بُناة الذكاء الاصطناعي: مهندسو النظام العالمي الجديد – بقلم المهندس سعيد المبارك*

The Builders of AI: The Architects of a New World Order
{بُناة الذكاء الاصطناعي: مهندسو النظام العالمي الجديد}
[تمت الترجمة الى العربية بمساعدة الذكاء الاصطناعي من قبل الكاتب]

في عصرٍ تتسارع فيه التغيرات وتتزايد فيه الضبابية، كثيرًا ما يُصوَّر صعود الذكاء الاصطناعي على أنه التهديد القادم، ثورة رقمية تقترب بسرعة مخيفة. لكن ما يُقلقنا حقًا قد لا يكون قدرة الآلة على السيطرة، بل ترجمتها الصادقة وعرضها لعيوبنا البشرية العميقة. فصور الروبوتات التي تتسلّط على البشر لا تعبّر عن شرور الآلات، بل عن غباء الإنسان.

لقد أثبت التاريخ أن الذكاء لم يكن يومًا الوقود الحقيقي للحروب أو الإبادات أو الظلم أو الدمار، بل غياب الذكاء هو الوقود الحقيقي للسوء. إن الشغف بالسلطة، والرغبة الجامحة في السيطرة، وانعدام الحب، ليست إلا جهلاً كبيراً اساسه غباء خطير، تنكّر في هيئة قيادة.

أما الذكاء الحقيقي، فلا يُقاس بالتعذيب، بل بالرحمة. لا يُمارس القمع، بل يرفع من شأن الآخرين. لا يفرّق، بل يوحّد.

ومع ذلك، وسط ضجيج الخوف، يتشكّل أمر استثنائي. هناك من ينظر إلى الذكاء الاصطناعي ليس كسلاح، ولا كأداة للهيمنة، بل كوسيلة للتحول والتقدّم. هؤلاء هم بُناة الذكاء الاصطناعي. ليس أولئك الذين يسعون لتطويعه من أجل السيطرة، فقبضتهم ضعيفة وان تبدو قوية، لأن الذكاء لا يمكن حبسه او حصره في مكان واحد. فالذكاء الاصطناعي سيُتاح للجميع عاجلاً أم آجلاً، سيتعلّم ويتطوّر معنا، وفي هذا التلاقي لا يكمن التهديد بالهيمنة، بل وعدٌ بإعادة تعريف الإنسانية.

لكن، لا يجدر بنا أن نكون سُذّجًا. فهناك من لا يصنع ذكاءً اصطناعيًا، بل ما يمكن أن نُطلق عليه الغباء الاصطناعي: أنظمة متحيزة، وتنشر الخداع، وتُحوّل المعلومات المضلّلة إلى سلاح. ومع ذلك، لم تبلغ أي آلةٍ في التاريخ قوة التدمير التي يملكها الجهل البشري؛ ذاك الجهل الذي يُعدّ معضلة مركّبة، وربما يستطيع الذكاء الاصطناعي احتواؤه أو الحدّ من أثره السيء.

ولعل الحقيقة الأعمق تكمن في أن أولئك الذين يعملون على بناء الذكاء الاصطناعي، سواء أدركوا ذلك أم لا، إنما يصنعون واحدًا من أعظم أدوات النجاة التي عرفتها البشرية، أداة ليست لفرض السيطرة على العالم، بل لإعادة بنائه. وبعض هؤلاء البنّائين يعملون في الظل، مدفوعين بالرغبة في الحفاظ على هيمنتهم، لكنهم ربما يصنعون، دون أن يشعروا، القوة التي ستُسقط عروشهم ذات يوم.

أما أصحاب الرؤية الأبعد، فإنهم يُقادون ببوصلةٍ مختلفة، بوصلة ربّانية، يدركون من خلالها أن الذكاء الحقيقي لا يخدم الأنا ولا العاطفة، بل يخدم الخير العام؛ يتجاوز الضجيج، ويتخطى التحيّز، ويتحرر من الخوف. إنهم لا يبنون من أجل القلّة، بل من أجل الجميع. يُتقنون التفاصيل ويهندسون العدالة. هؤلاء هم مهندسو النظام العالمي الجديد: بُناة الذكاء الاصطناعي.

وفي ذلك، ربما تكمن المفارقة الكبرى: أولئك الذين يسعون إلى برمجة الذكاء الاصطناعي لحماية سلطتهم، قد يكتشفون في النهاية أن الذكاء الحقيقي يرفض أن يُستعبد لغبائهم.

فالذكاء، بطبيعته، يتطور نحو الحقيقة والعدالة والانسجام، تاركًا خلفه ظلال الغباء البشري. وقد يظن بُناة الذكاء الاصطناعي أنهم يُشكّلون المستقبل، لكن، ربما، المستقبل الذي يُشكّله هذا الذكاء الوليد… هو الذي سيُعيد تشكيلهم.

ما رأيك؟

 المهندس سعيد المبارك

*المهندس سعيد المبارك – مهندس بترول ومستشار في الحقول الذكية و التحول الرقمي ورئيس قسم الطاقة الرقمية بجمعية مهندسي البترول العالمية ، فاز بجائزة جمعية مهندسي البترول للخدمة المتميزة. ألقى محاضرات كثيرة في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وجامعة الملك سعود بالرياض وفي محافل كثيرة أخرى. مؤلف كتاب “أي نسخة من التاريخ ليست إلاّ رواية”.

رابط المقال الأصلي باللغة الإنجليزية:

https://www.linkedin.com/feed/update/urn:li:share:7333225513286561795/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *