باحثون يطلبون الجاني الوراثي للمرض – ترجمة* محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

Researchers dial in on genetic culprit of disease
(Sonya Collins – بقلم: سونيا كولينز)

ملخص المقالة:

تظهر الأمراض المتجذرة في الحمض النووي في شكل أعراض بمجرد تطور المرض، وسعى الباحثون على مدى عقود  إلى طرق للكشف عن كيف يمكن أن تؤدي الاختلافات في الجينوم لدينا إلى المرض. وقد أدى البحث والتقدم التقني الهائل على مر السنين، في النهاية إلى دراسة الارتباط على مستوى الجينوم، حيث يقوم الباحثون بتحليل جينومات ملايين الأشخاص، الأصحاء وغير ذلك، لإجراء بحث موضوعي خال من الفرضيات عن متغيرات الحمض النووي الشائعة التي قد تزيد من خطر إصابة الشخص بمرض معين.

( المقالة )

غالبا ما تكون الأمراض المتجذرة في الحمض النووي لدينا مخفية، ولا تظهر إلا في شكل أعراض بمجرد تطور المرض.

وعلى مدى عقود، سعى الباحثون إلى طرق للكشف عن كيف يمكن أن تؤدي الاختلافات في الجينوم لدينا إلى المرض. وقد أدى هذا البحث، والتقدم التقني الهائل على مر السنين، في النهاية إلى دراسة الارتباط على مستوى الجينوم[1] (genome-wide association study – GWAS).

وفي هذه الدراسات، يقوم الباحثون بتحليل جينومات ملايين الأشخاص، الأصحاء وغير ذلك، لإجراء بحث موضوعي خال من الفرضيات عن متغيرات الحمض النووي الشائعة التي قد تزيد من خطر إصابة الشخص بمرض معين. ويمكن أن تضع النتائج الأساس لتقييم خطر إصابة الشخص بالمرض بشكل أكثر دقة، والكشف عن الأمراض في وقت مبكر، والكشف عن فهم جزيئي لكيفية ظهور أمراض معينة، والإشارة إلى أهداف علاجية جديدة.

وقد كشفت أول دراسة للارتباط على مستوى الجينوم، التي نشرت في مجلة “العلوم” (Science) منذ ما يقرب من 20 عاما، عن متغير في جين العامل المكمل “اتش” (H) الذي زاد في الأفراد، الذين ورثوا نسخة من المتغير من كلا الوالدين، من خطر الإصابة بالضمور البقعي المرتبط بالعمر بمقدار سبع مرات. واستندت تلك الدراسة إلى 96 حالة فقط و 50 حالة ضابطة. ومنذ ذلك الحين نمت دراسة الارتباط على مستوى الجينوم بشكل كبير، وأصبحت أكثر دقة وتنتج وفرة من المعلومات حول صحة الإنسان والمرض.

ولكن هذه الدراسات الجينية ليست مثالية. وهي [الدراسات الجينية] تحدد المتغيرات التي تؤثر على المخاطر – لكنها لا تكشف عن الآلية التي يتسبب بها متغير معين من الحمض النووي في المرض.

وتهدف دراسة جديدة شارك في قيادتها باحثون في كلية الطب بجامعو ستانفورد وآخرون، نشرت في 7 فبراير في مجلة “الطبيعة” (Nature)، إلى مواجهة هذا التحدي من خلال اقتراح حل يربط متغيرات الحمض النووي المسببة للأمراض بالعمليات الضارة التي تطلقها.

وقد طلبنا من الباحث البروفيسور جيسي إنغريتز، أستاذ مساعد في علم الوراثة والمؤلف الرئيسي للدراسة، مناقشة الحل وما كشفه عن علم الوراثة الكامن وراء مرض الشريان التاجي[2]. وتم تكثيف هذه الأسئلة والأجوبة وتحريرها من أجل الوضوح.

البروفيسور جيسي انغريتز

سؤال: أثبت نهج النظام العالمي للاستشعار عن المرض أنه أداة قيمة في المساعدة على تحديد الأسس الجينية للمرض. هل هناك عيوب؟

الجواب: إن التحدي المتمثل في المتغير إلى الوظيفة، الذي يرسم متغيرا جينيا لسبب جزيئي للمرض، هو القيد الكبير الذي منعنا من إطلاق العنان الكامل للوعد بالكم الهائل من بيانات دراسة الارتباط على مستوى الجينوم الجميلة التي خرجت من العقدين الماضيين.

معظم المتغيرات التي تحددها دراسة الارتباط على مستوى الجينوم ليست في مناطق يمكن تفسيرها بسهولة من الجينوم. إذا استطعنا معرفة كل واحد من هذه المتغيرات – ما هي الجينات والخلايا المتأثرة، وفي أي مسار يتم تغيير الخلايا، يمكننا البدء في تصميم الأدوية التي تستهدف تلك الجينات أو الآليات المعينة في الخلايا.

سؤال: حللت دراستك المتغيرات الجينية التي قد تزيد من خطر الإصابة بمرض الشريان التاجي، الذي يسببه تصلب الشرايين، أو تضيق الشرايين من تراكم اللويحات. لماذا درست هذا المرض؟

الجواب: مرض الشريان التاجي هو القاتل رقم 1 في الولايات المتحدة، ونحن نعلم أنه يحتوي على مكون وراثي كبير جدا، على الرغم من أن النظام الغذائي وعوامل أخرى، وخاصة مستويات الكوليسترول، تلعب أيضا أدوارا. يوجد الآن أكثر من 300 متغير معروف مرتبط بمرض الشريان التاجي.

قبل هذه الدراسة، اعتقدنا أن بعض متغيرات الحمض النووي هذه قد تؤثر على الأوعية الدموية حيث يتطور فيها تصلب الشرايين، حين تستجيب الخلايا، على سبيل المثال، لمستويات عالية من الكوليسترول، مما يؤدي إلى تراكم اللويحات (plaque buildup) الذي يؤدي إلى المرض. في الماضي، استغرق البحث لتحديد المسار المتأثر حتى بمتغير واحد ست أو سبع سنوات. بدأنا هذا المشروع لتسريع هذه العملية ودراسة جميع متغيرات مرض الشريان التاجي البالغ عددها 300 في وقت واحد.

سؤال: ماذا تضمنت الدراسة؟

الجواب: نظرنا إلى الخلايا البطانية، التي تشكل بطانة الأوعية الدموية التي تلامس الدم، وتستشعر الكوليسترول الضار وتتفاعل مع الخلايا الأخرى. يعتقد أنها مهمة جدا في تطور مرض الشريان التاجي، لكننا لم نكن نعرف أي من المتغيرات ال 300 التي تم تحديدها بواسطة دراسة الارتباط على مستوى الجينوم قد تؤثر على الخلايا البطانية، أو كيف يمكن أن تؤثر المتغيرات على العمليات أو المسارات التي تساهم في وظيفة الخلايا البطانية.

 يمكن للخلايا البطانية القيام بالعديد من الوظائف المختلفة، والتي يتم ترميزها بواسطة الجينات التي تعمل معا في مسارات معينة. أردنا أولا تحديد كل هذه المسارات التي يمكن تنشيطها في الخلايا البطانية ثم ربط المتغيرات المتعلقة بمرض الشريان التاجي بالجينات ومسارات الخلايا البطانية التي تشارك فيها.

قمنا بتطبيق تقنية كريسبر (CRISPR)، وهي تقنية لتعديل الجينات، لهدم كل جين ممكن بالقرب من كل واحد من هذه المتغيرات ال 300 المرتبطة بمرض الشريان التاجي وقياس التأثير على الخلايا البطانية في الطبق. كنا نبحث عن الحالات التي تقوم فيها بهدم جين واحد مرتبط بمتغير مرض ويؤثر على التعبير عن الجينات الأخرى المرتبطة بمتغيرات المرض الأخرى.

هذه علامة على أننا وجدنا مسارا، أو سلسلة من الأحداث التي ينطوي عليها تطور المرض، والتي تتأثر بالتنوع الجيني البشري الطبيعي. تبين أن هذه طريقة قوية لبناء خريطة للمتغيرات الجينية وكيفية تأثيرها على الوظيفة بشكل عام، مما يساعدنا على تحديد المسارات المهمة لخطر الشريان التاجي. أظهرت لنا هذه الدراسة كيف يؤثر 43 من أصل 300 متغير تم تحديده بواسطة دراسة الارتباط على مستوى الجينوم على وظيفة البطانة.

سؤال: هل يمكنك تطبيق هذا النهج على بيانات من دراسات الارتباط على مستوى الجينوم الأخرى؟

الجواب: هذا هو أحد الأشياء التي نحن متحمسون لها أكثر. العملية التي أوضحناها في الورقة العلمية قابلة للتعميم ويمكن تطبيقها على العديد من الأمراض الأخرى لتوطين المسارات الجينية التي تتوافق مع هذا المرض. إنه ينطبق على أي مرض شائع يحتوي على بعض المكونات الوراثية.

نحن متحمسون لتطبيقه في العديد من الخلايا الأخرى لمحاولة فهم الأمراض الأخرى، مثل أمراض القلب الخلقية، ومرض السكري من النوع 2، ومرض الكبد الدهني المرتبط بالخلل الأيضي، وأكثر من ذلك. نأمل أن يتمكن الباحثون الآخرون من استخدام هذه الأداة لتفسير المتغيرات الأخرى التي حددتها دراسة الارتباط على مستوى الجينوم أيضا.

*تمت الترجمة بتصرف

المصدر:

https://scopeblog.stanford.edu/2024/03/05/genetic-culprit-disease-coronary-gwas

الهوامش:

[1] دراسة الارتباط على مستوى الجينوم  (المختصرة GWAS) هي نهج بحثي يستخدم لتحديد المتغيرات الجينومية المرتبطة إحصائيا بخطر الإصابة بمرض أو سمة معينة. تتضمن الطريقة مسح جينومات العديد من الأشخاص ، والبحث عن المتغيرات الجينومية التي تحدث بشكل متكرر في أولئك الذين يعانون من مرض أو سمة معينة مقارنة بأولئك الذين ليس لديهم مرض أو سمة. بمجرد تحديد هذه المتغيرات الجينومية، يتم استخدامها عادة للبحث عن المتغيرات القريبة التي تساهم بشكل مباشر في المرض أو السمة. للمزيد من المعلومات انقر الرابط: https://www.genome.gov/genetics-glossary/Genome-Wide-Association-Studies

[2] مرض الشريان التاجي هو مرض قلبي شائع، وفيه تواجه الأوعية الدموية الرئيسية المغذية للقلب (الشرايين التاجية) صعوبة في إمداد عضلة القلب بالدم والأكسجين والعناصر المغذية الكافية. ويرجع سبب مرض الشريان التاجي عادة إلى الترسبات المحتوية على الكوليستيرول (اللويحات) في شرايين القلب والالتهاب. تحدث مؤشرات وأعراض مرض الشريان التاجي عندما لا يحصل القلب على كمية كافية من الدم الغني بالأكسجين. فإذا كنتَ مصابًا بمرض الشريان التاجي، فيمكن لانخفاض الدم المتدفق إلى القلب أن يتسبب في ألم الصدر (ذبحة صدرية) وضيق النفس. يمكن أن يسبب الانسداد الكامل لتدفق الدم الإصابة بنوبة قلبية. يستغرق مرض الشريان التاجي غالبًا عدة عقود حتى يشعر به المريض. ويمكن أن تمر الأعراض دون ملاحظة حتى يتسبب انسداد كبير في حدوث مشاكل أو نوبة قلبية. يمكن لاتباع نمط حياة مفيد لصحة القلب أن يساعد في الوقاية من مرض الشريان التاجي. كما يُطلق على مرض الشريان التاجي مرض القلب التاجي. المصدر: https://www.mayoclinic.org/ar/diseases-conditions/coronary-artery-disease/symptoms-causes .

المهندس محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *