المساهمة في تحقيق رؤية قائد… – بقلم د. يحيى تقي الجنبي

“الرؤية” هي عبارة عن إنشاء جامعة تعتبر “بيتاً جديداً للحكمة” لتمثل منارة للسلام والأمل والوفاق وتعمل لخدمة أبناء المملكة ولنفع جميع شعوب العالم.

هذه كانت رؤية جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود (رحمه الله) والتي تحققت على يد الأرامكو بإنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنيه أو كما أصبحت معروفه الان بـ “كاوست”؛ أنظر شريحة 1.

شريحة 1: صورة للوحة الأرشادية في الطريق المؤديه الى جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنيه “كاوست” واللتي تم التقاطها في 2009 بمجرد تركيبها.

في زيارة عمل لكاوست في الربع الأول من عام 2023م وبينما كنا برفقة عميد أحد الأقسام الأكاديميه فيها أكد بأن ما قمنا به قبل أكثر من إثنتي عشرة سنة لايزال أحد عوامل الجذب الرئيسيه لإستقطاب المتميزين عالميا من أساتذة وطلاب وباحثين. في تلك اللحظه غمرني شعور تقف الكلمات عاجزة عن وصفه إذ أن هذا يعني أن ماقمنا به من عمل وتضحيات في الواقع قد أزهر وأثمر وينع يوم حصاده.

لفهم مصدر هذا الشعور لابد من العودة للبدايات ففي العام 2007م تمت إعارتي وثلة من الزملاء من قبل الأرامكو للجامعة كأعضاء مؤسسين نتقمص أدوار مختلفة أهمها هيئة التدريس والبحوث في الجامعة والقيام بالتعاون مع أفضل الجامعات والمراكز البحثيه في العالم كجامعة كامبريدج وامبيريال وبيركلي. لقد كنا نعمل بشكل حثيث ومتواصل على عدة مسارات وهي:

1) تحديد التخصصات الأكاديميه والمواضيع البحثية وبما يتناسب مع منطقتنا واحتياجاتها الملحة الآنية والمستقبليه،

2) تصميم وإنشاء المباني الأكاديميه،

3) استقطاب وتوظيف أفضل الكوادر الأكاديميه والبحثيه،

4) تصميم وتجهيز المختبرات.

ولكي نتمكن من تحقيق تلكم الأهداف وفي قت قياسي كان لابد من العمل على هذه المسارات بشكل متوازي والتي كانت تعتمد وبشكل رئيسي على الفقرة رقم (1) وهذا ما كان يشكل أصعب التحديات في حينها.

وللتعامل مع هذه المعضلة وبدلا من انشاء مختبرات خاصه لأعضاء هيئة التدريس، اقترحتُ إنشاء مختبرات مركزيه شامله تقوم بتلبية احتياجات الأساتذة والطلاب على اختلاف تخصصاتهم العلمية والهندسية – وقد كان. كما أضفتُ لهذه المختبرات مايسمى بـ “الغرفة النظيفه” والتي تُعتبر الدعامة الأساسية لإنشاء معمل لتقنية النانو. في الغرف النظيفه يتم التحكم بمختلف الظروف المناخية فيها وبشكل رئيسي حجم وكمية العوالق في أجوائها بحيث لا تتداخل وتُفسد المكونات والشرائح النانوية التي يتم بناؤها واختبارها داخل هذه المعامل؛ أنظر الشرائح 2 – 6.

شريحة 2: صورة التقطها لأحدى الغرف النظيفه والتي يتم التحكم بصورة دقيقه في ظروفها الداخليه وخصوصا حجم ونسبة العوالق في أجوائها.
شريحه 3: صورة أخرى التقطها لمجموعة من الغرف النظيفه في أحد المعامل النانويه.
شريحه 4: صورة التقطها من الداخل لغرفة نظيفه في وجود بعض الفنيين أثناء قيامهم ببعض المهام في أحد المعامل النانويه.
شريحه 5: صورة التقطها من الداخل لغرفة نظيفه وهي قيد الأنشاء.
شريحه 6: قبل الدخول للغرف النظيفه نقوم بتهيئة كامل البدن وتغطيته عدا الوجه للسيطرة على مستوى العوالق في أجواء الغرفة.

لقد كان لخبرتي في الأرامكو أبعد الأثر في إيجاد هذا الحل الناجع لهذه المعضلة، أي إنشاء مختبرات مركزيه. بعد ذلك قمنا مع باقي الزملاء بعمل تصور مفصل لما يمكن أن تكون عليه هذه المختبرات من حيث المهام والوظائف والأجهزة والأدوات التي تحتويها. ولقد حرصنا عند التنفيذ على أعلى المواصفات والمعايير للمباني والأجهزة والأنظمه وذلك بمناقشتها مع الجامعات والمراكز الآنفة الذكر. ولتكون هذه المراكز قائمة بذاتها قمنا بتوظيف أفضل الكوادر المحليه والعالميه لتشغيل وصيانة الأجهزه والمعدات والأنظمة؛ أنظر الشرائح 7 – 9.

شريحه 7: صورة أُلتقطت مع أحد أجهزة المجهر الألكتروني النافذ (Transmission Electron Microscope) أثناء معاينته وأختباره في المصنع.
شريحه 8: صورة لنفس الجهاز المعروض في الشريحة رقم (7) ولكن من الداخل حيث يمثل العمود المعدني الى اليمين مسار الألكترونات.
شريحه 9: صورة أُلتقطتها لأحد أجهزة ترسب شعاع الأيونات (Ion Beam Deposition) أثناء معاينته وأختباره في المصنع.

بحلول شهر سبتمبر من العام 2009، تم الإنتهاء من إنشاء وتجهيز وتشغيل المختبرات المركزيه والمرافق المصاحبة لها. كما قمنا بعمل عقود مع الشركات المصنعة لضمان وصيانة الأجهزه وإصلاحها في زمن قياسي في حال تعطلت لأي سبب؛ أنظر الشريحتين 10 و 11.  وللحصول على أفضل العروض حرصنا منذ البداية على التعامل مع شركات إنتقيناها بحذر بحيث تكون ذات صيت عالمي ومعروفة بمهنيتها في التعامل وحريصة على سمعتها في الأوساط العلميه والبحثيه. وعلاوة على ذلك فقد بات واضحا لهم من طريقتنا في التعاطي معهم أن مصلحة الجامعة والوطن هما كل شيء.

شريحه 10: صورة لأحد أجهزة المجهر الألكتروني النافذ (Transmission Electron Microscope) أثناء معاينته وأختباره في الجامعة.
شريحه 11: صورة لأحد أجهزة المجهر الألكتروني الماسح (Scanning Electron Microscope) أثناء معاينته وأختباره في الجامعة.

منذ ذلك الحين شكلت هذه المجموعة من المختبرات والأجهزه عامل أساس لإستقطاب أفضل الكوادر الأكاديميه بل كانت أحد أهم المحطات الرئيسيه في اي زيارة تعريفيه للجامعة من قبل المتقدمين لمناصب هيئة التدريس في مختلف أقسام الجامعة والذي كان مصدر اعجاب لهم ومصدر اعتزاز لنا. ومما يثلج الصدر أنها لاتزال تؤتي ثمارها وبنفس الزخم بل أكثر لما قدمت وتقدم هذه المختبرات والمراكز من خدمات متميزه وفريده للمدرسين والطلاب في كاوست وللباحثين أينما كانوا في وطننا الغالي أو في أي بقعة من بقاع العالم.

الدكتور يحيى تقي الجنبي

2 تعليقات

  1. ممدوح علي الشيخ

    حفظك الله و أيدك و نفع بك ايها الابن البار لهذا الوطن العزيز.

  2. الرجل المناسب في المكان المناسب موفق لكل خير ببركة الصلاة على محمد وآل محمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *