عشتاروت – تُبتعث – ولم تزل – عبد الرسول الغريافي

هذا هو التمثال المعروف بتمثال عشتاروت والذي اشتق إسم جزيرة تاروت منه وإن كان الجدل قائما حول المعبودة عشتاروت وهي آلهة الحب والجمال عند الفينيقيين وهي التي ظهرت أيضا في ملحمة جلجامش وتحدته فهي إبنة كبير الآلهة سين إله القمر واخت الآله أوتو اله الشمس وامها الآلهة تنكال. فعشتار هي المدللة التي لايرد لها طلب وهي آلهة الحب  والجمال والتضحية والحروب، تعرف عند البابليين والسومريين بعشتار وأما عند الفينيقيين والكنعانيين فهي عشتاروت وهذا هو الإسم الذي أشتق منه  إسم جزيرة تاروت حين كان يقطنها  الفينيقيون (أي النخلاويون) الذين هاجروا بعدها الى شمال غرب الجزيرة العربية ليستقروا في بلاد الشام ولبنان. ثم يعود بنا التاريخ مرة أخرى ليجدد مادار بين جلجامش الملك البطل الشجاع وبين عشتار من صراعات لرفضه إياها أن تتزوجه أو حتى تقترب منه بعد أن قتلت زوجها الحبيب السابق فوقف في وجهها متحديا وهو يخاطبها قائلا:

ما أنت الا موقدا سرعان ماتخمد ناره في البرد         

 أنت باب لاينفع في صد ريح عاصفة..                                     

 أنت قصر يتحطم في داخله الأبطال..                           

 أنت بئر يبتلع غطاءها…  

أنت حفنة قير تلوث حاملها

أنت قربة ماء تبلل صاحبها

أنت حذاء تقرص قدم منتعلها. 

فبعد أن دبرت عشتار مكيدة في مؤامرة لقتل صديقه أنكيدو فقد اتجه في رحلتة إلى أرض الخلود أرض ديلمون التي شملت هذه الجزيرة وسبقت بقية المناطق الدلمونية ب 700 سنة (كما جاء في كتاب جيوفري بيبي (Looking for Dilmun)).

لقد أكد ذلك إسمها وإن كان الأساس هو الإسم الفينيقي. لقد تركت هذه المعتقدات آثار مادية لاحصر لها من معابد ومستوطنات وتماثيل كثيرة على هذه الجزيرة قد حفظها لنا باطن الأرض لتخبرنا عن عمق هذه الحضارة التي ترجع إلى آلاف السنين.

لقد كانت إحدى هذه القطع الأثرية التي وجدت مدفونة في معبد عشتاروت تمثال لرجل يؤدي طقوس العبادة (بنفس الطريقة الفينيقية والبابلية أيضا) وهو أصغر من حجم الانسان الطبيعي نحت من الحجر الصوان ويعود تاريخه إلى ماقبل الميلاد بأكثر من ألف سنة. لقد كان هذا التمثال مركونا مجهولا بعد أن استخرج من معبد تاروت الذي بنيت فوقه القلعة ليجثو في أحد أركانها لعدة سنين دون أن يولى له أي اهتمام ومعه عدة قطع أثرية أخرى قد تعرضت للعبث والسرقات إلى أن أصبحت هناك مؤسسات حكومية وحملات أجنبية تعنى بهذا الشأن فنقلته ومعه قطعة أخرى ذات فارق زمني كبير جدا بينها وبين هذا التمثال وهي عبارة عن مدفع يعود تاريخه إلى ستمائة سنه تقريبا. لقد تم نقلة من تاروت عام 1387هج الموافق 1967- 68 م ، ثم تنقل هذا التمثال الذي عرف بإسم عشتاروت الى عدة أماكن؛ الى الرياض والدمام والرياض ثانية ثم ابتعث بعدها لزيارة إلى متحف الميتروبوليتين Metropolitan Museum  بنيويورك في 2013 تقريبا. لقد تفاجأت برؤيته وهو يتوسط أهم قاعات المتحف وعرفت أنه مستعار لمدة ثلاث سنوات فقط وقد كلف التأمين على نقله ومن كان يصاحبه في الرحلة من أخصائيين مليونين دولار تقريبا. لقد كنت متابعا لأخباره فعلمت من المسؤولين المختصين في هذا الشأن أنه قد مددت له سنة أخرى. ثم رجع للرياض وعند رجوعه أقيم معرضا -ولأول مرة- في الرياض مع بقية زملائه التماثيل من المناطق الأخرى. وبعدها سافر إلى رحلة أخرى لأحد متاحف الصين ثم رجع ليسافر إلى مناطق أخرى. هكذا هي حضارة تاروت وما جاورها.

تعليق واحد

  1. رمزي حسين القشيري

    القطيف بمجدها وقراها وباديتها المدفونه رغم ماتعرضت ومازالت تتعرض لمحاولات نجحت في منظورهم الفاشل لم تمحو ولن تمحو تاريخ هذه الارض الكريمة وعراقتها فكما كانت على مر التاريخ بموقعها الاستراتيجي مركزاّّ للعلم والتجارة والصناعة فثرواتها لاتنضب فلكل زمان عطاء يميزها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *