المهندس محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

لمسة الأم باقية في جينات طفلها – ترجمة * محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

Mother’s touch lingers in her child’s genes
( معهد والتر وإليزا هول للأبحاث الطبية – Walter and Eliza Hall Institute of Medical Research )

تترك الأمهات بصماتهن على أطفالهن بعدة طرق، وقد اكتشف باحثو معهد والتر وإليزا هول للبحوث الطبية [١]

(Walter and Eliza Hall Institute of Medical Research – WEHI) أن بروتينًا يسمى (SMCHD1) [٢] له دخل في عملية “البصمة” هذه. ويقوم هذا البروتين بإيقاف تشغيل جينات معينة، مما يؤدي إلى تغيير سلوك الخلية.

وكشف بحث جديد أجري في معهد والتر وإليزا هول للبحوث الطبية أنه عندما يتم تخصيب خلية بويضة بواسطة حيوان منوي فإن بروتين (SMCHD1) الخاص بخلية البويضة يظل باقياً داخل الجنين النامي، ويوقف ما لا يقل عن 10 جينات مختلفة ويؤثر على نمو الجنين – ومن المحتمل أن يكون له تأثير مدى الحياة على النسل. وقد نُشر البحث في موقع (eLife) بواسطة فريق قادته السيدة إيرومي وانيغاسوريا والدكتور كوينتين غويل والبروفيسور مارني بليويت، بالتعاون مع الأستاذ المساعد في معهد والتر وإليزا هول للبحوث الطبية ماثيو ريتشي والدكتورة هيذر لي من جامعة نيوكاسل والأستاذ المشارك كارلا هت من معهد موناش لاكتشاف الطب الحيوي.

الجينات المطبوعة

نحن نرث من والدينا جميع جيناتنا، وهناك عدد قليل من الجينات التي تتصرف بشكل مختلف في النسل، اعتمادًا على ما إذا كانت موروثة من الأم أو الأب. وقالت السيدة وانيغاسوريا، التي أجرت البحث كطالبة دكتوراه في معهد والتر وإليزا هول للبحوث الطبية: “تسمى هذه الظاهرة {البصمة الجينية} ، وهي تظهر في بعض الأمراض الوراثية”.

وأضافت: “إن البصمة الجينية تحدث بسبب “العلامات اللاجينية” على الحمض النووي التي تؤثر على كيفية استخدام الجينات، وعندما يخصب حيوان منوي بويضة، يحمل الحمض النووي للخلايا علامات لاجينية من الأب/الأم إلى الطفل، والتي ترتبط – في بعض الحالات – بآثار صحية طويلة المدى. ومن المعروف أن البروتينات الموجودة داخل البويضة (البروتينات التي نحصل عليها من أمهاتنا) تساعد في حماية هذه الجينات المطبوعة أثناء نمو الجنين المبكر، لذلك، يمكن أن يكون لبروتينات خلايا البويضة تأثير طويل أو قصير المدى على صحة الجنين”.

وكان فريق البحث العامل مع البروفيسور بليويت يدرسُ بروتين (SMCHD1) ، الذي يستخدم التعديل اللاجيني لإيقاف أو إسكات جينات معينة. وقالت السيدة وانيغاسوريا: “لقد بحثنا فيما إذا كان بروتين SMCHD1 للأم يمكن نقله إلى جنين حديث التكوين، وكيف أثر ذلك على التعبير عن الجينات المطبوعة. وباستخدام الفحص المجهري المتقدم لمتابعة نسخة ذات علامات فلورية من بروتين SMCHD1 ، تمكننا أن نرى أن بروتين SMCHD1 الأمومي استمر داخل الأجنة لمدة خمسة أقسام خلوية على الأقل، وقد غيّر بروتين SMCHD1 للأم التعبير الجيني المطبوع – مما يترك إرثًا دائمًا في النسل”.

يمكن رؤية بروتين SMCHD1 الذي تنتجه الأم (باللون الأخضر) متبقيًا في الأجنة أثناء انقسام الخلايا. كشف باحثو معهد والتر وإليزا هول للبحوث الطبية أن هذا يمكن أن يؤثر على التعبير الجيني في الجنين، في مثال على البصمة الجينية.

فهم بروتين SMCHD1

ذكر الدكتور غويل أن البحث كشف عن نافذة زمنية حرجة في التطور الجنيني المبكر، يمكن خلالها لبروتين SMCHD1 للأم إسكات تعبير الجينات المستهدفة. وقال: “باستخدام تقنيات تحليل جيني جديدة قوية، تمكنا من تحديد عشرة جينات تم إيقافها بواسطة SMCHD1 للأم في الجنين المبكر، وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تحديد بروتين SMCHD1 من البويضة على أنه يلعب دورًا في البصمة”.

وتابع: “وفي حين أن التأثيرات التي اكتشفناها كانت دقيقة، فإننا نعلم أن الأحداث التي تحدث في التطور الجنيني المبكر يمكن أن يكون لها تأثيرات طويلة المدى على الصحة. وبالإضافة إلى توسيع فهمنا للطبع الجينومي، يضيف هذا البحث بُعدًا إضافيًا للطرق العديدة التي نعرف بها أن الوالدين يمكنهما أن يؤثرا على صحة نسلهما”.

وقالت البروفيسور بليويت: “إن البحث ساعد أيضًا في شرح الأدوار المكتشفة مؤخرًا لبروتين SMCHD1 في بعض الأمراض بما في ذلك اضطرابات النمو مثل متلازمة برادر ويلي [٣] (Prader-Willi Syndrome – PWS) ومتلازمة بوسما ارهينيا مايكروفثالميا [٤] (Bosma arhinia microphthalmia syndrome – BAMS) ، وكذلك الضمور العضلي الوراثي العضدي [٥] (facioscapulohumeral muscular dystrophy – FSHD) ، وهو شكل من الحثل (التغذية الناقصة او السيئة) العضلي”.

وأضافت: “دراسة SMCHD1 في الأجنة المبكرة كشفت عن أهداف جينية جديدة يسكنها هذا البروتين. وهذا يمكن أن يفسر كيف تساهم التغييرات في نشاط SMCHD1 في الأمراض. نحن نقود حاليًا جهود اكتشاف الأدوية المسجلة الملكية في معهد والتر وإليزا هول للبحوث الطبية للاستفادة من معرفتنا حول SMCHD1 وتصميم علاجات جديدة لعلاج اضطرابات النموية والانحلالية. ويوسع هذا البحث فهمنا لكيفية تأثير الأدوية المرشحة الجديدة على التعبير الجيني”.

*تمت الترجمة بتصرف

المصدر:

https://phys.org/news/2020-11-mother-lingers-child-genes.html

لمزيد من المعلومات: Iromi Wanigasuriya et al. Smchd1 is a maternal effect gene required for genomic imprinting, eLife(2020). DOI: 10.7554/eLife.55529

الهوامش:

[١] معهد والتر وإليزا هول للبحوث الطبية أو معهد والتر وإليزا هول (Walter and Eliza Hall Institute Institute of Medical Research – WEHI) هو أقدم معهد للبحوث الطبية في أستراليا، ويقع في باركفيل، بمدينة ملبورن، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بجامعة ملبورن ومستشفى ملبورن الملكي، وله أيضًا حرم جامعي في جامعة لاتروب. تأسس المعهد في عام 1915 باستخدام أموال من صندوق أنشأته إليزا هول بعد وفاة زوجها والتر راسل هول، ويدين في أصله الى إلهام هاري بروكيس ألين، الذي شجع على استخدام جزء صغير من الصندوق الخيري لتأسيس معهد للبحوث الطبية. وكانت رؤية المعهد أن يكون مهد الاكتشافات التي تقدم خدمة للبشرية في الوقاية من الأمراض والقضاء عليها وتخفيف المعاناة، ويركز فقط على الأبحاث الطبية التي تتمحور حول: السرطانات (مثل اللوكيميا والورم الليمفاوي والورم النخاعي المتعدد وسرطان الثدي وسرطان المبيض) ؛ الأمراض الالتهابية أو أمراض المناعة الذاتية (مثل مرض السكري من النوع 1 ، مرض الاضطرابات الهضمية ، التصلب المتعدد والتهاب المفاصل الروماتويدي) ؛ والأمراض المعدية (مثل الملاريا وفيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكبد B و C). ويكيبيديا.

[٢] بروتين (SMCHD1 – Structural Maintenance of Chromosomes flexible Hinge Domain Containing 1) هو بروتين يتم ترميزه في البشر بجين SMCHD1 الذي يقدم تعليمات لصنع بروتين يشارك في تنظيم نشاط الجين عن طريق تغيير بنية الحمض النووي. على وجه التحديد، يرتبط بروتين SMCHD1 بميثيل الحمض النووي، وهو إضافة مجموعات الميثيل (التي تتكون من ذرة كربون واحدة وثلاث ذرات هيدروجين) إلى جزيئات الحمض النووي. ترتبط إضافة مجموعات الميثيل بإيقاف (إسكات) الجينات، لذلك تميل مناطق الحمض النووي التي تحتوي على العديد من مجموعات الميثيل (مناطق مفرطة الميثيل) إلى امتلاك عدد أقل من الجينات النشطة. ويكيبيديا وموقع https://medlineplus.gov/genetics/gene/smchd1/.

[٣] متلازمة برادر ويلي (Prader-Willi syndrome – PWS) هي اضطراب وراثي نادر ينتج عنه عدد من المشاكل الجسدية والعقلية والسلوكية، والسمة الرئيسية لها هي الشعور المستمر بالجوع الذي يبدأ عادةً في حوالي عامين من العمر، ويرغب الأشخاص المصابون بها في تناول الطعام باستمرار لأنهم لا يشعرون بالشبع أبدًا (فرط الأكل) ، وعادة ما يواجهون صعوبة في التحكم في وزنهم، اضافة الى العديد من مضاعفات السمنة. موقع مايو كلينيك https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/prader-willi-syndrome/symptoms-causes/syc-20355997

[٤] متلازمة (Bosma arhinia microphthalmia): حالة خلقية نادرة للغاية تسبب تشوهات خلقية، مع إصابة أقل من 100 فرد في جميع أنحاء العالم. يتميز بتخلف العين (صغر العين) ، وغياب الأنف (الضخامة) ، وغياب النضج الجنسي. ويمكن أن تختلف درجة شدة العيوب. عادة ما يتمتع الأشخاص المتأثرون بذكاء طبيعي ويمكن أن يعيشوا حياة منتجة من خلال التصحيح الجراحي للعيوب. السبب غير مفهوم جيدًا، والطفرة الجينية الوحيدة المعروفة تشمل الجين SMCHD1. في معظم الحالات، يحدث هذا التغيير تلقائيًا في البويضة أو خلية الحيوانات المنوية ولا يتم توريثه من أحد الوالدين. تُعرف أيضًا باسم متلازمة (BAM)، متلازمة بوسما، متلازمة جيفورد-بوسما. المصدر: https://www.medicinenet.com/bosma_arhinia_microphthalmia_syndrome/definition.htm [٥] الحثل العضلي الوجهي العضدي (FSHD) هو نوع من الحثل العضلي الذي يضعف بشكل تفضيلي عضلات الهيكل العظمي للوجه، وتلك التي تضع الكتف، وتلك الموجودة في الجزء العلوي من الذراع، التي تغطي عظم العضد، ويؤدي ضعف عضلات الكتف إلى وضع كتف غير طبيعي (كتف مجنح). وعادةً ما تُصاب مناطق أخرى من الجسم بالضعف أيضًا، مثل البطن وأسفل الساق، مما يؤدي إلى تدلي القدم. وغالبًا ما يتأثر جانبي الجسم بشكل غير متساوٍ. وتبدأ الأعراض عادة في مرحلة الطفولة المبكرة وتصبح ملحوظة في سنوات المراهقة، حيث يظهر على 95٪ من الأفراد المصابين المرض بحلول سن 20 عامًا. وتشمل المظاهر غير العضلية لـهذا المرض فقدان السمع وتشوهات الأوعية الدموية في الجزء الخلفي من العين. المصدر: https://en.wikipedia.org/wiki/Facioscapulohumeral_muscular_dystrophy

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *