هنا كيف تضر مشاهدة العنف الصحة العقلية للأطفال – ترجمة عدنان إحمد الحجي

وجدت كارولين صعوبة في إقناع إبنتها في الذهاب الى المدرسة. في الليلة السابقة شاهدت إبنتها الأخبار عن التفجير الإرهابي الذي حدث ذلك اليوم وقتل فيه أطفال وكبار وأقفلت المدرسة في حينه مباشرة.

الصورة : طالب في مدرسة Marjory Stoneman Douglas الثانوية في باركلاند ، فلوريدا ، يتحدث إلى وسائل الإعلام بعد أن فتح طالب سابق النار على المدرسة في 14 فبراير ٢٠١٦ ، مما أسفر عن مقتل أكثر من 12 شخصًا

عانت إبنتها من صعوبة في الخلود الى النوم ورفضت أن تأكل فطورها. وعندما سألت كارولين إبنتها عن المشكلة ردت البنت بصوت خافت: أنا خائفة يا ماما. لو أنا ذهبت الى المدرسة هل سيأتي شخص ما ويصوب علي الرصاص؟ لا أريد أن اموت.

كباحثين وأطباء درسوا مشاكل العنف على مدى ثلاثة عقود شهدنا إرتفاعاً ثابتاً في مستويات تعرض الأطفال الى العنف وتأثيره المدمر على صحتهم العقلية.

كيف يؤثر هذا التعرض للعنف على الأطفال والمراهقين وخاصة على صحتهم العقلية؟ وكيف نتعاطى الخوف المتزايد وعدم الأمن الناتجين من هذه الأحداث.

التعرض للعنف  

اليوم، الأطفال يستخدمون عدة أنواع من وسائل التواصل الإجتماعي وعلى مستويات غير مسبوقة – ٩٢٪‏ من المراهقين يدخلون على النت يومياً ويوجد ٢٤٪‏ منهم على النت بإستمرار والنتيجة أن الأطفال يتعرضون للعنف من خلال وسائل التواصل المتعددة. ولذلك حتى لو حدث العنف في مكان آخر في العالم يصبح الأطفال معرضين للعنف وما يترتب عليه بشكل فوري وبشدة  وتكرار نتيجة لتواصلهم مع وسائل الإتصال.

وهناك أدلة متزايدة  على أن التعرض للعنف في الحياة اليومية له وقعه الكبير على صحة الأطفال العقلية.

ولكن اذا الأطفال اليوم يكبرون في عالم فيه يحكم الخوف وعدم الأمن على الثقة والسلامة وهذا لا يحدث بسبب وسائل الإتصال فقط بل ما يواجهونه في الحياة العملية أيضاً.

ولذلك بالاضافة الى الأعمال الإرهابية بإمكان الأطفال أن يشاهدوا أو يكونوا ضحايا عنف بطرق كثيرة. مثلاً عندما قمنا بمسح إستقصائي لطلاب الثانوية وجدنا أن ما بين ١٣ الى ٤٥ ٪‏ منهم قالوا أنهم تعرضوا للضرب في المدارس ووجدنا أن ما بين ٢٣ الى ٨٢ ٪‏ قالوا أنهم شاهدوا أحداً ما يُضرب في المدرسة في السنة السابقة. ونحن شاهدنا أن حوادث إطلاق النار التي يسقط فيها  ضحايا من الأطفال تتزايد على مدى السنوات الخمس السابقة.

هذا ما يحدث للأطفال

الأطفال الذين يبلغون عن مستويات عالية من التعرض للعنف كشهود أو ضحايا أبلغوا عن مستويات مرتفعة من الكآبة والغضب والقلق.

دراستنا على الاطفال في المراحل الدراسية ٣ الى ٨ من الذين شاهدوا شخصاً  ما يُضرب او يصفع على وجهه  او يلكم  وجدنا ان ١٢ ٪‏ من هؤلاء الاطفال قد ابلغوا عن مستويات من القلق الذي يحتاج الى علاج وبحالة مماثلة وبعد ٦ أشهر من احداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١ اظهر مسح أجري  على ٨ ألاف طالب من نيويورك من الصف الرابع الى الثاني عشر أن ٣٠٪‏ منهم أبلغوا عن أعراض قلق أو كآبة.

يمكن أن يكون للتعرض للعنف تأثير طويل الأمد. الأطفال قد يفقدون حساسيتهم تجاه العنف وتأثيراته وذالك يبدأ الأطفال بالإعتقاد أن العنف طريقة مقبولة لحل المشاكل وخال من التبعات وقد يعتقدون أن العنف يمكن أن يحدث في أي مكان ولأي شخص في أي زمان، وبالإضافة الى ذلك قد يكون الأطفال هم من يرتكبون العنف ضد الآخرين. فقد بينت دراستنا أن الأطفال الذين شاهدوا أو أصبحوا ضحايا للعنف هم أكثر عنفاً تجاه الآخرين وظهرت عليهم أعراض من مستويات من مشاكل التوتر ما بعد الصدمة.

لقد وجدنا بنحو مستمر العلاقة بين التعرض للعنف وأعراض الصدمات النفسية سواء إستطلعنا الأطفال في المدارس أو الشباب في المجتمع أو الأحداث الذين يتلقون العلاج نتيجة تحويلهم من السجون.

المراهقون الذين تعرضوا الى مستويات عالية من العنف أبلغوا عن مستويات عالية من الغضب والكآبة وكذلك عن رغبتهم في أذية  أنفسهم او الإنتحار بالمقارنة مع المراهقين الذين تعرضوا لمستويات أقل من العنف.

مشاهدة  وسائل الاعلام    

دراسات حديثة أكدت أن التعرض بالمستوى العالي للعنف التلفزيوني للأطفال والمراهقين له علاقة بمستويات عالية من العدوانية والسلوك العنفي وقد ينتهي بإنخفاظ في العاطفة والرحمة بالآخرين عند الاطفال.

الأطفال الذين تعرضوا للعنف سواء أكان من التلفزيون أو الإنترنت أو السينما أو ألعاب الفيديو يمكن أن يأتو الى عالم مخيف وغير آمن وليس بمقدورهم أن يفعلوا الكثير لحماية أنفسهم من الأذى وخاصة للأطفال من هم تحت السادسة من العمر الذين لا يفرقون بين الحقيقة والخيال.

التعرض للعنف قد يضر بالنمو العاطفي والعقلي للأطفال الصغار والمراهقين إذ أن الأطفال في ذالك العمر لا يستطيعون معالجة ما يرونه أو يسمعونه بفعالية وقد يرجع هذا جزئيا الى أن التعرض للعنف المزمن قد يؤثر على الدماغ. الجزء الأمامي من الدماغ هو آخر ما يتطور عند المراهقين وهذا الجزء يدعى ب قشرة الفص الجبهي وهو المسؤول عن معالجة المعلومات ومراقبة البديهة والمنطق. المراهقون الذين يتعرضون للعنف من خلال ألعاب الفيديو العنفية سجلوا نشاطاً أقل في هذا الجزء من الدماغ تاركاً إياهم عرضة لوجود مصاعب عندهم في حل المشاكل والسيطرة على مشاعرهم.

ماذا يستطيع الوالدان فعله

للوالدين دور مهم. معرفتهم بمكان تواجد أطفالهم وما يفعلوه ومع من تكمن أحد أحسن الطرق في مساعدة الأطفال لتحسين قدراتهم للتعاطي مع ما يحدث من حولهم، والشيء نفسه صحيح مع المراهقين. أحيانا قد يُعتقد أن الأطفال وصلوا الى عمر المراهقة وأنهم يحتاجون الى دعم ومراقبة أقل حين يقضون وقتهم مع أقرانهم. هذه ليست المسألة، المراهقون لديهم أكبر فرصة للدخول على مواقع الإتصال الإجتماعية والمخدرات والكحوليات مقرونة مع أن جزء الدماغ المسؤول عن القدرة على حل المشاكل والسيطرة على البديهيات لم يتطور بالكامل بعد.

أولياء الأمور هم من أول من يدرك أن أطفالهم يعانون من مشاكل صحة ذهنية وسلوكية ويدركون كذلك أنهم هم أفضل من يقدم لأطفالهم الدعم الأولي في أي وقت وفي أي حالة يحتاج إليها أطفالهم.

المصدر:

Here’s how witnessing violence harms children’s mental health
March 28, 2016
https://theconversation.com/heres-how-witnessing-violence-harms-childrens-mental-health-53321?utm_medium=email&utm_campaign=How%20virtual%20reality%20could%20change%20the%20world%20vs%20Virtual%20Reality%20and%20athletes&utm_content=How%20virtual%20reality%20could%20change%20the%20world%20vs%20Virtual%20Reality%20and%20athletes+Version+A+CID_d311138df3be3c6eb8f82a645e4485a1&utm_source=campaign_monitor_us&utm_term=Heres%20how%20witnessing%20violence%20harms%20childrens%20mental%20health

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *