديد من الجوائز المميزة في هذا المجال على الصعيدين المحلي والعالمي، كما تم تكريمه في مناسبات عديدة في الولايات المتحدة الأمريكية واوروبا.

قام بتطوير وتحسين العديد من تقنيات الفحوصات اللاإتلافيه، ومراجعة الإجراءات، واعتماد وتأهيل فنيي الشركة والمقاولين. بالإضافة إلى ذلك، قدم وأدار خدمات التفتيش المتقدمة وفقًا لمعايير الدولية للصناعة.
شغل المهندس محمد أبوفور عضوية مجلس إدارة الجمعية الأمريكية للفحوصات اللاإتلافيه بالولايات المتحدة الامريكية لفترة انتهت في عام 2018،
وفي مشواره العلمي قدم أكثر من 200 منشور، بما في ذلك التقارير الفنية، والمقالات العلمية، والعروض التقديمية الفنية في المؤتمرات والمنتديات والاجتماعات المحلية والدولية. بالإضافة إلى ذلك، ساهم في وضع معايير الفحوصات اللاإتلافيه المتقدمة، وراجع واعتمد العديد من تقنيات وإجراءات تقنيات الفحوصات اللاإتلافيه التقليدية والمتقدمة.

3 تعليقات

  1. ام جواهر المشهد

    شكرا على الطرح الرائع
    الأسلوب شيق
    يبع على الحماس وتغير المفاهيم المعروفه ورسم طريق إلى النجاح
    لهذا شكرا مرة ثانيه الموضوع جدا رائع وكل التوفيق إلى الكاتب وسلوبه السلس

  2. عبد العزيز المطرود

    مهندس محمد ابوفور شكرا لك
    نصائح وتوجيهات وخارطة طريق لمستقبل الخريجين الجدد كتبت بماء الذهب من مهندس طموح يملك خبرة طويلة صقلته الحياة وقدم لابنائه الخريجين عصارة الخبرة الطويلة التي مرت عليه
    طرح جدا رائع شكرا لك صديقي العزيز ابو جاسم ولا حرمنا الله من فوائدك تحياتي

  3. زهير الدوله

    بسم الله ما شاء الله مقال رائع كما تعودنا وعهدنا من الاخ العزيز أبو جاسم حفظه الله حيث بالفعل على الشباب ان يلتفتوا إلى مثل هذه التوجيهات و يواكب التطور السريع في التقنيات العلمية الحديثه.

    شكراً أبو جاسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *