صعود الذكاء الاصطناعي: نظرة تاريخية – ترجمة* الدكتور أحمد فتح الله

[1]The Rise of Artificial Intelligence: A Historical Perspective
(ويل فاستيجي – Will Fastiggi)

الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence)، اختصارًا (AI)، هو المجال الذي شهد تطورات كبيرة في السنوات الطويلة في حياة البشر. ومع ذلك، يمكن إرجاع أصوله إلى الوقت الذي فكر فيه البشر لأول مرة في صنع الآلات.

وفي الآونة الأخيرة، شهد هذا الذكاء انفجارًا في الابتكارات (innovations)، حيث قادت شركات، مثل “بيست أوف أيه آي” (Best of AI)، هذه المهمة. وكانت لهذه المؤسسات الرائدة الدور الكبير في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة بتوسيع حدود إمكانيات ما قد تحققه الآلات. لذا، في أي سرد تاريخي للذكاء الاصطناعي، لا يمكن ولا يجوز تجاهل الدور المحوري الذي لعبته ولا زالت تلعبه هذه الشركات.

أصول الذكاء الاصطناعي
1. مفاهيم الذكاء الاصطناعي
على مر التاريخ، كان البشر يتخيلون وجود كائنات تتمتع بذكاء يشبه الإنسان. على سبيل المثال، قدمت الأساطير اليونانية القديمة قصصًا عن هيفايستوس، الإله المعروف ببراعته واختراعه، والذي يُزعم أنه خلق خدمًا ذوي تفكير مستقل. وضعت هذه المفاهيم المبكرة الأساس للاستكشافات في مجال الذكاء الاصطناعي.

2. الأوتوماتا
للأوتوماتا (Automata)، وهي أشكال مصممة لتقليد السلوك البشري عمق في تاريخ البشرية، ابتداءً من الأساطير الإغريقية مرورًا بعصر النهضة الأوروبي. وفي عام 1495م رسم ليوناردو دا فينشي إنسانًا أكثر تعقيدًا، ولم يتم إعادة اكتشاف تصميم “روبوت ليوناردو” حتى خمسينيات القرن العشرين. يستطيع الروبوت، إذا تم بناؤه بنجاح، تحريك ذراعيه ورأسه، والجلوس أيضًا.[2]

تطور علاقات الذكاء الاصطناعي
1. في عام 1950، اقترح عالم الرياضيات وعالم الكمبيوتر “آلان تورينج” اختبارًا لتحديد ما إذا كانت الآلة يمكنها إظهار سلوك لا يمكن تمييزه عن سلوك الإنسان. ظل اختبار تورينج (Turing Test) علامة فارقة بدور مؤثر في تطوير الذكاء الاصطناعي.[3]
2. لعب ظهور علوم الكمبيوتر في منتصف القرن العشرين دورًا في تشكيل الذكاء الاصطناعي. ساهم أصحاب الرؤى مثل ألين نيويل، وجون مكارثي، ومارفين مينسكي في هذا المجال من خلال إنشاء أسسه وإنشاء لغات وأنظمة الذكاء الاصطناعي المبكرة.
3. خلال السبعينيات، ركز باحثو الذكاء الاصطناعي على بناء أنظمة خبيرة (Expert Systems) وهي برامج كمبيوتر يمكنها تقليد قدرات الخبراء على اتخاذ القرار[4]. إن تطوير تقنيات تمثيل المعرفة مكّن الآلات من التفكير. حل المشكلات بناءً على قواعد محددة مسبقًا.

التقدم في الذكاء الاصطناعي
1. التعلم الآلي (Machine Learning)، اختصارًا (ML):
أدى النمو الهائل في التعامل مع البيانات (data) إلى إحياء الذكاء الاصطناعي، فمع ظهور التعلم الآلي كأداة للآلات للتعلم من كميات هائلة من المعلومات (information). لقد غيرت التقنيات الحديثة، مثل الشبكات (networks)[5] والتعلم العميق (deep learning)[6]، والتعلم المعزز (reinforcement learning)[7]، كيفية تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

2. معالجة اللغات الطبيعية (Natural Language Processing)، اختصارًا (NLP):
أصبحت معالجة اللغات الطبيعية أحد مكونات الذكاء الاصطناعي، مما يسمح للآلات بالفهم والتفاعل مع البشر باستخدام لغة تشبه التواصل (communication) إلى حد كبير. أدت البرمجة اللغوية العصبية (NLP) إلى تقدم الذكاء الاصطناعي في المساعدين الافتراضيين (virtual assistants)، وترجمة اللغات (language translation)، وتحليل المشاعر (sentiment analysis).

3. رؤية الكمبيوتر (Computer Vision)
تتيح “رؤية الكمبيوتر” للآلات تفسير وفهم المعلومات من الصور ومقاطع الفيديو. ومع التقدم في التعرف على الصور (image recognition)، وخوارزميات اكتشاف الأشياء (object detection algorithms)، قام الذكاء الاصطناعي بتحسين تطبيقات مثل التعرف على الوجه (face recognition)، والمركبات ذاتية القيادة (autonomous vehicles)، والتصوير الطبي (medical imaging).

توسيع تطبيقات الذكاء الاصطناعي
1. الرعاية الصحية (Healthcare)
لقد أثر الذكاء الاصطناعي بشكل كبير على صناعة الرعاية الصحية (Healthcare)، مما أدى إلى تقدم في القدرات والطب الشخصي والرعاية الفعالة للمرضى. ومن خلال الاستفادة من خوارزميات التعلم الآلي إلى جانب البيانات، يمكن إحداث ثورة في اكتشاف الأمراض وعلاجها.

2. القطاع المالي (Finance Sector)
يشهد القطاع المالي تحولاً من خلال تكامل تقنيات الذكاء الاصطناعي. يتم توفير رؤى ذكية لقرارات الاستثمار (investment decisions) واكتشاف الاحتيال (fraud detection) وإدارة المخاطر (risk management) بواسطة خوارزميات الذكاء الاصطناعي. يقدم المستشارون الآليُّون (Robo advisors)، المدعومون بهذه الخوارزميات[8]، للأفراد حلولاً للتخطيط والاستثمار الآليين (automated planning and investment).

3. النقل (Transportation)
لم تعد السيارات ذاتية القيادة (self-driving) مجرد “مفهوم” (concept) ولكنها أصبحت “حقيقة” (reality) بفضل التقدم في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. تتمتع هذه التكنولوجيا المذهلة بالقدرة على إحداث تحول كامل في وسائل النقل بفعالية (effectiveness) التنقل وتوفره (accessibility)، وإن لم يمنع الحوادث (accidents) والاختناقات المرورية (traffic jams).

وفي الختام،،،

من الحكايات الآسرة للخيال عن الكائنات عبر الزمن إلى التطبيقات المتطورة للذكاء الاصطناعي التي نشهدها اليوم، كان تطور هذا “الذكاء” رحلة مثيرة للاهتمام. مع تقدم التكنولوجيا بشكل أكبر، تستمر قدرة الذكاء الاصطناعي على إحداث ثورة في الصناعات وتحسين حياة البشر وتوسعها. ومن خلال تنفيذ “القواعد التنظيمية” (regulations) والنظر في الآثار المترتبة (implications) على ذلك، يمكن للبشر فتح الآفاق الواعدة (promising prospects) للذكاء الاصطناعي، ولا شك أن هذه الآفاق تتأثر برؤى (insights) من الماضي والحاضر، مع الاعتراف بجذورها المتطورة (evolving roots).[9]

*تمت الترجمة بتصرف

[1] المصدر:

https://technologyforlearners.com/the-rise-of-artificial-intelligence-a-historical-perspective/

_________
الهوامش:

[2] نظرية الأوتوماتا هو فرع من فروع علوم الكمبيوتر يتعامل مع تصميم أجهزة حوسبة مجردة ذاتية الدفع تتبع تسلسلًا محددًا مسبقًا من العمليات تلقائيًا. وفي سنة 2014م صدر فيلم (Automata) وهو فيلم خيال علمي تم انتاجه في اسبانيا وبلغاريا، يحكي قصة روبوتات تخالف البروتوكولات الأساسية التي تم برمجتها في الشركة المصنعة، وتقوم بإصلاح نفسها بنفسها، ويكشف التحقيق عن تأثير خطير على مستقبل البشرية. (المترجم)

[3) اختبار تورنغ (أو اختبار المحاكاة) هو طريقة لتحديد ما إذا كان الحاسوب أو برنامج ما قادر على محاكاة الذكاء البشري. يتم الاختبار عن طريق 3 أطراف. يتم عزل إنسان في طرف وحاسوب بالبرنامج المعد في طرف آخر، وكلا منهما مخبآن عن بعض وعن الطرف الثالث المراقب (الشخص الذي يختبر الطرفان). ويعلم المراقب أن أحد من الاثنان حاسوب ولكن لا يعلم أي منهما كذلك. سوف تهيأ المحادثة عن طريق الكتابة فقط لكي لا تكون عدم قدرة الحاسوب على نطق الكلام عائق للاختبار. ينجح الحاسوب في الاختبار إذا لم يستطع المراقب التفريق بينه وبين الإنسان. ولا يشترط أن يجاوب الحاسوب إجابات صحيحة ولكن يكتفي الامر بان يحاكي ما قد يقوله الإنسان. (انظر ويكيبيديا: اختبار تورنغ)

[4] النظم الخبيرة هي برامج تُحاكي آداء الخبير البشري في مجال معين, وذلك عن طريق تجميع واستخدام معلومات وخبرة خبير أو أكثر في هذا المجال، بمعنى أن هذه النظم تستخلص خبرات الخبراء وتضمها في نظام تقني يحل محل الإنسان ينقل هذه الخبرات مع قدرته على حل المشكلات بطريقة أسرع من الخبير البشري. (المترجم)

[5] تتكون الشبكة من جهازي كمبيوتر أو أكثر مرتبطين لمشاركة الموارد (مثل الطابعات وغيرها)، أو تبادل الملفات، أو السماح بالاتصالات الإلكترونية. يمكن ربط أجهزة الكمبيوتر الموجودة على الشبكة من خلال الكابلات أو خطوط الهاتف أو موجات الراديو أو الأقمار الصناعية أو أشعة الأشعة تحت الحمراء. (المترجم)

[6] التعلم العميق هو نوع من التعلم الآلي يعتمد على الشبكات العصبية الاصطناعية التي تُستخدم فيها طبقات متعددة من المعالجة لاستخراج ميزات ذات مستوى أعلى تدريجيًا من البيانات. (المترجم)

[7] التعلم المعزز أحد النماذج الثلاثة الأساسية للتعلم الآلي، إضافة إلى التعلم الخاضع للإشراف والتعلم غير الخاضع للإشراف. وهو يهتم بكيفية قيام “الوكلاء الأذكياء” باتخاذ الإجراءات في بيئة ما من أجل تعزيز فكرة المكافأة التراكمية. (المترجم)

[8] “المستشار الآلي” هو نوع من المستشار المالي الآلي الذي يوفر خدمات إدارة الثروات المستندة إلى الخوارزمية بلا تدخل بشري أو ضئيل، إن وجد. على سبيل المثال، “وَلْثْفْرَانْتْ” (Wealthfront) شركة استثمار آلي مقرها كاليفورنيا في أمريكا وهي عبارة عن مستشار آلي يقدم المساعدة في تخطيط أهداف الفرد المالية، وفي بناء محفظته الاستثمارية، وخدمات الحساب المختلفة. (المترجم)

[9] للاستزادة يمكن الاطلاع على كتاب “أصول الذكاء الاصطناعي”، خالد ناصر السيد: مكتبة الرشد، الرياض، السعودية، الطبعة الأولى، 2004م. (المترجم)

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *