رحل أبو علي “عثمان علي محمد أبو الليرات”، المصوّر الفوتوغرافي المخضرم الذي لم يكن يحمل كاميرا فحسب، بل كان يحمل ذاكرة وطن.
غادرنا جسدا، وبقيت روحه حاضرة في آلاف الصور التي التقطها بحب ووعي، في كل زاوية من زوايا القطيف.
وثّق الأزقّة قبل أن تُطمس، وصوّر الوجوه التي رحلت، والمراكب التي غابت، والنخيل الذي كانت شاهدًا على نبض الحياة في هذه الأرض.
ما يميّز ابو علي انه لم تكن فقط موهبته، بل إحساسه الصادق بالمكان والناس. كانت عدسته تنبض بالدفء، تلتقط العمق لا السطح، تُظهر الإنسان في بساطته وكرامته، وتمنح كل مشهد حياةً تبقى حتى بعد أن يغيب أصحابها.
لقد ترك لنا أرشيفًا بصريًا نادرًا، لا يُقدّر بثمن.
صور ليست مجرد صور، بل وثائق حيّة، تحفظ في الذاكرة الشعبية والثقافية للقطيف، وتمنح الأجيال القادمة نافذة يرون من خلالها ماضيهم المجيد.
رحل أبو علي، لكن أثره لم يرحل. فالرحيل نهاية للجسد، لا نهاية للأثر.
وعدسته التي أضاءت الوجوه والدروب ستظل شاهدة له، لا عليه.
رحم الله أناس فرحت بهم الدنيا حين زينوها، واستقبلتهم الأرض بالبشرى من الرحمن، نسأل الله أن يجعل قبره نزلاً فسيحًا من الجنة يسكنها إلى حين الموعد الأكبر.
{الفاتحة لروحه وارواح المؤمنين والمؤمنات}