التبريد التبخيري: سلاح ذو حدين – د. جهاد حسن السادة

مقدمة

ليس من الصعب أن تقنع الناس بأهمية التبريد خاصة في المناطق الحارة مثل الخليج، والجزيرة العربية وشمال افريقيا. التبريد في العصر الحاضر يتم في كل منزل ومبنى. التبريد لدرجة دون 10 (درجات مئوية) او حتى دون الصفر اثبت فعالية كبرى في حفظ الأغذية واللحوم وغير وجه التعامل مع الغذاء وشكل التسوق للغذاء منذ قرابة ١٤٠ سنة حيث كانت بدايات التبريد أولاً عن طريق الثلج ثم عن طريق التبريد الميكانيكي أو ما يعرف الآن بالضغط الميكانيكي للبخار[1]. التبريد قد يتم بعدة طرق لكن أساس معظمها تبخر السوائل. فمثلاً الإنسان يبرد جسمه بالتعرق ليحافظ على حرارة داخلية معتدلة. حين يفشل الجسم في التعرق نصاب بصدمة حرارية أو ما يسمى أحياناً ضربة شمس. الجسم البشري يتعرض للهلاك إذا وضعته في درجة رطوبة عالية وحرارة عالية تفوق الحرارة الداخلية لعدة ساعات. تبخر السائل، الماء أو العرق في هذه الحالة، هي آلية التبريد المفضلة حيوياً.

شكل 1: التعرق وسيلة حيوية فعّالة لتبريد الجسم

في هذه المقالة سيتم تسليط الضوء على التبخر كآلية شائعة للتبريد في أشكال مختلفة من تقنيات التبريد. لاحقاً سيتم تناول التبريد التبخيري من ناحية الكفاءة، السلبيات الصحية والبيئية والأشكال التقنية لتطبيقاته.

التبخر أساس التبريد

التبريد الكهربائي الميكانيكي الآن هو الطريقة الشائعة وشبه الوحيدة والأكثر كفاءة كهربائياً. يا ترى هل هناك طرق أخرى؟ نعم هناك التبريد بالتسخين والتبريد بالتبخير. سنأتي لتوضيح أن هذه التقنيات تتشابه في الآليّة الأولية للتبريد وأن تبخر السوائل يمثل عاملاً مشتركاً بين تقنيات تبدو مختلفة للوهلة الأولى.

كيف يعمل تبريد ” الضغط الميكانيكي للبخار “

دعنا نلاحظ المكونات الأساسية في التبريد بالضاغط هي: مبادل حراري داخلي وآخر خارجي وضاغط ابخرة وصمام توسع. يمكن تقسيم الجهاز لنصفين بارد وحار وهما أيضاً ذوا ضغط منخفض وضغط عالي بالترتيب. الضاغط هو المكون الأساسي لدورة التبريد ويستخدم أكثر من ٩٠٪ من الطاقة. كما هو موضح في شكل 2، الضاغط يحافظ على ضغط منخفض في المبادل الحراري الداخلي وضغط عالي في المبادل الخارجي. كلا المبادلين يتبادلان الحرارة مع الهواء بواسطة مراوح كهربائية. صمام التوسع يسمح بانتقال سائل التبريد من الخارج للداخل مع المحافظة على فرق الضغط. حقيقة التبريد أن سائل التبريد يتبخر في داخل المبادل الحراري الداخلي بفعل الضغط المنخفض. التبخر للسائل تحتاج ان يمتص حرارة ليغير طوره من سائل لبخار فيمتص الحرارة من المبنى. البخار يأخذه الضاغط للخارج ويجبره بسبب الضغط العالي على التكثف او التحول من بخار الى سائل حينها يتخلص او يرفض الحرارة للهواء الخارجي. لاحظ أن مادة التبريد تكون سائلة او بخارية لكنها في دورة مغلقة داخل جهاز التبريد. أما الطاقة الحرارية فهي تتجه من داخل المبنى نحو خارج المبنى في اتجاه واحد.

لاحظ ان الأساس في التبريد هنا هو تبخر السائل. لكن هذا التبخر يتم بسبب ضغط منخفض تم توليده ميكانيكياً/كهربائياً. البخار يتم تكثيفه لسائل في كل دورة ربما لآلاف المرات او أكثر حسب سلامة الدورة من التسريب ومدى استخدام الجهاز. مادة التبريد تتبخر وتتكثف فتمتص الحرارة حيناً وترفضها حيناً آخر.

شكل 2: تصميم لوحدة تبريد بسيطة في مبنى.

كيف يعمل التبريد التبخيري في أبراج التبريد

في الوحدات المنزلية الصغيرة يتم رفض الحرارة للهواء الخارجي باستخدام مبادل حراري ذو حرارة أعلى من الهواء. في الوحدات الصناعية أو المباني الكبيرة يتم أحياناً استخدام برج التبريد والذي يتخلص من الحرارة عن طريق تبخير الماء المفتوح. برج التبريد في العادة هو مكمل لتبريد ميكانيكي أو تبريد مستقل في معامل توليد الطاقة الكهربائية. الطريقة المتبعة هي رفض الحرارة لمياه التبريد ثم نثر المياه على أسطح حشوية لزيادة مساحة المياه ثم تمرير الهواء الخارجي الجاف نسبياً على هذه المياه. عندما يتبخر جزء من الماء يبرد الباقي ويتم إعادة تدويره بعد تحميله طاقة حرارية مرفوضة أخرى. طبعاً هناك تصاميم مختلفة لكن المبدأ واحد: تحميل الحرارة المرفوضة لمياه وتبخير جزء منها عبر تمرير هواء خارجي. من التصاميم الشائعة أن يتم الاستغناء عن أسطح الحشو حيث يتم نثر رذاذ الماء الحار على تيار الهواء الخارجي. التخلص من الحرارة بهذه الطريقة أقل كلفة من الطاقة الكهربائية بسبب أننا لا نحتاج أن نرفع درجة الحرارة أعلى من الهواء الخارجي كما في وحدة التبريد بضغط البخار الميكانيكي. وكلما كان الهواء أكثر جفافاً زادت كفاءة هذه الطريقة. أبراج التبريد هي مكونات كبيرة نسبياً وتُشغل تحت اشراف فني حيث يتم إضافة مواد كيميائية للمياه للحد من التكلس والنمو الحيوي مثل الطحالب وغيرها. إذا قارنّا هذه الطريقة مع سابقتها نجد أن مبدأ التبريد هو التبخر. لكن الفرق أن مادة التبريد هي الماء وأن دورة الماء مفتوحة بمعنى أن البخار لا يتم تدويره بل يفقد بصورة نهائية للخارج.

شكل 3: برج التبريد الذي يبرد بتبخير المياه

التبريد التبخيري المستقل (الصحراوي)

في أبراج التبريد، الهواء الخارجي بعد ترطيبه يتم طرده للخارج. في الوحدات الصغيرة والتي تعتمد بشكل كامل على التبريد التبخيري، الهواء البارد يتم إدخاله للمكان المراد تبريده. من الأمثلة على هذه الطريقة هي البيوت المبردة بالمكيفات الصحراوية مثلاً في المدينة المنورة سابقاً، البيوت المحمية الزراعية وفي بعض المدن مثل أصفهان التي تتوافر على هواء جاف ومياه نهرية. الكهرباء تستخدم لضخ المياه وتدوير المراوح وهذا أقل بكثير من الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل ضواغط البخار. هذه الطريقة تم استبعادها بدرجة واسعة من تبريد المباني لسببين رئيسين:

  1. صحي: المياه التي تتعرض للهواء، تنمو فيها طحالب وأحياناً جراثيم ضارة تسبب مرض ليجنير[3] وهو التهاب رئوي من بكتيريا تتكاثر في مياه دورة التبريد.
  2. بيئي: إن المناطق التي فيها هواء جاف هي في الغالب تعاني من شحة في المياه مما يجعل التبريد بالمياه مستهلك يستقطع من مياه الشرب والزراعة.

في منطقتنا على سواحل الخليج الهواء الخارجي احياناً يكون رطباً بدرجة كبيرة مما يقلل كفاءة التبريد التبخيري. كما يوحي الاسم المتداول هذا التبريد يناسب أكثر المناطق “الصحراوية”.

أصحاب البيوت المحمية يوقفون استخدام هذه الطريقة في مواسم الرطوبة بسبب قلة كفاءتها وتسبيبها تعفنات داخل البيوت المحمية في تلك المواسم. طبعاً لو كنت تعتمد بشكل كامل على هذه الطريقة فلن تقبل أن توقف التبريد في الأوقات الحارة الرطبة وأنت في أمّس الحاجة للتبريد.

التبريد بالامتصاص (بالتسخين)

احدى الطرق القديمة للتبريد هي بالامتصاص. المستخدم الغير مطلع على آليتها الداخلية يبدو أن الجهاز يعمل بالحرارة! فيقوم مثلاً بحرق الغاز لتشغيل ثلاجة. التبريد بالامتصاص يستخدم مادة ملحية أو أمونيا مركزة تمتص بخار الماء بشراهة من حوض ماء. التبخر يحدث برودة في الماء وحرارة في الملح. طبعاً محلول الملح يتم تبريده عبر تيار هوائي أو مائي يرفض الحرارة لخارج المبنى أو للهواء المحيط بالثلاجة مثلاً. المحلول الملحي مع مرور الوقت يتشبع بالماء ويفقد تدريجياً فعاليته في امتصاص بخار الماء. حينها يحتاج لتجديد حراري حيث يمر بتسخين إما بالغاز أو أي مصدر حراري لفصل الماء عن الملح. الماء يسترجع لحوض الماء والملح يتم استخدامه في الدورة التبريدية التالية. تجديد فعالية الملح بالتسخين هي سبب التسمية التبريد بالتسخين.

هذه الطريقة أقل كفاءة بكثير من التبريد بالضغط الميكانيكي[4]. لكن الاهتمام بها بدأ يتجدد حيث تستخدم للاستفادة الثانوية من بعض مصادر الحرارة الصناعية أو حتى الشمسية.

شكل 4 يمين: الطور التبريدي في التبريد بالامتصاص، يسار: مخطط كامل للتبريد بالامتصاص

التبريد التبخيري

كفاءة (ك)

فعالية أو كفاءة، ك، التبريد التبخيري تعتمد على درجة الحرارة للبصيلة المبللة مقارنة بالبصيلة الجافة. حينما تبلل مقياس الحرارة فإنه يبرد بمقدار يعتمد على الرطوبة النسبية للهواء. إذا كان جافاً فدرجة حرارة البصيلة المبللة تكون منخفضة وإذا كان الهواء رطباً تكون مرتفعة بالمقارنة مع درجة الحرارة الجافة (أي التي يقرأها المقياس المتداول). هذه الكفاءة تقاس بنسبة الهبوط في درجة حرارة الهواء مقارنة بالفرق بين حرارتي الهواء الجافة والمبللة. هذه النسبة تقارب ال ٩٠٪ في التصميمات الجيّدة. من المهم إدراك أنه حتى الكفاءة العالية لا تسمح لك بالتبريد أقل من درجة الحرارة المبللة بعكس أنظمة التبريد بضغط البخار. إذن كفاءة التبريد التبخيري هي ذات سقف أعلى.

ما هو الوضع في منطقتنا؟ في المناطق البعيدة عن الساحل مثل مطار الكويت، التبريد التبخيري يعطيك تبريد يفوق العشرين درجة مئوية وهذا التبريد ممتاز في تخفيف درجات الحرارة المرتفعة في الصيف. لكن علينا أن نضع أمامنا حقيقة أن ٢٠ درجة تبريد من حرارة ٤٥ (درجة مئوية) ليست كافية. إذن التبريد التبخيري هو جزء مفيد من نظام ولا يكفي مستقلاً بنفسه.

شكل 5: هبوط درجة الحرارة المبللة (اقصى تبريد تبخيري) في مطار الكويت على مدار عام. اللون الأحمر الداكن مرتبط بهبوط أو فرق يفوق ٢٣ درجة مئوية.

كيف يتم استخدام التبريد التبخيري

لنبني تصور عن استخدامات التبريد التبخيري دعنا نقسم التقنيات لمشجرة كما يظهر في شكل 6. برج التبريد هو مكمل للتبريد الأولي بضاغط البخار وليس بديل له. برج التبريد يوفر، في هذه الحالة، الطاقة الكهربائية باستخدام المياه. في المصانع ومعامل توليد الكهرباء برج التبريد هو للتخلص من الحرارة الزائدة وليس لتخفيض درجة الحرارة دون الحرارة الخارجية.

شكل 6: تصنيف لتقنيات التبريد التبخيري مع بعض الأمثلة

التبريد التبخيري بشكل مستقل يقسم لصنفين:

  1. تبريد مباشر: الهواء الرطب والبارد نسبياً يستخدم في التبريد. طبعاً رطوبة الهواء مع ما قد يصاحب هذا الهواء من جراثيم، وابواغ الفطريات. إذا تم التبريد برش الرذاذ مباشرة على المكان المراد تبريده فإن الأملاح وعوالق المياه تتراكم في نفس المكان.
  2. تبريد غير مباشر: في بعض الأنظمة الجديدة التبريد التبخيري يتم نقل البرودة الناتجة الى تيار هوائي أو مائي مستقل بحيث يستفاد من البرودة دون أضرار الرطوبة والعوالق الجرثومية. في بعض الأحيان يتم رش المياه على الأسقف بغرض التبريد. هذا يعتبر تبريد غير مباشر لكنه يسبب التعفن لهذه الأسطح مع مرور الوقت.

شكل 7 يوضح اشكال تقنية مختلفة للتبريد التبخيري. الرسم يشمل التبريد لمعامل الكهرباء والمصانع والمكيفات الكبيرة. كما يشمل أجهزة تبريد مستقلة. محطات الطاقة النووية تتخلص من الحرارة عبر برج التبريد. الشكل الموضح هو لبرج تبريد ذو تيار طبيعي لا يحتاج لمراوح كهربائية بل يعتمد على فَرق الكثافة. في كل الأنظمة الصغيرة تحتاج لمراوح لتحريك الهواء. الماء دائماً يحتاج لمضخات تنشره على أسطح ورقية أو لدائنية[6] أو رشاشات لتحويله لرذاذ.

شكل 7: تقنيات متنوعة للتبريد التبخيري

الجانب الصحي والبيئي في التبريد

الكثير يردد مقولة أنه لا حياة بدون ماء لكن في المقابل أيضاً لا ماء بدون حياة، فحيثما يوجد ماء توجد حياة للغالبية العظمى من أشكال المياه. إن المياه التي تستخدم في التبريد تتعرض لتيار هوائي يحمل من البيئة أشكال الحياة المجهرية المختلفة. إن العوالق الحيوية في الماء من طحالب وبكتيريا تتكاثر وتتغذى على ما يحتويه الماء، والهواء أو أسطح التبخير. في مجاري الهواء للمكيفات المركزية العفن يتكاثر على ما يتوفر من رطوبة وعوالق هوائية فلا تستغرب من العفن إذا أصاب أسطح المياه. المسطحات الورقية أو الكرتونية تمثل مادة غذائية للفطريات التي بطبيعتها تتغذى بتحليل السيليولوز والليجينين وهي المكونات الأساسية في الورق والخشب. العفن هو مشكلة كبيرة لأنه يطلق مركبات واحياناً سموم حيوية تهيج الجسم البشري عبر التنفس وفي حالات سيئة قد تنتقل هذه الفطريات للجسم البشري وتتكاثر فيه. من الوسائل التقنية لمكافحة النمو الحيوي استخدام مواد لدائنية بدل الورقية واضافة مواد تكافح النمو الحيوي. طبعاً لا شيء مثالي وهذه المواد الكيميائية تتراكم في البيئة. المياه والهواء يحويان عوالق ملحية تتراكم في أسطح التبخير. هذه العوالق تقلل فاعلية السطح التبخيري من ناحية تقليل المساحة المتوفرة للتبخير واعاقة انتشار الماء. جانب آخر للموضوع هو كمية المواد التي يجب أن نتخلص منها بعد انتهاء الدورة الخدمية للسطح التبخيري. مثلاً أين تذهب هذه الورقيات؟

هل التبريد بالرذاذ خال من السلبيات؟ إذا كان الماء خالياً من العوالق وتم استخدامه بحيث لا يبلل الأسطح المجاورة فقد يمكن تجنب السلبيات المذكورة. طبعاً في معظم الأحيان يتم استخدام مياه الشبكة العامة وليس مياه مقطرة. الطريقة تناسب الأماكن المفتوحة الجافة.

شكل 8: تكلس وتعفن جزئي على أسطح التبخير

الجانب المائي في التبريد التبخيري

في المقارنة بين الطاقة المتجددة والطاقة الأحفورية لا تتم الإضاءة على جانب المياه. كل محطات الطاقة الحرارية من غاز، وديزل ونووي تستخدم التبريد التبخيري في التخلص من الحرارة الزائدة. وهذا يجعل قطاع الطاقة الكهربائية مستهلك شره للمياه يوازي قطاع الزراعة حسب بيانات الولايات المتحدة الأمريكية. هذه الصورة مؤلمة: المياه للكهرباء تضاهي المياه للطعام! طبعاً المياه للتبريد قد تكون أقل جودة من المياه للزراعة.

المحطة الكهربائية ذات ٤٠٪ كفاءة تحتاج للتخلص من ٦٠٪ من الطاقة الأولية على شكل حرارة. كمية المياه في تبريد محطات الكهرباء يتم استهلاكها بمعدل ١،٥-٢ لتر لكل وحدة طاقة منتجة (ك و س)[7] وهذا الماء يتبخر بمعنى أنه لن يرجع إلا بشكل مطر في مكان ما على سطح الكوكب. في منطقتنا الشحيحة المطر هذا الفقد للمياه نهائي. ولهذا يجب أن نضيف الاستخدام المفرط لمياه التبريد كجانب سلبي للطاقة الأحفورية حين نقارنها بالطاقة المتجددة الشمسية مثلاً.

جانب توفير الطاقة

تبخير المياه في الهواء تبقى، بكل سلبياتها، وسيلة عالية الفعالية للتبريد. حسب القوانين الأولية تحتاج حوالي ٦٤٠ (ك و س) من الطاقة الحرارية لتبخير متر مكعب من الماء. في أي نظام تقني لا يتم تحويل كل الطاقة المستخدمة في التبخير كبرودة مفيدة مثلاً داخل المبنى. في مبنى سكني يستهلك ١٠٠ وحدة كهربائية (ك و س) من الطاقة الكهربائية للتبريد يومياً قد يبخر ما يقارب ٦٠٠ لتر من الماء وهذا يعادل أكثر من نصف الاحتياج المائي للمبنى. الوضع القائم من رفض الحرارة للهواء الخارجي بالطريقة التقليدية الجافة هو الأفضل بيئياً على مستوى المباني السكنية.

التبريد التبخيري بمياه البحر: تحدي تقني

هل هناك طريق ما للاستفادة من التبريد التبخيري دون التأثير على مواردنا الشحيحة من المياه العذبة؟ تقليدياً لا لكن سأقوم هنا بطرح فكرة جديدة: استخدام ماء البحر في التبريد التبخيري. التبريد التبخيري فعّال وموفر للطاقة نظرياً. الوضع المائي في منطقتنا يقتضي أن نقلل من استخدام المياه في كل التطبيقات بسبب النقص الشديد في المياه العذبة. ما أقترح تطويره هو استخدام مياه البحر في التبريد التبخيري. المياه المالحة تعتبر مادة سيئة للتبريد التبخيري تقليدياً. هذا صحيح لكن الطرق التقليدية في أبراج التبريد تقتضي أن تنقل الحرارة للمياه ثم تعرض المياه للهواء بغرض التبخير. نقل الحرارة للمياه يتطلب أن تمر المياه المالحة على سطح معدني لتسخينها وهنا نتعرض لمشاكل ترسب الأملاح على المبادلات الحرارية. لعل الطريقة الأمثل هي تمرير الهواء على الماء بصورة مباشرة فيتم التبخر والتبادل الحراري بين الماء والهواء في سطح تبادلي حركي لا يمكن ان يتدهور ثم الاستفادة من الهواء البارد الرطب لأغراض التبريد كتمريره على المبادل الحراري الساخن لوحدة تبريد ميكانيكية. إذن الحرارة يتم التخلص منها للهواء المبرد مائياً وليس للمياه. المياه تتزايد في الملوحة. يمكن الاستمرار في تركيز الملوحة في المياه الى حد ان تترسب. اذن ترسب الاملاح جزء من التصميم وليس مشكلة.

لقد اطلعت على محاولة صينية للتبريد التبخيري بمياه البحر لكنها جرت باستخدام الطريقة التقليدية (الحرارة للمياه ثم التبخير) بدلاً من الطريقة المقترحة (التبخير ثم الحرارة للهواء البارد) والمتضمنة أيضاً تبخير حركي بين الماء والهواء الخارجي منتهي بترسيب الملح. المياه شديدة الملوحة ستمنع النمو البكتيري والطحلبي في المياه. المياه البحرية رخيصة التكلفة ولا تؤثر سلباً على الوضع المائي في المنطقة أما الأملاح فيتم التخلص منها في أماكن جيولوجية مناسبة.

تطوير التقنيات التي تناسب أوضاعنا البيئية من حرارة مناخية وشحة مياه هي جزء من واجبات التقنيين تجاه مجتمعاتهم.

خاتمة

في هذا المقال تم توضيح أن كل تقنيات التبريد الشائعة تعتمد على تبخير سائل ما إما داخل دورة مغلقة مثل ضغط البخار الميكانيكي والتبريد بالامتصاص وإما في دورة مفتوحة مثل تبخير المياه في أبراج التبريد والتكييف الصحراوي أو بالرذاذ. تم استعراض ان التبخير طريقة فعالة للتبريد في المناخات الصحراوية لكنها تتضمن جوانب سلبية. الجانب السلبي الصحي ينطوي على النمو البكتيري والفطري في المياه مما يهدد الصحة العامة وخاصة إذا تم استخدام الهواء البارد بشكل مباشر. التبريد بالمياه سواء في محطات الطاقة الكهربائية والمصانع أو في المزارع يمثل نزف للمياه ومنافسة على المياه الشحيحة في منطقتنا.

التبريد التبخيري لا ينتج درجات برودة منخفضة جداً لأنه محدود بسبب جفاف الهواء الذي يحتوي دائماً على قدر ما من الرطوبة النسبية. فهو يستخدم بشكل تلطيفي أو مكمل لدورة تبريد أخرى.

[1] Mechanical Vapor Compression MVC
[2] https://smiletutor.sg/wp-content/uploads/2020/06/20.-Boy-sweating.jpg
https://5mpublishing.sirv.com/poultry/legacy/files/algae%20on%20pads.PNG
[3] legionnaires disease
[4]COP<0.9 for absorption chillers vs COP = 3-5 for mechanical vapor compression
[5] , db: dry bulb and wb= wet bulb
[6] بلاستيكية
[7]kWh kilo watt hour

 

تعليق واحد

  1. جميل جداً ..
    استعراض منطقي وحوار مقنع ..
    وهذا تساؤل اتمنى ان يجاب عليه نحن نستخدم التبريد بالماء او الصحراوي
    فما المانع ان يكون بدورة مغلقة حتى في المنازل
    اما تبريد النوع الاول التبريد الميكانيكي فإنه يبث كمية حرارة للخارج وهي في المحصلة ترفع درجة الحرارة الخارجية ..
    اضف الى اصوات الضاغطات التي تنغص علينا هدوء الحياة..
    ما اعتقده اننا يمكن ان نأتي بتبريد اقل ضرراً من الحالي واكثر فائدة
    ولكن بتظافر جهود الباحثين ..
    اكرر شكري للباحث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *