فحص القدم هذا قد يمنع جرحك الصغير من أن يكلفك أحد أطرافك – ترجمة* محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

This Foot Scan Could Stop Your Small Cut From Costing You a Limb
(Christian Heiss, The Conversation – “بقلم: البروفيسور كريستيان هيس[1]، مجلة “ذا كونفيرسيشن)

تخيل أنك تعاني من انسداد في شرايين ساقيك دون أن تعلم. في البداية، قد لا تظهر عليك أي أعراض على الإطلاق. مجرد تعب أو تقلصات أو انزعاج من حين لآخر – أعراض يسهل تجاهلها باعتبارها شيخوخة أو خللًا في اللياقة البدنية.

فحص سريع بالموجات فوق الصوتية قد ينقذ قدمك. مصدر الصورة: إندوباك / صور غيتي (endopack/Getty Images)

ولكن مع تدهور تدفق الدم، قد لا يلتئم جرح صغير في قدمك. وقد يتحول إلى قرحة. وفي أسوأ الحالات، قد يؤدي إلى البتر. وتُسمى هذه الحالة مرض الشريان المحيطي (PAD) – وهي أكثر شيوعًا مما يعتقد الكثيرون.

يصيب مرض الشريان المحيطي حوالي واحد من كل خمسة أشخاص فوق سن الستين في المملكة المتحدة، وهو شائع بشكل خاص لدى الأشخاص المصابين بداء السكري أو ارتفاع ضغط الدم أو أمراض الكلى.

ونادرًا ما يكون مرض الشريان المحيطي مشكلة معزولة: فهو عادةً علامة على تصلب الشرايين على نطاق واسع، وهو تراكم الرواسب الدهنية التي يمكن أن تُضيق شرايين القلب والدماغ.

كما أنه يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية وغيرها من الحالات المرتبطة بضعف تدفق الدم إلى الأعضاء الحيوية. وتشير الأبحاث إلى أن نسبة كبيرة من الأشخاص الذين يُشخَّصون بمرض الشرايين المحيطية سيموتون في غضون خمس إلى عشر سنوات، وغالبًا ما يكون ذلك بسبب هذه المضاعفات.

شاهد أهم 7 علامات تحذيرية لمرض الشرايين المحيطية:

https://youtu.be/9VmQgoUAWeY

ويُعد الكشف المبكر أمرًا بالغ الأهمية للحد من تأثير مرض الشرايين المحيطية، وقد عملت مع زملائي على تطوير طريقة أسرع وأبسط لتشخيصه.

اختبار ضغط الدم المحيطي (PAD)
يمكن للأطباء فحص الدورة الدموية في القدمين بمقارنة ضغط الدم في إصبع القدم بضغط الدم في الذراع. وتُعرف النتيجة باسم مؤشر ضغط إصبع القدم-العضد (TBI). وتكمن المشكلة في أن الاختبار يتطلب سوارًا بحجم إصبع القدم، ومستشعرًا بصريًا، وطبيبًا خبيرًا في استخدام الجهاز.

ولا تتوفر هذه المجموعة في العديد من جراحات الأطباء العامين وعيادات القدم. وفي كثير من الحالات، وخاصةً مرضى السكري أو تصلب الشرايين، لا يُعطي الاختبار دائمًا نتيجة واضحة أو موثوقة.
وقد طرح فريق البحث لدينا سؤالًا بسيطًا: هل يُمكننا تحويل فحص الموجات فوق الصوتية الروتيني إلى طريقة سريعة وموثوقة لقياس تدفق الدم في القدم؟

إن معظم المستشفيات، والعديد من عيادات الأحياء، لديها بالفعل مجسات الموجات فوق الصوتية المحمولة، والتي تستخدم صوت “دوبلر” لتتبع تدفق الدم عبر الأوعية.
ويعمل هذا من خلال تأثير “دوبلر”: فعندما يتحرك الدم، فإنه يُغير درجة الموجات الصوتية. ويُصدر تدفق الدم السليم صوتًا قويًا وثابتًا، بينما يُصدر الشريان الضيق أو المسدود صوتًا خافتًا أو متقطعًا.

والأطباء مُدرَّبون على سماع الفرق واستخدام أنماط الصوت هذه لاكتشاف مشاكل الدورة الدموية، خاصةً في حالات مثل مرض الشرايين المحيطية.
لكن فريقي البحثي تساءل عمّا إذا كان بإمكان الحاسوب القيام بأكثر من مجرد الاستماع: أردنا معرفة ما إذا كان بإمكانه تحويل شكل موجة “دوبلر” تلك إلى رقم يعكس مؤشر ضغط إصبع القدم-العضد.

وللتحقق من ذلك، قمنا بمسح أقدام مرضى يتلقون العلاج من مرض الشرايين المحيطية – 150 قدمًا إجمالاً. ولكل شريان، استخدمنا الموجات فوق الصوتية “دوبلر” لقياس سرعة تدفق الدم مع كل نبضة قلب، وهو نمط يُعرف باسم مؤشر التسارع. ثم قارنا هذه النتائج بمؤشر إصبع القدم-العضد القياسي، وهو الاختبار التقليدي الذي يقيس ضغط الدم في إصبع القدم.

فحص دقيق لمدة دقيقة، تطابق شبه مثالي
مؤشر التسارع وحده كان قادرا على التنبؤ بمؤشر إصبع القدم-العضد القياسي بدقة 88%. وباستخدام صيغة بسيطة، حوّلنا قراءة “دوبلر” هذه إلى “مؤشر إصبع القدم-العضد تقديري” – وهو رقم يعكس بدقة النتيجة التقليدية. ولم يتطلب الفحص استخدام سوار إصبع القدم، ولا مستشعر بصري، واستغرق أقل من دقيقة.

والأهم من ذلك، أن مؤشر إصبع القدم-العضد المقدر ارتفع بالتزامن مع نتائج الإصابة الدماغية الرضية التقليدية بعد العلاج. عندما خضع المرضى لجراحة رأب الأوعية الدموية – وهي عملية لإعادة فتح الشرايين المسدودة – ازداد مؤشر إصبع القدم-العضد المقدر لديهم بشكل شبه مطابق للقياس. وهذا يعني أن هذا الفحص لا يساعد فقط في تشخيص مرض الشرايين المحيطية؛ بل يمكن استخدامه أيضًا لتتبع التعافي بمرور الوقت.

والأهم من ذلك، أن نهجنا يعمل مع معدات متوفرة على نطاق واسع بالفعل. وقد كررنا التجربة باستخدام جهاز “دوبلر” جيبي بسيط: من النوع الذي يخفيه العديد من الأطباء العامين وأطباء الأقدام في الأدراج.

ومع أن دقة الجهاز لم تكن بنفس دقة الموجات فوق الصوتية المستخدمة في المستشفيات، إلا أن النتائج كانت قوية. ومن خلال بعض التحسينات الإضافية في البرمجيات، قد يتمكن الأطباء قريبًا من تقييم الدورة الدموية في القدم بسرعة ودقة باستخدام الأدوات التي يمتلكونها بالفعل، دون إضافة وقت إلى جدول العيادة المزدحم.

لماذا الكشف المبكر مهم
لأن التشخيص المبكر لمرض الشرايين المحيطية يُغير كل شيء. فهو يُحدث فرقًا كبيرًا بين فقدان القدم، والحفاظ على القدرة على الحركة، والعيش لفترة أطول مع جودة حياة أفضل. كما يُقلل من مدة الإقامة في المستشفى، ويُقلل من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.

شاهد “هيئة الخدمات الصحية الوطنية قد تُنقذ الملايين من عمليات البتر التي يُمكن الوقاية منها – بيانات جديدة”:

https://youtu.be/yOJgntA0ytw

ولكن في الوقت الحالي، لا يُشخَّص الكثير من مرضى الشرايين المحيطية إلا بعد إصابتهم بنقص تروية مزمن يُهدد الأطراف، وهو أشد أشكال المرض. وتحدث هذه الحالة عندما ينخفض تدفق الدم إلى الساقين أو القدمين بشكل حاد، مما يُحرم الأنسجة من الأكسجين.

ويمكن أن يُسبب ألمًا مستمرًا في القدم (خاصةً في الليل)، وجروحًا لا تلتئم، وفي الحالات المتقدمة، موت الأنسجة (الغرغرينا)، وخطر البتر. وبدون علاج عاجل لاستعادة الدورة الدموية، يُمكن أن يُشكل نقص تروية الأطراف المزمن المُهدد للحياة.

ويكمن جزء من المشكلة في أن الأدوات المستخدمة لتشخيص داء الشرايين المحيطية غالبًا ما تكون بطيئة أو باهظة الثمن أو معقدة للغاية للاستخدام الروتيني. ولهذا السبب، يُعدّ فحص “دوبلر” البسيط، الذي يُجرى بدون استخدام الكفة، والذي يُوفر تقديرًا موثوقًا لمؤشر ضغط إصبع القدم إلى العضد، واعدًا للغاية.

ويستخدم هذا الفحص معدات متوفرة بالفعل في العديد من العيادات، ويستغرق أقل من دقيقة، ويُقدم نتائج فورية – مما يُوفر طريقة أسرع وأسهل لاكتشاف ضعف الدورة الدموية قبل حدوث ضرر جسيم.
ونبحث الآن عن طرق لأتمتة القياس بحيث يُمكن استخدامه حتى من قِبل غير المتخصصين. ونُجري اختبارات عليه في عيادات مُختلفة مع مجموعات مُختلفة من المرضى، ونستكشف أداءه بمرور الوقت.

لكن الأدلة حتى الآن تُشير إلى أن هذا يُمكن أن يُصبح جزءًا أساسيًا من رعاية الأوعية الدموية – ليس فقط في المستشفيات، ولكن في جراحات الأطباء العامين، وعيادات مرضى السكري، وفي أي مكان آخر يُمكن للتدخل المُبكر أن يُنقذ فيه أحد الأطراف.

ولا داعي لأن تبقى الشرايين المسدودة مخفية. وباستخدام الأدوات المُناسبة، يُمكننا اكتشافها مُبكرًا، ومعالجتها بشكل أسرع، وحماية الناس من العواقب الوخيمة للتشخيص المُتأخر.

*تمت الترجمة بتصرف
المصدر:

https://www.sciencealert.com/this-foot-scan-could-stop-your-small-cut-from-costing-you-a-limb
الهوامش:
[1] البروفيسور كريستيان هيس، أستاذ طب القلب والأوعية الدموية، رئيس قسم الطب السريري والتجريبي، جامعة سوري في مدينة اكسفورد بالمملكة المتحدة.

المهندس محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *