أثر الاقتصاد في ملامح الشخصية القطيفية (الجزء الثاني) – بقلم المهندس علي عبد المحسن الجشي

 الماء والتربة في القطيف – القوة البدنية – الطبقية – البيئة الزراعية – البيئة البحرية

  1. الماء والتربة

تقع القطيف في الطرف الشرقي للرصيف الرسوبي لشبه الجزيرة العربية. وتتكون الطبقات السطحية والقريبة من السطح في منطقة القطيف من رسوبيات فتاتية وجيرية ومتبخرات منذ عصر الايوسين قبل 50 مليون سنة وحتى البليستوسين قبل حوالي 11 ألف سنة حيث انتهى فيه آخر عصر جليدي.

الماء هو الحياة ويلامس كل جانب من جوانب التنمية تقريبًا (وخلقنا من الماء كل شيء حي). وجود الماء بوفرة يحقق أهداف التنمية المستدامة للمجتمعات، وتربة القطيف تربة زراعية خصبة. فالماء والتربة من أهم المواد الخام الطبيعية الرئيسية التي توفرت لدعم اقتصاد القطيف على مر السنين. لا غنى عن الماء للوجود البشري، فبالإضافة لكونه المصدر الرئيسي للترطيب وإبقاء الكائن الحي على قيد الحياة فهو ضروري لزراعة الأغذية والاستحمام والتصنيع. ويمكن القول أن وفرة المياه في القطيف هي أهم عنصر في اساس تكوينها وإعطائها سماتها التي تميزت بها.

عين الخميسية أحد عيون القطيف القديمة – تصوير الباحث الغريافي

على مر السنين بقيت القطيف محظوظة وذات اهمية اقتصادية رفيعة المستوى وعالية المكانة وعظيمة الشأن بسبب وفرة الماء بشكل قل إن تجد له نظير في المناطق الصحراوية مما جعل منها واحة غناء على ضفاف ساحل الخليج العربي. والطبيعة البيئية جعلت من القطيف منطقة ريفية في الأغلب الأعم بل هو الطابع العام الأول الذي يميزها وينعكس على شخصية انسانها. حيث يكون الريف سبب في الاتصال بالطبيعة الجميلة مما ينعكس في هدوء الشخصية الريفية وتعزيز العلاقات الشخصية بين افراد المجتمع، وربما نلحظ الميل للاهتمام بتطويد العلاقات الشخصية والاهتمام بتحسين صورة الفرد في المجتمع القطيفي ولو على حساب الرغبات والميول والمنافع الفردية.

انحسار مستوى الماء في عين العودة بتاروت – تصوير المؤرخ اسماعيل هجلس

ومع بزوغ فجر النفط انحسر هذا الفيض من نعمة الماء وتدنت جودته المناسبة للاستخدام البشري في هذه المنطقة من البلاد، وذلك لعدة اسباب تعرض لها الباحثون. هذا بالطبع أدى الى انحسار الرقعة الخضراء والتصحر وطغيان خرسانات البناء، مما أثر بدوره في الشخصية القطيفية التي اصبحت اكثر فردانية، فالمجتمع الريفي مجتمع جماعي أما المجتمع المدني الصناعي فيميل الى النزعة الفردية.

  1. القوة البدنية

العمل في الزراعة، وكذلك ركوب البحر للعمل في الغوص وصيد الأسماك، وكذا العمل الحرفي والاشتغال في الصناعات، اعمال شاقة ومضنية وتحتاج الى جلد وقوة بدنية عظيمة ، وهذا ما يتمتع به الفلاح والإنسان القطيفي بشكل عام ليتلاءم مع صعوبة المكان والظروف المناخية ، فمناخ القطيف قاري حار جاف ترتفع فيه الرطوبة خلال شهور الصيف الى درجات عالية تجعل الحياة غير مريحة، أما الشتاء فيكون بارد ولطيف في معظم ايامه.

ولذلك، نحن نلحظ ابداع اهل القطيف واستحواذهم بنسبة كبيرة في حصد الميداليات الرياضية في العاب القوى بشكل واضح، لما يتمتعون به من قوة بدنية مميزة.  كان الفلاحون ونساؤهم واولادهم يتمتعون ببنية قوية فهم بالإضافة الى العمل اليومي المستمر في المزارع يمشون مسافات طويلة، إذ لم تكن وسائل المواصلات متوفرة وميسرة، مما اكسبهم لياقة عالية بعكس المُلاك واولادهم الذين تعودوا على الرفاهية والكسل مما أفقد الكثير منهم صفة القوة الجسمانية المتميزة وقوة التحمل، والصبر على الصعوبات.

اليوم، تنتشر الصالات الرياضية في القطيف بشكل ملفت ونرى اقبال شديد عليها خاصة من قبل الشباب، كما انتشرت في القطيف الصالات الرياضية النسائية لتساهم في تعزيز النشاط البدني الذي فُقد نتيجة تغير نمط الحياة وقلة حركة الانسان في اداء الاعمال نتيجة لاستبدال العمل اليدوي بالمكننة والالكترونيات.

للنشاط البدني تأثير تنبؤي إيجابي كبير على تطور سمات الشخصية مثل العصابية والوعي والموائمة وقبول الآخر، وتؤثر التمارين البدنية على عصابية المراهقين وضميرهم وميولهم. تقول إحدى النظريات إن شخصياتهم تطورت استجابة لقدراتهم وصفاتهم الجسدية. وتعرف هذه النظرية باسم “التكيف الاختياري للشخصية” وهي نظرية تشير إلى أن شخصياتنا تتطور بطريقة تناسب على أكمل وجه خريطتنا الجينية، بما في ذلك الحجم والقوة والجاذبية.

وبناء على نظرية النشوء والارتقاء، من المفهوم والمقبول استراتيجيا أن يغتنم الأشخاص الذين يتمتعون بقدرات جسدية أكثر من الآخرين هذه المميزات الجسدية في أن يكونوا أكثر انبساطا وانفتاحا من الوجهة الاجتماعية.  وخلصت دراسة أجرتها جامعة “غوتينغين” الألمانية إلى أنه من بين 200 رجل، تبين أن الأقوى جسديا وعضليا ومن يتمتعون بصدر عريض وعضلات ذراع هم الفئة الأكثر انفتاحا على الأرجح، لاسيما من حيث الإقدام والثقة بالنفس والنشاط الجسدي.

فلو كان الفرد ضعيفا من الناحية الجسدية، فقد يؤدي ذلك إلى تحليه بالحذر والتردد عند مواجهة المخاطر لإطالة العمر على الأرجح، على نقيض إن كان الفرد قويا من الناحية الجسدية، فذلك يدفعه إلى المجازفة. ويوجد تشابه مثير للاهتمام بين هذه الأفكار في أوساط العلماء الذي يعملون في مجال علم البيئة (الأيكولوجي) السلوكي الذين يدرسون ويجرون تجارب على الحيوانات. فقد لاحظ هؤلاء العلماء كيف أن السمات الشخصية للحيوان (وخاصة ميله إلى الإقدام أو الوجل)، مثل حالة الكثير من الكائنات الحية، تتفاوت بطريقة تتكيف استجابة لحالته الجسدية.

وأظهرت دراسة، على سبيل المثال، أن العناكب القفازة الأكبر حجما كانت أكثر جرأة وإقداما مقارنة بمثيلاتها الأصغر حجما عند مواجهة خصم أو قاتل محتمل لها. “تظهر النتائج أن قدرا كبيرا من التفاوت الشخصي في الانفتاح اجتماعيا يمكن التنبؤ به من خلال القوة الجسدية والجاذبية الجسدية”. وعزز ذلك فكرة أن الصفات الجسدية تزيد من الانبساط الاجتماعي للآخرين، وليس التأثيرات الجينية المشتركة هي التي تقف وراء العلاقة بين الجسم والشخصية.

ومن امثلة مظاهر القوة البدنية في المجتمع القطيفي:
١- الحمالة. قبل استخدام الات الرفع والحمل فيما مضى، كانت اعمال نقل البضائع تعتمد على الحمالية. وامتاز الحمالية الذين كانوا يعملون في السوق بقوة بدنية خارقة فيحملون مالا تتخيل ان في الاستطاعة حمله. حتى ان فرقة منهم كانوا يعملون بشكل جماعي وبسبب سرعتهم في انجاز الأعمال وطبيعة العمل الذي يقومون به أطلق الناس عليهم فرقة الصاعقة واصبح هذا المسمى عنوان لهم ومضرب مثل في القوة البدنية لإنجاز الأعمال.

