مصدر الصورة: docoic.com

الثقافات العالمية الرئيسية (26) – علي عبد المحسن الجشي

الشخصية اليابانية (3) – الإحراج والأخلاق عند اليابانيين

الإحراج عند اليابانيين

يكره اليابانيون الشعور بالخجل أو الإحراج. بالنسبة لهم، لا يوجد شيء أسوأ من “هاجي اوه ساراسو (“haji o sarasu”) أي “العار علنًا” وهاجي شيرازو (“haji shirazu”) يعني “الشخص الذي لا يعرف العار” والذي يُنظر إليه على أنه ذو مستوى متدني. في اليابان لا يتم توبيخ الأطفال من خلال إخبارهم بأنهم ارتكبوا خطأً بل بإخبارهم أنهم يجعلون الآخرين غاضبين وغير مرتاحين. وإذا استمروا في هذا العمل فإن الناس الآخرين سوف يضحكون عليهم.

فضل الجنود اليابانيون في الحرب العالمية الثانية الموت في ظروف ميؤوس منها على الاستسلام بسبب قوة العار (Taijin) وكيوفوشو (“kyofusho”) وهي حالة عقلية موجودة في اليابان من بالخوف بأن الجسم أو أجزاء من الجسم أو وظائفه تزعج أو تحرج الآخرين.

غالبًا ما يضحك اليابانيون أو يبتسمون عندما يشعرون بالحرج. أحيانًا يضحك الشخص عندما يحدث شيء سيء ويشاركه الآخرون الذين معه بطريقة متعاطفة.

مصدر الصورة: grapee.jp

وجدت دراسة عن الإحراج أجراها باحثا الاتصالات تود إيماهوري (Todd Imahori) وويليام كوباتش (William Cupach) أن اليابانيين أكثر عرضة للإحراج من الأخطاء أمام الأصدقاء والأقارب بينما من المرجح أن يشعر الأمريكيون بالحرج من الحوادث أو انتهاكات القواعد مثل سماع إهانة شخص ما أمام شخص من الغرباء أو المعارف. كان الأمريكيون الذين أحرجوا أكثر ميلًا إلى الفكاهة كطريقة لتخليص أنفسهم بينما يميل اليابانيون إلى الشعور بالخزي والذنب وعدم اليقين والندم والصدمة.

الأخلاق والمنطق في اليابان

يعتبر البعض إن اليابانيين يرون العالم من منظور نظيف وقذر وليس من منظور الخير والشر. في ظل هذا المبنى، لا يوجد فرق كبير بين الأعمال الإجرامية والأفعال الآثمة.

كما ينظر البعض الى اليابانيين على انهم ليسوا منطقيين. حسب قول ليقويست هيديهو كينداجي (Liguist Hideho Kindaichi) من جامعة كيورن (Kyorin) لصحيفة دايلي ياموري (Daily Yomiuri)، “ليس للمنطق أولوية في حياتنا اليومية، من خلال التواصل مع الأشخاص، نحن نجعل مشاعر الناس وعلاقاتهم مستمرة في التعبير عن أنفسهم بشكل منطقي”.

لطالما كانت القيم الكونفوشيوسية أساس نظام التعليم والتربية الأخلاقية. اقترح بعض العلماء أن اليابانيين هم على ما هم عليه لأنهم لم يعتنقوا دومًا القيم الروحية لعصر التنوير التي سارت جنبًا إلى جنب مع التحديث في الغرب. يشعر العديد من الآخرين أن هذا التفسير قد عفا عليه الزمن بشكل ميؤوس منه.

مصدر الصورة: ashita-team.com

تستند الأخلاق اليابانية في نواح كثيرة على الثقة والاحترام المتبادل والتفكير الداخلي. تعني كلمة هانسي (“Hansei”) أو الاستبطان – أو سبر غور (introspection) إن التفكير الداخلي والتقييم الذاتي هو الذي يجعل الياباني يتخذ إجراءات ضد نفسه بعد ارتكاب فعل مؤسف حتى لا يتكرر ما قام به مرة أخرى فهم يقولون: “لا يبكي على اللبن المسكوب”.

وجدت دراسة أن أولياء الأمور ومعلمي الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاثة إلى خمسة أعوام يعتبرون الاستبطان أمرًا حاسمًا “لكي يصبحوا اشخاصًا أخلاقيين”. في المدارس الابتدائية، يعقد المعلمون اجتماع “هانسيوكاي”  ( – 「はんすかい」“hanseukai”) بشكل منتظم للنظر في مشكلة عندما يحدث شيء سيء. يجد بعض اليابانيين أن الاستبطان مزعج لأنه في بعض الأحيان يتم عقد جلسة “هانسي” حتى عندما تسير الأمور بسلاسة.

الإنصاف والمشاعر والبلاغة والصمت

يُنظر إلى الظلم في اليابان من منظور:

  1. زوروي”zurui” ؛ والتي تُترجم أحيانًا على أنها الحصول على ميزة باستخدام وسائل خبيثة أو ماكرة ويمكن تطبيقها على معظم الأشياء؛
  2. فوكوهي”fukohei” ؛ والتي تعني عدم المساواة المؤسساتية مثل التمييز بين الجنسين أو الحرمان الجغرافي.

في دراسة عن الإنصاف والظلم بين الأمريكيين واليابانيين، شعر طلاب الجامعات الأمريكية أنه ليس من العدل أن يكافأ شخص على مبادرة شخصية مثل سؤال مدرس بعد الفصل عما سيكون في الاختبار، بينما يرى طلاب الجامعات اليابانية إنه من غير العدل القول بأن المعلم يجب أن يمنح جميع الطلاب إمكانية الوصول إلى نفس المعلومات. وكان لدى المجموعتين وجهات نظر متشابهة حول فكرة مكافأة الأشخاص ذوي المواهب أو القدرات الخاصة.

مصدر الصورة: meaning-book.com

تعتبر المشاعر ونية الأفعال مهمة بالنسبة لليابانيين. في دراسة أجراها عالم النفس الثقافي هيروشي أزوما (Hiroshi Azuma)، حصل 100 طالب ياباني و 100 طالب أمريكي على سيناريو “الطالب D المصاب والمعلم E” وتم إعطاؤهم قائمة من 14 سؤالًا وطُلب منهم اختيار السؤال الأكثر ملاءمة للموقف. اختار الطلاب الأمريكيون أسئلة تشير إلى مدى خطورة إصابة المعلم وعمر الطالب وما إذا كان الطالب قد فعل شيئًا كهذا من قبل بينما اختار الطلاب اليابانيون أسئلة تتعلق بمشاعر الطالب وقت وقوع الحادث وبعده وشخصية الطالب.

يميل الغربيون إلى التركيز كثيرًا على الإقناع والبلاغة بينما يميل اليابانيون إلى الشك في الإسهاب الفضي (silver-tongued) ويميلون إلى رؤيته كوسيلة للخداع والاستفادة من الآخرين.

إذا كانت مجموعة من اليابانيين جالسة، دعنا نقول في اجتماع مدرسي، وكان لابد من اختيار شخص واحد لوظيفة لا يرغب أحد في القيام بها، فمن المرجح أن يجلس اليابانيون هناك في صمت أكثر من عرض تولي الوظيفة لكسر الصمت الذي كان سيستند على الأدلة القصصية من الأمريكيين.

تظهر الدراسات التي أجريت على أسلوب التفاوض للباحث جون جراهام (John Graham) أن اليابانيين هم أكثر استخداما للصمت في المفاوضات من الأمريكيين وأن صمت اليابانيين هذا يميل إلى أن يكون أطول بكثير من نظرائهم الأمريكيين. علاوة على ذلك، فإن رجال الأعمال الأمريكيون يميلون إلى اعتبار الصمت “خسارة في الكلام وعيب، بينما رأى اليابانيون أنه سلاح يستخدم للحصول على ما يريدون”.

سيتم الحديث عن [الشخصية اليابانية (4) – التبعية وطرق الإنصاف] في المقال القادم “الثقافات العالمية الرئيسية (27)”،،،،،،

المصادر:

  1.  https://factsanddetails.com/japan/cat18/sub115/item615.html
  2. نسرين عظيمي، نيويورك تايمز، 7 يونيو 2010
  3. https://en.wikipedia.org/wiki/Salaryman
  4.  بول ثيرو، ذا ديلي بيست، 20 آذار (مارس) 2011
  5.  Kate Elwood، Daily Yomiuri، June 8، 2010
  6. https://languagelog.ldc.upenn.edu/nll/?p=21364
  7. https://www.merriam-webster.com/dictionary
  8. “World Religions” edited by Geoffrey Parrinder, Facts on File Publications, New York”
  9. Kate Elwood، Daily Yomiuri، October 1، 2012
المهندس علي الجشي

تعليق واحد

  1. مهدي آل سلاط

    جميل المقال ونشكر الاخ ابو حسن عل جهودك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *