أكد باحثون العلاقة بين الغذاء وميكروبيوتا الأمعاء والصحة العقلية – ترجمة عدنان أحمد الحاجي

Researchers confirm the link between diet, microbiota and mental health
(جامعة موناش ، استراليا – Monash University)

[قدم للترجمة وراجعها الدكتور عبدالله علي الراشد، استشاري باطنية وأمراض دم، المركز الطبي بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن و مجمع الدمام الطبي سابقًا]

مقدمة الدكتور عبد الله علي الراشد

يلف الغموض الكثير من العوارض الصحية التي يعاني منها الكثير من الناس إما لعدم اكتمال الدراسات ذات العلاقة أو لعدم وجود دراسات بتاتًا أو لعدم الوصول لأفكار تفسر المسببات لتلك العوارض والحالات؛  وهكذا شأن أهل العلم،  والمجتمع الطبي بالخصوص، فقد دأب الباحثون فيه بالبحث عن تفسير أحاجي طبية بقيت محيرة  لعقود من الزمن.  وهذا ما ينطبق على موضوع الدراسة المترجمة أدناه.  هذه الدراسة تعتبر محاولة جادة وحاسمة في التوصل إلى تفسير لمحور الغذاء والأمعاء والعقل كمصداق للقاعدة الذهبية: “المعدة بيت الداء” ، ولما قاله أحد الفلاسفة الألمان وهو لودفيغ  فويرباخ: “الإنسان ليس إلا ما يأكل (man is what he eats)”.  وهناك الكثير من الأقوال التي ترمي إلى نفس المعنى وتؤكد على علاقة الأكل وما تختزنه المعدة بالصحة الجسدية والعقلية والنفسية عمومًا.  الأمر الذي لا زال  الباحثون، ومنهم مؤلفو هذه الدراسة، يسعون لفك شفرة هذا المشكل  في محاولة منهم لفهم هذه العلاقة وما يترتب عليها من الناحية الطبية العلمية البحتة لتفتح آفاقًا لمعرفة ما يتوجب علينا نحن البشر معرفته في سلوكياتنا الغذائية حتى نستفيد صحيًا من الغذاء غاية الاستفادة ونتفادى أضراره إن أمكن أو على الأقل نحد منها.

( الدراسة المترجمة )

تَخمُّر البروتين في الأمعاء قد يؤدي إلى إفراز سموم في الدورة الدموية للجسم ويؤثر في وصول النواقل العصبية الى الدماغ ، وفقًا لدراسة دولية أجراها باحثون من جامعة موناش.

مصدر الصورة: .pasteur.fr

تضيف الدراسة، التي نُشرت في مجلة آفاق في التغذية(1) (Frontiers in Nutrition)، إلى الحجم المتصاعد للدراسات التي تسعى إلى فهم العلاقة بين الغذاء ومايكروبيوتا الأمعاء والصحة العقلية.  [المترجم: مايكروبيوتا الأمعاء هي تجمعٌ من الميكروبات الدقيقة (microbiota)].

التيروسين (Tyrosine) هو عبارة عن حمض أميني وواحد من سلائف الناقلات العصبية الرئيسة، مثل  الدوبامين والأدرينالين والنورادرينالين ، والتي لها تأثيرات بالغة على الحالة المزاجية والسلوكيات التي تبعث عليها المكافأة واليقظة(2) والمهارات الحركة(3) [المترجم: المكافأة هي أي فعل يبعث على الشعور بالمتعة](4).

استنفاد التيروسين الغذائي(5) يؤدي إلى زيادة احتمال الإصابة بالاكتئاب السريري(6).

عندما تُخمِّر ميكروبات الأمعاء الأحماض الأمينية مثل التيرسين، فقد تتحوَّل إلى مركبات ربما تكون سامة، مثل الأمونيا والأمينات ومركبات نتروزوأمين (N-nitroso) والفينولات والكريسول (cresols) والإندول (indoles) وكبريتيد الهيدروجين، مما يجعلها غير متاحة كسلائف لنواقل عصبية.

لميكروبات الأمعاء أيضًا القدرة على تحويل الأحماض الأمينية إلى نواقل عصبية (مثلًا،  الدوبامين والسيروتونين) التي تعمل كجزيئات تشوير (signalling) في الجهاز العصبي المعوي(7) ،  “تصعب دراسة الآليات التي تربط الغذاء وميكروبيوتا الأمعاء والصحة العقلية لأن هذا مسار استقلابي معقد” حسبما قالت المؤلفة الرئيسة للدراسة برفسور لويز بينيت (Louise Bennett) من كلية الكيمياء بجامعة موناش:

إثبات أن نواتج الاستقلاب البكتيري المفرزة في الأمعاء يمكن أن تصل إلى الدماغ، عبر ما يُعرف بـ” محور الأمعاء والدماغ، الذي يصل بين بكتبريا الأمعاء والدماغ(8)” ، تعتبر خطوة أساسية في تحديد العلاقة بين الغذاء والصحة العقلية.

محور الأمعاء الدماغ(8)

“وجدت دراستنا أن نواتج مستقلب البروتين المخمر في الأمعاء وخاصة سلائف الأحماض الأمينية للنواقل العصبية مثل التيروسين، قد تكون لها امكانية الوصول إلى الدماغ ويمكن أن تؤثر في وظائف الدماغ بما في ذلك الحالة المزاجية”.

وجد فريق البحث أن استقلاب الأحماض الأمينية التي تقوم بها ميكروبات الأمعاء من مدخول الطعام الغني بالبروتين المقاوم للهضم قد ينتج نواتج استقلاب سامة من البروتين المخمر ويعيق توفر سلائف الناقل العصبي للدماغ.

رسم تخطيطي لتسلسل سير عمل 14C –لتتبع مصير الأست للنشطات الحيوية / العناصر الغذائية
 في الطعام، مع توضيح الأجزاء التي اثبتت في هذه الدراسة

استخدم الباحثون الوشم الإشعاعي بالنظائر لفحص التوزيع الحيوي لمغذيات معينة في الخنازير، التي اختيرت للدراسة لأن جهازها الهضمي هو الأكثر شبهًا بالجهاز الهضمي للإنسان.

قالت البروفيسور بينيت: “أثبت البحث، لأول مرة، مسارًا محدد الخطوات بين المدخول الغذائي  وميكروبيوتا الأمعاء والدماغ”.

“وجدنا أن تناول مواد غذائية غنية بالبروتين المقاوم للهضم يغير من خصائص مجموعة الأحماض الأمينية المتاحة لعملية الهضم الطبيعية وعملية الاستقلاب وأن هضم الأحماض الأمينية بمساعدة الميكروبيوتا في الأمعاء ينتج مركبات غير معروفة قد تكون قادرة على الوصول إلى الدماغ”.

مصادر من داخل وخارج النص: 
1- https://www.frontiersin.org/articles/10.3389/fnut.2023.1127729/full
2- https://ar.wikipedia.org/wiki/يقظة
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/مهارة_حركية
4- “السلوكيات التي تبعث عليها المكافأة هي سلوكيات لا إرادية يجدها الفرد مجزية أو ممتعة. تعتبر بعض السلوكيات أو المنبهات / المحفزات ، مثل الطعام أو الجنس ، مجزية بشكل طبيعي لأنها ضرورية للبقاء على قيد الحياة:  ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان: https://openbooks.lib.msu.edu/neuroscience/chapter/motivation-and-reward/
5- “التيروسين (tyrosine) الغذائي موجود في منتجات الصويا والدجاج والديك الرومي والأسماك والفول السوداني واللوز والأفوكادو والموز والحليب والجبن والزبادي وجبن القريش (cottage cheese) والفاصوليا وبذور اليقطين وبذور السمسم” ،  ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان: https://www.mountsinai.org/health-library/supplement/tyrosine
6- https://www.webteb.com/articles/الاكتئاب-السريري_31271
7- https://ar.wikipedia.org/wiki/جهاز_عصبي_معوي
8- “المحور الدماغي المعوي هو حلقة وصل بينبكتيريا الأمعاء والدماغ . المحور الدماغي المعوي هو جهاز مناعي عصبي صماوي. ويعني ذلك أنه يصل بين الجهاز العصبي، وجهاز الغدد الصماء، والجهاز المناعي”  ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://kids.frontiersin.org/ar/articles/10.3389/frym.2019.00015-ar

المصدر الرئيس:
https://www.monash.edu/medicine/news/latest/2023-articles/researchers-confirm-the-link-between-diet,-microbiota-and-mental-health

الأستاذ عدنان أحمد الحاجي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *