The Illusion of the Self
{ وهم الذات (الأنا) }
[تمت الترجمة الى العربية بمساعدة الذكاء الاصطناعي وبتصرف من قبل الكاتب]
دعني أبدأ بسؤال يبدو بسيطا، لكنه يفتح بابا لا يدخله إلا القليل: من أنت حقا؟
من تكون حين تنطفئ الأضواء، وتغيب الأدوار، وتتساقط عنك الأسماء التي يرددها الناس؟

نحن غالبا نظن أن للذات (الأنا) جوهرا ثابتا يسكننا، لكن الحقيقة أنها تتشكل وتتغير مع كل تجربة نمر بها، وكل كلمة نخزنها في الذاكرة، وكل خوف نخفيه، وكل حلم نطارده. ولهذا نحمل في داخلنا وجوها كثيرة. وجها نقدمه للناس مراعاة لتوقعاتهم منا، ووجها نعتقد أنه حقيقتنا، ووجها تفضحه أفعالنا دون إدراكنا، ووجها آخر نرجو أن نصبحه يوما. وبين كل هذه الوجوه تختبئ الذات الحقيقية التي نادرا ما نسمح لها أن تظهر.
والمفارقة أن أغلب ما نشغل به حياتنا ليس هذه الذات الحقيقية، بل الأقنعة التي صنعناها بأنفسنا. نقضي أعمارا ندافع عن صورة نريد للآخرين أن يروها، ونحمي وهما نظن أنه يمنحنا قيمتنا. ومع مرور الوقت، يصبح هذا الوهم سجنا نعيش فيه بملء إرادتنا.
كثيرون يجعلون ذاتهم مركزا لكونهم. يلمعونها، يحرسونها، يتحدثون عنها، يخافون عليها، كأنها وسيلة للخلاص. لكن النتيجة هي عالم ضيق، قلب مثقل، وعقل لا يهدأ. من يطارد ذاته يبتعد دون أن يشعر عن المعنى. أما من يتحرر منها، فيبدأ في رؤية ما هو أكبر وأكثر شمولية.
لقد رأينا في التاريخ أن العظماء لم يصنعوا ما صنعوه لأنهم كانوا مشغولين بصورتهم، بل لأنهم انشغلوا بما هو أكبر منهم. انشغلوا برسالة، بفضول، بعمل يشغلهم عن أنفسهم بما هو اعظم واجل.
في تلك اللحظات يختفي الإحساس بالأنا، ويذوب القلق، ويبدأ الإبداع الحقيقي ويحضر القلب.
ونحن أيضا نعرف هذا الشعور. نلمحه في سجدة صادقة، أو في كتابة تخرج بسلاسة، أو في حديث عميق مع شخص يفهمك، وأكثر اللحظات ملامسة لهذا الشعور هي لحظة الخلوة مع الله. حينها لا نفكر كيف نبدو، ولا ننتظر حكما من أحد. نكون حاضرين فقط. وهذه اللحظات هي التي تجعل للحياة معنى.
التحرر من الذات لا يعني أن نتخلى عن هويتنا، بل يعني أن نسمح لها بأن تكون وسيلة للخير، لا قيدا نحمله. أن تصبح الذات معبرا لا جدارا. ولهذا تجد أن أصحاب الأثر الكبير ليسوا أصحاب الكلام الكثير عن أنفسهم، بل أصحاب العمل الصامت، والشغف الحقيقي، والقلب الذي يسع غيره.
وفي نهاية المطاف، حين يطوى العمر، سنكتشف الحقيقة التي نهرب منها دائما: كل ما حمينا، وكل ما تزيّنا به، وكل ما دافعنا عنه من أجل صورتنا، يتلاشى في لحظة. خلال قرن واحد ستتغير البيوت، وتنسى القصص، وتذهب الممتلكات إلى غيرنا. أما الذات التي اعتنينا بها أكثر من اللازم، فتغيب كأنها لم تكن.
الذي يبقى حقا هو الأثر: كلمة طيبة قيلت، لحظة صادقة عشناها، قلب خففنا عنه حمله، ومعنى لمسناه في الآخرين.
وكم هو محزن أن يقضي الإنسان عمره كله يلمع قناعا، بينما الحقيقة تنتظره وراء ذلك القناع منذ البداية.

*المهندس سعيد المبارك – مهندس بترول ومستشار في الحقول الذكية و التحول الرقمي ورئيس قسم الطاقة الرقمية بجمعية مهندسي البترول العالمية ، فاز بجائزة جمعية مهندسي البترول للخدمة المتميزة. ألقى محاضرات كثيرة في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وجامعة الملك سعود بالرياض وفي محافل كثيرة أخرى. مؤلف كتاب “أي نسخة من التاريخ ليست إلاّ رواية”.
رابط المقال الأصلي باللغة الإنجليزية:
https://www.linkedin.com/feed/update/urn:li:ugcPost:7396570928307929088/
علوم القطيف مقالات علمية في شتى المجالات العلمية