٢-الغوص. وتشمل هذه المهنة صنفين من العمل. الأول هو الغوص لتنظيف عيون المياه العميقة التي قارب عددها ٥٠٠ عين، على ما يذكر، وهذه العيون دائرية وتتراوح اقطارها ما بين الخمسة امتار كحمام ابو لوزة الى عشرين متر كما في عين الوسايع التي كانت تقع خلف جبل الحريف بالقطيف. هذه العيون كانت تحتاج الى صيانة لضمان استمرارية تدفق المياة.

عين صبيغاوي – تصوير الفنان محمد الخراري

هذه العيون واسعة في الأعلى وتضيق كلما عمقت لتصبح على شكل فتحة محفورة في خزان المياه الجوفي على عمق امتار عديدة. ولأن هذه العيون مفتوحة ولطبيعة مناخ المنطقة الذي يمتاز برياح موسمية تنقل الرمل والغبار فلا تسلم هذه العيون من تراكم هذه الرمال والاتربة فيها. كم ان سقوط اشياء صلبة فيها امر طبيعي، وكذلك استمرار الحاجة الى صيانة بنائها. هذا الوضوع يحتم وجود غواصين محترفين لهم قوة بدنية فائقة لتحمل الغوص لمدد طويلة وفي اعماق ضيقة. اما النوع الثاني من انواع الغوص فهو الغوص في الخليج لاستخراج اللؤلؤ.

٣- ركوب النخلة. ركوب النخلة يحتاج الى قوة ورشاقة. فالنخيل في القطيف تمتاز بارتفاعات عالية وكثرة الثمر فيها ، وهذا ما يحتاج الى قوة بدنية للعمل فيها.

  1. الطبقية

كانت الطبقية في المجتمع القطيفي فيما مضى من الزمان وإلى وقت قريب واضحة، ولكن وضعها تغير وأخذ منحنى حاد في الانحدار حتى اختفت تمامًا أو كادت تختفي وإن بقيت خباياها في بعض النفوس التي عاشت مرحلة التحول اما في الوقت الحالي فمسببات خلق الطبقية تلاشت بسبب تغير الاوضاع – والتغيير من سنن الحياة – وتبعًا لتلاشي مسبباتها تلاشت الطبقية من الواقع الاجتماعي الفعلي للمنطقة، ويمكن اعتبار الزواج بين مختلف العائلات من المؤشرات الدقيقة لمعرفة مستوى تأثير الطبقية في المجتمع.

ولا يخلو مجتمع من فوارق طبقية، وهي على كل حال نسبية، والا “كلنا من آدم وآدم من تراب” والناس “اما اخًا لك في الدين أو نظير لك في الخلق” وكل إنسان على هذه الأرض مكرم “ولقد كرمنا بني آدم” و “لا فرق بين عربي ولا عجمي الا بالتقوى” و “أن الإنسان ليطغى” ، فالطبقية رغبة انسانية طبيعية في الإنسان وأن خبت ولم يرغب في ظهورها ، والتمايز بين بني البشر سيبقى مستمر ، يقول أبو العلاء المعري: فالناس للناس من بدوٍ وحاضرة @@@ بعض لبعضِ وأن لم يشعروا خدمُ.

وكان التزاوج بين اقوام المجتمع اوضح انواع التمايز الطبقي. ومن الملاحظ ان الزيجات كانت تنحصر في نفس العائلة او العشيرة او تلك التي تكون لها جذور متماثلة أو متشابهة أو سبق لها وأن تصاهرت وأن الزيجات عادة تكون في نفس المحلة أو القرية لكن التزاوج بين العائلات من بلدات المنطقة موجود ولكن قليل بالنسبة للزواج من نفس المحلة وهذا ربما يعود الى التعارف او الرغبة في الاستقرار وعدم التنقل لصعوبة المواصلات حينها. كما أن كانت هناك رغبة عند الأوليين في التصاهر مع السادة وهم الذين ينتسبون لآل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

  1. البيئة الزراعية

ترافق مع نعمة وجود الماء بغزارة في واحة القطيف توفر الأرض الخصبة الصالحة للزراعة التي كانت العصب الأهم للاقتصاد القطيفي، وبالتحديد النخلة ومنتجاتها. كما أن المنتجات الزراعية الأخرى عديدة وكثيرة وذات قيمة اقتصادية وغذائية وعلاجية كبيرة وإن كانت في اغلبها موسمية ومن ذلك: الليمون الأخضر ذو الحجم الصغير ويسمى محليًا اللومي القطيفي. وهو ذو مذاق مميز فريد ويستخدم في العصر على اطباق المائدة وعمل العصير وبعض العلاجات كإضافة بعض الملح له لعمل محلول لعلاج بعض الآم البطن.

وربما يعد الليمون الأكثر أهمية في المنتجات الزراعية بعد أنتاج الرطب، ومع الليمون تشتهر القطيف بإنتاج الترنج أو الرارنج وهو نوع من الحمضيات يؤكل مثل الكريب فروت ويستخدم لعمل المربى وهو ذو طعم لذيذ. وهناك الموز القطيفي وهو يشبه الموز الأسيوي وله مذاق لذيذ يميل الى الحموضة؛ والتوت الأحمر؛ والكعك؛ والكنار وهو يشبه التفاح ولكن بحجم صغير؛ والبوبي؛ والرمان؛ والبطيخ الأصفر المدور وما استطال منه يسمى جراميز.

أضف الى ذلك منتجات الخضروات الكثيرة ومنها الطماطم والطروح والرويد (الكراث) والبقل والكرفس. كما أن زراعة البرسيم ويسمى في اللهجة المحلية “قت” من الزراعات المهمة وهو يستخدم بشكل اساسي في غذاء الماشية من ابقار وغنم وماعز والتي كان يعتمد عليه اعتمادًا رئيسيًا في توفير اللحوم والحليب ومشتقاته من البان وزبدة وقشطة. يؤدي تغذية الأنعام والمواشي بالبرسيم الى تحسين نوعية لحومها والبانها. كما يمكن أن يساعد البرسيم في علاج غثيان الصباح وحصوات الكلى. وكانت الابقار تربى في حضائر تسمى زرائب (مفردها زريبة) وتربية الأبقار تحتاج الى جهد أكثر من تربية الأغنام والماعز التي كانت تربى في المزارع والبيوت إضافة الى تربية الدجاج بكثرة لإنتاج البيض وكذلك لحوم الدواجن.

فالشخصية القطيفية شخصية عاملة مثابرة تحب العمل والإنتاج. والعمل في المزارع يحتاج الى علم بفنون الزراعة وحرفية ماهرة. لم تكن علوم وفنون الزراعة حينئذ في (كتب اختصاص) متوفرة لدى الفلاحين ولا في اكاديميات ولم يكن هناك مرشدين زراعيين رسميين لكن الفلاح ابن الفلاح قد ورث هذه العلوم شفاهية وتعلم المهارات بالتعلم الميداني والممارسة (hand on experience) التي اكسبته العلم والخبرة في مجال الفلاحة وتربية الماشية، فركوب النخلة فن، وتوليد الأبقار، والمواشي علم وفن. كل هذه المتطلبات كان يتمتع بها الفلاح القطيفي مما اكسبته القدرة في المساهمة بالنمو الزراعي في البلاد لأن خبرته اصبحت محل تقدير المسئولين.

إن المعرفة أو المهارة التي يحصل عليها شخص ما من القيام بشيء ما بدلاً من مجرد القراءة عنه أو رؤيته ربما تكون معادلة لاكتساب المعرفة عن طريق الدراسة الأكاديمية. في عام 1962م تم إنشاء محطة تجارب زراعية في القطيف بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة الدولية حسب اتفاقية وقعتها حكومة المملكة العربية السعودية لرفع مستوى الإنتاج الزراعي عن طريق تحسين مختلف أنواع المحاصيل الزراعية وتنمية الثروة الحيوانية، وذلك بإجراء تجارب عديدة بحثاً عن الاصناف الأكثر جودة والأوفر إنتاجاً بالإضافة إلى دراسة التربة ومعالجتها ومعرفة الطفيليات وفعاليات المبيدات الحشرية وتحسين وسائل الري والصرف ودراسة المشاكل الزراعية وإدخال الخبرة الحديثة والتركيز على المحاصيل ذات الأهمية كالخضار والفاكهة وتدريب المزارعين.

وقبل ذلك قامت الحكومة بإنشاء مصارف زراعية لتصريف المياه الزائدة في التربة بقصد خفض الأملاح التي تتراكم في الأراضي الزراعية وتؤدي إلى معاناة المزارعين والحد من الإنتاج الزراعي.

تصوير محمد مرزوق آل غزوي

للزراعة تأثير إيجابي على المجتمع لأنه يعزز الشعور بالعمل الجاد والعمل الجماعي. في المجتمع الريفي عادة ما تكون هناك سمتان بارزتان للشخصية، هما الإيجابية والاجتهاد. بينما تتسم الشخصية التي تعيش في مجتمع كبير من خلال ما يطلق عليه، “الخمسة الكبار” وهي: الانفتاح والضمير الحي والانبساط والقبول والعصبية. وتؤثر الزراعة التي تشمل المحاصيل والثروة الحيوانية على حياتنا، وهي مسؤولة عن إنتاج طعامنا.

وبالإضافة الى تأثيرها على الاقتصاد حيث تساهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي للبلد، توفر وظائف لإنتاجها وتصنيعها وتسويقها وبيعها ونقلها ويساهم القطاع الزراعي على تلبية العرض والطلب على المواد الغذائية والمنتجات الأخرى، فهو يساعد على إبقاء الأسعار منخفضة بالنسبة للمستهلك.، فالقطاع الزراعي مهم لرخاء المجتمع ونموه وصحته والتي يكون الغذاء عصبها. فالفواكه والخضروات تلعب دورًا رئيسيًا في النظم الغذائية الصحية، والبرسيم الذي يزرع في القطيف بسهولة غني بالمعادن والمغذيات، وغالبًا ما يتم إطعام هذا النبات للماشية فيحسن من نوعية لحمها ولبنها.

  1. البيئة البحرية

بعد الزراعة، يأتي يعتبر البحر ثاني أكبر رافد اقتصادي للقطيف. نظراً لمجاورة البحر، من الطبيعي أن يمارس أهل القطيف العمل فيه فاحترف بعض الأهالي مهنة صيد الأسماك واستخراج اللؤلؤ.

تصوير محمد مرزوق آل غزوي

تقع القطيف على ساحل الخليج العربي في منطقة جغرافية جميلة وهادئة فهي تقع في خليج داخل خليج مما يكسر حدة الموج واضطراب البحر فيجعلها منطقة مثالية نموذجية لتكاثر الأسماك.  أضف الى ذلك عوامل أخرى مهمة كالتربة التي تتكون منها ارضية البحر (seabed) والتي تساعد على احتضان بيض السمك وتكاثره وكذلك تكاثر الربيان في بيئة ملائمة وبطريقة طبيعية كما أن كثرة المياه الجوفية في الواحة والتي ينتهي بها المصب في الساحل البحري تساهم في جلب الغذاء النباتي معها مما يوفر غذاء طيب للأسماك ومراعي مناسبة تتكاثر فيها مما ينتج عنه انتاج اسماك لها مذاق مميز ولحم طيب والأهم إن هذه المصبات تساهم في نمو شجر القرم أو المانجروف الذي يوفر بيئة ملائمة لتكاثر السمك والربيان،

وبالتالي توفير غذاء صحي ومغذي يكون في متناول اليد وممكن الحصول عليه بسهولة ومجهود يسير.  فالقطيف تنعمُ بالمنتوجات البحرية من الأسماك والربيان والتي تعتبر من أجود وأفضل المأكولات البحرية في العالم.

كما أن تجارة اللؤلؤ في مواسمها كانت تجارة رائدة وسببًا رئيس في تكوين ثروات كثير من افراد المجتمع. وكَانَت القطيف مَعرُوفَة بِتِجَارَة الّلُؤلُؤ واستِخرَاجِه قَبلَ اختِرَاع اليَابَانِيَّين الّلُؤلُؤ الصِّنَاعِي فِي بِدَايَاتِ القَرنِ العِشرِين.

إن موقع القطيف على الساحل البحري واحتضانها لواحد من أهم الموانئ البحرية على ساحل الخليج العربي في ذلك الوقت جعل منها مجتمع منفتح على العالم إذ كانت له علاقات تجارية مع امارات الخليج الأخرى والبصرة والهند فالشخصية القطيفية شخصية منفتحة على الآخر وليست شخصية منغلقة على ذاتها.

قريبا…. أثر الاقتصاد في ملامح الشخصية القطيفية (الجزء الثالث) ، وسيتحدث عن الحرف المهنية في القطيف – المنتجات الحرفية والصناعية – التجارة – سوق الخميس ….

تعليق واحد

  1. علي حسن المسعود

    مما لا شك فيه ان موقع اي منطقه يحدد الى حد كبير نوع النشاط الذي يمارسه ذلك المجتمع لذلك تسليط الضوء على تاريخ المنطقه تجاريا يعد حافز لاعادة الدور الذي كان لاهل القطيف يقومون به في الوطن الحبيب….تسلم ابو حسن ابدعت كالعاده في اضفاء فكرنا وانعاشه بذكريات نفتخر بها….يعطيك الله العافيه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *