هكذا تم خلق الذهب …

العلماء ومنذ القدم يبحثون في طول وعرض مجرة درب التبانة في محاولة لمعرفة مصدر هذه “العناصر الثقيلة” كالذهب والبلاتين.

وقد تمكن الإنسان بفضل دراساته العلمية والأبحاث من التعرف على العناصر الخفيفة وفهمها ، إبتداء من الهيليوم الذي يحتوي على إثنان من البروتين في الذرة الى عنصر الحديد الذي يحتوي على 26 بروتونًا في كل نواة. ومعظم هذه العناصر الخفيفة تتشكل داخل النجوم. لكن معلوماتنا عن العناصر الأثفل من عنصر الحديد يشوبها الكثير من الغموض.

الذهب والذي يحتوي على 79 بروتون في كل ذرة من ذراته لا يمكن أن يتشكل بنفس طريقة تشكُل العناصر الخفيفة ، والأمر هذا ينطبق على سائر العناصر النادرة والثقيلة مثل البلاتينيوم والرادون والزينون.

العلماء ولعقود نظَّروا وخمنوا لكيفية وصول المعادن الثقيلة الى الأرض وأين تشكلت.  وكل هذا التنظير والتخمين يدور حول فكرة رئيسية واحدة وهي أن حادثا كونيا عظيما وعنيفا قد حصل كتصادم بين نجمين وتشكل على إثره مجموعة من المعادن الثقيلة.

وبقي هذا الفهم مجرد نظرية لا تنطلق من قاعدة صلبة ، لكن ومنذ سنوات قليلة تغير كل شيء عندما رصد العلماء موجات جاذبية لهذا التصادم بين النجوم النيوترونية وتمكنوا من رؤية الوهج الناتج عن هذا التصادم في آن واحد.

هذا الوهج يحمل البصمة الكيميائية للمعادن الثقيلة ويقدم دليلا قويا يدعم نظرية من أين أتت هذه المعادن وكيفية نشوئها ، وهذا الرصد والملاحظة ساعد العلماء على فهم أكثر لعملية تصادم النجوم.

النجوم النيوترونية هي أكثر الأشياء كثافة في الكون باستثناء الثقوب السوداء. يولدون عندما تموت النجوم الهائلة وتنهار. ضغط الجاذبية الهائل يسحق الذرات معًا ، وتتحطم البروتونات والإلكترونات ، ويتحول النجم برمته الى نجوم نيوترونية صغيرة متناثرة. وعندما تصطدم هذه النجوم النيوترونية ببعضها البعض تنتج حرارة وضغوط عالية جدا يتمخض عنها إطلاق كم هائل من النيوترونات الحرة في الفضاء بمعدل قد يصل الى جرام واحد من النيوترونات لكل واحد سنتيمتر مكعب من الفضاء.

هذا الوضع النادر في الكون يشعل عملية يطلق عليها عملية الإلتقاط السريع للنيوترونات ، والمعروفة بعملية “R”. فتتخلق نواة العناصر فالحديد مثلا تتكون نواته من 26 بروتون و 30 نيوترون ، لكن من خلال عملية الإلتقاط السريع سيتم إلتقاط المزيد من النيوترونات في غضون جزء من الثانية وتبقى النواة الجديدة المتكونة غير مستقرة وهي تلتقط النيوترونات حتى يتحول بعضها الى بروتونات. والنتيجة لهذه العملية المعقدة والسريعة هو إنتاج شكل جديد من أشكال المادة بأعداد أكثر من البروتونات والنيوترونات.

هذه رحلة كل قطعة من الذهب تحملها في اصبعك ، فكل جزء منها بدأ من كارثة كونية بين أعتى النجوم في الكون.

هذا اللغز الكوني المحير يبدوا أنه في طريقه للحل وما تلبسه من ذهب او بلاتين هو في الأصل قطعة من الكون في راحة يدك.

شاهد الفيديو: