المهندس محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

مصابة بالتصلب الجانبي الضموري سجلت رقمًا قياسيًا للتواصل عبر غرسة دماغية: 62 كلمة في الدقيقة – ترجمة* محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

An ALS patient set a record for communicating via a brain implant: 62 words per minute
(Antonio Regalado – بقلم: أنتونيو ريغالدو)

ملخص المقالة:

تمكنت مصابة بالتصلب الجانبي الضموري من التحدث بعبارات بمعدل يقترب من الكلام الطبيعي، وذلك باستخدام غرسة قراءة في الدماغ، كما جاء في ورقة بحثية كتبها علماء جامعة ستانفورد. ويعد هذا اختراقا كبيرا يجعل تقنية قراءة الدماغ جاهزة لتصبح منتجا مفيدا قريبا. 

( المقالة )

يمكن أن تسمح واجهات الدماغ للأشخاص المشلولين بالتحدث بسرعات عادية تقريبًا.

قبل ثماني سنوات، فقدت مريضة قدرتها على الكلام بسبب التصلب الجانبي الضموري[1] (Amyotrophic Lateral Sclerosis (ALS))، أو مرض “لو غيريغ” (Lou Gehrig)، الذي يسبب الشلل التدريجي. ولا يزال بإمكانها إصدار الأصوات، لكن كلماتها أصبحت غير مفهومة، مما جعلها تعتمد على لوحة الكتابة أو “آي باد” (iPad) للتواصل.

والآن، بعد التطوع لتلقي غرسة دماغية، أصبحت المرأة قادرة على إيصال عبارات بسرعة مثل “أنا لا أملك منزلي” و “الأمر صعب فقط” بمعدل يقترب من الكلام الطبيعي.

مصدر الصورة: /techthelead.com

وهذا هو الادعاء في ورقة بحثية (الرابط: A high-performance speech neuroprosthesis | bioRxiv) نُشرت خلال عطلة نهاية الأسبوع (21 يناير 2023) على موقع “بايو ركسيف” (bioRxiv) بواسطة فريق من جامعة ستانفورد. ولم تتم مراجعة الدراسة رسميًا من قبل باحثين آخرين. ويقول العلماء إن متطوعتهم، الذي تم تحديدها فقط على أنها “موضوع ت12” (Subject T12)، حطمت السجلات السابقة باستخدام غرسة قراءة الدماغ للتواصل بمعدل 62 كلمة في الدقيقة، أي ثلاثة أضعاف قدرة المتطوع الأفضل السابق.

وقد وصف البروفيسور فيليب سابس، الباحث في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، والذي لم يشارك في المشروع، النتائج بأنها “اختراق كبير”، وقال إن تقنية قراءة الدماغ التجريبية يمكن أن تكون جاهزة لمغادرة المختبر وتصبح منتجًا مفيدًا قريباً.

ويقول البروفيسور سابس: “الأداء في هذه الورقة البحثية هو بالفعل على مستوى يريده الكثير من الأشخاص الذين لا يستطيعون التحدث، إذا كان الجهاز جاهزًا. الناس يريدون هذا”.

وعادة ما يتحدث الأشخاص الذين ليس لديهم عجز في الكلام بمعدل حوالي 160 كلمة في الدقيقة. ويظل الكلام أسرع أشكال التواصل بين البشر، حتى في عصر لوحات المفاتيح وكتابة الإبهام والرموز التعبيرية واختصارات الإنترنت.

وقد تم إجراء البحث الجديد في جامعة ستانفورد. وبدأت النسخة التمهيدية، التي نُشرت في 21 يناير2023، في جذب المزيد من الاهتمام على “تويتر” ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى بسبب وفاة المؤلف الرئيسي المشارك البروفيسور كريشنا شينوي في نفس اليوم بسرطان البنكرياس.

وقد كرس البروفيسور شينوي حياته المهنية لتحسين سرعة الاتصال من خلال واجهات الدماغ، مع الاحتفاظ بعناية بقائمة من السجلات على موقع الويب الخاص بمختبره. وفي عام 2019، نجح متطوع آخر عمل معه البروفيسور شينوي في استخدام أفكاره في الكتابة بمعدل 18 كلمة في الدقيقة، وهو أداء قياسي في ذلك الوقت، كما تناولنا في العدد الخاص بالحوسبة من نشرة “مراجعة التقنية” الصادر عن معهد ماساتشوستس للتقنية في 27 اكتوبر 2021 [الرابط: Brain implants could be the next computer mouse | MIT Technology Review].

وتتضمن واجهات الدماغ والكمبيوتر التي يعمل بها فريق البروفيسور شينوي لوحة صغيرة من الأقطاب الكهربائية الحادة المضمنة في القشرة الحركية[2] للشخص، وهي المنطقة الدماغية الأكثر مشاركة في الحركة. ويسمح هذا للباحثين بتسجيل النشاط من بضع عشرات من الخلايا العصبية في وقت واحد والعثور على أنماط تعكس الحركات التي يفكر فيها شخص ما، حتى لو كان الشخص مشلولًا.

وفي العمل السابق، طُلب من المتطوعين المشلولين تخيل حركات اليد. ومن خلال “فك تشفير” إشاراتهم العصبية في الوقت الفعلي، سمحت لهم الغرسات بتوجيه المؤشر حول الشاشة، أو اختيار الأحرف على لوحة مفاتيح افتراضية، أو ممارسة ألعاب الفيديو، أو حتى التحكم في ذراع آلية.

وفي البحث الجديد، أراد فريق جامعة ستانفورد معرفة ما إذا كانت الخلايا العصبية في القشرة الحركية تحتوي على معلومات مفيدة حول حركات الكلام أيضًا. بمعنى، هل يمكنهم اكتشاف كيفية محاولة المريضة “موضوع ت12” تحريك فمها ولسانها وأحبالها الصوتية أثناء محاولتها التحدث؟

وهذه حركات صغيرة ودقيقة، ووفقًا للبروفيسور سابس، فإن أحد الاكتشافات الكبيرة هو أن عددًا قليلاً فقط من الخلايا العصبية تحتوي على معلومات كافية للسماح لبرنامج كمبيوتر بالتنبؤ بدقة جيدة بالكلمات التي كان المريض يحاول قولها. وتم نقل هذه المعلومات بواسطة فريق البروفيسور شينوي إلى شاشة الكمبيوتر، حيث ظهرت كلمات المريض أثناء نطقها بواسطة الكمبيوتر.

وتعتمد النتيجة الجديدة على العمل السابق الذي قام به البروفيسور إدوارد تشانغ في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو [حاليا يعمل في جامعة ستانفورد]، والذي كتب أن الكلام يتضمن الحركات الأكثر تعقيدًا التي يقوم بها الناس. فنحن ندفع الهواء للخارج ونضيف الاهتزازات التي تجعله مسموعًا ونشكله في كلمات بفمنا وشفاهنا ولساننا. ولإصدار الصوت “اف f”، تضع أسنانك العلوية على شفتك السفلية وتدفع الهواء للخارج – واحدة فقط من عشرات حركات الفم اللازمة للتحدث.

المضي قدما

استخدم البروفيسور تشانغ سابقًا أقطابًا كهربائية موضوعة أعلى الدماغ للسماح للمتطوع بالتحدث عبر جهاز كمبيوتر، ولكن في طبعهم المسبق، يقول باحثو جامعة ستانفورد إن نظامهم أكثر دقة وأسرع بثلاث إلى أربع مرات.

وكتب الباحثون، ومن بينهم البروفيسور شينوي وجراح الأعصاب البروفيسور جيمي هندرسون: “تظهر نتائجنا مسارًا ممكنًا للمضي قدمًا لإعادة التواصل إلى الأشخاص المصابين بالشلل بسرعات محادثة”.

ويقول ديفيد موسس [باحث ما بعد الدكتوراه، جراحة الأعصاب بكلية الطب في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو]، الذي يعمل مع فريق البروفيسور تشانغ، إن العمل الحالي يصل إلى “معايير أداء جديدة رائعة”. ومع ذلك، حتى مع استمرار تحطيم السجلات، كما يقول، “سيصبح من المهم بشكل متزايد إظهار أداء مستقر وموثوق على مدى نطاقات زمنية متعددة السنوات”. وقد تواجه أي عملية زرع دماغ تجارية صعوبة في اجتياز المشرعين، خاصةً إذا كانت تتدهور بمرور الوقت أو إذا انخفضت دقة التسجيل.

حطمت مريضة التصلب الجانبي الضموري البالةغ من العمر 67 عامًا سجلات السرعة باستخدام غرسة دماغية للتواصل. يستخدم الجهاز المزروع الإشارات العصبية لاكتشاف الكلمات التي تحاول قولها، ونقلها إلى شاشة الكمبيوتر. المصدر:كونز ويليت وآخرون (WILLET, KUNZ ET AL)

شاهد الرابط أدناه:

ومن المرجح أن يشمل المضي قدما كلاً من عمليات الزرع الأكثر تعقيدًا، وتكاملًا أوثق مع الذكاء الاصطناعي.

ويستخدم النظام الحالي بالفعل نوعين من برامج التعلم الآلي. ولتحسين دقته، استخدم فريق جامعة ستانفورد برنامجًا يتنبأ بالكلمة التي تأتي عادةً بعد ذلك في الجملة. وغالبًا ما يتبع “أنا” كلمة “am” أكثر من “لحم الخنزيرham “، على الرغم من أن هذه الكلمات تبدو متشابهة ويمكن أن تنتج أنماطًا متشابهة في دماغ شخص ما.

وقد أدت إضافة نظام التنبؤ بالكلمات إلى زيادة سرعة حديث المريضة دون أخطاء.

نماذج اللغة

لكن النماذج اللغوية “الكبيرة” الأحدث ، مثل “جي بي تي 3” (GPT-3)، قادرة على كتابة مقالات كاملة والإجابة على الأسئلة. ويمكن أن يؤدي توصيل هذه لواجهات الدماغ إلى تمكين الأشخاص الذين يستخدمون النظام من التحدث بشكل أسرع، لمجرد أن النظام سيكون أفضل في تخمين ما يحاولون قوله على أساس المعلومات الجزئية. ويقول البروفيسور سابس: “إن نجاح النماذج اللغوية الكبيرة على مدى السنوات القليلة الماضية يجعلني أعتقد أن الطرف الاصطناعي للكلام في متناول اليد، لأنك ربما لا تحتاج إلى مثل هذه المدخلات المثيرة للإعجاب لإخراج الكلام”.

وتعد مجموعة البروفيسور شينوي جزءًا من اتحاد يسمى “بوابة الدماغ” (BrainGate) والتي وضعت أقطابًا كهربائية في أدمغة أكثر من عشرة متطوعين. ويستخدمون غرسة تسمى “يوتا اري” (Utah Array)، وهي عبارة عن مربع معدني صلب به حوالي 100 قطب كهربائي يشبه الإبرة.

وتقول بعض الشركات، بما في ذلك شركة  واجهات الدماغ “نيورالينك” (Neuralink) التي يمتلكها ايلون ماسك، وشركة ناشئة تسمى “بارادروميكس” (Paradromics)، إنها طورت واجهات أكثر حداثة يمكنها التسجيل من آلاف – حتى عشرات الآلاف – من الخلايا العصبية في وقت واحد.

وبينما تساءل بعض المتشككين عما إذا كان القياس من عدد أكبر من الخلايا العصبية في وقت واحد سيحدث أي فرق، فإن التقرير الجديد يشير إلى أن ذلك سيحدث، خاصة إذا كانت المهمة هي قراءة الدماغ للحركات المعقدة مثل الكلام.

وقد وجد العلماء في جامعة ستانفورد أنه كلما زاد عدد الخلايا العصبية التي قرأوا منها مرة واحدة، قل عدد الأخطاء التي ارتكبوها في فهم ما كانت تحاول المريضة “الموضوع تي 12” قوله.

“هذه صفقة كبيرة، لأنها تشير إلى أن الجهود التي تبذلها شركات مثل “نيورالينك” لوضع 1000 قطب كهربائي في الدماغ ستحدث فرقًا، إذا كانت المهمة غنية بما يكفي”، كما يقول البروفيسور سابس، الذي عمل سابقًا كعالم كبير في “نيورالينك”.

*تمت الترجمة بتصرف

المصدر:

An ALS patient set a record communicating through a brain implant: 62 words per minute | MIT Technology Review

الهوامش:

[1] التصلب الجانبي الضموري (ALS) هو مرض تدريجي في الجهاز العصبي يؤثر على الخلايا العصبية في الدماغ والحبل الشوكي، مما يتسبب في فقدان السيطرة على العضلات. غالبًا ما يُطلق على التصلب الجانبي الضموري اسم مرض “لو غيريغ” (Lou Gehrig)، على اسم لاعب البيسبول الذي تم تشخيص إصابته به. ولا يعرف الأطباء عادة سبب حدوث المرض، وبعض الحالات موروثة. ويكيبيديا.

[2] القشرة الحركية هي منطقة القشرة الدماغية المشاركة في التخطيط والتحكم وتنفيذ الحركات الإرادية. وهي منطقة من الفص الجبهي تقع في التلفيف السابق المركزي مباشرة أمام التلم المركزي. ويكيبيديا.

طبوغرافيا القشرة الحركية البشرية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *