فيتامين أ (فيتامين A) – غسان علي بوخمسين*

يُعدُّ فيتامين A أو الريتينول retinol من الفيتامينات الذائِبة في الدُّهون، التي تُخزَّنُ في الكبد، وهناك نوعان منه؛ الأوَّل هو (Preformed vitamin A)، الذي يُوجد في المُنتجات الحيوانيَّة، مثلَ: اللحوم، والأسماك، والدواجن، ومُنتجات الألبان، أمَّا النوع الثاني فهو (Provitamin A)، والذي يُوجد في الأغذيةٍ النباتيَّةٍ؛ كالخُضراوات، والفواكه، وتجدر الإشارة إلى أنّ البيتا كاروتين (Beta-carotene) يُعدُّ من أشهر أنواعه، وإضافةً إلى ذلك، هناك العديد من المشتقات لهذا الفيتامين، التي تتوفر في المُكمِّلات الغذائيَّة على شكلِ؛ (Retinyl acetate)، أو (Retinyl palmitate)، أو على شكلِ بيتا كاروتين، أو كمزيجٍ من (Preformed A)، و (Provitamin A).

eatthis.com

يلعب الفيتامين دورا مهما في الرؤية، نمو العظم، الإنجاب، الانقسام الخلوي، والتفاضل الخلوي (و الذي تصبح بواسطته خلية جزء من الدماغ، أو عضلة، أو الرئتين)  . يساعد فيتامين A على تنظيم نظام المناعة، الذي يساعد على منع أَو صد الإصابات وذلك بإنتاج خلايا الدم البيضاء التي تحطم البكتيريا والفيروسات الضارة. فيتامين A أيضا تساعد الخلايا اللمفية، على محاربة الالتهابات بكفاءة أفضل.

لمحة تاريخية

يمكن إرجاع بدايات اكتشاف فيتامين A إلى بحث يعود تاريخه إلى عام 1816 ، عندما لاحظ عالم الفسيولوجيا فرانسوا ماجيندي أن الكلاب المحرومة من التغذية قد أصيبت بقرح القرنية وكان معدل الوفيات مرتفعًا. في عام 1912 ، أوضح فريدريك جاولاند هوبكنز أن العوامل المساعدة غير المعروفة الموجودة في الحليب ، بخلاف الكربوهيدرات والبروتينات والدهون كانت ضرورية لنمو الفئران. حصل هوبكنز على جائزة نوبل عن هذا الاكتشاف في عام 1929. بحلول عام 1913 ، أُكتشف إحدى هذه المواد بشكل مستقل.

أطلق على “العوامل الإضافية” اسم “قابل للذوبان في الدهون” في عام 1918 ثم أطلق عليه لاحقًا “فيتامين A” في عام 1920. في عام 1919 ، إقترح هاري ستينبوك (جامعة ويسكونسن – ماديسون) علاقة بين أصباغ النبات الصفراء (بيتا كاروتين) وفيتامين A. في عام 1931 ، وصف الكيميائي السويسري بول كارير التركيب الكيميائي لفيتامين A.  صُنّع فيتامين A لأول مرة في عام 1947.

من طرائف وأسرار الحرب العالمية الثانية ، كانت القاذفات الألمانية تهاجم ليلًا لتفادي الدفاعات البريطانية. ومن أجل الحفاظ على سر اختراع البريطانيين  عام 1939 لنظام رادار (Airborne Intercept Radar) الجديد الذي يكشف القاذفات الألمانية ، أخبرت وزارة الإعلام البريطانية الصحف أن النجاح الدفاعي الليلي لطياري سلاح الجو الملكي؛  كان بسبب تناول الطيارين كميات كبيرة من الجزر الغنية بفيتامين أ، مما أعطاهم قوة في النظر عند الظلام.

 مصادر فيتامين A

يوجد الفيتامين في الطعام الحيواني مثل البيض الكامل، الحليب، والكبد. الحليب الخالي من الدهن والحليب المجفّف يجب أن يزوّد بفيتامين A لاستبدال الكمية التي فقدت بعملية إزالة الدهن. الأطعمة المدعمّة مثل حبوب الفطور المدعمّة تزوّد فيتامين A.

أغذية غنية بفيتامين A

البروفايتمين A الكاروتيني أيضاً متوفر في الثمارِ والخضار ذات الألوان الداكنة. المصادر الحيوانية لفيتامين A تُمتصّ بسهولة ويستعملها الجسم بكفاءة عالية جدا. بينما مصادر النبات لفيتامين A لاتتمتع بنفس قدرة الفيتامينات الحيوانية على الامتصاص.

الريتينويدات (Retenoids) والكاروتينات (carotenoids)

الرتينويدات هي فئة من المركبات الكيميائية والأدوية التي تحتوي على فيتامين A أو مرتبطة به كيميائيًا. تُستخدم الرتينويدات في الطب، حيث تنظم نمو الخلايا الظهارية.

الريتينول (Retinol) هو الشكل الأنشط، أَو الأكثر استعمالا، من أشكال فيتامين A، ويوجد في الطعام الحيواني مثل الكبد والحليب الكامل. الريتينول يدعى أيضا فيتامين A المُشكّل وذلك لكونه يمكن أن يحول إلى حمض ريتينال Retinal أو ريتينويك Retinoic، وهي أشكال مختلفة نشيطة لعائلة فيتامين A.

للريتينويدات العديد من الوظائف المهمة في جميع أنحاء الجسم بما في ذلك الأدوار في الرؤية ، تنظيم تكاثر الخلايا والتمايز ، ونمو أنسجة العظام ، ووظيفة المناعة ، وتفعيل الجينات الكابتة للورم.

أجريت الأبحاث حول قدرتها على علاج سرطانات الجلد. حاليًا ، يمكن استخدام (“alitretinoin “9-cis-retinoic acid) موضعيًا للمساعدة في علاج الآفات الجلدية مثل (Kaposi’s sarcoma) ، ويستخدم  (“tretinoin “all-trans-retinoic acid) لعلاج ابيضاض الدم الحاد البرومي.

أدوية مشهورة من مشتقات فيتامين A (الريتينويدات)

نظرًا لإمكانية تحوّل بعض الكاروتينات إلى فيتامين A ، فقد بُذلت محاولات لتحديد مقدار ما يعادله في النظام الغذائي لكمية معينة من الريتينول ، بحيث يمكن إجراء مقارنات لفائدة الأطعمة المختلفة. يمكن أن يكون الموقف محيرًا لأن المعادلات المقبولة قد تغيرت.

لسنوات عديدة ، استُخدِمَ نظام معادلات حيث كانت الوحدة الدولية (IU) تساوي 0.3 ميكروغرام من الريتينول (~ 1 نانومول) أو 0.6 ميكروغرام من بيتا كاروتين أو 1.2 ميكروغرام من الكاروتينات الأخرى من بروفيتامين A.

يُعبّر عن هذه العلاقة بدلاً من ذلك بواسطة مكافئ الريتينول (RE): واحد RE يتوافق مع 1 ميكروغرام من الريتينول ، و 2 ميكروغرام كاروتين مذاب في الزيت (يذوب جزئيًا فقط في معظم الحبوب التكميلية ، بسبب ضعف قابلية الذوبان في أي وسيط) ، 6 ميكروغرام كاروتين في الطعام العادي (لأنه لا يمتص كما هو الحال في الزيوت) ، و 12 ميكروغرام من ألفا كاروتين أو بيتا كاروتين أو بيتا كريبتوكسانثين في الطعام.

أظهرت الأبحاث الحديثة أن امتصاص الكاروتينات بروفيتامين A يبلغ نصف ما كان يُعتقد سابقًا. نتيجة لذلك ، في عام 2001 أوصى المعهد الأمريكي للطب بوحدة جديدة ، مكافئ نشاط الريتينول (RAE). يتوافق كل ميكروغرام من RAE مع 1 ميكروغرام من الريتينول ، أو 2 ميكروغرام من بيتا كاروتين في الزيت ، أو 12 ميكروغرام من بيتا كاروتين “الغذائي” ، أو 24 ميكروغرام من الكاروتينات الثلاثة الأخرى من بروفيتامين A.

بروفايتمين A الكاروتيني (Provitamin A Carotenoids) يتسبب بتلوّن الصبغات على نحو غامق وتوجد في الأطعمة النباتية مثل اللون البرتقالي في الجزر، وهو يمكن أن يتحوّل إلى فيتامين A . في الولايات المتحدة، حوالي ثلث فيتامين A المستهلك، مصدره هو بروفايتمين A الكاروتيني.

الكاروتينات الشائعة في الغذاء هي كاروتين بيتا (beta-carotene)، كاروتين ألفا (alpha-carotene)، لوتين (lutein)، زياكسنثين (zeaxanthin)، لايكوبين (lycopene)، وكرايبتوكسانثين (cryptoxanthin). من أصل الـ563 نوع من الكاروتين التي حُدّدت، أقل من 10% منها  يمكن ان تتحول إلى  فيتامين A ، من بينها، كاروتين بيتا والتي تتحول بكفاءة عالية جدا إلى الريتينول. كاروتين ألفا وكرايبتوكسانثين بيتا يحوّلان أيضا إلى فيتامين A، لكن بنصف كفاءة كاروتين بيتا. كاروتينات اللايكوبين، لوتين، وزياكسنثين ليس لها نشاط فيتامين A، إلا أن لها فائد صحية أخرى. ومن الضروري استهلاك الثمار والخضار الغنية بالكاروتينات لما لها من منافع للجسم.

أغذية غنية بالكاروتينات

 نقص فيتامين A

نقص فيتامين A عامل مشترك بين الدول النامية ، لكنه نادر في الدول الغنية. يصاب بالعمى سنويا ما بين 250,000 إلى 500,000 طفل بسبب سوء التغذية في العالم النامي بسبب نقص فيتامين A. أما في الولايات المتّحدة، فنقص فيتامين A يعود إلى الالتزام بقيود غذائية صارمة في أغلب الأحيان واستهلاك كمية ضخمة من الكحول.

العشى الليلي هو واحد من أول إشارات نقص فيتامين A. كان من المعروف في مصر القديمة، بأنّ العشى الليلي يمكن أن يعالج بأكل الكبد، والذي هو مصدر غني بالفيتامين، طبعا لم يعرف المصريون هذا التعليل. يساهم نقصُ فيتامين A في عمى العين وذلك بسبب جفاف القرنية وتدمير شبكية العين والقرنية.

نقص فيتامين A يقلل من القدرة على مقاومة الالتهابات. في البلدان التي تعاني من انتشار نقص الفيتامين A ، يموت ملايين الأطفال سنويا بسبب مضاعفات الأمراضِ المعدية مثل الحصبة. في الأفراد الذين يعانون من نقص فيتامين A، تفقد الخلايا التي تبطن الرئتين القدرة على إزالة الكائنات الحيّة مجهرية التي تسبب المرض. هذا الأمر قد يساهم بالإصابة بذات الرئة المرتبطة بنقصِ فيتامين A ، أو نقصان معدل النمو لديهم، بطء تطور الجهاز العظمي لديهم، وتقليل فرص النجاة من الأمراض الخطيرة.

النقص يمكن أن يتشكل بسبب فقدان الفيتامين A خلال الإسهال المزمن وخلال نقص الكمية التي تؤخذ مع الغذاء.

نسبة نقص فيتامين A حول العالم

النباتيون بشكل صارم ينبغي أن يتناولوا مكملات فيتامين A من النوع (preformed) ، لأن كفاءة الجسم في امتصاص البيتاكوروتين وتحويله لفيتامين A ضعيفة ومتفاوتة وتتأثر بتنوع الجينات، لذلك النباتيون معرضون بشدة لنقص فيتامين A.

 

التسمم بالفيتامين hypervitaminosis

إن الإفراط في استهلاك الفيتامين أ يمكن أن يؤدي إلى الغثيان، فقدان الشهية، التقيّؤ، ضبابية الرؤية، الصداع، تساقط الشعر، ألام في البطن والعضل، الضعف والنعاس وتغيّر الحالة العقلية. في الحالات المزمنة يمكن أن تكون عوارض فقدان الشعر، جفاف البشرة، جفاف الأغشية المخاطية، الحمى، الأرق، التعب، خسارة الوزن، كسور العظام، فقر الدم والإسهال، واضحة على رأس لائحة العوارض المرتبطة بالتسمم الأقل خطورة.

الكمية الموصى بها من فيتامين A

يوضِّح الجدول الآتي الكميَّات اليوميَّة المُوصى بتناولها من فيتامين A:

العمر والجنس الكميَّة المُوصى بها بالميكروغرام
الذكور والإناث من عمر 0 إلى 6 أشهر 400
الذكور والإناث من عمر 7 إلى 12 شهراً 500
الذكور والإناث من عمر 1 إلى 3 سنوات 300
الذكور والإناث من عمر 4 إلى 8 سنوات 400
الذكور والإناث من عمر 9 إلى 13 سنة 600
الذكور من عمر 14 إلى 18 سنة 900
الإناث من عمر 14 إلى 18 سنة 700
الحوامل من عمر 14 إلى 18 سنة 750
المرضعات من عمر 14 إلى 18 سنة 1200
الذكور من عمر 19 إلى 51 سنة وأكثر 900
الإناث من عمر 19 51 سنة وأكثر 700
الحوامل من عمر 19 إلى 50 سنة 770
المرضعات من عمر 19 إلى 50 سنة 1300

وحدات التحويل للفيتامين:

  • 1 IU retinol = 0.3 mcg RAE
  • 1 IU supplemental beta-carotene = 0.3 mcg RAE
  • 1 IU dietary beta-carotene = 0.05 mcg RAE
  • 1 IU dietary alpha-carotene or beta-cryptoxanthin = 0.025 mcg RAE

فيتامين A والحمل

قد تسبّب الكميّات الكبيرة من الفيتامين حدوث تشوهاتٍ وعيوبٍ خلقيّةٍ للجنين، وتسمماً في الكبد نتيجة لتراكم فيتامين A. كما يمكن أن يتسبب بالإجهاض، ويجب ألّا تتجاوز الكميّات المُستهلكة  للحامل في اليوم حدود 3000 ميكروغرام.

*غسان علي بوخمسين ، صيدلاني أول ، مستشفى جونز هوبكنز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *