المهندس محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

قمة المناخ السابعة والعشرين: ما يراقبه العلماء – ترجمة* محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

COP27 climate summit: what scientists are watching
(Jeff Tollefson – بقلم: جيف توليفسون)

ملخص المقالة:

يواصل قادة العالم المفاوضات الهادفة إلى كبح ظاهرة الاحتباس الحراري أثناء انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة السابع والعشرين لتغير المناخ للأطراف في 6 نوفمبر في شرم الشيخ. ولكن العالم قد اختلف، حيث يحتاج القادة إلى مواجهة أزمة الطاقة التي أثارتها الحرب في أوكرانيا، والأضرار المتزايدة من الظواهر الجوية القصوى. فأسعار الطاقة في ارتفاع هائل في أوروبا وخارجها، مما حفز جولة جديدة من الاستثمارات الحكومية لتطوير حقول النفط والغاز في العام 2021، ومن المتوقع أن يقفز دعم الحكومات مرة أخرى هذا العام. ولكن هناك أخبار جيدة أيضًا، اذ تستمر أعداد منشآت الطاقة المتجددة في الارتفاع على مستوى العالم، اضافة الى تعهد 26 دولة بالتزامات مناخية جديدة هذا العام، ويحتمل أن تؤدي السياسات الجديدة المعلنة في أمريكا وأوروبا وغيرهما الى استقرار عالمي في الانبعاثات بحلول عام 2025.

( المقالة )

ستكافح البلدان بشأن كيفية دفع ثمن الخسائر والأضرار الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري، وكيفية تعزيز التعهدات بخفض الانبعاثات.

مر عام منذ أن جدد قادة العالم تعهداتهم بشأن المناخ في القمة التاريخية في غلاسكو بالمملكة المتحدة. وسوف يجتمعون مرة أخرى في الأسبوع المقبل [بدأت القمة في في 6 نوفمبر 2022 تحت عنوان “لحظة فارقة”] في شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية.

يطالب المتظاهرون باتخاذ إجراءات ملموسة بشأن المناخ. مصدر الصورة: ألين بيتون / نوفوتو / غيتي

خلال مؤتمر الأمم المتحدة السابع والعشرين لتغير المناخ للأطراف (COP27) لمواصلة المفاوضات التي تهدف إلى كبح جماح ظاهرة الاحتباس الحراري. ولكن العالم مكان مختلف الآن: سيحتاج القادة إلى مواجهة أزمة الطاقة التي أثارتها الحرب في أوكرانيا، والأضرار المتزايدة من الظواهر الجوية القصوى.

إن الآفاق قصيرة المدى مروعة. فأسعار الطاقة في ارتفاع هائل في أوروبا وخارجها، مما حفز جولة جديدة من الاستثمارات الحكومية تهدف إلى تقليل تكلفة الوقود الأحفوري بشكل مصطنع. ووفقًا لأحد التقديرات، تضاعف هذا الدعم تقريبًا في عام 2021 ومن المتوقع أن يقفز مرة أخرى هذا العام، مما سيزيد الاعتماد على أقذر مصادر الطاقة في العالم [هذا ما كتبه كاتب المقالة وأعتقد أنه مبالغ].

ولكن هناك أخبار جيدة أيضًا، اذ تستمر منشآت الطاقة المتجددة في الارتفاع على مستوى العالم. وقد تعهدت 26 دولة بالتزامات مناخية جديدة هذا العام (انظر “تقرير الالتزام“)، بما في ذلك أستراليا، التي تعهدت بالحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى 43٪ دون مستويات 2005 بحلول عام 2030. ويشير تحليل أجرته وكالة الطاقة الدولية إلى أن السياسات الجديدة التي أعلنتها الولايات المتحدة وأوروبا وغيرهما استجابة لأزمة الطاقة مهيئة لتحفيز الاستثمارات في الطاقة النظيفة، مما يحتمل أن يمكن استقرارًا عالميًا في الانبعاثات بحلول عام 2025.

المصدر: معهد موارد العالم

وفي غضون ذلك، تتزايد تأثيرات تغير المناخ. ففي سبتمبر 2022، أعلن العلماء أن الاحتباس الحراري ساعد في تأجيج الأمطار الموسمية الغزيرة غير العادية التي تسببت في فيضانات شديدة في باكستان هذا العام، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1700 شخصا وإلحاق أضرار بعشرات المليارات من الدولارات بالمنازل والبنية التحتية. وسيكون الجدل حول كيفية دفع تكاليف هذا الدمار في الصدارة في مؤتمر شرم الشيخ، وكذلك الأسئلة حول ما إذا كانت الدول الغنية تفعل ما يكفي لمساعدة البلدان الفقيرة على التكيف مع ظاهرة الاحتباس الحراري.

“التخفيف والتكيف: هاتان القضيتان” في مؤتمر الأمم المتحدة السابع والعشرين لتغير المناخ للأطراف، كما تقول البروفيسور جوييتا غوبتا، عالمة العلوم السياسية في جامعة أمستردام.

خسارة وضرر

إدراكًا من أن الدول الصناعية تتحمل قدرًا كبيرًا من المسؤولية عن الاحتباس الحراري الذي يتسبب بالفعل في موجات الجفاف والفيضانات والحرائق في جميع أنحاء العالم، فقد أمضت الدول منخفضة الدخل أكثر من عقد من الزمن في المطالبة بالتعويض عن الأضرار. وعلى وجه الخصوص، تريد هذه الدول آلية الخسائر والأضرار التي بواسطة تساعد البلدان الغنية من خلالها الدول الفقيرة على دفع ثمن آثار الاحتباس الحراري، والتي لا يمكن تجنبها الآن. وهذه الجهود تكتسب زخما.

وقد وافقت الدول في غلاسكو على إقامة حوار حول هذا الموضوع، لكن كتل التفاوض الرئيسية التي تمثل البلدان منخفضة الدخل تدعو إلى اتخاذ إجراءات في مؤتمر شرم الشيخ. وتقول تسنيم إيسوب، التي تتخذ من كيب تاون بجنوب إفريقيا مقراً لها، وهي المديرة التنفيذية لشبكة العمل المناخي الدولية، وهي تحالف من مجموعات المناصرة: “هذا هو المجال الوحيد الذي تم إهماله تمامًا في المفاوضات”. وتضيف: “الآن هو على جدول الأعمال السياسي”.

تسببت الأمطار الموسمية الغزيرة على غير العادة في حدوث فيضانات في باكستان هذا العام. مصدر الصورة: جان علي لاغاري / وكالة الأناضول / غيتي

قلة هم الذين يتوقعون قرارًا، لأن الولايات المتحدة والدول الأخرى ذات الدخل المرتفع عارضت بشدة كتابة ما يخشون أن يكون شيكًا على بياض لتغطية جميع أشكال الأضرار المناخية في المستقبل. ولكن من الممكن إنشاء آلية جديدة في القمة لتقديم المساعدة المالية عند وقوع كوارث محددة متعلقة بالمناخ، كما تقول البروفيسور دانييل فالزون، عالمة الاجتماع بجامعة روتجرز في نيوجيرسي.

وتضيف: “إن إنشاء نوع من آلية التمويل أمر مهم حقًا، لأن الناس يتحملون تكلفة الخسائر والأضرار في الوقت الحالي”. إذا لم يحدث ذلك في مؤتمر الأطراف لهذا العام، كما تقول ، فهذه مسألة وقت فقط، لأن البلدان منخفضة الدخل جعلت هذه القضية على رأس أولوياتها.

إن الخسائر والأضرار ليست سوى جزء واحد من مناقشة أكبر حول كيفية تحسين التمويل للتكيف مع المناخ في البلدان منخفضة الدخل. وفي غلاسكو، وافقت الدول الغنية على زيادة التمويل للتكيف لكنها أخفقت في تحقيق أهدافها. وتقول لبروفيسور فالزون إن إحدى المهام في قمة شرم الشيخ هي صياغة معايير أفضل يمكن استخدامها لتتبع الاستثمارات، لضمان إنفاق الأموال بشكل جيد.

كبح الانبعاثات

قدمت أكثر من 150 دولة تعهدات جديدة بشأن المناخ العام الماضي، وطلب ميثاق غلاسكو للمناخ الذي انبثق عن مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرين لتغير المناخ للأطراف (COP26) أن تقدم الدول تعهدات جديدة هذا العام. وبموجب الاتفاق، ستقوم الأمم المتحدة الآن بتقييم تلك التعهدات على أساس سنوي. وعلاوة على ذلك، فإن العملية الرسمية لتقييم التقدم المحرز في الأهداف المناخية – “التقييم العالمي” المطلوب كل خمس سنوات بموجب اتفاقية باريس لعام 2015 – جارية الآن وستكون على جدول الأعمال في مؤتمر شرم الشيخ.

“قمة المناخ السادسة والعشرين لم تحل المشكلة”: يتفاعل العلماء مع اتفاقية الأمم المتحدة للمناخ

وبالإضافة إلى 26 دولة قدمت بالفعل التزامات جديدة هذا العام، من المتوقع أن يشارك العديد منها خلال مؤتمر الأمم المتحدة السابع والعشرين لتغير المناخ للأطراف (COP27). فإذا أوفت البلدان بجميع هذه الالتزامات، بالإضافة إلى تلك المطروحة في غلاسكو، فإنه يمكن أن تنخفض انبعاثات الكربون بمقدار 5.5 مليار طن إضافية سنويًا بحلول عام 2030، وفقًا لمعهد موارد العالم، وهو مركز أبحاث بيئي مقره في واشنطن العاصمة. .

وذلك يشبه القضاء على انبعاثات الكربون لعام كامل من الولايات المتحدة، ثاني أكبر مصدر للانبعاثات في العالم. ولكنها لا تزال أقل بكثير مما هو مطلوب لتحقيق الهدف المنصوص عليه في اتفاقية باريس: الحد من الاحترار العالمي إلى 1.5-2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة. فإذا التزمت الدول بتعهداتها، يمكن أن يقتصر الاحترار العالمي على حوالي 2.1 درجة مئوية من الاحترار بحلول نهاية القرن، وفقًا لـ”معقب العمل المناخي”[1] (Climate Action Tracker)، وهو اتحاد من المنظمات العلمية والأكاديمية.

وبدون هذه التعهدات، يقدر الاتحاد أن القوانين والسياسات الحالية تضع العالم على المسار الصحيح لحوالي 2.7 درجة مئوية من الاحترار، والذي يقول العلماء إنه قد يؤدي إلى بعض التأثيرات المناخية الكارثية.

ويقول ديفيد واسكو، الذي يرأس مبادرة المناخ الدولية التابعة لمعهد موارد العالم: “لقد أحرزنا بعض التقدم، لكن الوتيرة ليست كما نريدها حتى الآن”.

تغير المناخ يضرب كوكب الأرض بشكل أسرع مما اعتقد العلماء في الأصل

في شرم الشيخ، من المتوقع أيضًا أن تبدأ البلدان في بلورة “برنامج عمل التخفيف” الجديد. ومن غير الواضح بالضبط ما الذي سيتكون منه، ولكن أحد الاحتمالات هو أنه سيركز على كيفية تحقيق الدول لأهداف الانبعاثات الواسعة، من خلال تحديد أهداف لقطاعات محددة، مثل الكهرباء والنقل والزراعة.

ولكي تكون أي من هذه الجهود مفيدة ، لا بد من التركيز بشكل أكبر على المساءلة، كما يقول واسكو، مضيفا: “لا يمكننا الانتقال إلى التزامات جديدة فقط دون السيطرة على ما إذا كان يتم تنفيذ الالتزامات الحالية أم لا”.

وبالنسبة إلى غوبتا، هناك خطر كبير على المفاوضين في مؤتمر الأمم المتحدة السابع والعشرين لتغير المناخ للأطراف يتمثل في الوقوع في مستنقع الإجراءات. وتتابع: “أخشى أننا فقدنا الكثير في تفاصيل مؤتمرات الأطراف هذه لدرجة أننا فقدنا الشيء الرئيسي، وهو أن علينا التخلص من الوقود الأحفوري”.

*تمت الترجمة بتصرف

المصدر:

COP27 climate summit: what scientists are watching (nature.com)

الهوامش:

  1. معقب العمل المناخي (Climate Actio Tracker) هو تحليل علمي مستقل يتتبع العمل المناخي الحكومي ويقيسه مقابل هدف اتفاقية باريس المتفق عليه عالميًا “إبقاء الاحترار أقل بكثير من 2 درجة مئوية، ومتابعة الجهود للحد من الاحترار إلى 1.5 درجة مئوية”. بالتعاون بين منظمتين، تحليلات المناخ (Climate Analytics) ومعهد المناخ الجديد (NewClimate Institute)، يوفر معقب العمل المناخي هذا التحليل المستقل لواضعي السياسات منذ عام 2009. ويقوم بتحديد وتقييم أهداف التخفيف من آثار تغير المناخ والسياسات والإجراءات. كما أنه يجمع الإجراءات القطرية على المستوى العالمي، ويحدد الزيادات المحتملة في درجات الحرارة خلال القرن الحادي والعشرين باستخدام نموذج المناخ “ماجيك سي” (MAGICC). ويطور كذلك التحليل القطاعي لتوضيح المسارات المطلوبة لتحقيق أهداف درجة الحرارة العالمية. ويتتبع معقب العمل المناخي 39 دولة والاتحاد الأوروبي ويغطي حوالي 85 ٪ من الانبعاثات العالمية. المصدر: The Climate Action Tracker | Climate Action Tracker

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *