مصدر الصورة: raisingchildren.net.au

كيف تحث طفل ما قبل المدرسة على أن يكون أكثر عدلًا وإنصافًا، من منظور علمي – ترجمة عدنان أحمد الحاجي 

How to Encourage Preschoolers to Be More Fair, According to Science
   (Robin Smit –  بقلم: روبن سميت)

مقدمة الدكتورة أسيل الشوارب، أستاذ مشارك في الطفولة والنمو، جامعة البترا، المملكة الأردنية الهاشمية:

درس لورنس كولبرج (Lawrence Kohlberg) تطور الحكم الأخلاقي والشعور بالعدالة لدى الافراد.  واستند إلى أن تطور الحكم الاخلاقي عملية معرفية بحتة تسمح لنا بالتأمل في قيمنا وتنظيم علاقاتنا الاجتماعية والاقتصادية وأخذ الدور، ووضع أنفسنا مكان الآخر لحل المعضلات والنزاعات التي نتعرض لها طوال حياتنا.  وأننا جميعا نجتاز وبنفس الترتيب سلسلة من مراحل تطور الأخلاق في ثلاث مستويات. كل مستوى يتكون من مرحلتين فرعيتين.  والطريقة المستخدمة لمعرفة المستوى هو اجراء مقابلة مع الشخص تعرض لمعضلة أخلاقية.

ويرتبط المستوى الأخلاقي بالمستوى المعرفي لدى الافراد ارتباطًا طرديًا ومتسلسلًا.  وهذه المستويات هي ما قبل التقليدية (ما قبل العرف والقانون) والتقليدية (اخلاقيات العرف والقانون) وما بعد التقليدية (ما بعد العرف والقانون) وهكذا يتم الانتقال من مستوى إلى مستوى خلال عملية تعليمية لا رجعة فيها حيث لا يمكن إلا التقدم إلى الأمام لاكتساب وتطوير القيم الأخلاقية.

( البحث المترجم )

“لكن هذا اجحاف [خلاف المساواة]!” لو كنت ولي أمر أو معلمًا / معلمةً، فمن المحتمل أنك قد سمعت بهذه العبارة مرارًا وتكرارًا.

 [المترجم: المساواة أو تكافؤ الفرص – أو المعنى اللغوي لا الاصطلاحي للإنصاف (fairness)، حسب التعريف هي معاملة الناس بصورة متساوية بلا محاباة أو تمييز بينهم.  لكن قد يذهب آخرون إلى معاني أخرى ومن ضمنها العدل، إلًا أن المقصود هنا هو عدم المساواة أو عدم تكافؤ الفرص]. 

بالنسبة لمعظم الأطفال الصغار، عبارة “مساواة” تعني ببساطة معاملة الجميع بنفس المعاملة.  يبادر الأطفال بالقول بأنه لماذا عليهم أن يذهبوا إلى فراش النوم ليلًا قبل أخوتهم أو أخواتهم ، أو يتحملوا أعمال منزلية أكثر من غيرهم أو عمل واجبات مدرسية في المنزل أكثر من زملائهم في الصف.

لكن مع تقدم الأطفال في السن، يبدأون في إدراك أنه في بعض الأحيان، قد تكون الأمور غير متساوية لكنها عادلة [المترجم: العدل يعني وضع الشيء في موضعه المناسب، ولا يعني المساواة] – خاصة عندما يكون للناس احتياجات أو لديهم ظروف أو يتمتعون بقدرات مختلفة.  حتى بلوغهم عمر الـ 8 إلى 10 سنوات، يبقى معظم الأطفال غير قادرين على التحلي بمثل هذه الكياسة الأخلاقية، ولكن أثبتت دراسة جديدة (1) أن الأطفال يمكنهم الاقتراب من هذه الملكة [التحلي بالكياسة]، بمساعدة مصدر غير متوقع: وهو الخلاف (تباين الآراء). [المصدر غير المتوقع هو أي شخص يخالف الطفل رأيه].

بالنسبة للأطفال في سن ما قبل المدرسة، فإن حوارًا مدته 20 دقيقة مع شخص يختلف معهم في الرأي أو يطلب منهم تبريرًا لأفكارهم يمكن أن يعزز حسابات أخلاقية أكثر دقة بشأن ماذا يعني أن تكون “عادلًا منصفًا”.

هذه هي النتيجة الرئيسة للدراسة الجديدة من جامعة ديوك التي تبحث في كيف يتخلق الأطفال بحسن الأخلاق(2).

اقترح العديد من المنظرين أن تفاعلات / علاقات الطفل مع الآخرين يمكن أن تؤثر في إحساسهم المتزايد بالتمييز بين الصواب والخطأ.  التجارب لتمييز أنواع التفاعلات الأكثر فائدة بشكل دقيق غير موجودة، كما قال المؤلف الأول ليون لي (Leon Li) ، الذي أجرى البحث مع الباحث في علم النفس التنموي مايكل توماسيلو (Michael Tomasello)  كجزء من دراسته لنيل درجة الدكتوراه في علم النفس وعلم الأعصاب في جامعة ديوك.

في الدراسة التي نشرت هذا الصيف في مجلة سيكلوجيا الطفل التجريبية(1) ، طلب الباحثون من 129 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 4 إلى 5 سنوات مناقشة معضلات أخلاقية بسيطة باستخدام دمية ومحاولة اتخاذ قرار هو الأكثر إنصافًا.

في إحدى التجارب على سبيل المثال، طُلب من الأطفال تخيل اثنين من الفتيان / ولدين، أحدهما فاتته وجبة الإفطار، وطلب منهم أن يقرروا كيف يقسمون قطعة بسكويت (كوكيز) بينهم في وقت الفسحة في المدرسة.  في تجربة أخرى، كان السؤال بشأن ما إذا يجب أن تتعرض فتاتان لنفس القدر من المتاعب بسبب رميهما غداء شخص أخر، عندما ظنت إحداهما أنه شيء من القمامة.

بغض النظر عما قرره الطفل، استجابت الدمية بعد ذلك إما بالموافقة أو بعدمها، وطلبت الدمية إما أن يبرر الطفل قراره أو لم تطلب منه ذلك. ثم لاحظ الباحثون كيف أثرت ردود الدمية في تفكير الطفل في التجارب اللاحقة.

وجد باحثو جامعة ديوك أن تعريض الأطفال الصغار لآراء مختلفة أو مطالبتهم بتبرير قراراتهم قد يكون له فوائد مذهلة.

وجد الفريق أن الأطفال الذين واجهوا سابقًا وجهات نظر مختلفة، أو كان عليهم تبرير قراراتهم، كانوا أكثر ميلًا إلى تفضيل الشخص الأكثر استحقاقًا [المترجم: يعني أصبح الأطفال أكثر عدلًا]، ولم يستغرقوا في فكرة  أن “العدل يعني المساواة”.

يحذر ليون لي من أن الاختلاف مع الطفل أو مطالبته بتبرير تصرفه لن يجعله بالضرورة أكثر صدقًا أو اجتهادًا أو كرمًا.

قال ليون لي: “هناك مجالات أخرى من مجالات الأخلاق، لكننا وجدنا ما ذكرناه فقط في العدل”. “من الممكن ألا يكون له تأثير، على سبيل المثال، في الاستبعاد الاجتماعي أو بعض جوانب السلوك الأخلاقي التي لم يدرسها الفريق”.

ولكن عندما يسأله الناس ، “هل هذه هي الطريقة التي أدرِّس بها طفلي حتى يتمتع بمعايير اخلاقية عالية ؟” – على الأقل عندما يتعلق الأمر بالعدل – “الجواب نعم”، رد ليون.

مصادر من داخل وخارج النص:
1- https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S0022096522001230?via%3Dihub
2- https://ar.wikipedia.org/wiki/أخلاق

المصدر الرئيس:
https://researchblog.duke.edu/2022/10/17/how-to-encourage-preschoolers-to-be-more-fair-according-to-science/

الأستاذ عدنان أحمد الحاجي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *