علماء جامعة ستانفورد يسلطون الضوء على عائق أمام بطارية الجيل التالي التي تشحن بسرعة كبيرة – ترجمة* محمد جواد آل السد ناصر الخضراوي

Stanford scientists illuminate barrier to next-generation battery that charges very quickly
(ANDREW MYERS – بقلم: أندرو مايرز)

ملخص المقالة:

السباق محتدم لصنع بطاريات ليثيوم معدنية سريعة الشحن وكثيفة الطاقة، حيث تتميز النسخة الجديدة منها ذات الإلكترولايتات الصلبة بأنها خفيفة الوزن وغير قابلة للاشتعال وتشحن الكثير من الطاقة ويمكن إعادة شحنها بسرعة كبيرة، لكن تطورها كان بطيئا بسبب انقطاع تيار البطارية الغامض. وقد اكتشف باحثون من جامعة ستانفورد سبب عدم أداء نسخة الإلكترولايت الصلب الواعدة على النحو المأمول، الذي يتعلق بالإجهاد الميكانيكي خاصة أثناء إعادة الشحن الفعال. وقد يساعد هذا الاكتشاف التصميمات الجديدة – وفي النهاية إنتاج البطاريات – وتجنب المشكلة.

( المقالة )

في السباق لأجل صناعة بطاريات الليثيوم المعدنية سريعة الشحن وفائقة التخزين، اكتشف الباحثون سبب عدم أداء نسخة الإلكترولايت الصلب الواعدة على النحو المأمول. وقد يساعد هذا الإكتشاف بناء التصميمات الجديدة وإنتاج البطاريات بلا مشاكل. 

فبطاريات الليثيوم المعدنية الجديدة ذات الإلكترولايتات[1] الصلبة خفيفة الوزن وغير قابلة للاشتعال وتكوِّم (تشحن) الكثير من الطاقة ويمكن إعادة شحنها بسرعة كبيرة، لكنها كانت بطيئة في التطور بسبب انقطاع تيار البطارية الغامض والفشل. والآن، يقول باحثون في جامعة ستانفورد ومختبر سلاك[2] (SLAC) الوطني للمسرعات إنهم تمكنوا من حل اللغز.

يُظهر عرض الفنان هذا انحناءًا لمجس (مسبار) واحد بسبب الضغط المطبق، مما تسبب في حدوث كسر في الإلكترولايت الصلب المليء بالليثيوم. على اليمين، المجس لا يضغط على الالكترولايت وألواح الليثيوم على سطح السيراميك، حسب الرغبة. (مصدر الصورة: كيوب ثري دي Cube3D)

“ويتعلق الأمر بالإجهاد – الإجهاد الميكانيكي لنكون أكثر دقة – خاصة أثناء إعادة الشحن الفعال”

“مجرد فجوة عميقة متواضعة في البطاريات أو ثنيها أو لفها يمكن أن يتسبب في شقوق نانوية في المواد ودخول الليثيوم عنوة في الإلكترولايت الصلب مما يؤدي إلى انقطاع تيار البطارية، أوضح كبير مؤلفي الورقة البحثية البروفيسور ويليام تشويه، الأستاذ المشارك في علوم وهندسة المواد في كلية الهندسة وعلوم الطاقة والهندسة في كلية “دوير” للاستدامة الجديدة التابعة لجامعة ستانفورد.

وقال البروفيسور تشويه، الذي أدار البحث مع البروفيسور ويندي غو، الأستاذ المساعد في الهندسة الميكانيكية: “حتى الغبار أو الشوائب الأخرى التي يتم إدخالها في التصنيع يمكن أن تولد اجهادا كافيًا للتسبب في الفشل”.

ومشكلة فشل الإلكترولايتات الصلبة ليست جديدة وقد درس الكثيرون هذه الظاهرة. والنظريات كثيرة حول ماهية السبب بالضبط. ويقول البعض إن التدفق غير المقصود للإلكترونات هو السبب، بينما يشير آخرون إلى الكيمياء. ومع ذلك، يقوم آخرون بالتنظير لقوى مختلفة تلعب دورها.

وفي دراسة نُشرت في 30 يناير 2023 في مجلة “طاقة الطبيعة” (Nature Energy)، يشرح المؤلفون الرئيسيون الدكتور جيف ماكونهي، الدكتور شين شو، والدكتور تينغ كوي في تجارب صارمة وذات دلالة إحصائية كيف تتسبب عيوب المقياس النانوي والإجهاد الميكانيكي في فشل الإلكترولايتات الصلبة. ويمكن للعلماء حول العالم الذين يحاولون تطوير بطاريات إلكترولايتية صلبة جديدة قابلة لإعادة الشحن أن يقوموا بالتصميم حول المشكلة أو حتى تحويل الاكتشاف لمصلحتهم، كما يبحث الآن فريق جامعة ستانفورد هذا الكثير منه. ويمكن لبطاريات الليثيوم المعدنية كثيفة الطاقة وسريعة الشحن وغير القابلة للاشتعال والتي تدوم لفترة طويلة التغلب على العوائق الرئيسية أمام الاستخدام الواسع النطاق للسيارات الكهربائية، من بين العديد من الفوائد الأخرى.

دلالة إحصائية مهمة

العديد من الإلكترولايتات الصلبة الرائدة اليوم هي السيراميك. إنها تتيح النقل السريع لأيونات الليثيوم وتفصل فعليًا القطبين الذين يخزنان الطاقة. والأهم من ذلك أنها مقاومة للحريق. ولكن، مثل السيراميك في منازلنا، يمكن أن تحدث شقوقا صغيرة على سطحه.

مقطع فيديو بالمجهر الإلكتروني يُظهر طلاء الليثيوم أثناء حدوثه على إلكترولايت صلب. (مصدر الصورة: شين شو وجيوف ماكانوهي و وينفانغ شي)

وأظهر الباحثون من خلال أكثر من 60 تجربة أن السيراميك غالبًا ما يكون مشبعًا بالشقوق النانومترية والخدوش والشقوق، التي يقل عرضها عن 20 نانومترًا (يبلغ سمك الورقة حوالي 100000 نانومتر). وأثناء الشحن السريع، يقول البروفيسور تشويه وفريقه، تنفتح هذه الكسور المتأصلة، مما يسمح لليثيوم بالدخول عنوة.

وفي كل تجربة، قام الباحثون باستخدام مجس كهربائي على إلكترولايت صلب، وإنشاء بطارية مصغرة، واستخدموا مجهرًا إلكترونيًا لمراقبة الشحن السريع في الوقت الفعلي. وبعد ذلك، استخدموا شعاعًا أيونيًا كمشرط لفهم سبب تجمع الليثيوم على سطح السيراميك في بعض المواقع، حسب الرغبة، بينما في أماكن أخرى يبدأ في الحفر، أعمق وأعمق، حتى جسور الليثيوم عبر الإلكترولايت الصلب، والتسبب في انقطاع تيار البطارية.

وكان الفرق هو الضغط. وعندما يلمس المجس الكهربائي سطح الالكترولايت، يتجمع الليثيوم بشكل جميل فوق الالكترولايت حتى عندما يتم شحن البطارية في أقل من دقيقة واحدة. ومع ذلك، عندما يضغط المجس على الإلكترولايت الخزفي، محاكياً الاجهادات الميكانيكية للفجوة العميقة، والانحناء، والالتواء، فمن المرجح أن ينقطع تيار البطارية.

النظرية في الممارسة

تتكون بطارية الحالة الصلبة في العالم الحقيقي من طبقات فوق طبقات من صفائح الكاثود-الالكترولايت-الانود مكدسة فوق بعضها البعض. ويتمثل دور الإلكترولايت في فصل الكاثود فعليًا عن القطب الموجب، مع السماح لأيونات الليثيوم بالتنقل بحرية بين الاثنين. وإذا لامس الكاثود والأنود أو تم توصيلهما كهربائياً بأي شكل من الأشكال، كما هو الحال عن طريق نفق من الليثيوم المعدني، يحدث انقطاع تيار البطارية.

المؤلفون المشاركون في الدراسة الجديدة، من اليسار، الدكتور شين يو، الدكتور تينغ كوي والدكتور جيف ماكونهي. المعدات التي تقف وراءهم هي نظام الشعاع الأيوني المركّز / نظام المجهر الإلكتروني الماسح الذي استخدموه في هذا البحث. (مصدر الصورة: شين شو)

وكما أظهر البروفيسور تشويه وفريقه، حتى الانحناء الخفيف، أو الالتواء الطفيف، أو وجود بقعة من الغبار بين الالكترولايت وأنود الليثيوم سوف يتسبب في حدوث شقوق غير محسوسة.

وقال الدكتور ماكونهي، الذي أكمل الدكتوراه العام الماضي عاملا في مختبر البروفيسور تشويه ويعمل الآن في الصناعة: “بالنظر إلى الفرصة للحفر في الإلكترولايت، فإن الليثيوم سيشق طريقه في النهاية، رابطا الكاثود والأنود”. وأضاف: “عندما يحدث ذلك، تفشل البطارية”.

وقال الباحثون إن الفهم الجديد تم إثباته مرارًا وتكرارًا. وقاموا بتسجيل فيديو للعملية باستخدام المجاهر الإلكترونية الماسحة – وهي نفس المجاهر التي لم تكن قادرة على رؤية الشقوق الناشئة في الإلكترولايت النقي الذي لم يتم اختباره.

وأوضح الدكتور شو أن الأمر يشبه إلى حد ما الطريقة التي تظهر بها الحفرة في الرصيف المثالي. ومن خلال المطر والثلج، تضرب إطارات السيارات المياه في العيوب الصغيرة الموجودة مسبقًا في الرصيف مما ينتج عنه تشققات تتسع باستمرار وتنمو بمرور الوقت.

وقال الدكتور شو، باحث ما بعد الدكتوراه في مختبر البروفيسور تشويه: “الليثيوم هو في الواقع مادة ناعمة، ولكن، مثل الماء في تشبيه الحفرة، كل ما يتطلبه الأمر هو الضغط لتوسيع الفجوة والتسبب في فشل”.

ومع فهمهم الجديد في متناول اليد، يبحث فريق البروفيسور تشويه عن طرق لاستخدام هذه القوى الميكانيكية نفسها عن قصد لتقوية المادة أثناء التصنيع، تمامًا مثل الحداد الذي يصلح شفرة أثناء الإنتاج. ويبحثون أيضًا عن طرق لتغطية سطح الالكترولايت لمنع التشققات أو إصلاحها في حالة ظهورها.

وقال الدكتور كوي، باحث ما بعد الدكتوراه في مختبر البروفيسور غو: “تبدأ كل هذه التحسينات بسؤال واحد: لماذا؟”. وتابع: “نحن المهندسون؛ أهم شيء يمكننا القيام به هو معرفة سبب حدوث شيء ما. بمجرد أن نعرف ذلك، يمكننا تحسين الأمور”.

والبروفيسور تشويه هو أيضًا زميل في معهد بريكورت للطاقة بجامعة ستانفورد، وعالم هيئة في “سلاك”[2]. والمؤلفون المشاركون في الدراسة غير المذكورين أعلاه هم طلاب الدكتوراه في جامعة ستانفورد: إدوارد باركس، صني وانغ، إيما كايلي، وباحثة ما بعد الدكتوراه سيليست ميلاميد.

وقد تم دعم هذا العمل من قبل معهد سامسونج المتقدم للتكنولوجيا ومكتب تقنيات المركبات التابع لوزارة الطاقة الأمريكية. وتم دعم البروفيسور ويندي غو من قبل مبادرة جامعة ستانفورد “ستوريج اكس” (StorageX).

*تمت الترجمة بتصرف

المصدر:

Mystery of impediment to a next-gen battery solved | Stanford News

الهوامش:

[1] الالكترولايت عبارة عن وسيط يحتوي على أيونات يتم توصيلها كهربائيًا من خلال حركة تلك الأيونات، ولكنه لا يحتوي على إلكترونات موصلة. يتضمن ذلك معظم الأملاح والأحماض والقواعد الذائبة في مذيب قطبي، مثل الماء. عند الذوبان، تنفصل المادة إلى كاتيونات وأنيونات، والتي تتشتت بشكل موحد في جميع أنحاء المذيب. توجد أيضًا إلكتروليتات الحالة الصلبة. في الطب وأحيانًا في الكيمياء، يشير مصطلح الالكترولايت إلى المادة المذابة. ويكيبيديا.

[2] مختبر المسرع الوطني (SLAC National Accelerator Laboratory) أطلق عليه في الأصل اسم مركز ستانفورد للمسرعات الخطية (Stanford Linear Accelerator Center)، وهو مركز بحث وتطوير ممول فيدراليًا يقع في مينلو بارك بولاية كاليفورنيا (الولايات المتحدة الأمريكية). تأسس المختبر عام 1962، وهو الآن برعاية وزارة الطاقة الأمريكية وتديره جامعة ستانفورد. إنه موقع معجل ستانفورد الخطي، وهو مسرع خطي بطول 3.2 كيلومتر (ميلين) تم بناؤه في عام 1966 ويمكنه تسريع الإلكترونات إلى طاقات تبلغ 50 غيغا إلكترون فولت. ويكيبيديا.

المهندس محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *