هل ترغب في تجنب جدال محتدم؟ هذه المقاربة قد تساعدك – ترجمة عدنان أحمد الحاجي

Want to avoid a heated argument? This trick could help
(بقلم: كلوديا لوبيز لوريدا – Claudia Lopez Lloreda)

وجد باحثون أن التأمل في القيم وفهمها قبل مناقشة أحد الأشخاص يجعلك أكثر انفتاحًا

ناقشْ أمورًا بشأن اللقاحات أو مواضيع سياسية أو حتى من سيفوز بالمركز الأول في مباراة البطولة السنوية للرابطة الوطنية لكرة القدم الأمريكية (Super Bowl) هذا العام،  ونادرًا ما تنتهي هذه النقاشات بخير وبدون مشاكل.  كل واحد من المتحاورين مصر على مواقفه وآرائه – وواثق جدًا من قناعاته – والنتيجة الأكثر احتمالًا من هذا النقاش هي الجدال لا غير.

وجد باحثون أن التأمل في القيم وفهمها قبل مناقشة أحد الأشخاص يجعلك أكثر انفتاحًا

ولكن ماذا لو تأمل كل منكم في قيم أصاحبه قبل أن تبدأ المشاحنات – كم يقدِّر كل منكم مبدأ الولاء أو المساواة لدى الآخرين، على سبيل المثال؟ فقد يعزز المرء “تواضعه الفكري” [المترجم: التواضع الفكري هو خاصية تتضمن رؤية دقيقة لنقاط القوة والضعف لدى المرء واعترافه بخطئه وانفتاحه على تغيير وجهات نظره عند الضرورة(1)]، وفقًا لدراسة جديدة(2). وهذا بدوره قد يؤدي إلى نقاش متحضر / مجتمعي مع الآخر – وربما حتى اتفاق بينهما. [المترجم٬ الحوار المتحضر هو في أبسطه ، حوار بين اثنين أو أكثر يهدف إلى ترسيخ تفاهم وفهم بناء لآراء الآخرين ووجهات نظرهم بشكل أفضل بغض النظر عن قبولها / الموافقة عليها أو عدم قبولها / الموافقة جديدة(3. 4).  

تقدم الدراسة طريقة “رائعة جدًا” لمعالجة مشكلة الجدل المحتدم، كما تقول تينيل بورتر (Tenelle Porter) ، الباحثة في النفس بجامعة بول ستيت (Ball State) التي لم تشارك في البحث.  وتقول إن نتائج هذه الدراسة لا تحافظ على استمرار الصداقات فحسب، بل قد تساعد الناس على التعايش بشكل أفضل سواء في علاقاتهم في أماكن العمل أو في العمل عن بعد.

لإجراء البحث، قام بول هانيل (Paul Hanel) ، باحث في علم الاجتماع في جامعة إسيكس (Essex)، وزملاؤه بحشد أكثر من 300 طالب متطوع عن طريق إعلانات نشروها في إحدى الصحف المحلية وعبر الرسائل البريدية. بعد ذلك، قاموا بتحريض مجموعات متكونة من طالبين أو من ثلاثة طلاب على مواجهة بعضهم بعض في غرفة وطلبوا منهم مناقشة مزايا الرسوم الدراسية في الجامعة.  (لإثارة المتناظرين، زُرع أحد “المتطوعين” كجاسوس في كل مجموعة لزرع الخلاف بين المتناظرين).

الحوار الحضري(4).

طوال الحوار، سجل الباحثون طريقة الحوار بين المشاركين، والتي حللها خبراء لغة لاحقًا.  ركز الفريق على كلمات معينة تستخدم للتعبير عن مدى الاقتناع أو عن مدى عدم الاقتناع، كلمات مثل “مطلقًا” و “إلى حد ما” ؛ وما مدى ارتفاع أصوات المتناظرين أو هدوئها؛ وسلوكيات الحوار الأخرى، مثل المقاطعة أو الإيماء بالرأس بالموافقة. استخدمت كل هذه المعلومات من أجل حساب درجة التواضع الفكري التي تكشف عن مدى تواضع أحد المشاركين أو مدى تكبره / غروره.

بعد ذلك، شرع الباحثون في معرفة ما إذا كان بإمكانهم تلطيف الجو وتهدئة الحوار المحتدم بين المتناظرين.  أثبتت الأبحاث السابقة أن أخذ قيم الآخر في الاعتبار يمكن أن يحد من اتقائيته(5) وصدامه مع الآخرين.  لذا قسم الباحثون المشاركين إلى مجموعتين:  طُلب من أفراد إحدى المجموعتين ترتيب أهم 19 قيمة لدى كل منهم في قائمة، مثل حرية قرار الفرد باختيار أفعاله ومدى قبوله للآخرين المختلفين معه، وأن يكتب لماذا هذه القيم مهمة له؛ وطُلب من أفراد المجموعة الأخرى النقاش فيما إذا كانوا يحبون أو يكرهون قائمة من خمسة مشروبات مختلفة، مثل القهوة أو الشاي.

ثم طلب الباحثون من المشاركين إعادة النظر في مناقشة الرسوم الدراسية. أبدى حوالي 60٪ من المشاركين في مجموعة القيم مستوىً من التواضع الفكري في جلسة المناقشة الثانية هذه أعلى من أولئك الذين طلب منهم تصنيف المشروبات [حسب حبهم إياها أو كرههم لها].  وأفاد ما يقرب من 80٪ من المشاركين في مجموعة القيم بأنهم يشعرون بمزيد من التقمص الوجداني والتعاطف بينهم، حسبما أفاد فريق البحث في ورقته التي نشرها في مجلة (Royal Society Open Science(2)).

لم يقس الباحثون مخرجات هذه النقاشات، ولم يقيّموا مدى ما إذا كانت المناقشات حضرية.  يعتبر هذا التغيير في مقياس التواضع الفكري للفرد بدايةً قوية لبداية فهم كيف يمكن تحسين الحوارات على مستوى المجتمع ككل ، كما قالت إليزابيث مانكوسو (Elizabeth Mancuso)، أخصائية علم النفس الإكلينيكي في جامعة بيبردين (Pepperdine)، والتي لم تشارك في الدراسة.

أصافت بورتر: “قد تكون التدخلات النفسية البسيطة [كما ذكر أعلاه] قوية جدًا”. حقيقة أن ممارسة كتابة هذه القيم قبل الحوار قد استغرقت بضع دقائق فقط، تشير إلى أن المقاربة ستكون سهلة التنفيذ في كل شيء من النقاشات المحتدمة والغاضبة والمتعسفة على تويتر إلى المناظرات الرئاسية.

لاختبار ذلك، يرغب هانيل وزملاؤه توسيع دراساتهم إلى وضعية أكثر طبيعية.  على سبيل المثال، يخططون لاختبار ما إذا كان التأمل في القيم قبل النشر على الفيسبوك (Facebook) قد يمنع هذا النوع من النقاشات المحتدمة من أن تصبح نقاشات ضارة.  ويريد الباحثون أيضًا استكشاف ما إذا كان تحديد قيم معينة لتدارسها، مثل المساواة بدلاً من الثروة، ستكون له تأثيرات مختلفة في التواضع الفكري أو حتى في مخرجات الحوار.

ترحب بورتر بأبحاث إضافية لمعرفة ما إذا كان للمقاربة أي تأثير في الحوارات الواقعية.  إذا كان الأمر كذلك، ففي ذهنها تطبيق يخصها.  تقول: “قبل أن تلتقي بعائلتك التي قد يكون لديها آراء تختلف عن آرائك في العطلة القادمة”. “هل ستأخذ بعض الوقت مع نفسك لتدوين أفكارك ومشاعرك حتى تفهم بشكل جلي لا لبس فيه قبل أن تتحدث اليهم وتتحاور معهم؟”.

مصادر من داخل وخارج النص:
1-  http://search.shamaa.org/PDF/Articles/EGAjah/AjahVol5No16Y2021/ajah_2021-v5-n16_133-156.pdf
2- https://royalsocietypublishing.org/doi/10.1098/rsos.220958
3-https://ar.wikipedia.org/wiki/نقاش_مجتمعي
4- https://www.ncfp.org/2019/11/22/its-cool-to-be-kind-how-to-have-civil-conversations-in-todays-world/
5- الشخص الاتقائي (defensive) هو من يجد صعوبة في تحمل المسؤولية عن كلامه وأفكاره وأفعاله ولا يقبل النقد البناء.  وقد تستخدم هذه الاتقائية كآلية دفاعية ضد أي تهديد متصور. ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:
https://www.betterhelp.com/advice/behavior/what-is-defensive-behavior-and-what-does-it-look-like/

المصدر الرئيس:
https://www.science.org/content/article/want-avoid-heated-argument-trick-could-help

الأستاذ عدنان أحمد الحاجي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *