الثورة الصناعية الرابعة…. ما الخطب؟ – ترجمة* حسن المرهون

شهد العقد الماضي قيام العديد من الشركات بتفعيل ما يسمى بتقنيات “الثورة الصناعة الرابعة” ، لكن الإفتقار إلى رؤية واضحة لكيفية المساعدة في تبديل عمليات التصنيع من خلال جميع مفاصل المنشأة التجارية يعطل التشغيل الكامل للمنشأة.

لقد مرت عشر سنوات تقريبًا على الثورة الصناعة الرابعة (I4.0) ، والتي تم الترحيب بها بادئ الأمر باعتبارها التحول الهام القادم في التصنيع. وقد قيل في حينها أن الثورة الرقمية ستكون مثالية، حيث أنها ستغطي الروبوتات وعمليات التصنيع المتقدمة مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد ورقمنة المصنع وسلسلة التوريد وغيرها…

أين نحن الآن ، ونحن نقترب من عام 2020 ، وماذا يحمل المستقبل للثورة الصناعية الرابعة؟

منذ وصول الثورة الصناعية الرابعة (I4.0) إلى الساحة ، قامت الشركات بتجربة وتفعيل التقنيات الرقمية مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي وإستخدام الشبكة العنكبوتية لتشغيل الأجهزة. هناك العديد من الأمثلة على هذه التقنيات الجديدة التي يتم استخدامها بشكل جيد: يتم استخدام التوائم الرقمية والتمثيل الرقمي لعمليات التصنيع لتحسين العمليات القائمة وتنقيتها ، وكذلك لتصميم أساليب تصنيع مختلفة جذريًا. حقق العمل الذي قامت به شركة PA Consulting في إحدى الشركات الرائدة في مجال تصنيع المستحضرات الصيدلانية تحسينات في الكفاءة تتراوح بين 10 و 20 في المائة عن طريق استخدام التعلم الآلي والذكاء الإصطناعي من خلال التمثيل الرقمي لسير العمليات.

ومع ذلك ، فإن القليل من الشركات ، خاصة في المملكة المتحدة ، قد ترجم مفاهيم الثورة الصناعية الرابعة إلى حلول عملية في مصانعها. وجد استطلاع أجرته PA مؤخراً حول سلاسل التوريد والتصنيع الذكية أنه: على الرغم من أن 99 في المائة من شركات التصنيع قد بدأت رحلة الرقمنة ، فإن حوالي 70 في المائة يقولون إن خططهم لا تزال في مرحلة أولية أو تطويرية. لماذا اختبر الكثيرون هذه التقنيات لكنهم لم يعتمدوها على نطاق أوسع لإحداث ثورة في صناعتهم؟

يبدو أن الإجابة هي أنه على الرغم من قيام العديد من الشركات بتجربة واختبار تقنيات الثورة الصناعية الرابعة (I4.0) المختلفة ، إلا أن هذه الشركات لم تستطع أن تبني رؤية واضحة لكيفية استخدام التقنيات الجديدة ومدى إنعكاسها على القدرة الإنتاجية. نرى جيوبًا من النجاح والقدرة هنا وهناك، لكننا لا نرى تحول حقيقي في الأعمال التجارية. ما يميز الشركات الأكثر نجاحًا هو أنها تبحث بشكل منهجي في كيفية نشر التقنيات عبر عملياتها. على سبيل المثال ، وافقت شركة “علوم الحياة” التي عملنا معها مؤخرًا على رؤية واضحة للثورة الصناعية الرابعة (I4.0) لسلسلة التوريد والتصنيع ، وتم استخدام هذه الرؤية للتركيز على تسريع تقديم المبادرات الجديدة الى الأعمال التجارية للشركة.

أصبح النظام القديم لتكنولوجيا المعلومات (Legacy IT) تحديًا واضحا للمصنعين الذين لا تستطيع أنظمة تخطيط موارد مؤسساتهم القديمة (ERP) التعامل مع التقنيات الرقمية التي تدعم الثورة الصناعية الرابعة (I4.0).  ومن الأمثلة الجيدة على ذلك شركة الفضاء التي حددت أن الأنظمة القديمة لتخطيط موارد المؤسسات وتنفيذ التصنيع (MES) والقيود المفروضة على الحوسبة السحابية تعيق طرح تقنيات الثورة الصناعية الرابعة (I4.0). يستيقظ بائعو تخطيط موارد المؤسسات على ذلك ، لكن الأمر استغرق ما يقرب من خمس سنوات حتى يقوموا بتحديث حلولهم ولا يزال التنفيذ بطيئًا للغاية لدعم المرونة المطلوبة. هذا يعني أنه لا يزال هناك الكثير مما يجب عمله لضمان أن الشركات المصنعة يمكنها استغلال البيانات والأنظمة ودمج حلول جديدة مع الأنظمة القديمة حتى يتمكنوا من استخدام بياناتهم لاستخلاص رؤى مفيدة.

ويتمثل – التحدي الرئيسي الآخر الذي واجهته المؤسسات –  في توفر الأفراد والموهوبين اللازمين لتطوير التقنيات الجديدة ودعم تنمية قدرات القوى العاملة الحالية. يمتلك مقدمي الخدمات أفضل علماء البيانات الذين يعملون جنباً إلى جنب مع المهندسين ومشغلي الإنتاج لرقمنة عملية التصنيع ، ولكن ستكون هناك حاجة إلى تحول أساسي في السرعة لتدريب عدد كافٍ من الخبراء لاغتنام الفرص المتاحة الآن.

ماذا ستخبي السنوات العشر المقبلة للثورة الصناعية الرابعة؟ نعتقد أن العديد من القدرات والتقنيات الأساسية قد تم اختبارها في المؤسسات وأن خلال العقد القادم سيتحقق الوعد ويفضي إلى تحول أساسي في التصنيع وسلاسل التوريد الخاصة به.

تقع معالجة الحواجز التي تحول دون تبني تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في متناول مؤسسات التصنيع ، ولكن هناك حاجة إلى رؤية واضحة للمكان الذي يريدون أن يكونوا فيه خلال خمس سنوات. وهذا يعني تحديد ما إذا كان التركيز سيكون على تحفيز الأداء الحالي أو بناء الإتصال عبر سلسلة التوريد أو التحول إلى تصنيع أكثر مرونة واستجابة، يتوافق بشكل تام مع احتياجات العملاء. سيتطلب ذلك من أقسام تكنولوجيا المعلومات تبني التقنيات السحابية والرقمية بنشاط لدعم سلسلة التوريد والأعمال التجارية التحويلية ، بالإضافة إلى الحاجة إلى الموارد البشرية لإقامة شراكات فعالة مع العمليات لمعالجة فجوة المواهب.

بالرغم من أن تقدم الثورة الصناعية الرابعة كان بطيئًا خلال السنوات العشر الماضية ، لكن أن تأتي متأخرا أفضل من أن لا تأتي أبدا. وهذا يعني أن الشركات يمكنها الإستفادة من الاختبارات والاستثمارات التي أجراها الآخرون ، ولكنها ستحتاج إلى التصرف بسرعة ، وإدخال التكنولوجيا في الإتجاه السائد وجعل التصنيع خيارًا مهنيًا مثيرًا وجذابًا.

*تمت الترجمة بتصرف

المصدر:
?Whatever happened to the Fourth Industrial Revolution
By Tim Lawrence
Published Thursday, October 31, 2019
https://eandt.theiet.org/content/articles/2019/10/whatever-happened-to-the-fourth-industrial-revolution/

 

تعليق واحد

  1. عبدالجليل الخليفه

    يحتاج الانسان كما تحتاج الشركات و المجتمعات الى زيادة انتاجيتها خاصة في ضوء المنافسة الاقتصادية الشرسة. و لعل اندفاع البعض لتبني مبادىء الثورة الصناعية الرابعة و الرقمنة هو رغبة في زيادة الانتاج و هلع من التخلف عن ركب الصناعة و الشركات الاخرى. يبقى الفارق هو من يتبنى قبل الاخر و كيف يحول هذه الرقمنة الى ارقام اقتصادية او حضارية. شكرا لك على ترجمة هذا المقال المهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *