الأستاذ عدنان أحمد الحاجي

توصل باحثان إلى أن تفهم وقبول التوترات بين الثقافات والاختلافات الثقافية بين أعضاء الفريق يزيد من التبادل المسهب للمعارف ووجهات النظر بينهم مما يمكّنهم من التوصل إلى حلول ابداعية قابلة للتنفيذ – ترجمة عدنان أحمد الحاجي

Researchers Find Understanding and Embracing Intercultural Tensions and Differences in Teams Increases Information Elaboration and Creativity
(معهد جورجيا للتكنولوجيا – Georgia Institute of Technology)

[مراجعه الترجمة: الدكتور عبد الجليل عبد الله الخليفة] 

أعضاء الفريق الذين يقبلون التنوع في الوقت الذي يسلمون فيه بالاختلافات الثقافية بينهم هم أكثر نجاحًا في بناء فريق متنوع وظيفيًا، يبدي أعضاؤه تعاونًا فيما بينهم ويتبادلون بإسهاب المعارف ووجهات النظر الواسعة النطاق بينهم مما يمكّنهم من التوصل إلى حلول قابلة للتنفيذ للمشاكل المعقدة.

“العمل بروح الفريق الواحد يحقق الحلم.” إنها عبارة شائعة تستخدم لوصف مزايا العمل ضمن الفريق لإنجاز المهام.  عندما تطبق هذه المزايا بنجاح، بإمكان الابداع والتعاون مع زملاء العمل أن يؤديا إلى نتائج تفوق نتائج عمل موظف بمفرده.

في الماضي، كانت فرق العمل في الغالب متجانسة لأن هذا ما كانت عليه معظم الشركات في الولايات المتحدة. لكن في هذا الزمن، أصبحت فرق العمل أكثر تنوعًا [من الناحية الوظيفية والثقافية والعرقية]، وبإمكان الشركات أن تجني الفوائد التي يجلبها الموظفون من أعراق وثقافات مختلفة إلى الطاولة.

لكن ليست كل فرق العمل متعاونة إلى حد ما بسبب تركيبتها المتكونة من أفراد جاءوا من خلفيات ثقافية متعددة.  في الواقع ، قد تؤدي هذه الاختلافات الثقافية إلى توتر وعدم قدرة على رؤية الجانب الآخر ، مما يخلق حواجز لولاها لتمكن أعضاء الفريق من تعزيز الإبداع والتبادل المسهب للمعارف الواسعة النطاق بينهم مما يمكّنهم من التوصل إلى حلول قابلة للتنفيذ للمشاكل المعقدة.

هي عبارة عن عملية تعبير عن معارف كل منهم بطريقة شفهية وتبادل المعلومات ووجهات النظر والتوسع في هذه الأفكار.  من ناحية أخرى، لو قلل الفريق من أهمية هذه الاختلافات، فقد يؤدي ذلك إلى كبح الحوار البناء بين الأعضاء وبالتالي الحد من التوصل إلى حلول إبداعية.

كيف يتحد أعضاء فريق من خلفيات ثقافية متباينة معًا وذلك باستخدام اختلافاتهم الثقافية لصالحهم بدلاً من أن يتركوها تمنع تبادل المعارف والأفكار ووجهات النظر بينهم، والتي بالنتيجة تقف عائقًا أمام الحلول الإبداعية؟

هذا كان سؤالًا طرحه الباحثان كريستينا شالي (Christina Shalley) وبيير فيتوريو مانوتشي (Pier Vittorio Mannucci) في ورقتهما “قبول التوترات متعددة الثقافات: كيف تعزز مفارقة ذهنيات أعضاء فريق عمل متعدد الثقافات والتبادل المسهب للمعارف ووجهات النظر بينهم مما يمكّنهم من التوصل إلى حلول ابداعية قابلة للتنفيذ لمشاكل معقدة” الذي نشراه في مجلة (Organizational Behavior and Human Decision Process)، في نوفمبر 2022 (1).

مفارقة الذهنية متعددة الثقافات

وفقًا لشالي، الأستاذة المشاركة للسلوك التنظيمي(2) في كلية شيلر للأعمال في معهد جورجيا تك، الفريق يتطلب عضوًا (أو أكثر) يمتلك مفارقة الذهنية متعددة الثقافات (MPM) لتوجيه أعضاء الفريق الآخرين نحو النجاح الإبداعي.

يعرّف الباحثون مفارقة الذهنية متعددة الثقافات (MPM) على أنها “المدى الذي يقبل فيه عضو الفريق التوترات بين الثقافات ويكون مُحفزًا بها وذلك بإبراز الاختلافات الثقافية وإيجاد أرضية مشتركة”. توصلت تحليلاتهما إلى أن أعضاء الفريق الذين يمتلكون مستوى مرتفع من مفارقة الذهنية متعددة الثقافات يمكنهم قبول هذه الأفكار المتضاربة وتبنيها بشكل إيجابي للتأثير في سلوك أعضاء الفريق الآخرين.

“يتمتع الفريق المتنوع [وظيفيًا وثقافيًا وعرقيًا] بإمكانية أن يكون أفضل في تبادل المعارف ووجهات النظر بينهم مما يمكّنهم من التوصل إلى حلول ابداعية قابلة للتنفيذ، مما لا يتمتع به فريق غير متنوع الثقافات.  ومع ذلك، هذه الإمكانيات تحتاج إلى أن تُطلق.  وجود عضو يمتلك مستوى مرتفع من مفارقة الذهنية متعددة الثقافات هو أحد السبل لتحقيق الابداع ضمن فريق متعدد الثقافات،” كما أوضحت شالي.

هؤلاء الأعضاء، بدلاً من أن يتجاهلوا الاختلافات بينهم، أو كما سماها الباحثان، يأخذون الاختلافات الثقافية في الاعتبار ويتفهمون تلك الاختلافات(4) ، ويقبلونها ويشجعون أعضاء الفريق الآخرين على التعبير عن أنفسهم ووجهات نظرهم، فهذا من شأنه أن يضيف قيمة كبيرة للعملية الإبداعية.

اختبار نظريتهما

لاختبار نظريتهما في وجود مزايا لمفارقة الذهنية متعددة الثقافات (MPM)، اختار الباحثان 217 مشاركًا ووزعوهما إلى 63 فريقًا متنوعًا.  قامت شالي ومانوتشي بتوزيع فرق العمل إلى “مجموعات” لا بحسب مواقع جغرافية للتأكد من أن فرق العمل تستوفي شروط التنوع الثقافي.  على سبيل المثال، وضع الباحثان شخصًا من إسبانيا مع شخص آخر من الصين بدل أن يضعا شخصًا من إسبانيا وشخصًا من فرنسا معًا.

وقدما لفرق العمل سيناريو موظفة أُتيحت لها إمكانية العمل من البيت حتى  تساعد أمها المسنة. [المترجم: يبدو أن الغرض من هذا السيناريو هو ادخال عامل العرف الثقافي لأحد أعضاء الفريق وتأثيره في عمل ونجاح فريق العمل]. هذه الامكانية أصبحت مشكلة عندما رغب موظفون آخرون في إعطائهم نفس الفرصة.  كُلف كل فريق بإيجاد حلول إبداعية [أي لابد أن تكون مستجدة ونافعة] لإرسالها إلى الموارد البشرية بناءً على المعلومات المتاحة.  سمح لكل عضو لو رغب بمشاركة أعرافه وقيمه الثقافية مع أعضاء الفريق وذلك لاثارة أحد عوامل التوترات الثقافية والذي هو أحد أهم جوانب التعامل مع الاختلافات الثقافية والعلاقة بين الثقافات.

“وجدنا أن هذه المهمة مناسبة تمامًا لدراسة تركز على فرق عمل متنوعة ثقافيًا بسبب الاختلافات العميقة بين الثقافات من حيث وجهات نظر الأعضاء بشأن التوازن بين العمل والحياة العائلية والعمل عن بُعد، وبشأن كيفية رعاية أفراد الأسرة والاعتناء بكبار السن وإجمالي سياسات وممارسات الموارد البشرية،” كما كتبت شالي.

وضع الباحثان في الاعتبار العديد من المتغيرات، بما فيها طريقة تعريف الإبداع بين الأفراد، والتنوع بين الجنسين، وبين أولئك الذين عاشوا في الخارج، مما قد أثر في تجاربهم وتسامحهم مع الثقافات المختلفة.

بالإضافة إلى ذلك، أخذ فريق العمل في الاعتبار أعضاء الفريق الذين جاؤوا من دول ذات ثقافة “متشددة”.  يميل هؤلاء الأفراد إلى أن يكونوا أكثر حذراً من القيم ووجهات النظر المختلفة وقد لا يكونون مرتاحين للتعبير عن أفكارهم الإبداعية.  هذا يختلف عن مجموعة ثانية أخذتها شالي وزميلها في الاعتبار بكونها جاءت من ثقافة “متساهلة”. “هؤلاء الأفراد يميلون إلى الاندماج بسهولة أكثر في الفريق ، مما قد يؤدي إلى مزيد من أعضاء الفريق الذين يمتلكون مفارقة ذهنية،متعددة الثقافات.

كما عبرت شالي، “على القادة أن يضعوا في الاعتبار من يمتلك مفارقة ذهنية متعددة الثقافات عند عملهم على تكوين فريق متعدد الثقافات. بدون عضو (أو أكثر) يمتلك مفارقة ذهنية متعددة الثقافات، فإن احتمال عدم إطلاق الإمكانات الإبداعية لفريق متعدد الثقافات احتمال مرتفع جدًا”. كما أشارت شالي.

مصادر من داخل وخارج النص:
1- https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S0749597814000259
2- https://www.researchgate.net/publication/364122100_Embracing_multicultural_tensions_How_team_members’_multicultural_paradox_mindsets_foster_team_information_elaboration_and_creativity
3- “السلوك التنظيمي هو دراسة السلوك البشري كفرد ضمن شركة، وذلك من حيث المشاعر والأفكار والاعتبارات والتعامل مع الأشخاص الآخرين فيه”  مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/سلوك_تنظيمي
4- https://www.continued.com/social-work/ask-the-experts/what-is-cultural-blindness-53

المصدر الرئيس:

https://news.gatech.edu/news/2023/02/02/researchers-find-understanding-and-embracing-intercultural-tensions-and-differences

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *