كيف شارك رجال البحرين في فتوحات ما وراء النهر؟
يعتبر رجال البحرين أول رجال من المسلمين غامروا بغزو بلدان ما وراء البحار. فبعد أن إنتصر العلاء بن الحضرمي وأخمد تلك الفتنة التي قام بها الخطم بن ضبيعة بالقطيف بمؤازرة جماعات من الزط والسبابجة. والذي إتخذ من القطيف مركزا له للقيام بتلك الفتنة. حيث حاصر دارين وحاصر هجر وجواثا والزارة ، فجاء العلاء بن الحضرمي بالجيش الإسلامي وحاصروهم وقضوا على فتنتهم.
بعد هذه المعركة طغت على العلاء بن الحضرمي نشوة النصر وأخذته العزة ، ففكر في غزو فارس إلا أن الخليفة عمر بن الخطاب منعه ونهاه. لكنه لم يستمع الى نصيحة الخليفة عمر ، فجهز جيشا من خيرة رجال البحرين وهيأ لهم السفن والمئونات. وأمرهم بركوب البحر وغزو فارس ، وكانت هذه أول محاولة من العرب لغزو فارس وبلدان ما وراء البحار.
وقبلها لم يجرأ أحد من العرب على القيام بمثل هذه المغامرة ، وقد تمكنوا من الوصول الى فارس والإستيلاء على بعض المناطق الساحلية ، لكنهم إضطروا للتراجع فقد حاصرهم الفرس وأغرقوا سفنهم ، فغضب عمر بن الخطاب على العلاء بن الحضرمي وعزله عن إمارة البحرين وعين مكانه ابن العاص أميرا على البحرين.
وهذه المحاولة بالرغم من صعوبتها وعدم تحقيق أهدافها إلا أنها تركت انطباعا عظيما في نفوس المسلمين وحفزتهم لفتح بلدان أخرى ، حيث بدأوا يعدون العدة لغزو بلدان ما وراء النهر وأقصد بلدان الهياطلة وما كان في غربيه كبلدان خراسان وخوارزم ، ولم يكن ليتسنى لهم هذا الهدف النبيل الا بالإستعانة برجال البحرين ذوي الخبرة ، فهم وحدهم العارفون بمسالك البحار ، إذ أن ركوب البحر بدون المتخصصين في أحواله وأجوائه يعتبر مجازفة ومخاطرة عظيمة ، حيث أن الوصول الى ذلك الهدف ربما يستغرق أسابيع أو شهورا ، فالسفن في ذلك العصر كانت تعتمد على الأشرعة وعلى التجديف.
سار الجيش الإسلامي بقيادة قتيبة بن مسلم الباهلي الى بخارى. ويذكر الطبري في تاريخ الأمم والملوك أن أربعة آلاف مقاتل من أهل البحرين من العبديين ، أي من قبيلة ربيعة كانوا من ضمن الجيش الإسلامي الذي توجه لفتح بلدان ما وراء النهر ، ففتحت خراسان وخوارزم وبخارى وبيكند ورامتين وطخارستان وسمرقند.
وكانت سمرقند تسمى شمركنت ، نسبة الى رجل بناها إسمه شهر ثم عدل إسمها الى شمركت ، ثم عربت وأصبحت تعرف بإسم سمرقند (الترشخي – تاريخ بخارى).
أما بيكند فهي بلدة بين بخارى وجيحون على مرحلة من بخارى كثيرة المزارع ، ولكنها كبيرة وكثير من العلماء ينتسبون إليها. أما مارتين فهي قرية صغيرة ببخارى ، ذات حصن كبير ، وهي قرية محكمة أقدم من بخارى.
وعندما فتح قتيبة بن مسلم الباهلي معظم بلدان ما وراء النهر بمساعدة أهل البحرين – كما يشير الطبري الى ذلك – بنى كثيرا من المساجد فيها وأعطى المسلمين نصف بيوت أهل بخارى ليقيموا فيها ، لأنهم كانوا ينافقون ؛ أي أنهم كانوا يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر. وبهذه السياسة انتشر الإسلام وتبلور في تلك الربوع. ولذلك تجد كثيرا من السلالات العربية موجودة الى اليوم في تلك البلدان منذ ذلك العهد. فمعظم الرجال الذين كانوا في جيش القائد الإسلامي قتيبة بن مسلم الباهلي ظلوا هناك واستوطنوا تلك الديار. (المصدر: هنا البحرين- العدد1653).